الرئيسيةبحث

يوغوسلافيا ( Yugoslavia )



العلم اليوغوسلافي يتكون من أشرطة أفقية من اللون الأزرق والأبيض والأحمر. وهي الألوان الوطنية التي اتخذت منذ عام 1992م.
يوغوسلافيا هي كل ما تبقى من أنقاض دولة أكبر كانت تسمى أيضًا يوغوسلافيا، انقسمت إلى عدة أقطار مستقلة خلال عامي 1991 و1992م. وعلى بقاياها تقوم دولة يوغوسلافيا التي تتكون فقط من صربيا والجبل الأسود، وعاصمتها بلجراد.

واسم يوغوسلافيا يعني أرض السلاف الجنوبيين. ويأتي هذا الاسم أصلاً من أن أول دولة يوغوسلافية كانت قد تأسست سنة 1918م بهدف توحيد ثلاث مجموعات من السلاف الجنوبيين، وهي الصرب والكروات والسلوفينيون. وقد وهب اختلاط الشعوب في يوغوسلافيا البلاد ثقافة غنية متنوعة، غير أن الاختلاف في الدين واللغة والثقافة أدى بالتالي إلى انقسام يوغوسلافيا.

كانت يوغوسلافيا بين عامي 1946 و1991م دولة اتحادية مؤلفة من ست جمهوريات هي البوسنة والهرسك وكرواتيا ومقدونيا وسلوفينيا وصربيا والجبل الأسود. وخلال عامي 1991 و1992م أعلنت الجمهوريات الأربع الأولى استقلالها، فاندلعت المعارك بين الصرب والمجموعات العرقية الأخرى في كرواتيا والبوسنة والهرسك. ونتيجة للمعارك احتلت قوات الصرب حوالي 30% من الأرض الكرواتية وحوالي ثلثي أراضي البوسنة والهرسك، ثم توقفت المعارك في كرواتيا على إثر إعلان الهدنة في يناير 1992م، إلا أنها اندلعت مرة أخرى بينهما في 1995م، واستعاد الكروات معظم أراضيهم من الصرب.

في شهر أبريل 1992م شكلت صربيا والجبل الأسود دولة تحت اسم يوغوسلافيا، غير أن الأمم المتحدة ومعظم الدول الأخرى رفضت الاعتراف بالدولة الجديدة، بل تم طردها من الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 1992م، وإن بقيت عضويتها في بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة.


حقائق موجزة

العاصمة بلجراد.
اللغة الرسمية اللغة الصربية الكرواتية.
الاسم الرسمي جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية.
المساحة 10,2173كم². أبعد مسافة من الشمال إلى الجنوب 490كم، ومن الشرق إلى الغرب 380كم.
الارتفاع أعلى ارتفاع جبل دارافيكا 2,656م. الأدنى مستوى سطح البحر على امتداد الساحل.
السكان عدد السكان تقدير عام 2000م: 10,696,000 نسمة، الكثافة السكانية: 105 شخص/كم². التوزيع السكاني: 49% ريفيون، 51% حضر.
المنتجات الرئيسية:الزراعة: الأبقار، الكرز، التين، العنب، الذرة الشامية، الزيتون، الدراق، الكمثرى، الخنازير، البرقوق، البطاطس، الأغنام، التبغ، القمح. الصناعة: الألومنيوم، السيارات، الإسمنت، الحديد والفولاذ، الورق، اللدائن، النسيج، الشاحنات. التعدين: البوكسيت، الفحم الحجري، خام النحاس، الرصاص، الزنك.
النشيد الوطني أيها السلاف.
العملة الدينار. لمعرفة الوحدة الصغرى، ★ تَصَفح: النقود.

نظام الحكم

يوغوسلافيا أحد أقطار جنوب شرقي أوروبا وتؤلف جانبًا من شبه جزيرة البلقان.
أصبحت يوغوسلافيا السابقة دولة شيوعية في عام 1945م، تحت زعامة جوزيف بروز تيتو، الذي حكم البلاد إلى حين وفاته سنة 1980م. وقد طورت يوغوسلافيا نظامها الشيوعي الخاص بزعامة تيتو بعيدًا عن سيطرة الاتحاد السوفييتي الذي كان أقوى دولة شيوعية في العالم حتى عام 1991م.

منع الشيوعيون اليوغوسلاف نشاط جميع الأحزاب الأخرى، وقد رُفع هذا الحظر سنة 1990م. وفي تلك السنة أُجريت الانتخابات باشتراك أحزاب متعددة من جميع الجمهوريات، وفازت الأحزاب غير الشيوعية في كل من البوسنة والهرسك وكرواتيا ومقدونيا وسلوفينيا، وظل الشيوعيون متمسكين بالسلطة في صربيا والجبل الأسود، وسموا أنفسهم بالاشتراكيين.

