المنصر ( Missionary )
المنصِّر شخص يسعى إلى جذب الناس إلى النصرانية، ويستخدم في سبيل ذلك وسائل مختلفة كالتعليم والخبرات العلمية والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية. ومن أوسع الأنشطة التنصيرية المعاصرة ما تقوم به الكنيسة، وهو مايعرف بالتنصير.
وفي الوقت الحاضر أصبح العالم كله ـ ولاسيما المدن الكبيرة ـ حقلاً للتنصير، وامتد نشاط المنصرين، ليشمل قارات آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية إضافة إلى أمريكا الشمالية وأوروبا، ويبلغ عدد المنصرين نحو 290,000 فرد، كثير منهم من رجال الدين النصارى الرسميين. وهناك عدد كبير من غير رجال الدين يعملون في هذا الحقل.
أعمال المنصرين:
يقوم المنصرون بأعمال مختلفة تتراوح بين نشر لمعتقداتهم، وتقديم عظات ودروس دينية وترجمة الإنجيل وكتابة المواد الدينية... إلخ. ويستخدمون في مجال الدعوة إلى النصرانية كل مهاراتهم وخبراتهم العلمية، ويستغلون ظروف الناس من فقر ومرض وكوارث وزلازل ومجاعات وفيضانات. ويدعون ـ من خلال معوناتهم ـ إلى العقيدة النصرانية المحرفة.ويعمل المنصرون عادة من خلال المدارس والمستشفيات، كما يقومون بتدريب الناس على الأعمال المختلفة وتقديم الخدمات إليهم سعيًا إلى جذبهم إلى النصرانية. ويوجه بعض المنصرين جهودهم إلى فئات معينة كالمجذومين والمساجين والبحارة أو الطلاب. وتركز بعض الجماعات، ومنهم المورمون، على التنصير المباشر، بينما تعبر بعض المنظمات عن عقيدتها من خلال الأعمال الاجتماعية وأعمال الخير.
المنظمات التنصيرية:
إن نحو ثلثي الإرساليات التنصيرية من الرومان الكاثوليك والبقية من البروتستانت. وتكرس الطوائف الدينية الكاثوليكية جهودها للنشاط التنصيري. وتضم تلك الطوائف: الجمعية الأمريكية الكاثوليكية للتنصير في الخارج، والفرنسيسكان، ومنصري إفريقيا الآباء البيض، وجمعية اليسوعيين، وجمعية سانت جوزيف للإرساليات في الخارج. وتوجه مؤتمرات التنصير الكبرى هذه الإرساليات الكاثوليكية في العالم.التجمع من أجل التنصير أو نشر العقيدة:
أما الإرساليات البروتستانتية فيختارها ويمول نشاطها طوائف ومنظمات تدعمها الكنيسة ووكالات مستقلة. وينسق قسم الإرساليات العالمية والتنصير التابع لمجلس الكنائس العالمي معظم نشاط البعثات البروتستانتية. وتقدم الجمعية الإنجيلية للتنصير في الخارج وجمعية التنصير الخارجي بين الطوائف هذه الخدمات للبروتستانت الإنجيليين في الولايات المتحدة. وينسق اتحاد البعثات التنصيرية الإنجيلية الذي يتمتع بعضوية 80 جمعية تنصيرية عمل الجمعيات الإنجيلية الذي تقوم به إرساليات من بريطانيا وأوروبا.تاريخ التنصير:
يعود النصارى بحركة التنصير إلى ما يقرب من 2000 سنة مضت، ويربطونها بنشاط بطرس وبول. وانتشرت النصرانية في نحو القرن الرابع الميلادي في كل أنحاء الإمبراطورية الرومانية بما في ذلك شمالي إفريقيا. وأدخل القديس باتريك النصرانية إلى أيرلندا في نحو القرن الخامس وخلال القرون الوسطى أدخل المنصرون من أمثال القديس بونفيس معظم شعوب الأقطار الأوروبية في النصرانية.وفي القرن السادس عشر الميلادي أبحر المنصرون الرومان الكاثوليك مع المكتشفين والجنود الأوروبيين إلى أماكن مجهولة في إفريقيا وآسيا والأمريكتين. وخلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، أرسل الدومينيكانيون والفرنسيسكان، كما أرسل اليسوعيون وغيرهم من الطوائف الكاثوليكية بعثات تنصيرية إلى أنحاء كثيرة من العالم.
وقد بدأت البعثات التنصيرية البروتستانتية في القرن السابع عشر، حينما أسست الدول البروتستانتية الأوروبية شركات تجارية ومستعمرات فيما وراء البحار. وقد عرف جون إليوت وديفيد برينرد، بأنهما من أوائل المنصرين بين الهنود الأمريكيين. وفي القرن التاسع عشر عمل آلاف المنصرين مثل وليم كاري وديفيد لفينجستون وروبرت موريسون في الشرق الأقصى وإفريقيا. وقد عرفت هذه الفترة بالقرن العظيم للبعثات البروتستانتية.
بحث الدعاة الإحيائيون من أمثال جوناثان إدواردز وجورج هوايتفيلد عن أتباع بين المستعمرين الأمريكيين في القرن الثامن عشر الميلادي. وكسب الإحيائيون من المعمدانيين والميثوديست (المنهجيين) والكنائس الأخرى أتباعا. وفيما بعد أقاموا مجتمعات على حدود الولايات المتحدة. كما كسب الإحيائيون أتباعا في المدن النامية خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين. ويستخدم المنصرون البروتستانت أمثال بيلي جراهام وسائل عديدة كالإذاعة والتلفاز من أجل كسب الأتباع.
وقد قاوم الناس نشاط البعثات التنصيرية، لأن المنصرين يعززون دوما المصالح السياسية والاقتصادية الأجنبية، ويحاولون تغيير القيم والعادات والتقاليد المحلية بقيم الحضارة الغربية، التي يعدونها أسمى وأرقى. إضافة إلى أن بعض المنصرين يؤيدون الحكومات، التي تهمل حاجات الفقراء. وانتشر الشعور بالوحدة الوطنية والقومية في معظم الدول النامية بعد الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945م، ونالت تلك الدول استقلالها فيما بعد، فعينت الكنائس لها قادة محليين ليحلوا محل المنصرين الأجانب، وعارضت بعض الدول النشاط التنصيري واستولت على المدارس التي تدعمها الكنيسة، وأبعدت أو قتلت المنصرين.
وتوجد الآن بعثات تنصيرية في مختلف أنحاء العالم. ويتركز اهتمامها بشعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومعظم جزر المحيط الهادئ. وتستخدم تلك البعثات مختلف وسائل الاتصال في القيام بعملها، ويتم ذلك غالبا بالتعاون مع الكنائس المحلية.