الرئيسيةبحث

أسبرطة ( Sparta )



أسبرطة كانت أقوى دولة ـ مدينة في اليونان القديمة وعاصمة لاكونيا. بحلول عام 500 ق.م. أُجبرت أسبرطة الدول ـ المدن المجاورة على الدخول معها في الحلف البيلويونيزي.
أَسْبَرطة عاصمة لاكونيا وكانت في وقت من الأوقات أقوى دولة ـ مدينة في اليونان القديمة. وتسمى أيضًا لاكيديمون، وكانت تشتهر بقوتها العسكرية وولاء جنودها. وكان أكبر شرف يناله أسبرطي هو أن يموت دفاعًا عن بلده. وحتى الآن فإن قوة التحمل والزهد عن الترف والصلابة التي لا تلين تعتبر من الفضائل الأسبرطية.

السطح:

كانت أسبرطة تقع في واد محمي على ضفة نهر يوروتاس. للموقع. ★ تَصَفح: اليونان. وكانت تُحمى من ثلاثة جوانب بوساطة الجبال. وكان الجو معتدلاً والتربة خصبة ترويها مياه وفيرة. لم يكن بأسبرطة سوى القليل من المصادر المعدنية. وكان الأسبرطيون يحصلون على الرخام والقليل من الحديد من تل تايجيتوس القريب.

السكان:

كان السكان ينتمون إلى ثلاث طبقات. الأسبرطيون أنفسهم كانوا ينحدرون من الدوريين، وهم شعب كان قد اكتسح شبه جزيرة اليونان نحو القرن الثاني عشر ق.م. وهؤلاء كانوا الطبقة الحاكمة في أسبرطة وهم الوحيدون الذين كانت لهم حقوق المواطنة الكاملة. وكانوا يستعبدون الشعوب الإغريقية الأخرى مثل اللاكونيين والأخاياويين والأيونيين. هؤلاء المسْتَعْبَدون الذين أطلق عليهم هيلوتس كانوا يتفوقون عددًا على الأسبرطيين. هرب بعض اليونانيين من غير الأسبرطيين من العبودية، وهؤلاء لم يكونوا مواطنين، ولكنهم عاشوا في أسبرطة مواطنين أحرارًا. هذه المجموعة كانت تعرف باسم البريويسيين، وكانت أعداد الطبقات الثلاث تختلف بشدة خلال تاريخ أسبرطة الطويل. كان هناك نحو 25,000 مواطن، وعدد غير معروف من البريويسيين وعدد قد يصل إلى 250,000 من الهيلوتس.

أنماط المعيشة:

كان مسموحًا لمواطني أسبرطة بالاشتغال في الزراعة فقط. وكان عدد قليل من الطبقة الأرستقراطية يمتلكون أراضي خاصة بهم، إلا أن معظم المواطنين كانوا يعملون في أراض تملكها الدولة. أما المواطنون الذين لم يوفروا عائدًا كافيًا من ضيعهم للإنفاق على أسرهم ودفع ما عليهم من ضرائب فكانوا عرضة لضياع أراضيهم وإعطائها لشخص آخر قادر على أن يجعلها تفي بما عليها من التزامات. وهؤلاء كانوا يفقدون شرف المواطنة. ولذلك كان من المجازفة تكوين أسرة كبيرة. كان الأسبرطيون أحيانًا يتركون الأطفال غير المرغوب فيهم في كهف عميق في الجبال ليموتوا. ولأنه لم يكن مسموحًا للمواطنين بأن يعملوا في الصناعة أو التجارة، فإن طبقة البريويسيين كانوا يزاولون تلك المهن، لذا أصبح بعضهم أغنياء.

قامت طبقة الهيلوتس بالزراعة وكان عليهم أن يقدموا جزءًا ثابتًا من محصولهم لأسيادهم. أما الجزء المتبقي منه، وهو عادة قليل، فكان يذهب إلى الهيلوتس أنفسهم. استاء الهيلوتس بمرارة من أحوالهم، وكانت الاضطرابات شيئًا عاديًا. كان الأسبرطيون يعلنون الحرب رسميًا مرة كل عام على طبقة الهيلوتس حتى تتوفر لهم فرصة قتل أي شخص كان يشتبه بأنه من الثائرين دون أن يخرقوا القانون الذي يمنع القتل.

وكان كل مواطن أسبرطي ملكًا للدولة منذ ولادته. وكان الولد يُترك تحت رعاية أمه حتى يصبح عمره سبع سنوات، حيث ينضم إلى جماعة من 15 عضوًا، يبقى جميعهم تحت نظام صارم. ومن سنته السابعة كان على كل ولد أن يتناول وجباته مع جماعته في قاعة طعام عامة.

وكان أشجع ولد في الجماعة يُعين قائدًا لها. وعلى باقي أفراد الجماعة أن يطيعوا أوامره ويتحملوا العقوبات التي يقرر تطبيقها عليهم.

وعندما يصل الأولاد إلى سن الثانية عشرة فإن ملابسهم الداخلية تؤخذ منهم ويُعطون بدلاً منها زيًا خارجيًا واحدًا كل عام. وكانت أسرَّتُهم تتكون من سيقان النباتات التي كانوا يجمعونها بأيديهم دون منجل أو سكين. لم يعتبر الأسبرطيون فن القراءة أو الكتابة ضروريًا. فالأولاد كانوا يتعلمون الإلياذة وأناشيد الحرب والدين، إلا أن القفز والجري والمصارعة واستخدام السلاح بمهارة ودقة كانت أمورًا أكثر أهمية. كان رجال أسبرطة ممن هم بين أعمار 20 و30 يخدمون طلائع من العسكر يمرون في دوريات بوليسية في البلاد، وكانوا يُراقبون طبقة الهيلوتس للتأكد من تنفيذهم للنظام وطاعتهم له.

كان الرجل الأسبرطي في سن الثلاثين يصل إلى كامل النضج، ويسمح له عندئذ بالتمتع بحقوق وواجبات المواطنة. فكان في إمكانه أن يتزوج، ويحضر اجتماعات المجلس، وأن يشغل مركزًا عامًا. في سن الستين، ينتهي مستقبله العسكري ويعمل إما في الشؤون العامة أو في تدريب الصغار.

ونتيجة لهذا النظام فقد أصبح الرجال الأسبرطيون أشداء، فخورين، منضبطين ومعروفين بالمحافظة العنيدة وقلَّة الحديث. كانت حياتهم منذ طفولتهم تجربة واحدة متواصلة من التحمل والكبت لكل مشاعرهم الرقيقة.

أما النساء الأسبرطيات فقد عشن حياة حرة أكثر من أي نسوة في اليونان. كانت البنات يمارسن الألعاب الرياضية، أما النسوة فكنَّ يدرن شؤون منازلهن. وكن يشتغلن بالأعمال، وأصبحت الكثيرات منهن من الثريات وذوات النفوذ.. يحكي أرسطو بأن النساء كن يمتلكن خُمسي الأرض في أسبرطة.

نبذة تاريخية:

امتدت سيطرة الدوريّين الذين استقروا في أسبرطة في جميع أنحاء لاكونيا في تاريخ مبكر. في القرن الثامن ق.م. اجتاحوا مسينيا، تلك المنطقة الزراعية الغنية في غربي جبل تايجيتوس. بالرغم من أن أسبرطة فشلت في غزو مدن أركاديا إلا أنها أجبرتهم على الدخول معها في الحلف البلوبونيزي. وكان على دول الحلف أن تنضم إلى أسبرطة عند الحرب في عام 500ق.م. وقد ضم هذا الحلف معظم المدن في جنوب ووسط اليونان.

هزمت أسبرطة أثينا، قائدة الإمبراطورية اليونانية القوية، في الحرب الأيونية الشرسة. في عام 404 ق.م، أُجْبِر الأثينيون على قبول معاهدة سلام مهينة. غير أن القيادة التي حققتها أسبرطة لم تدم طويلاً. إذ إن الأسبرطيين كانوا يحكمون الدول اليونانية الأخرى بقسوة لدرجة أن تلك الدول ثارت وتخلصت من القيد الأسبرطي. وفي معركة ليوكترا في عام 371ق.م. فقدت أسبرطة إلى الأبد دعواها للسيادة في اليونان، إلا أنها ظلت قوية لمائتي عام تالية. في عام 146ق.م أصبحت أسبرطة تحت حكم روما.

توجد حاليًا مدينة حديثة تسمى أسبرطة يبلغ عدد سكانها 11,911 نسمة بالقرب من موقع المدينة القديمة. أنشئت نحو عام 1835م وأصبحت عاصمة للتقسيم السياسي الحديث لمقاطعة لاكونيا. أُجريت حفريات في الموقع القديم واكتشفت مواد قيمة كثيرة من التاريخ الأول للمدينة.

★ تَصَفح أيضًا: الدوريون ؛ ليونيداس الأول ؛ مسينيا ؛ الإغريق.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية