حظر الخمور ( Prohibition )
☰ جدول المحتويات
حَظْر الخُمورتعبير قانوني يشير إلى منْع تعاطي المشروبات الكحولية بحكم القانون أو بمقتضى التشريعات الدينية المعروفة في هذا المجال، وبالتالي تُمنع صناعتُها وبيْعُها ونقلُها. غير أن تحريم الخمور هو التعبير المستخدم في التصور الديني في البلاد الإسلامية.
وتشمل هذه المشروبات الكحولية: الجعة والجن والرَّوم والفودكة والويسكي والنَّبيذ وغيرها.
يُقصد بعبارة حظر الخمور الإشارة إلى التعديل الدستوري الذي أجري سنة 1920م، ويقضي بحظر الخمور داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وكان هذا هو التعديل الثامن عشر.
أدّى هذا التعديل إلى انخفاض معدلات متعاطيّ الخمور بدرجة كبيرة حتى ظهر قانون 1933م الذي ألغى التعديل السابق، فارتفعت نسبة المتعاطين مرةً أخرى وراجت حركة بيع وشراء وتصنيع وتهريب المشروبات الكحولية.
نادى بعض الأفراد في المجتمع الأمريكي من أطباء ووزراء وغيرهم، بالاعتدال في تعاطي الخمور، لاعتقادهم أنها مدمرةٌ لصحة الإنسان، ومؤثرةٌ على سلوكياته الأخلاقية، وتزيد من فَقْرِه وتؤدي به إلى الانهيار.
وبالفعل، أحرزت هذه الحملة نتائج إيجابية، حيث هبط متوسط تعاطي كميات الكحول الخالص إلى 11 لترًا على مستوى الفرد الواحد سنويًا.
وقام كثير من المصلحين بحملات مكثفة تحارب الخمور وتبين مخاطرها، وما تسبِّبهُ من فقر ومشكلات صحية وإهمال الأزواج لزوجاتهم وأطفالهم، وقد أدى ذلك إلى أن ينظر المصلحون السياسيون إلى الحانات باعتبارها الدعامة الرئيسية للمنظّمات السياسية الفاسدة. أما رجالُ الأعمال، فقد كانوا يعتقدون أن السُّكْر يقلل من سلامة العمال ويحط من معدلات الإنتاج.
كانت هناك طوائف كثيرة من المدمنين يعارضون قوانين حظر الخمور وبيعها. وقد ظل الأمر متأرجحًا بين مؤيد ومعارض وبين قانون يبيح وقانون يحظر، لكن عصابات تصنيع الخمور وبيعها ونقلها مثل عصابة البوتلجرز كانت هي المستفيدة على أي الأحوال.
قاوم معارضو حظر الخمور قوانين الحظر متهمين الحكومة بأنها سلبت حرية الناس الشخصية، وتحكمت في أساليب حياتهم، كما نظر المهاجرون حديثًا إلى الأمر على أنه تعدٍ وهجوم صارخ على تقاليدهم الثقافية، كما رأى كثير من الناس أن قوانين حظر الخمور قد حرمت الحكومة من الضرائب المفروضة على الخمور وهي في أمسّ الحاجة إليها.
وفي حملة الانتخابات الرئاسية سنة 1932م، أبدى الحزب الديمقراطي موافقته على إبطال حظر الخمور، وفاز فيها فرانكلين ديلانو روزفلت.
اقترح الكونجرس في فبراير سنة 1933م إجراء التعديل الحادي والعشرين على الدستور لإبطال التعديل الثامن عشر الذي كان يقضي بحظر الخمور، وقد صدقت الولايات على هذا التعديل دون إبطاء، وانتهى بموجبه حظر الخمور إلا في بضع ولايات من الجنوب ظلت حتى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين تحظر بيع الخمور وتعاطيها. ومنذ ذلك الحين، صُرف النظر عن معظم الجهود التي كانت تُبذل لمنع البالغين من تعاطي الخمور، وانتقل الاهتمام ـ تدريجيًا ـ إلى معالجة الإدمان، وإيجاد حلول لمشكلات أخرى ذات علاقة بالخمور.
