أسكتلندا، تاريخ ( Scotland, History of )
قبل بلوغ الحضارة السَّلتية إلى أسكتلندا بزمن طويل قام الناس خلال العصر الحجري الحديث ببناء قرى ذات طراز جيد، مثل سكارابريا فيجزيرة أوركني. |
وبنهاية هذا العصر الحجري الحديث، وفدت إلى أسكتلندا مجموعات جديدة، جاءت من ألمانيا، سماها علماء الآثار مجموعة الأواني لأنهم دفنوا موتاهم في قوارير كبيرة أشبه ما تكون بالكؤوس، ثم تلتهم مجموعة مهاجرين قادمة من أواسط أوروبا، هم المعروفون ببناة الأبراج.
وعندما غزا الرومان بريطانيا عام 43م، وجدوا أقوامًا يسكنون أجزاءً من أسكتلندا، هي الجهات الشمالية والجنوبية لنهري كلايد وفورث. وقد أخضعهم الرومان لسلطانهم، وسموهم البكتز (البقط) وكانوا يلونون أجسامهم بالألوان. وفي القرن الرابع الميلادي، هاجر إلى أسكتلندا أقوام من أيرلندا، عرفوا في التاريخ بالأسكتلنديين ونشروا لغتهم المعروفة بالغيلية وثقافتهم. وبانسحاب الرومان من بريطانيا، غزتها أقوام الأنجلو ـ سكسون، وتمكنوا في بداية القرن السابع الميلادي من احتلال المنطقة الواقعة حول أدنبرة، وكذلك استقر الفايكنج في الأطراف الشمالية من أسكتلندا خلال القرنين الثامن والتاسع الميلاديين.
أسكتلندا أصبحت دولة نصرانية عام 400م. وصل القديس كولمبا إلى إيونا عام 563م وأنشأ ديرًا تم ترميمه بعد ذلك العهد. |
وقد كان لملوك إنجلترا المطامع نفسها في أسكتلندا، بل إن بعضهم نجح في فترات من القرن الثاني عشر الميلادي في جعل مملكة أسكتلندا تابعة لهم. وهكذا كانت العلاقة بين المملكتين في حركة مد وجزْر دائمة. فمثلاً، شهدت السنوات الأخيرة من القرن الثالث عشر الميلادي، وكل سنوات القرن الرابع عشر، محاولات ملوك إنجلترا فرض سيطرتهم على أسكتلندا، وبالمقابل ثورات الأسكتلنديين تحت قيادة زعمائهم المحليين للخلاص من تلك السيطرة الإنجليزية. وقد تحقق لأهل أسكتلندا ما أرادوا، إذ اعترف الإنجليز باستقلالهم في عام 1328م بعد حروب طاحنة.
وباستقلال أسكتلندا، بدأت فترة حكم عائلة ستيوارت الأولى في الفترة (1371 ـ 1488م) التي تميزت بسيطرة العوائل البارونية الثرية على مقدرات الأمور هناك، حيث إن حكام أسكتلندا كانوا يحتاجون لمساندة تلك العوائل، وغيرها من العوائل الأرستقراطية وملاك الأرض. وقد شهدت هذه الفترة ظهور البرلمان الأسكتلندي وتطوره، والذي قام على دعائم ثلاث ـ هي طبقة النبلاء وطبقة رجال الكنيسة وطبقة ممثلي المدن، كما شهدت الفترة نفسها ازدهار الأدب الأسكتلندي، وظهور شعراء كبار مثل جون باربر، وبلايند هاري وآخرين. ★ تَصَفح: الأسكتلندي، الأدب.
تلت هذه الفترة ماعرف بفترة ملوك النهضة ولعل أهمهم جيمس الرابع، وجيمس الخامس، اللذان قاما في مرات عديدة بغزو إنجلترا، كما تعرضا لغزو منها. وكانت تلك الحروب وخيمة على كلتا المملكتين. وقد انحاز جيمس الخامس إلى جانب فرنسا في حربها مع إنجلترا، وتزوج من إحدى النبيلات الفرنسيات، الأمر الذي أدى إلى تزايد النفوذ الفرنسي في البلاط الأسكتلندي وإلى انحياز النبلاء إلى رجال الكنيسة ودعوات الإصلاح الديني أملاً في مقاومة هذا النفوذ. وتطور أمر هذا الإصلاح ليؤدي إلى إعلان أسكتلندا دولة بروتستانتية لا سلطة للبابا على كنيستها وتحميها الملكة ماري ملكة الأسكتلنديين عام 1559م والتي ثار عليها النبلاء وأجبروها على التخلي عن العرش، وأودعوها السجن. ولكنها تمكنت من الهرب إلى إنجلترا طالبة مساندة الملكة إليزابيث الأولى، ولكن هذه بدل أن تعينها سجنتها، ثم قامت بإعدامها عام 1587م، فخلفها ابنها جيمس السادس والذي حكم بفاعلية. وفي عام 1603م، صار ملكًا لإنجلترا، تحت اسم جيمس الأول، بسبب وفاة الملكة الإنجليزية إليزابيث الأولى لأنه كان أقرب أقاربها إليها ؛ فورث عرشها.
تحول جيمس الأول إلى لندن مفضلاً عدم التدخل في الشؤون الأسكتلندية، وفي شؤون الكنيسة الأسكتلندية. ولكن ابنه الملك تشارلز الأول قرر التدخل في شؤونها، حيث فرض بعض الأمور على رجالها، مما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية التي اتحد فيها البرلمانان الأسكتلندي والإنجليزي، ضد الملك تشارلز، وحارباه حربًا انتهت بإعدامه في عام 1649م، وتولى أوليفر كرومويل حكم إنجلترا، وبسط سلطانه على أسكتلندا، التي أصبحت أشبه ما تكون بإقليم تابع لإنجلترا. ★ تَصَفح: الحرب الأهلية الإنجليزية. وقد أدى تطور الأحداث فيها إلى إصدار الحكومة لقانون الوحدة في عام 1707م حيث تم دمج المملكتين، والبرلمانين، الأسكتلندي والإنجليزي في كيان واحد عُرف بالمملكة المتحدة، وأصبح لهذه المملكة برلمان واحدٍ يمثل أسكتلندا فيه خمسة وأربعون نائبًا في مجلس عمومه، وستة عشر عضوًا في مجلس لورداته، ولم تتمكن المعارضة الأسكتلندية من فض هذه الوحدة، حيث ظلت أسكتلندا منذ عام 1707م جزءًا من المملكة المتحدة وإلى يومنا هذا. ولتكملة تاريخ أسكتلندا ★ تَصَفح: المملكة المتحدة .