الرئيسيةبحث

الخمر ( Wine )



الخـَمْــر لغةً ما خامَر الشيء أي قاربه وخالطه. والمخامر هو المخالط. وخامَرَه الداء إذا خالَطَه. والخمر عند العرب تؤنث وتذكَّر. والخمرُ ما أسكر من عصير العنب لأنها خامرت العقل. والتخمير التغطية. وقد تكون الخمر من العنب أو الحبوب. والعرب تسمي العنب خمرًا، وقد جاء مثل ذلك في قوله تعالى: ﴿إني أراني أعصر خمرًا﴾ يوسف: 36. وسميت الخمرُ خمرًا لأنها تُركت فاختمرت، واختمارها تغيُّر ريحها وخواصها وسميت بذلك لمخامرتها العقل وتغيُّر العقل بشربها وتعاطيها .

التعريف الفقهي:

هي كلّ ما خالط العقل وغطاه، سواء كان متخذًا من عصير العنب أم من غيره. ويدخل في ذلك المتخذ من الرُطَب أو التين، أو من الحبوب كالقمح والشعير أو الذرة أو العسل . كما يدخل أيضًا الأسماء الأجنبية: كالعرق والكونياك والويسكي والبراندي والبيرة والشمبانيا وغيرها من الأسماء المستحدثة. فاختلاف الأسماء لا يغير حقيقة الخمر. وقد ورد في هذا حديث الرسول ﷺ الذي ذكره الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر، رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام ). وأيضًا قوله ﷺ (كل شراب أسكر فهو حرام ) أخرجه البخاري. هذا الحديث يدل على حرمة كل مسكر.

التعريف الكيميائي والطبي:

يطلق الكيميائيون اسم الكحول على مركَّبات كيميائية تتكون من شقين هما مجموعة الألكيل وزمرة الهايدروكسيل. وهذه المركَّبات تُسمى الأغوال وهي الكحول. والكحول مأخوذ من الاسم العربي الغَوْل وهو ما يغير العقل. قال تعالى في وصف خمر الجنة: ﴿لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون﴾ الصافات: 47. وتتكون الكحوليات في الخمر بوساطة خمائر موجودة في فطر يسمى الخميرة تقوم بتحليل المواد السكرية الموجودة في الفواكه مثل العنب والرطب والتين، والمواد النشوية الموجودة في الشعير والذرة والقمح، وتحولها إلى كحول. ويصنفها الكيميائيون ضمن المواد السُّمِّيَّة.

يقول أوبري لوس رئيس قسم الأمراض النفسية بجامعة لندن في كتابه مرجع برايس الطبي "إن الكحوليات هي السم الوحيد المرخص بتداوله على نطاق واسع في العالم كله، وتؤدي إلى اضطراب الشخصية ومرضها. إن جرعة واحدة من الكحول قد تسبِّب التسمم وتؤدي، إما إلى الهيجان أو الخمود. وقد تؤدي إلى الغيبوبة".

الخمر عند العرب:

كانت العرب في الجاهلية تتعاطى الخمر وتصنِّعها وتتَّجِر بها وتهديها، واستمر هذا الحال إلى ظهور الإسلام وقبل أن تُحرَّم الخمر. وقد أكثر شعراء العرب على مر العصور من وصف الخمر، وكانوا يتبارون في وصفها ومدح شاربيها. قال طرفة بن العبد (من شعراء الجاهلية):
ومازال تشرابي الخمور ولذتي وبيعي وإنفاقي طريفي وتالدي
إلى أن تحامتني العشيرة كلها وأُفردْتُ إفراد البعير المعبّدِ

ويقول الأخطل وهو منَ شعراء العصر الأمويّ ـ وكان نصرانيًا ـ وكان يجيد نعت الخمر ودنانها ونداماها، ويطيل المديح في عتقها والسرور بشربها :

تدِبُّ دبيبًا في العظام كأنه دبيب نِمال في نَقًا يتهيَّلُ

ويصفها أبو نواس فيقول:

دع عنك لومي، فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداءُ

ويبدو أن التلذذ بالخمر كان يتم في الخفاء في العصر العباسي، لذلك يقول بشار :

رُب كأس كالسلسبيل تعللـ ـتُ بها والعيون عني نيام

ويقول بعضهم:

ونشربها فتجعلنا ملوكًا وأُسْدًا لا يُنَهْنِهُنا اللقاء

فهم كانوا يشربونها ليتقووا بها على الأعداء ـ كما يزعمون ـ وهو شعور وهمي بالقوة كما يقول علماء النفس اليوم.

الخمر عند الشعوب الأخرى:

تتعاطى كثير من الشعوب غير المسلمة الخمر لكنها ـ في نفس الوقت ـ تذم الذين يسرفون في شربها، وتَسُنُّ القوانين التي تعاقب مدمني الخمر الذين يتسببون في حوادث المرور وغيرها ؛ إذ إن كثيرًا من حوادث المرور في الدول الغربية تحدث نتيجة لحالات السُكر التي يكون عليها السائقون، كما أن كثيرًا من المشاكل العائلية وحالات الانفصال بين الأزواج تحدث لأن أحد الزوجين مدمنٌ للخمر. وقد عرف العالم الخمر في أشد الأزمان ظلامًا كالإمبراطوريات الرومانية والإغريقية القديمة التي لم تعرف القيم والمثل الإسلامية وحينما كان الخمر معلمًا بارزًا من معالم تلك الحضارة.

تحريم الخمر في الإسلام

لم يكن الخمر محرَّمًا عندما كان الناس حديثي عهد بالإسلام وقد حرمها الله بالتدريج على ثلاث مراحل بيانها يتضح من الآتي: روى الإمام أحمد عن أبي ميسرة عن عمر أنه قال لما نزل قوله تعـالى: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما﴾ البقرة: 219. قال عمر بن الخطاب: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزل قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾ النساء: 43. فكان منادي رسول الله ﷺ إذا أقام الصلاة نادى لا يقربن الصلاة سكران. فدُعي عمر فقرئت عليه هذه الآية. فقال اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزل قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ¦ إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون﴾ المائدة 90، 91.

وعندما قرئت على عمر، رضي الله عنه، وسمع قوله تعالى: ﴿فهل انتم منتهون﴾ . قال عمر: "انتهينا انتهينا". وكانت هي المرحلة الثالثة والأخيرة وهذا هو النص الصريح على تحريم الخمر قطعًا وباتًا. ويشمل تحريمها شربها وبيعها وإهداءها والتداوي بها دون تفريق بين نوع وآخر ولا قليل ولا كثير ولا مأكول ومشروب وذلك لاشتراك الكل في علة الإسكار التي هي مطلق تغطية العقل.

وقد ورد في حديث الرسول ﷺ نكير شديد على التعامل بها أيا كان. روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك أن أبا طلحة سأل رسول الله ﷺ عن أيتامٍ في حجرة ورثوا خمرًا فقال: (أهرقها ) (قال: أفلا نجعلها خلا؟ قال: (لا ).

يتبيّن مما سبق أن الإسلام حرَّم الخمر لما لها من أثر سلبي على حياة الإنسان ؛ إذ إنها سم يخالط العقل، ويذهب به، وكذلك منع التداوي بها لقوله ﷺ : (إنه ليس بدواء ولكنه داء ). وهذه الحقيقة التي وردت في الحديث يوافقها ما وصل إليه الطب الحديث ؛ إذ إن هناك عددًا كثيرًا من الأمراض التي يسببها تعاطي الخمر لمختلف أعضاء الجسم.

★ تَصَفح أيضًا: حظر الخمور ؛ الإسلام.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية