الرئيسيةبحث

ملك اليمين ( Milku- al -Yamin )


☰ جدول المحتويات


مِلْكُ اليمين تعبير يشير إلى نساء الكفار والمشركين اللائي يقعن في أسر المسلمين. وقد جاء ذكرهن في القرآن الكريم في عدة مواضع. ففي سورة (المؤمنون) قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ قد أفلح المؤمنون ¦ الذين هم في صلاتهم خاشعون ¦ والذين هم عن اللغو معرضون ¦ والذين هم للزكاة فاعلون ¦ والذين هم لفروجهم حافظون ¦ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ¦ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون﴾ المؤمنون: 1 ـ 7 وتسمى ملْك اليمين أحيانًا الأمَةُ.

وقال الله تعالى أيضًا في سورة المعارج: ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون ¦ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ¦ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون﴾ المعارج: 29 - 31

وعند ظهور الإسلام كان العرف السائد بين الأمم القديمة أن يُسترَق أسرى الأعداء، ولا يطلق سراحهم إلا عن طريق العفو. وهذا أمر قليل الحدوث، أو عن طريق الفدية، أو يبقون في الأسر والرق مدى الحياة، وقد يقتلون. وكانت هذه هي السياسة السائدة في تلك العصور. ولكن الإسلام أدخل تعديلات إنسانية جوهرية. فقد أمر الله سبحانه وتعالى بمعاملة ملْك اليمين بالحسنى، كما جاء في سورة النساء إذ يقول جل من قائل: ﴿ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورًا ﴾ النساء: 36

وقال سبحانه وتعالى أيضًا: ﴿ومن لم يستطع منكم طَوّلاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات﴾ النساء: 25.

هؤلاء الجواري كنَّ يوزعن على مقاتلي المسلمين ضمن الغنائم. وكان كل منهم يُعطَى نصيبه وفقًا لما يراه النبي ﷺ، أو الوالي بعد وفاته. ووفقًا لما يقضي به الشرع فإنه لا يجوز للمسلم أن يقضي وطره من أية أسيرة حرب كما يشاء، ولكن عليه أن يقتصر على الأسيرة التي يهبها له الوالي، أو التي يشتريها من مالكها. وحتى عند ذاك فإنه لا يجوز له أن يمسها إلا بعد أن يستبرئها بحيضة على الأقل للتأكد من الحمل.

فإذا عاشر المسلم من كانت ملك يمينه، وولدت له ولدًا، أصبحت في نظر الشرع أم ولد، وفي هذه الحالة لا يجوز لمالكها أن يبيعها. فإذا مات المالك، ولم يكن قد أعتقها في حياته، فإنها تصبح حرة بعد موته مباشرة.

حث النبي ﷺ المسلمين على معاملة الرقيق من ذكور وإناث معاملة حسنة وأبان عن غرة الإحسان في نحو قوله ﷺ:(ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد ﷺ والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران ) رواه البخاري.

ومنع الإسلام التفريق بين الأم وولدها عند بيع الرقيق، فلا يجوز للمالك أن يفصل أحدهما عن الآخر إن أراد بيع الأمة دون الابن. كذلك فإن الإسلام منع أن يُفرَّق بين الزوجة وزوجها عند البيع.

يأمر الإسلام السيد بأنه إذا أراد أن يؤدب عبده أو أمته إذا أذنب أي منهما بأن يفعل ذلك بالتوبيخ والضرب الخفيف على ألا يصيب الوجه. ولا يجوز التوبيخ أو الضرب بغير ذنب.

وللتأكد من حسن معاملة الإماء والعبيد فإن الإسلام استحدث وظيفة المحتسب. وكانت من جملة أعبائه ومسؤولياته أخذ حقوق الإماء والعبيد من السادة الذين يكلفونهم ما لا طاقة لهم به. وفي عهد عمر بن الخطاب كثر الموالي والإماء فكان من مسؤولياته مراقبة ما يكلفهم به أسيادهم من أعمال. وكان عمر ينظر في أن العبيد يأكلون مع أسيادهم في نفس المائدة ومن نفس الطعام.

نهى النبي ﷺ أن يقول الرجل هذا عبدي، وهذه أمَتي، بل أمر بأن يقول الرجل هذا فتاي، وهذه فتاتي. وبهذا النص وردت تسميتهم في القرآن الكريم إذ قال تعالى: ﴿ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات﴾ النساء: 25

العتق:

من الوسائل التي استثمرها الإسلام لتحرير العبيد والإماء المكاتبة. وتعني الاتفاق بين السيد ومن يملك على العتق نظير مبلغ من المال أو الذهب أو الفضة أو ما يتفق عليه. ويمكن أن يتم هذا الاتفاق بين السيد وعبده أو أمته. روى البخاري ـ وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت عليَّ بريرة فقالت إن أهلي كاتبوني على تسع أواق من فضة في تسع سنين، كل سنة أوقية ؛ فأعينيني.

وفي أمر المكاتبة قال الله سبحانه وتعالى: ﴿والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم﴾ النور: 33فالإسلام لم يجعل المكاتبة طريقًا للعتق فحسب، بل جعلها أيضًا ميسرة على أقساط، كما جعل للعبد أو الأمة حقًا في مال الله ليدفع منه لتحقيق الحرية. وحث الإسلام السيد على أن يتنازل عن نسبة مما تضمنته المكاتبة من مال للعبد أو الأمة للمساعدة.

ومما يروى في الكتابة عن السيد والعبد ما قيل من أن سيرين والد محمد بن سيرين سأل أنس بن مالك الكتابة وهو مولاه، فأبى أنس، فرفع عمر رضي الله عنه الدرّة وتلا قوله تعالى: ﴿فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا﴾ النور: 33 فكاتب أنس مولاه.

يسر الإسلام المكاتبة للعبد بأحكام شرعها أهمها أنه رخص للعبد المكاتَب أن يفك رقبته من مال الزكاة لعموم قوله تعالى: ﴿إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب﴾ التوبة: 60

وللأمة أيضًا بعض الحقوق في العتق، فالأمة المملوكة إذا أراد أحد من المسلمين أن يتزوجها بإذن مالكها ووافق سيدها على ذلك وأعتقها فإنه يجوز لها أن تتزوج. وفي هذه الحالة فإنه لا يجوز للسيد بعد ذلك الاختلاء بها أو أن يقربها.

وللأمة التي نالت حريتها أن تفسخ عقد زواجها إن أرادت وذلك ما فعلته بريرة، فقد فسخت زواجها من زوجها بعد أن أعتقتها السيدة عائشة. وكان مولاها السابق قد زوجها من رجل حرّ كرهته، فاختارت نفسها بعد تحريرها وأقر النبي ﷺ اختيارها.

ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمة آذاها سيدها في جسدها، وأوجعها ضربًا، فحررها منه.

وتبع سيدنا عمر بن الخطاب سنة النبي ﷺ حين أسرت بنات كسرى يزدجرد وكنّ ثلاثًا، فقومهنّ عمر، ثم اشترى واحدة منهن ودفعها لابنه عبدالله بن عمر فأولدها سالما. واشترى علي بن أبي طالب الأخريَيْن، فدفع إحداهن لابنه الحسين، والأخرى لربيبه (ابن زوجته) محمد بن أبي بكر الصديق. فأولد الحسين زوجته ابنه عليًا زين العابدين، وأولد محمد زوجته ابنه القاسم بن محمد. فكان هؤلاء الأبناء الثلاثة من مشاهير الأعلام في الإسلام، ومن كبار التابعين. وقد أعتق علي بن الحسين جارية له فيما بعد وتزوجها.

هكذا كان الإسلام حريصًا على أن تجد الإماء فرص التحرر بعد الرق، وفي ظل التحرر تجد الحياة الكريمة دون أن تقع في المحظورات بسبب انقطاعها عمن يعولها في أرض هي غريبة فيها ؛ كما أنه يحفظ في الوقت نفسه المثل الأخلاقية العليا التي يجب أن يتصف بها المسلم من ذكر أو أنثى.

وقد ترك الإسلام باب الحرية بأوجهه المتعددة مفتوحًا أمام الأمة، وكم حدثنا التاريخ الإسلامي عن خلفاء العباسيين وغيرهم ممن كانت أمهاتهم أمهات أولاد حكم أبناؤهم أكبر إمبراطورية في تلك العصور منذ عام 132هـ، 750م إلى 923هـ ، 1517م، وقد كن في بحبوحة من الحياة ينعمن بالعيش الحلال وفي أحسن حال. ومن هؤلاء الإماء أمهات الأولاد اللاتي كانت لهن مكانة سامية في المجتمع الإسلامي الخيزران زوجة الخليفة المهدي وأم أبنائه الهادي وهارون الرشيد، ومراجل أم الخليفة المأمون وزوجة الرشيد، وماردة أم الخليفة المعتصم ابن هارون الرشيد، وقراطيس زوجة المعتصم وأم ولده الواثق، وشجاع أم ولده المتوكل، وقبيحة جارية المتوكل وأم ولده المعتز. وقد جعلهن الإسلام سواسية مع العربيات إذ لا يفرق الإسلام بين عربي وعجمي إلا بالتقوى. وفوق كل هؤلاء، فهناك مارية القبطية أم المؤمنين وزوج رسول الله ﷺ التي أهداها له المقوقس المصري فتملكها رسول الله ﷺ وعاشرها بملك اليمين وأنجبت له إبراهيم الذي مات صغيرًا فقال الرسول ﷺ عنها: "أعتقها ولدها"، وتزوجها فكانت إحدى زوجاته المؤمنات، وقصة زواجه ﷺ من صفية بنت حيي بن أخطب أقرب إلى هذا المثال أيضًا. ★ تَصَفح: زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.

★ تَصَفح أيضًا: الإسلام ؛ الرق .

المصدر: الموسوعة العربية العالمية