وعلى نطاق أوسع من العالم نجد الحكومات الغربية تسن قوانين حظر الخمور، ثم تتراجع فيها، ثم تعود إليها، وهكذا دواليك تظل الحكومات تتأرجح بين منع وإباحة، لأسباب مختلفة دون القضاء على المشكلة من جذورها، ودون اتِّباع المنهج التربوي الأشمل في القضاء على هذه الظاهرة المدمرة لشعوبها في معظم أرجاء العالم.
الإسلام والخمور:
من مقاصد الشريعة الإسلامية الحفاظ على الكليات الخمس وهي: العقل والنفس والمال والعرض والدين.ولما كانت الخمر من مهلكات العقل والنفس والمال والدين كان تحريم الله لها.
ولما كانت الخمر أيضًا من الأمور المتعلقة بالشهوات والأنفس كان مقتضى حكمة الله تبارك وتعالى التدرج في تحريمها تدرجًا يتناسب مع نفسية المتعاطين وواقع حياتهم. فالخمر كان عادة اجتماعية في مجتمع ما قبل الإسلام، وجزءًا من الممارسات العامة لدى القبيلة العربية، فبدأ الإسلام يُبيِّن أن الخمر فيها مضار ومنافع، لكن ضررها أكبر من نفعها فقال الله تعالى: ﴿ يسئلُونك عن الخَمر والمَيْسر قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كبير ومنـافِعُ للناس وإثْمهما أَكبر من نفعهما﴾ البقرة: 219 .
ثم اتخذ القرآن بعد ذلك خطوة أكبر في طريق تحريمها فبين أن العبادة لله تستلزم الوعي الكامل، وأنه من العبث بدين الله أن يدخل الإنسان في الصلاة وهو غير واع ٍ فمنع دخُول الناس في الصلاة وهم سكارى قال تعالى ﴿ يـأيهاَ الَّذين أمَنُواْ لا تقربُواْ الصلاة وأَنتم سكارى حتى تعلَمواْ ما تَقُولُونَ﴾ النساء: 43 .
وهكذا تهيأ المجتمع لقبول التحريم النهائي فنزل قول الله تعالى ﴿يأيها الَّذين ءامَنوا إنما الْخَمْر والْمَيْسِر والأنْصاب والأَزلام رجْس مِن عمل الشيطَان فَاجتَنبوه لَعلكم تفلحون﴾ المائدة:90
وبهذا التدرج التربوي الذي راعى الإنسان وغرائزه، قضى الحق تبارك وتعالى على هذه الظاهرة. ولعل هذا المنهج في التحريم كان وراء استجابة الناس له واتباعهم شرعة الله فيه، ثم إن الرسول ﷺ قد أكد في أحاديث كثيرة مضار الخمر وضرورة الامتناع عن أي مُسْكِر، فقال عليه الصلاة والسلام (كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) رواه أحمد وابن ماجه.
وقال أيضًا ﷺ (ما أسكر كثيره فقليله حرام ) رواه مسلم. وقال أيضًا (لا ضرر ولاضرار) رواه ابن ماجه .
ومن ثمَّ كان تنفيذ حدّ الشرب في متعاطي الخمر ثمانين جلدة، أمرًا طبيعيًا ليكون عقوبة بدنية رادعة تكفُّه عن مخالفة شرع الله.
وهكذا تضافرت كل العوامل السابقة في تطهير المجتمعات الإسلامية من ظواهر الإدمان. ولا زالت هناك بعض الدول الإسلامية الملتزمة بتطبيق حدود الشريعة خصوصًا المملكة العربية السعودية والسودان، وبعض البلدان الإسلامية الأخرى التي تطبق عقوبة الجلد وتقيم الحد، وحتى البلاد الإسلامية التي لا تقيم هذه الحدود فإن ظاهرة تعاطي الخمر فيها لا تمثل خطرًا كالذي تمثله في البلاد الغربية.
★ تَصَفح أيضًا: شيكاغو ؛ العشرينيات الصاخبة ؛ نيشن، كري أميليا مور ؛ العقوبة في الفقه الإسلامي.