أيقونة تكبير يوغوسلافيا: الخريطة السياسية

الحكومة الوطنية:

تعتبر يوغوسلافيا نظريًا دولة ديمقراطية، وفيها مجلس منتخب ورئيس دولة ورئيس وزراء معيَّنون. غير أنه من الناحية العملية فإن السلطة كانت بيد الرئيس الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش. وعندما أُجريت الانتخابات البرلمانية في مايو من عام 1992م قاطعتها أحزاب المعارضة، وفاز حزب ميلوشيفيتش، الحزب الاشتراكي الصربي، بمعظم المقاعد. وقد ساعد تحكم ميلوشيفيتش في البرلمان على انتهاج سياسة دكتاتورية. وكأحد المؤيدين للتوسع الصربي شجع ميلوشيفيتش الصرب على محاربة غير الصرب في كرواتيا والبوسنة والهرسك والاستيلاء على أراضيهم. انتهت الفترة الرئاسية لميلوشيفيتش عام 1997م، ولأنه كان لا يستطيع، بنص الدستور، ترشيح نفسه لفترة رئاسية أخرى فقد استصدر قراراً من البرلمان الصربي بتعيينه رئيساً ليوغوسلافيا. واستمر يحكم البلاد حكماً استبدادياً إلى أن أسقطه شعبه في أكتوبر 2000م رغم محاولاته تجاوز نتائج الانتخابات التي كانت في صالح زعيم المعارضة فويسلاف كوستونيتشا.

الحكومة المحلية:

يوجد رئيس وبرلمان منتخب في كل من صربيا والجبل الأسود، وتدخل مقاطعتا كوسوفو وفويفودينا ضمن صربيا. وكانت هاتان المقاطعتان تتمتعان بالكثير من سلطات الحكم الذاتي حتى عام 1990م، غير أن صربيا جردتهما بعد ذلك من تلك السلطات.

المحاكم والقوات المسلحة:

يوجد العديد من المحاكم المحلية والوطنية في يوغوسلافيا. والمحكمة الاتحادية اليوغوسلافية هي أعلى محكمة في البلاد.

وتتألف القوات المسلحة من القوات الجوية والبرية والبحرية ووحدات حرس الحدود. ويُستدعى الرجال عند بلوغهم الثامنة عشرة من العمر للخدمة في القوات المسلحة لمدة 12 شهرًا. ومنذ اندلاع الحرب في يونيو من سنة 1991م خدم بعضهم فترة أطول.

السكان

بلجراد عاصمة يوغوسلافيا وكبرى مدنها. تطلّ المباني الحديثة على الشوارع المزدحمة في قلب المدينة.

السكان وأصولهم:

يبلغ عدد سكان يوغوسلافيا 10,696,000 نسمة، يعيش مليون ونصف مليون منهم في العاصمة بلجراد. والمدن الرئيسية الأخرى هي نيس ونوفياد وبودجوريكا (تيتوجراد سابقًا) وبريستينا.

ينتسب حوالي ثلثي الشعب في صربيا إلى أسلافهم الصربيين، كما أن ثلثي شعب الجبل الأسود ينتمون إلى نفس منطقتهم التي يُسمَّوْن باسمها. و90% من أهل كوسوفو مسلمون ينحدرون من العرق الألباني. ويوجد من بين المجموعات العرقية الأخرى في صربيا الكرواتيون والمجريون وأهل الجبل الأسود والرومانيون والسلوفاكيون، كما توجد في الجبل الأسود مجموعات عرقية أخرى تشتمل على الألبانيين والمسلمين السلاف والصرب.

يتحدث الصرب وأهل الجبل الأسود اللغة الصربية الكرواتية، ويستخدمون حروف الهجاء السيريلية في الكتابة، وهي نفس الحروف المستخدمة في اللغة الروسية واللغات السلافية الأخرى. ويتكلم كثير من المجموعات العرقية الأخرى في يوغوسلافيا لغاتهم الخاصة ومعظمهم يتكلمون اللغة الصربية الكرواتية.

معرض ريفي في جمهورية صربيا يجتذب الناس إليه من القرى والبلدات المجاورة. يأتي المزارعون إلى المعرض لشراء وبيع الماشية والمنتجات الأخرى.

أنماط المعيشة:

يقيم حوالي نصف السكان في المناطق الحضرية. وكثير من الموجودين في المدن يقيمون في بيوت أو عمارات قديمة. ويقيم أهل الضواحي غالبًا في عمارات حديثة، بينما يمتلك كثير من ساكني الأرياف منازل صغيرة مبنية بالآجر أو الحجر أو الخشب.

وتشتهر المطاعم الصربية بأنواع الشواء واللحوم المتبلة بعناية والسَّلَطة كثيرة التوابل.

وتجتذب الألعاب الرياضية ـ ولا سيما كرة القدم والسلة ـ كثيرًا من المشاهدين. ومن ألعاب الشتاء الصيد والنزهة على القدمين والتزلج على الجبال. وفي موسم الصيف يمارس المواطنون السباحة وصيد السمك ورياضات مائية أخرى في البحر الأدرياتيكي.

وينتمي معظم الصرب وأهل الجبل الأسود إلى الكنيسة الأورثوذكسية الصربية أو لا يمارسون أية واجبات دينية. وكثير من المجريين والسلوفاك ينتمون إلى الكنيسة اللوثرية الإنجيلية.

والتعليم مجاني في يوغوسلافيا. والتعليم الابتدائي إجباري بين سن السابعة والرابعة عشرة. وقد يستمر الطالب بعد ذلك في الدراسة بإحدى المدارس المهنية أوفي المدرسة الثانوية. وتوجد جامعات في بلجراد وفي ثلاث مدن أخرى.

السطح والمناخ

تبلغ مساحة يوغوسلافيا 102,173كم²، وهي واقعة في جنوب شرقي أوروبا. وتنقسم البلاد إلى ثلاثة أقاليم 1- الإقليم الساحلي 2- المرتفعات الداخلية 3- السهول البانونية.

الإقليم الساحلي:

شريط ضيق من الأرض على امتداد البحر الأدرياتيكي وفيها منحدرات صخرية وقليل من التربة الخصبة. وجو هذا الإقليم معتدل ونادرًا ما تهبط الحرارة تحت درجة التجمد أثناء الشتاء. ويتميز موسم الصيف بالشمس والحرارة والجفاف.

الجبال الوعرة تغطي معظم أنحاء يوغوسلافيا. وهذه الجبال في الصورة تطل على بلدة كوتور، وهي ميناء بحري على ساحل البحر الأدرياتيكي في جنوب يوغوسلافيا.

المرتفعات الداخلية:

أكثرها تلال وجبال. وتسير جبال الألب الدينارية بمحاذاة الساحل الأدرياتيكي وترتفع جبال البلقان على حدودها الشرقية. وكثيرًا ما تضرب الزلازل هذه المناطق. وقد دمر زلزال شديد عددًا من المدن والقرى في منطقة المرتفعات الجنوبية سنة 1979م، وتسبَّب في دمار شديد في الإقليم الساحلي.

وفي المرتفعات الداخلية يكون الشتاء قارسًا مع هطول الثلوج بكثرة، كما تهطل أمطار غزيرة في أوائل الصيف. وتكون مواسم الصيف باردة في الجبال ودافئة في الوديان.

السهول البانونية:

تقع في شمالي يوغوسلافيا، ويتألف أكثر أنحاء هذا الإقليم من أرض مستوية، تتخللها بعض التلال المنخفضة، وفيها أخصب الأراضي اليوغوسلافية التي تعتبر المنطقة الزراعية الرئيسية في البلاد. ويتميز شتاؤها بالبرودة، بينما يكون الصيف حارًا وجافًا. وتسقط أمطار غزيرة أثناء الربيع والخريف، وتتسبب في حدوث الفيضانات.

الأنهار والبحيرات:

أهم الأنهار في يوغوسلافيا نهر الدانوب الذي يدخل البلاد من المجر، ويجري من خلال السهول البانونية، ومن ثم يدخل أرض رومانيا عبر مضيق يسمى البوابة الحديدية. أما الروافد الرئيسية لنهر الدانوب داخل يوغوسلافيا فهي أنهار مورافا وسافا وتيسا. وأكبر البحيرات هي بحيرة سكوتاري التي تمتد إلى داخل الأراضي الألبانية.

الاقتصاد

على إثر تسلّم الشيوعيين السلطة في يوغوسلافيا بدأوا بالعمل لتحويل يوغوسلافيا من قطر زراعي إلى بلد صناعي. وتبنت الحكومة برامج اقتصادية تشجع النمو الصناعي ورفع مستوى المعيشة. وفي البداية دأبت الوكالات الحكومية على تطبيق وتطوير تلك البرامج، ولكن الحكومة باشرت خلال الخمسينيات تطبيق نظام إدارة ذاتية جرى بموجبها تنفيذ التخطيط الاقتصادي من قبل العاملين في المؤسسات المختلفة مثل المصانع والمناجم. إذ يقوم مجلس مؤلف من العاملين بتقرير الأهداف فيما يتعلق بالإنتاج والأسعار والأجورمستندين في ذلك إلى إرشادات الحكومة. وفي عام 1992م أعلنت الحكومة اليوغوسلافية الجديدة خططها الخاصة بالانتقال إلى نظام السوق الحرة. وبموجب هذا النظام فإن أصحاب الأعمال والمديرين هم الذين يقررون نوعية الإنتاج والأسعار والتكاليف.

ولا زالت الزراعة تستخدم عددًا كبيرًا من اليوغوسلافيين. ويقوم المزارعون في صربيا والجبل الأسود بإنتاج الذرة والبطاطس والتبغ، كما أنهم يربون الأبقار والأغنام والخنازير. وتشمل المحاصيل المهمة الأخرى التي تُنْتَج في الجبل الأسود الكرز والتين والعنب والزيتون والدراق والكمثرى والبرقوق. وتغطي الأراضي الزراعية نصف مساحة يوغوسلافيا تقريبًا.

والغابات التي تغطي ربع أراضي البلاد من المصادر الطبيعية المهمة. وتتوفر في البلاد موارد معدنية أيضًا، حيث توجد مناجم البوكسيت والفحم الحجري وخام النحاس والرصاص والزنك. وتوجد آبار منتجة للنفط والغاز الطبيعي في السهول البانونية وفي البحر الأدرياتيكي.

وتنتج المصانع اليوغوسلافية الألومنيوم والسيارات والإسمنت والحديد والفولاذ والورق واللدائن والنسيج والشاحنات. وهناك نظام جيد للطرق يمتد من بلجراد العاصمة إلى سائر الأنحاء. أما في أنحاء أخرى ولا سيما في منطقة الجبل الأسود، فإن الطرق أقل تطورًا. وتوجد مطارات في بلجراد ونيس وبودغوريكا وبريشتينا وتيوات.

وقد عانت الاتصالات في صربيا من الرقابة عندما كان ميلوشيفيتش رئيسًا بين عامي 1989م و2000م، حيث وضع ميلوشيفيتش اثنتين من الصحف الرئيسية تحت الإشراف الحكومي. ويصدر عدد من الصحف الأخرى في بلجراد ونوفياد وبودغوريكا.

نبذة تاريخية

انتقلت مجموعات من السلافيين نحو يوغوسلافيا في القرن السادس الميلادي، مهاجرين إليها من جنوب بولندا وروسيا، وعُرفوا بعد ذلك بالسلاف الجنوبيين. وقامت كل مجموعة سلافية بإنشاء دولتها المستقلة الخاصة بها. فمثلاً أسس الكروات كرواتيا، وأسس الصرب صربيا. وبحلول عام 1400م كانت أراضي السلاف الجنوبيين كلها تقريبًا تحت الحكم الأجنبي، حيث حكمت النمسا سلوفينيا، وحكم المجريون كرواتيا. والدولة العثمانية كانت تحكم صربيا التي كانت تشمل كذلك ما يسمى الآن مقدونيا والجبل الأسود، كذلك كان العثمانيون ـ وكان مقرهم تركيا الحالية ـ يحكمون البوسنة والهرسك. وكان الإقليم الساحلي المسمى دالماشيا، وهو جزء من كرواتيا، تحت حكم أهل البندقية.

التحرك نحو توحيد السلافيين:

بدأت هذه الحركة في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. فقد توحدت سلوفينيا وكرواتيا تحت حكم نابليون الأول الفرنسي، ثم ارتبطتا بصورة رسمية بآل هابسبيرج حكام النمسا والمجر. ولكن فترة الاتحاد بين سلوفينيا والكروات قصيرة الأجل شجعت الطرفين على السعي لتأسيس دولة السلافيين الجنوبيين. واهتمت صربيا التي نالت استقلالها من العثمانيين سنة 1878م بهذه الحركة. غير أن دولة النمسا ـ المجر التي كانت تحكم سلوفينيا حالت دون منح هذه المنطقة استقلالها، بل إنها إضافة إلى ذلك قامت بضم البوسنة والهرسك.

اشتدت الحركة المطالبة بتوحيد السلاف الجنوبيين في أوائل القرن العشرين. وفي 28 يونيو 1914م أقدم كافريلو برنسيب، وهو صربي من البوسنة، على اغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانسيس فرديناند في سراييفو. واتهمت النمسا ـ المجر الصرب بالتخطيط لهذا الاغتيال، وأعلنت عليهم الحرب، مما شكل بداية الحرب العالمية الأولى. وفي نهاية الحرب منيت النمسا ـ المجر بالهزيمة سنة 1918م، فاستطاع الجنوبيون تأسيس دولتهم الخاصة.

دولة جديدة:

تشكلت دولة جديدة سميت مملكة الصـرب والكـروات والسلوفينيـين في أول ديسمـبر 1918م، وكانت تتألف من البوسنة والهرسك والكروات ودالماشيا والجبل الأسود وصربيا وسلوفينيا. وأصبح الملك بيتر الأول ملك صربيا ملكًا للدولة الجديدة. وكان شيخًا مسنًا ومريضًا، لذلك ناب عنه ابنه ألكسندر في حكم البلاد. وعندما توفي بيتر خلفه ابنه باسم الملك ألكسندر الأول.

وسرعان ما ظهرت المشاكل، إذ اعتقد السلوفينيون والكروات بأن الصرب يتمتعون بنفوذ أكبر في الحكومة، وطالبوا بسلطات أوسع لإدارة شؤونهم المحلية. وأوجدت المجموعات العرقية الكثيرة الموجودة في البلاد مشاكل إضافية أخرى للوحدة.

وكان الدستور الذي اتخذته يوغوسلافيا سنة 1921م ينص على كون الدولة ملكية دستورية، غير أن الملك ألكسندر أقدم على إلغاء الدستور سنة 1929م، وبدأ يحكم البلاد حكمًا دكتاتوريًا، وسمى البلاد يوغوسلافيا. حاول ألكسندر توحيد المجموعات القومية بإجبارهم على استخدام لغة واحدة هي اللغة الصربية الكرواتية. كذلك أوجد تقسيمات سياسية جديدة تتجاهل الحدود التاريخية للمجموعات العرقية، مما تسبب في الإساءة إلى العلاقات بين المجموعات. وقد اغتيل الملك سنة 1934م على يد شخص بلغاري استأجرته مجموعة إرهابية كرواتية. وكان بيتر الثاني البالغ من العمر 11 عامًا أصغر من أن يتولى حكم البلاد، ولذلك تولى الأمر الأمير بول ابن عم بيتر، الذي سار على نهج سياسة ألكسندر، فاستمرت المنازعات بين المجموعات.

الحرب العالمية الثانية:

اندلعت الحرب بين دول المحور التي تتزعمها ألمانيا وإيطاليا، والحلفاء ومن بينهم بريطانيا وفرنسا. ولم تكن يوغوسلافيا قد استعدت للحرب، لذلك فإن حكومتها حاولت الاستمرار في علاقتها الطيبة مع الجانبين، غير أنها انضمت إلى جانب دول المحور تحت تأثير الضغط الألماني. وقد أدت هذه الخطوة إلى إثارة الجيش ضد عرش يوغوسلافيا. وفي 6 أبريل 1941م اجتاحت الجيوش الألمانية البلاد، واستسلم الجيش اليوغوسلافي بعد أحد عشر يومًا، وهرب بيتر وأركان الحكومة الآخرون إلى لندن، وشكلوا حكومة في المنفى.

احتل الجيش الألماني وجيوش المحور الأخرى يوغوسلافيا. وقد أُعلنت كرواتيا دولة مستقلة، غير أنها كانت في الواقع تحت إشراف دول المحور. وانتشرت حركة مقاومة ضد المحور بين اليوغوسلافيين، فانضم بعضهم إلى الموالين، وكانوا مجموعة يقودها جوزيف بروز تيتو والحزب الشيوعي. وانضم مواطنون آخرون إلى مجموعة تشيتنيك بقيادة درازا ميخائيلوفتش. وكان الموالون يهدفون إلى تشكيل حكومة شيوعية بينما كان التشيتنيك يؤيدون حكومة الملك بيتر.

تقاتلت مجموعتا المقاومة فيما بينهما بينما كانتا في الوقت نفسه تقاتلان جيوش الاحتلال. وناصر الحلفاء مجموعة تشيتنيك في أول الأمر، بتزويدهم بالأسلحة والتجهيزات، ولكنهم توقفوا عن ذلك سنة 1943م، وبدأوا دعم الموالين عندما وجدوا أن قوات تيتو تبدي فعالية أكثر في مقاومة جيوش المحور.

الحكم الشيوعي:

حصل الموالون على دعم الشعوب اليوغوسلافية بسرعة. وفي نوفمبر 1943م ألف الشيوعيون حكومة مؤقتة في جاجا (داخل البوسنة والهرسك حاليًا)، واستطاعوا تحرير بلجراد من احتلال المحور بمساعدة قوات الحلفاء في نفس العام، وبدأوا حكم البلاد من العاصمة. وبانتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا في مايو 1945م أحكم تيتو والشيوعيون قبضتهم على يوغوسلافيا.

أصبحت يوغوسلافيا جمهورية في 29 نوفمبر 1945م تحت اسم جمهورية يوغوسلافيا الشعبية الاتحادية. وقد أُلغيت الملكية، ولم يعد الملك بيتر إلى البلاد بعد ذلك أبدًا. أما معارضو الحكم الشيوعي فإنهم إما اعتقلوا أو أبعدوا عن البلاد. وأعدم ميخائيلوفتش سنة 1946م، وسُجن بطريرك الرومان الكاثوليك لمدينة زغرب ألويسياس ستيبيناك، وكان من مقاومي الشيوعية، بعد أن اتهم بمساعدته للأعداء، وأصبح الحزب الشيوعي هو الحزب السياسي الوحيد الذي سمح له بالعمل. واستولت الحكومة على المزارع والمصانع ومجالات العمل الأخرى. وقد نظم دستور 1946م وضع يوغوسلافيا رسميًا على أنها دولة اتحادية، أي أن الجمهوريات الست تكون مسؤولة عن إدارة شؤونها الخاصة مع منح كل من مقاطعتي كوسوفو وفويفودينا حكمًا ذاتيًا داخل صربيا.

وكانت يوغوسلافيا حليفة مقربة من السوفييت، غير أن تيتو رفض هيمنة الاتحاد السوفييتي على شؤون البلاد. وفي سنة 1948م قطع السوفييت العلاقات مع يوغوسلافيا. وقام الكومنفورم ـ وكان مجموعة من الدول الشيوعية ـ بطرد يوغوسلافيا من المجموعة، وقطعت عنها كل مساعدة، فاتجهت يوغوسلافيا نحو الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى تطلب منها العون، فقدمت الولايات المتحدة المساعدة الاقتصادية إليها في سنة 1951م، كما منحتها مساعدة عسكرية بعد ذلك.

وعلى إثر الانفصال عن الاتحاد السوفييتي بدأت يوغوسلافيا تطوير مجتمعها الشيوعي الخاص. واستطاعت الجمهوريات والمقاطعات التصرف بحرية أوسع في إدارة شؤونها المحلية. وفي سنة 1955م، أي بعد موت ستالين بسنتين، أعاد الزعماء السوفييت واليوغوسلاف العلاقات بينهما. ولكن تيتو رفض المشاركة في الحرب الباردة، وكانت منافسة سياسية شديدة تدور بين الدول الشيوعية والديمقراطيات الغربية، وبدلاً من ذلك أصبح تيتو في مقدمة زعماء الدول غير المنحازة.

وفي سنة 1971م تأسس مجلس رئاسي مؤلف من 23 عضوًا يكون مسؤولاً عن رئاسة الحكومة اليوغوسلافية. وقد خفض الدستور الجديد الذي صيغ عام 1974م عدد الأعضاء إلى تسعة. وظل تيتو في موقع أكبر زعيم للبلاد بصفته رئيسًا للمجلس المذكور إلى حين وفاته في مايو من عام 1980م. واتُخذ بعد ذلك نظام دوري سنوي لرئاسة المجلس يتولاه مرشح من إحدى الجمهوريات أو المقاطعات لمدة سنة واحدة. وظل رئيس الحزب الشيوعي يحتفظ بعضوية المجلس الرئاسي إلى سنة 1989م، دون أن يتولى رئاسة المجلس.

يوغوسلافيا من الأربعينيات إلى سنة 1991م. أصبحت يوغوسلافيا دولة اتحادية سنة 1946م. وقد انقسمت البلاد سنة 1991م، وهي تتألف حاليًا من صربيا والجبل الأسود. أما الجمهوريات الأربع التي انفصلت عن الاتحاد فقد أعلنت استقلالها.

التطورات الأخيرة:

بدأ الاقتصاد اليوغوسلافي في التدهور في أواخر السبعينيات، وأخذت البلاد تعاني من التضخم الاقتصادي الشديد، ومن مشاكل أخرى. وظهرت فجوة اقتصادية عميقة بين الجمهوريات النامية في البلاد، مثل كرواتيا وسلوفينيا، والجمهوريات الأقل نموًا مثل مقدونيا والجبل الأسود.

ودعا كثير من المواطنين في أواخر الثمانينيات إلى اتخاذ نظام سياسي متعدد الأحزاب. وفي سنة 1990م أقرّ الحزب الشيوعي إنهاء هيمنته على السلطة في البلاد، وتشكل على إثر ذلك أحزاب جديدة وجرت انتخابات متعددة الأحزاب في الجمهوريات كافة، حصلت فيها الأحزاب غير الشيوعية على أغلبية المقاعد النيابية في كل من البوسنة والهرسك وكرواتيا ومقدونيا وسلوفينيا. وحصل الحزب الشيوعي، الذي غيَّر اسمه إلى الحزب الاشتراكي، على الأغلبية في كل من صربيا والجبل الأسود.

وساد التوتر لسنوات عديدة بين المجموعات العرقية المختلفة في يوغوسلافيا، ولا سيما بين الصرب والكروات والألبانيين، ونادى بعض الكروات والسلوفينيين في الستينيات بالانفصال عن يوغوسلافيا، واشتدت هذه الفكرة أثناء الثمانينيات. وقد برر الكروات والسلوفينيون مطالبهم بأن صربيا استحوذت على جانب كبير من دخلهم الاقتصادي. وقالوا بأن صربيا التي كان لها نفوذ واسع على الحكومة المركزية تسعى إلى السيطرة على الجمهوريات الأخرى. وازدادت المطالبة بالاستقلال كذلك بين الألبانيين في كوسوفو خلال الثمانينيات.

حرب أهلية مدمرة اندلعت في كرواتيا بين الصرب والكروات على إثر إعلان كرواتيا استقلالها عن يوغوسلافيا في عام1991م. تقع هذه المنطقة المدمرة التي نشاهدها في الصورة في مدينة فوكافور. وعلى إثر وقف إطلاق النار انتهت المعارك في يناير 1992م. ثم اشتعلت نيران حرب أهلية أخرى في نفس السنة في البوسنة والهرسك على إثر إعلان تلك الجمهورية استقلالها.
وفي مايو من عام 1991م حالت صربيا دون اختيار مرشح كرواتي لرئاسة مجلس الرئاسة اليوغوسلافي حسبما كان مقررًا بموجب النظام الدوري السنوي، فكان ذلك من بين الأسباب التي أدت إلى إعلان كرواتيا وسلوفينيا استقلالهما في أواخر شهر يونيو. وهكذا اندلعت المعارك بين الصرب الموجودين في كرواتيا والمليشيا الكرواتية. وتدخَّل الجيش اليوغوسلافي إلى جانب الصرب، واستولت القوات الصربية على نحو 30% من الأرض الكرواتية. ثم أُعلن عن وقف إطلاق النار الذي انتهت بموجبه معظم المعارك في يناير 1992م. ثم اندلع القتال مرة أخرى في عام 1995م، واستطاع الكروات استعادة معظم ما استولى عليه الصرب من أراضٍ.

وأعلنت مقدونيا استقلالها في سبتمبر 1991م. وفي مارس 1992م صوتت أغلبية مسلمي البوسنة وكروات البوسنة والهرسك بجانب الاستقلال عن يوغوسلافيا في استفتاء مباشر. وقاطع الصِّرب هذا الاستفتاء، وبدأت المعارك بين الصرب الذين طالبوا بجزء من أراضي الجمهورية من جهة، والمسلمين والكروات من جهة أخرى، وتمكن الصرب من الاستيلاء على ثلثي أراضي البوسنة والهرسك. وفي شهر أبريل تم تشكيل يوغوسلافيا الجديدة من صربيا والجبل الأسود، وأجرى الألبانيون في كوسوفو انتخابات برلمانية واختاروا رئيسًا لهم، فاعتبرت الحكومة اليوغوسلافية هذا الإجراء غير شرعي. كذلك أعلن الألبانيون في كوسوفو عن خططهم بشأن التحول نحو حكم ذاتي. وفي شهر مايو فرضت الأمم المتحدة حصارًا اقتصاديًا على التجارة مع يوغوسلافيا، في محاولة منها لإنهاء المعارك في البوسنة والهرسك. وفي سبتمبر 1992م سحبت الأمم المتحدة اعترافها بعضوية يوغوسلافيا في المنظمة.

وفي يوليو 1994م، طلبت يوغوسلافيا من صرب البوسنة الإذعان لخطة السلام الدولية. وعندما رفض صرب البوسنة الطلب اليوغوسلافي عمل سلوبودان مليوزيفتش على قطع المساعدات من صرب البوسنة. كما وافقت الحكومة اليوغوسلافية على وجود المراقبين الدوليين على الحدود البوسنية للتأكد من سريان حظر دخول الأسلحة إليها. وبالمقابل عملت الأمم المتحدة على رفع جزئي للعقوبات التي كانت قد فرضت على يوغوسلافيا. وفي نوفمبر 1995م، وقع قادة البوسنة والهرسك وكرواتيا وصربيا اتفاقية سلام تم بموجبها تقسيم البوسنة والهرسك إلى اتحاد بوسني كرواتي وجمهورية صربية. ووضعت هذه الاتفاقية نهاية للصراع الدامي في المنطقة.

انتهت الفترة الرئاسية للرئيس الصربي ميلوشيفيتش عام 1997م، ولأنه كان لا يستطيع، بنص الدستور، ترشيح نفسه لفترة رئاسية أخرى فقد استصدر قراراً من البرلمان بتعيينه رئيساً ليوغوسلافيا. وفي مطلع عام 1998م، بدأ ميلوشيفيتش حملة عسكرية واسعة ضد جيش تحرير كوسوفو دمر خلالها كثيراً من قرى الإقليم وبلداته فاضطر السكان إلى هجر ديارهم.

رعى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تحت مظلة الأمم المتحدة، مباحثات للسلام بين الطرفين المتنازعين مطلع عام 1999م، ولكن اعترض وفد الحكومة اليوغوسلافية على خطة السلام التي اقترحها الحلف. وفي مارس بدأت طائرات حلف الناتو في قصف الأهداف العسكرية اليوغوسلافية لإجبار حكومتها على قبول خطة السلام. وفي يونيو وافقت الحكومة اليوغوسلافية على الانسحاب من كوسوفو، وأوقف حلف الناتو عملياته العسكرية بعد إتمام عملية انسحاب الجيش اليوغوسلافي من الإقليم، وأرسل الحلف قوات لحفظ السلام بالمنطقة.

وفي أكتوبر 2000م، أعلن ميلوشيفيتش فوزه في الانتخابات التي أجريت وقتها، ولكن رفضت المعارضة نتائج الانتخابات، واتهمت ميلوشيفيتش بتزويرها. تجاوب الشارع الصربي مع المعارضة، وانتظمت شوارع العاصمة بلغراد تجمعات لمئات الآلاف من الشعب الصربي، وأضرموا النار في مبنى البرلمان. التزم الجيش والشرطة الصربية الحياد مما اضطر ميلوشيفيتش إلى الاستسلام (للثورة) الشعبية، وأعلن تنحيه، وهنأ فيوسلاف كوستونيتشا على فوزه بالرئاسة.

رفض قادة جيش تحرير كوسوفو أول تصريح للرئيس الجديد بإعادة ضم إقليم كوسوفو إلى صربيا، وأكدوا أن كوستونيتشا أخطر على الألبان من ميلوشيفيتش فهو الذي يؤكد دائماً أن كوسوفو "مهد الكنيسة الصربية الأروثوذكسية". ويطالب الرئيس الجديد بتطبيق القرار رقم 1244 الصادر من مجلس الأمن الدولي الذي ينص، من دون تحديد مهلة، على عودة عدد من الشرطة الصربية والجيش اليوغوسلافي إلى الإقليم.

اعتقلت السلطات الحكومية ميلوشيفيتش بتهمة الفساد، وطالبت المحكمة الدولية لجرائم الحرب في يوغسلافيا ومقرها لاهاي بتسليم ميلوشيفيتش تمهيدًا لمحاكمته. وفي 4 يوليو 2001م، مثل ميلوشيفيتش أمام المحكمة الدولية، حيث وجهت له تهمة التخطيط والمسؤولية وإصدار الأوامر لارتكاب جرائم قتل وتشريد المواطنين الألبان في إقليم كوسوفو.

إختبر معلوماتك :

  1. من الموالون ومن التشتنيك؟
  2. ما معنى كلمة يوغوسلافيا؟
  3. ما اسم أول دولة يوغوسلافية شكلت في سنة 1918م؟
  4. ما أسماء الجمهوريات الست الأولى في يوغوسلافيا، وما اسما الجمهوريتين اللتين ظلتا فيها؟
  5. من جوزيف بروز تيتو؟
  6. أين تقع الأراضي الزراعية الأكثر خصوبة في يوغوسلافيا؟
  7. ما البوابة الحديدية؟
  8. ما اسم أكبر البحيرات في يوغوسلافيا؟
  9. ما المناطق الأكثر تعرضًا للزلازل في يوغوسلافيا؟

المصدر: الموسوعة العربية العالمية