الرئيسيةبحث

الاغتصاب ( Rape )



الاغتصاب أخذ الشيء ظلمًا ومنه الزنى بالمرأة مكرهة، وهي جريمة تُعاقِبُ عليها القوانين السماوية والوضعية.

والاغتصاب عند علماء الإسلام هو الاستيلاء بالقوة على ما للغير بغير حق وهو محرم بنص قول الرسول ﷺ: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) وأيضًا عن سعيد بن زيد أنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: (من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا طُوِّقَهُ من سبع أرضين) والاغتصاب في الإسلام أعم من أن يكون أخذ مال أو أرض وإنما يكون في أخذ ما هو حق للغير. فمن اغتصب شيئًا من مال أو ما يصير إلى مال لزمه رده إن كان باقيًا فإن كان قد تلف لزمه بدله وإلا فقيمته المالية وذلك لقوله ﷺ: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه).

ومن اغتصب امرأة فعليه الحد دونها لأنها معذورة مكرهة وعليه مهرها حرة كانت أو أمة. فإن كانت حرة فالمهر لها، وإن كانت أمة فالمهر لسيدها. وأما المرأة المطاوعة فإن كانت أمة وجب عليه مهرها لأنه حق لسيدها فلا يسقط برضاها، وإن كانت حرة لم يجب لها المهر لأن رضاها أسقط مهرها.

الاغتصاب والقانون الوضعي:

الاغتصاب في القوانين الوضعية مواقعة أنثى تجاوزت سنًا معينة تختلف باختلاف القانون المعمول به ويكون ذلك بالقوة. ولا يعد اغتصابًا إذا وقع الفعل بقبول المرأة وكان القبول منطويًا على التمنع حتى وإن كان الفعل مصحوبًا بشيء من استعمال القوة. وتذهب بعض هذه القوانين إلى أن مجرد جذب يد المرأة أو ملابسها ولو بالقوة ليس مما يعد شروعًا في الجريمة، وأن الأفعال الأولى كإلقاء المرأة أرضًا وتعريتها لا تكفي لاعتبار الجاني بادئًا في التنفيذ، وإنما يتعين أن يكون قد أخرج عضوه وحاول الاقتراب من أعضاء المجني عليها.

يلاحظ فيما يتعلق بتحريم الأفعال الجنسية أن القوانين الوضعية لا تعاقب على الرذيلة الجنسية في ذاتها، ولا تجرم كل وطء (جماع) في غير حلال، كما يقضي بذلك المفهوم الديني والأخلاقي، وإنما تأثرت بأفكار الثورة الفرنسية التي نادت بتأكيد الحرية الشخصية التي فصلت المفاهيم الاجتماعية للقيم عن المفاهيم الدينية والأخلاقية. وأصبح للفرد أن يتصرف في عِرْضِه، ولا يعاقبه القانون في ذلك إلا إذا كان التعدي على الأعراض قد تم بغير رضا المجني عليهن، أو إذا تم بالرضا ولكنه تضمن اعتداء على حق آخر كحق الزوج، وفيما عدا ذلك فالأصل في القوانين الوضعية الإباحة مهما كان الفعل منافيًا للدين والخلق القويم.

لكي تثبت جريمة الاغتصاب في القانون الوضعي لابد من توافر أركان ثلاثة هي: عدم الرضا، والركن المادي، (المواقعة الفعلية) والقصد الجنائي. فعدم الرضا يتوافر كلما كان الفعل المكون للجريمة قد وقع بغير رضا صريح من الأنثى، ويشمل بالإضافة إلى الإكراه التدليس، كما يشمل أيضًا كل حالة لا تستطيع الأنثى أن تعبر فيها عن إرادتها تعبيرًا صحيحًا بسبب النوم أو الإغماء أو المباغتة أو الخداع. وأقصى عقوبة وضعتها القوانين الوضعية لكل من خطف بالتحيل أو الإكراه أنثى بنفسه أو بوساطة غيره أن يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة، والركن المادي يقصد به الوقاع الكامل، وعلى ذلك فإن كثيرًا من القوانين الوضعية لا تعاقب على الشروع في تنفيذ الاغتصاب ومقدماته كالاختطاف والتخدير والتنويم...إلخ.

ومن وجهة النظر الإسلامية، فإن اختلاط النساء بالرجال، والتبرج، وسوء التربية وغياب الوازع الديني كلها أسباب تفضي إلى هذا الانحراف السلوكي الفظيع.

الاغتصاب في الغرب:

تزايدت حالات الاغتصاب في البلدان الغربية بصورة مذهلة خلال العقد الثامن من القرن العشرين. ومع ذلك فإن المختصين يرون أن العدد الحقيقي لحالات الاغتصاب في البلاد الغربية يفوق الأعداد التي تبلَّغ إلى الشرطة عن الجرائم التي وقعت خوفًا من العار الذي يلحق بضحايا الاغتصاب، أو بسبب تهديد المغتصبين لهن. وبعض الضحايا يفزعن من الخزي والعار، الذي يلحق بهن من جراء نشر حالاتهن في الصحف والمجلات أو بسبب الأسئلة المشينة التي توجه إليهن في مراكز الشرطة أو قاعات المحاكم.كما أن كثيرًا من الجناة يهددون ضحاياهم من المغتصبات بالقتل إن هن قمن بالإبلاغ عنهم في مراكز الشرطة.

ونسبة قليلة من الجناة المغتصبين، هم الذين يعترفون بجريمتهم فيعاقبون بالسجن. ويرجع ذلك إلى صعوبة إثبات جريمة الاغتصاب أو الإتيان بدليل مادي على الاغتصاب كإصابة المرأة بإصابات جسدية.كما تطالب المحاكم ـ علاوة على ذلك ـ بدليل يشير إلى أن المرأة المغتصبة قاومت مغتصبها. وفي معظم البلدان الغربية تطلب المحاكم شهادة طبية تثبت أن المرأة تعرضت حديثًا للمعاشرة الجنسية عن طريق الاغتصاب، ولإثبات ذلك ينبغي أن تفحص المرأة فحصًا طبيًا خلال أربع وعشرين ساعة من وقوع جريمة الاغتصاب.

وقد غيرت بعض الدول قوانين الاغتصاب المعمول بها في بلدانهم، فاستبعدت القوانين التي تقضي بضرورة وجود شهود على حالات الاغتصاب أو وجود دليل مادي كالإصابة الجسدية للمغتصبة. ومنعت نشر أسماء المغتصبات في الصحف والمجلات أو نشر أي معلومات تقود إلى التعرف على شخصياتهن. إضافة إلى ما تقدم فإن بعض السلطات المحلية استخدمت الشرطة النسائية للتعامل مع المغتصبات لأن كثيرًا من النساء يجدن أنه من السهل عليهن أن يتناقشن مع نساء مثلهن في الأمور الجنسية أكثر من مناقشتها مع الرجال.

وفي السبعينيات من القرن العشرين اجتمعت مجموعات كثيرة من النساء في الغرب وقررن إنشاء مراكز لبحث مشكلات الاغتصاب. ومهمة تلك المراكز أنها تقدم المشورة والنصح للضحايا المغتصبات اللائي يشعرن بقلق وإحباط من جراء ما وقع عليهن من اعتداء جنسي.كما أن من مهام تلك المراكز أيضًا أنها تشجع النساء المغتصبات على تقديم تقارير عما وقع لهن. وبالإضافة إلى ذلك فقد قامت بعض المعاهد التربوية بتقديم نشرات فيها توجيهات ونصائح لمنع الاغتصاب.

ويعتقد بعض علماء النفس أن القليل من الرجال هم الذين يرتكبون جريمة الاغتصاب بقصد المتعة الجنسية والباقون يرتكبون جريمتهم معاداة للمجتمع الذي يعيشون فيه والذي يأتي في صورة عمل جنسي عارض. ويرى بعض علماء النفس أن الكثير من المغتصبين لديهم إحساس بالكره أو الخوف من النساء مما يقودهم إلى الرغبة في إثبات قوتهم وسيطرتهم من أجل إذلال وإيذاء هؤلاء النسوة المغتصَبات.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية