الرئيسيةبحث

الورق ( Paper )



البلدان الرائدة في صناعة الورق
الورق أحد أهم المنتجات الصناعية. فالكتب والمجلات والجرائد تطبع على الورق. كما يتمُّ الحصول على بيانات من الحواسيب مطبوعة على الورق. ولايمكن للمؤسسات التعليمية والصناعية والدوائر الحكومية العمل بدون ورق الطباعة والكتابة. كما تشمل منتجات الورق الأخرى المهمة الورق المقوى (الكرتون) الذي يُسْتَخدم في التغليف، وورق التجفيف كالمناديل والمناشف الورقية.

يقدر معدل استهلاك الفرد من الورق المقوى في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 300 كجم للفرد في العام. وتنتج الولايات المتحدة ما يقرب من 64 مليون طن متري سنويًا من الورق والورق المقوى.

يُحضّر الورق من ألياف السليلوز التي توجد في جدران جميع الخلايا النباتية. وعندما يرشح مزيج من الماء والألياف من خلال غربال أو مُنْخل دقيق تتشابك الألياف بعضها مع بعض مكوِّنة صحيفةً رقيقةً من الورق. وعندما تُجفف الرقيقة المبتلة تنشأ روابط كيميائية بين الجزيئات في ألياف السليلوز معطية رقيقة الورق قوتها. ويتم الحصول على الألياف لعمل الورق من مصادر نباتية مختلفة تشمل نبات الخيزران والقطن وعشب الحلفا والقنب والجوت وعيدان قصب السكر وسيقان القمح والأرز وأخشاب أخرى متنوعة. ويعتبر الخشب المصدر الرئيسي لألياف صناعة الورق.

ينتج صناع الورق آلاف الأنواع والدَّرجات من الورق، وتعتمد صفات أي نوع من الورق على الألياف الداخلة فيه والطريقة المستخدمة في صنعه.

كيفية تصنيع الورق

المواد الخام:

كانت ألياف القطن والكتان التي يتم الحصول عليها من الخرق ـ الأقمشة البالية ـ لعدة قرون مضت، هي المواد الرئيسية المستخدمة في إنتاج الورق. أما اليوم فقد استبدلت عجينة الخشب بهذه الألياف بدرجة كبيرة. والعجينة هو الاسم المستخدم للألياف المُعَدَّة لتحضير الورق. يقطع الخشب المستخدم في تحضير الورق للغرض ذاته، أو يُحْصَل عليه من أشجار الغابات ونفايات الأشغال الخشبية. وما تزال بعض ألياف القطن والكتان مستخدمة في عمل ورق الكتابة العالي الجودة، وورق المكاتبات التجارية والأشغال الفنية والمستندات التي تحفظ لسنوات عدة.

تحضرالعجينة الخشبية من أنواع متعددة من الخشب، تشمل خشب الحور الرَّجراج والزَّان والتنّوب وخشب الصمغ والشوكران والبلوط والصَّنوبر وخشب القضبان. وقد كانت الألياف المستخدمة في تحضير الورق في حقبة مضت خلايا حية في خشب جذع الشجرة. والألياف أنابيب دقيقة مجوفة ومغلقة عند أحد طرفيها وبأطوال تتراوح ما بين 1 و 5 ملم. وتعمل مادة اللجنين الموجودة في الخشب على الاحتفاظ بالألياف مع بعضها.

في بعض الأحيان يعاد استخدام نفايات الورق لعمل ورق جديد بوساطة عملية تُعَرف بعملية إعادة تدوير الورق. ولإنجاز هذه العملية تقوم حاويات كبيرة تعرف بالعجَّانات بتحويل الصحف والمجلات وبقايا المطبوعات الأخرى إلى عجينة قابلة للاستعمال. ويُزال الحبر من الورق باستخدام المذيبات والمواد الكيميائية الأخرى والمنظفات الصناعية وطرق تنظيف خاصة. وتُعَرف الألياف المسترجعة (المعاد تدويرها) في بعض الأحيان بالألياف الثانوية. ويستخدم مصنعو الورق الألياف الثانوية لعمل الورق المقوى وبعض ورق الطباعة والمناديل والمناشف الورقية.

أيقونة تكبير كيف يتم عمل الورق من الخشب

عمليات تجهيز العجينة الورقية:

هناك ثلاثة أنواع من العمليات المستخدمة في تحويل الخشب إلى عجينة لعمل الورق، وهذه العمليات هي: 1- عمليات آلية 2- عمليات كيميائية 3- عمليات شبه كيميائية. وتضم العمليات شبه الكيميائية العمليات الآلية والكيميائية معاً. وتُعَدّ عملية طحن الخشب بالحجر أقدم عملية آلية لتجهيز عجينة الورق من الخشب. ويتم في هذه العملية كبس أو ضغط قطع صغيرة من جذوع الأشجار بحجر الطحن المعد لهذا الغرض بطريقة خاصة، حيث تؤدي الحرارة المتولدة من الاحتكاك إلى تسخين اللجنين بين الألياف ومن ثم تليينه، وعندئذ يصبح حجر الطحن قادرًا على طحن وإزالة الألياف بسهولة من سطح الخشب. وفي عملية العجن الآلية الحرارية تُسخن أولاً رقائق الخشب، ثم تُدخل بعد ذلك بين قرصين دوارين لآلة المُصَفي حيث تقوم أقراصه بتقطيع الخشب المُسَخن إلى ألياف منفردة.

وتذيب المواد الكيميائية المستخدمة في عمليات العجن مادة اللجنين من بين ألياف الخشب، حيث يغسل الخشب أولاً ويقطع إلى رقائق بأطوال تتراوح ما بين 12 - 25ملم، ثم تُطْبَخ رقائق الخشب في محلول حمضي بعملية العجن المعروفة بعملية الكبريتيت الكيميائية في صهريج ضغط مسخن ببخار الماء يعُرف بالهاضمة. أما في عملية كرفت المعروفة أيضًا باسم عملية الكبريتات، فتطبخ رقائق الخشب في محلول الصودا الكاوية وكبريتيد الصوديوم. وبالإمكان القيام بعملية الطبخ في الهاضمة الكلية أو في برج كبير يُعرف بالهاضم المستمر.

وتستخدم الكيميائيات في العمليات شبه الكيميائية لتليين مادة اللجنين، ثم تقوم المُصَفيات القُرصية بفصل الألياف عن بعضها.

وتُغْسَل عجائن الورق المنتجة بأي من هذه الطرق، ثم تمرر من خلال سلسلة من المناخل ؛ لإزالة العقد والشوائب الجامدة والمواد الغريبة الأخرى. وقد تجرى عملية قصر (تبييض) لبعض العجائن لإنتاج رقائق ورق أكثر بياضًا.

التنقية:

تمرر العجينة في عملية التنقية بين الصفائح الدوارة للمُصَفي القُرصي، حيث تؤدي عملية التنقية الآلية للعجائن إلى انحلال جدران خلايا الألياف، مما يجعلها أكثر مرونة. وتحدد كمية التنقية التي تتلقاها العجينة نوعية الورق المنتج منها.

تشكيل رقيقة الورق:

كانت جميع الأوراق في السابق تُحضَّر يدويًا رقيقة تلو أخرى. أما اليوم فإن آلة عمل الورق التي تعرف بآلة فوردرنيير يمكنها عمل رقيقة الورق بصفة مستمرة بعرض يصل إلى نحو عشرة أمتار وبسرعة أكبر من تسعمائة متر في الدقيقة. ويصل طول بعض آلات فوردرنيير إلى ما يزيد على 110م. ولعمل رقيقة الورق يقوم جهاز يعرف بالصندوق الرأسي بفرش خليط الماء والألياف عبر ما يعرف بالسلك على امتداد آلة فوردرنيير ويتسرب الماء تاركًا الألياف على سطح السلك.

وعندما تصبح العجينة مكوَّنة من خُمس واحد من الألياف وأربعة أخماس من الماء تصبح الرقيقة قوية بدرجة كافية ويُمكن إزاحتها عن السلك. ثم تمرر الرقيقة بعد ذلك بين أسطوانتي ضغط كبيرتين تعملان على عصر الماء من الرقيقة حتى تصبح مكوَّنة من جزءين متساويين تقريباً، أحدهما ألياف والآخر ماء. وعندما يزال معظم الماء المتخلف تمرر الرقيقة فوق أسطوانات مسخَّنة ببخار الماء وتنشأ أثناء عملية التجفيف الروابط الكيميائية التي تحافظ على ترابط جزيئات هذه الرقيقة.

ويمكن صقل الرقيقة الجافة وتنعيمها بضغطها بين أسطوانات تشكيلة الصقل، ثم تُلَفُّ بعد ذلك على هيئة بكرات ورق ضخمة وتشحن إلى وحدات التصنيع لعمل المنتجات النهائية.

تماثل الآلات ذات السلك المزدوج أو التوأم آلات فوردنيير لعمل الورق مع وجود اختلاف بسيط يتمثل في أن رقيقة الورق في هذه الحالة تتشكل بين منخلين متحركين، مما يمُكن صُناع الورق من إزالة الماء على جانبي الرقيقة.

وتُستخدم الآلة الأسطوانية لعمل الورق المقوى والورق الثقيل الوزن، حيث تغمر أسطوانة مغطاة بالسلك تُعْرَف بالقالب جزئيًا، في وعاء ضخم للماء والألياف وتُدار فيه. وهنا تنشأ رقيقة الورق على الأسطوانة نتيجة لتسرُّب الماء من خلال الغطاء الغربالي أو المُنْخُلي للأسطوانة، ثم تنزع الرقيقة الرطبة بحزام قماش متحركٍ يُعَرف باللُّبادة. وتتيح هذه الطريقة تكوين ووضع عدة رقائق من الألياف في طبقات متراصة فوق اللبادة الواحدة لعمل الورق المُقوى المتعدد الطبقات. وتضغط الرقائق المتكونة فوق الآلات الأسطوانية وتجفف قبل لفها على البكرة.

أنواع خاصة من الورق

أسطوانة حديثة للورق. توضح الصورة الخطوات الأخيرة في عملية تصنيع الورق. وفيها تقوم هذه الآلة التي يتحكم فيها الحاسوب بلف الورق على هيئة لفة كبيرة قبل تقطيعها إلى رقائق.
تعتمد خواص الورق ومواصفاته على عدة عوامل منها نوع العجينة المستعملة ودرجة نقائها ونوع الآلة المستخدمة في عمل الورق. وتؤثر الإضافات، كالمعالجات الخاصة التي تجرى على الورق أثناء أو بعد تصنيعه، في المنتج النهائي.

يحضر ورق الصُّحف عادة من خليط مكوَّن من جزء من العجينة المحضرة كيميائيًا للتقوية وثلاثة أجزاء من عجينة مسحوق الخشب لإنتاج ورق رخيص بمواصفات جيدة للطباعة. وتتم معالجة العديد من ورق الكتابة والطباعة بمادة غروية لمنع انتشار الحبر على صفحة الورق. وتتم المعالجة بالمادة الغروية إِما بإتاحة الفرصة للرقائق لاحتواء خليط من الصمغ (الراتينج) وحجر الشَّب أو بوساطة طلاء سطح الرقيقة بمحلول النشا. وينتج الورق الملوّن عندما ترتبط الألوان بألياف العجينة الورقية.

يغطى ورق العديد من المجلات والكتب بمخلوط محلول النشا والصلصال. وتصبح طبقة الطِّلاء هذه لامعة وحسنة المظهر، عندما تُصقل رقائق الورق بين بكرتي آلة الصقل الفائقة. والورق المعالج بهذه الطريقة جيد بصفة خاصة للطباعة.

يُصنع ورق الكتابة الرَّخيص من العجينة المحضرة آليًا. أما ورق الكتابة عالي الجودة فيستخدم لعمله مزيج من العجائن المقصورة ـ المبيَّضة ـ كيميائياً. وتُنتج عجينة القماش البالي أجود أنواع ورق الكتابة. ويعلَّم ورق الكتابة والمستندات مائيًا بضغط قالب السَّبك السِّلكي على السطح العلوي للرقيقة الورقية الرَّطبة عندما تكون ملتصقة على سلك جهاز فوردنيير. ★ تَصَفح: العلامة المائية.

تُحضر المناديل وورق المناشف من الألياف المُعَاد تدويرها أو من مزيج من العجينة المحضرة باستخدام عملية الكبريتيت والطريقة الآلية. ويستخدم صناع الورق إضافات خاصة لإضفاء القوة على هذه المنتجات عندما تكون مبتلة. ويحضر معظم ورق الحقائب والأكياس الورقية من عجائن كرفت المصفاة جيدًا وغير المقصورة. أما عجائن الورق المقوى المقصورة فَتُسْتَخدم لعمل ورق تغليف الأغذية. وبالإمكان تغطية الورق المقوى بطبقة من الشمع أو البلاستيك لعمل أوعية الحليب والأكواب الورقية. وعلب الحبوب والعلب الكرتونية الأخرى، والركائز الورقية لأقراص الدواء، وألواح الملصقات والإعلانات تعمل جميعها على الآلات الأسطوانية من عجائن أوراق الجرائد المعاد تدويرها.

منتجات أخرى لصناعة الورق

ُتْنِتج عمليات العجن لتحضير الورق مجموعة من المنتجات الجانبية المفيدة. فعلى سبيل المثال، يمكن معالجة الكيميائيات المستعملة في إعداد عجينة الكرفت واستخدامها في استرجاع زيت التربنتينة وزيت الصنوبر، المادة الخام لصناعة الدِّهانات والبلاستيك. وكذلك بالإمكان عمل مادة شبيهه جدًا بمستخلص الفانيليا والكحول من محاليل الطبخ المستخدمه في طريقة الكبريتيت.

وتُعمل بعض عجائن الخشب لأغراض أخرى غير صناعة الورق. فمثلاً تصلح العجائن المُعَدَّة بالطريقة الآلية وباستخدام عملية الكبريتيت لعمل مواد الحشو للامتصاص في المنتجات الصحية والحفائظ. كما يَسْتَخدم صُناع الورق العجائن النقية المحضرة بعملية الكبريتيت مواد خام لصناعة الحرير الصناعي والسيلوفان.

نبذة تاريخية

صناعة الورق في مصر القديمة. كان الورق يصنع من ألياف نبات البردي. ويظهر هذا الرسم على جدار أحد المعابد القديمة العمال وهم يحصدون البردي ويحزمونه.
صناعة الورق في اليابان اشتملت على مزج الألياف بالماء (الصورة اليسرى). ويظهر في ( اليمنى) أحد العمال وهو يجري المزيج بوساطة قالب يشبه المنخل ومنها يتسرب الماء بعيداً تاركاً الألياف داخل القالب ليجف على هيئة رقائق.
آلة صناعة الورق كانت أول أداة يمكنها إنتاج الورق على هيئة لفة متصلة بدلاً من الرقائق المنفردة. اخترع نيقولا لويس روبير هذه الآلة الموضحة في عام 1798 م.
استخدم المصريون القدماء نبات البردي في عمل مواد الكتابة، بعد تقطيع سيقانه على هيئة أشرطة رقيقة عملوا منها شباكاً، ثم ضغطوا هذه الشباك لتحويلها إلى رقائق ورقية. وكان الورق المحضر بهذه الطريقة أبيض ونسيجيًا ومنفذًا للسوائل.

أمَّا الورق الذي نعرفه الآن فقد اخترعه في الصين سنة 105م، شخص يدعى تسايْ لُنْ كان يعمل خادمًا في بلاط الإمبراطور هوتي. استخدم تساي لن القلف الداخلي لشجرة التوت لعمل ليفة الورق، ثم اكتشف الصينيون بعد ذلك إمكانية الحصول على ألياف جيدة لعمل الورق بطحن الخرق البالية وحبال القنب وشباك صيد الأسماك القديمة وتحويلها إلى عجينة الورق.

انتشر بعد ذلك الفن الصيني لعمل الورق في أجزاء أخرى من العالم بعد أن استفاد العرب من خبرة العديد من صناع الورق الصينيين في إقليم تركستان، حيث طلب العرب من صناع الورق الصينيين الاستمرار في مواصلة فنهم في عمل الورق وتعليمه للمسلمين في مدينة سمرقند، التي تقع الآن في أوزبكستان.

وفي عام 795م اُنشئت صناعة الورق في مدينة بغداد. ويُحْتَمل أن يكون انتشار صناعة الورق في أوروبا نتيجة للحملات الصليبية، وفتح المسلمين لشمال إفريقيا وأسبانيا.

وفي عام 1798م اخترع الفرنسي نقولا لويس روبير آلة لعمل الورق على هيئة لفات مستمرة بدلاً من الرقائق. وقام تاجران إنجليزيان وهما أخوان من عائلة فوردنيير بتمويل التحسينات التي أُدخلت على هذه الآلة في عام 1803م. ولقد تم بناء أول آلة أمريكية من النوع فوردنيير في عام 1827م.

وفي عام 1840م طوَّرت ألمانيا طريقة طحن الخشب باستخدام الحجر لعمل العجينة. وفي عام 1854م أُنتجت في إنجلترا أول عجينة من الخشب. وخلال الخمسينيات من القرن التاسع عشر الميلادي اكتشف الكيميائي الأمريكي بنجامين سي تلجمان إمكانية فصل ألياف الخشب بمعالجتة بمحلول حمض الكبريتوز. وبحلول عام 1882م كان إعداد معظم عجينة الخشب المستخدمة في صناعة الورق يتم بوساطة هذه العملية.

وفي عام 1883م اكتشف المخترع الألماني كارل دال أنّ إضافة كبريتات الصوديوم إلى عملية الصودا قد أنتجت عجينة قوية جدًا. وأدى هذا الاكتشاف إلى عملية عرفت باسم عملية كرافت. وكلمة كرافت في اللغة الألمانية تعني القوة. وفي بداية القرن العشرين أصبحت عملية كرافت أهم عملية لإعداد العجينة، كما أصبحت آلة فوردنيير الآلة الأساسية لعمل الورق.

وقد أُدخلت في السنوات الأخيرة تحسينات مهمة ومؤثرة على صناعة الورق شملت العجينة المحضرة بالعملية الحرارية الآلية، واستخدام الألياف والأسلاك الصناعية واللباد والآلة المزدوجة السلك، وكذا استخدام الحاسوب للتحكم في عمليات العجن وصناعة الورق. كما يحاول صناع الورق جاهدين العمل على التحكم في التلوث البيئي والاقتصاد في الطاقة المستخدمة في هذه الصناعة.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية