(بعد طرح 32)
إلى وقت قريب كانت بعض الأقطار تستخدم نظام مقاييس الإمبراطورية البريطانية فتنشأ بعض المصاعب من الحاجة إلى التحويل من وحدات نظام إلى وحدات النظام الآخر. ولكن بعد أن يتم التوسع في استخدام النظام المتري في أي قطر فإن وحداته تصبح مألوفة فلا يحتاج الناس للانتقال المتكرر بين نظامين.
ترجع سهولة استخدام النظام المتري إلى سببين ؛ فهو أولاً يتبع النظام العشري ـ أي أن الوحدات المترية تتزايد وتتناقص في المقدار بالعشرات. فعلى سبيل المثال للمتر 10 أجزاء تسمى ديسيمترات وللديسيمتر 10 أجزاء تسمى سنتيمترات. أما العلاقات بين وحدات النظام البريطاني فلا تقوم على عدد واحد، فمثلاً ترتبط الأقدام والياردات بواسطة العدد 3 بينما 12 هو العدد الذي يربط بين الأقدام والبوصات.
كذلك فإن جميع القياسات في النظام المتري مبنية على سبع وحدات أساسية، بينما يحتاج النظام البريطاني لأكثر من عشرين وحدة، وذلك لمجرد إجراء القياسات المألوفة. وتتطلب القياسات للأغراض المتخصصة زيادة العديد من هذه الوحدات الأساسية.
ولمعظم الوحدات المترية بادئات تبين علاقتها بالوحدة الأساسية، ولكل بادئة نفس المعنى بغض النظر عن الوحدة الأساسية. وهذا الاتساق يزيد من سهولة القياس على الطريقة المترية.
وتُستَخدم البادئات الإغريقية لتبيان مضاعفات أي وحدة أساسية فتجعل الوحدة أكبر. على سبيل المثال هكتو تعني مائة مرة وكيلو تعني ألف مرة. أما البادئات اللاتينية فتستخدم للدلالة على قواسم الوحدة الأساسية فتجعلها أصغر. مثلاً سنتي تعني 1/100 وملي تعني 1/1000 ويتضمن هذا المقال كل البادئات وعلاقاتها بالوحدة الأساسية.
ولعل المثال التالي يوضح بساطة النظام العشري. افرض أنك ترغب في قياس طول وعرض حجرة ما، وذلك لكي ترسم خريطة الأرضية بالمقياس. عند استعمالك للنظام البريطاني ستقيس الحجرة بعصا طولها ياردة فتجد مثلاً أن الطول في هيئة وحدات من الياردات والأقدام والبوصات. ولإيجاد المسافات بالأقدام والبوصات فحسب، عليك أن تضرب عدد الياردات في 3. افرض أن طول الحجرة 3 ياردات وقدم واحد و6 بوصات. هذا الطول يساوي 10 أقدام و6 بوصات.
ولتجهيز الرسم بالمقياس، قد تُقرِّر أن تمثل البوصة الواحدة من الرسم قدمًا من الحجرة. عندئذ تُمثل العشرة أقدام من طول الحجرة بعشر بوصات في الرسم. ولكن لابد من قسمة الست بوصات بالعدد 12 للحصول على الجزء من البوصة اللازم لتمثيلها على الرسم. وبما أن 6÷12= ½ يكون القياس الصحيح في الرسم لطول الحجرة هو ½10 بوصة.
وباستخدام النظام المتري ستجد أن طول الحجرة هو 3 أمتار وديسيمترين، وبإمكانك أن تكتبه 3,2م. وإذا جعلت 1 ديسيمتر على الرسم يساوي مترًا من الحجرة، فلإيجاد المقياس في الرسم الذي يعادل طول الحجرة ما عليك إلا أن تقسم طولها على عشرة. وحيث إن تحريك الفاصلة العشرية خطوة واحدة لليسار يعني قسمة العدد العشري بعشرة، فإن قياس الطول في الرسم هو 3,2م ÷10، أي 0,32 مترًا وهو ما يعادل 3,2 ديسيمترًا.
أما الثلاث وحدات الأساسية الباقية فإنها ذات استخدامات متخصصة لدى العلماء والمهندسين وهي: 5- الأمبير، الوحدة الأساسية للقياس في الكهرباء. 6- المول وحدة القياس الأساسية لمقدار أي مادة تدخل في تفاعل كيميائي أو غيره. 7- الشمعة القياسية وهي الوحدة الأساسية لقياس شدة الإضاءة.
تعرّف كل وحدة أساسية بالرجوع إلى معيار قياسي يحدد قيمتها بالضبط. وللحصول على معلومات عن هذه المعايير، ★ تَصَفح: القياس.كذلك يضم النظام المتري وحدتين إضافيتين لقياس الزوايا هما الزاوية نصف القطرية (الراديان) والإستراديان (الراديان الفراغي). ★ تَصَفح: الزاوية نصف القطرية.
هذا وتتكون جميع الوحدات المتبقية في النظام المتري من اثنين أو أكثر من الوحدات الأساسية. فوحدة السرعة على سبيل المثال، وهي أمتار في الثانية، تجمع بين الوحدتين الأساسيتين للطول والزمن. وتسمى مثل هذه التركيبات وحدات مشتقة.
الطول والمسافة. تبنى قياسات الطول والمسافة في النظام المتري على المتر فكل وحدات الطول والمسافة إما كسور عشرية منه أو من مضاعفاته. من الوحدات شائعة الاستخدام نذكر المليمتر والسنتيمتر والمتر والكيلومتر. |
السطح والمساحة. تبنى القياسات في النظام المتري على المتر أيضًا ولكن المساحة تقاس بالوحدات المربعة. ومن الوحدات شائعة الاستخدام نذكر السنتيمتر المربع، المتر المربع ـ الهكتار (10,000 متر مربع) والكيلومتر المربع. |
الحجم والسعة. تبنى قياسات الحجم والسعة في النظام المتري على المتر ولكنها تعطى بالوحدات المكعبة. من الوحدات شائعة الاستخدام نذكر السنتيمتر المكعب، واللتر (1,000 سنتيمتر مكعب) والمتر المكعب. |
الوزن والكتلة. يبنى قياس الوزن المتري على الكتلة، أي مقدار المادة في الجسم. الوحدة المترية للكتلة، وكذلك للوزن، هي الجرام، من وحدات الوزن الشائعة الجرام، الكيلوجرام والطن المتري (1,000 كيلوجرام). |
درجات الحرارة. تقاس درجات الحرارة المألوفة في الحياة اليومية في النظام المتري على الميزان المئوي (مقياس سيلسيوس) الذي يعرف أيضًا باسم المقياس المئوي المدرج. يتجمد الماء عند صفر °م ويغلي عند 100 °م. |
وهنالك أيضا مقالات أخرى تناقش الوحدات المترية الخاصة التي يستخدمها العلماء والمهندسون. وعلى سبيل المثال، ★ تَصَفح: الطاقة.
هذا وتقاس المسافات الطويلة كالتي بين المدن بالكيلومترات. ويعادل الكيلو متر 5/8 الميل تقريبًا. أما المسافات القصيرة مثل المسافة بين مبنيين في الشارع نفسه فتقاس بالأمتار.
وتقاس الأراضي أحيانا بوحدات تعرف باسم الهكتارات، حيث يساوي الهكتار 10,000 متر مربع أو ما يعادل ½2 آكر (فدان إنجليزي) تقريبا. أما مساحات الأراضي الكبيرة كالمدن أو الأقطار، فتقاس بالكيلومترات المربعة. ويساوي الكيلومتر المربع حوالي 247 آكرًا أوحوالي 3/8 ميل مربع.
وتقدر معظم قياسات السعة للسوائل بوحدات تسمى "اللترات" حيث يساوي اللتر 1 ديسيمتر مكعب، وينقص قليلا عن 1/4 جالون. ومن الوحدات الأصغر نذكر الديسيلتر ( 1/10 من اللتر) والمليلتر ( 1/100 من اللتر). ويساوي المليلتر سنتيمترًا مكعبًا واحدًا (سم§).
ويساوي الكيلوجرام حوالي 1/5 2 رطل. ولقياس الأوزان الصغيرة نستخدم الجرام الذي يساوي 1/1000 كجم. أما أرباب الصناعة والعاملون بشحن السفن فيقومون بوزن شحنات البضائع الكبيرة بالطن المتري حيث يساوي الطن المتري 1,000 كيلوجرام ويعادل طنًا و 1/10 1 من الأطنان القصيرة في النظام الإمبراطوري.
ويتبع النظام المتري النظام العشري لقياس المدد أقصر من الثانية التي يستخدمها العلماء وغيرهم من العاملين في حقل الإلكترونيات بما فيها الحاسوب وأجهزة الرادار. فعلى سبيل المثال، تحسب المدة التي تقوم فيها بعض الحواسيب بإنجاز العمليات الحسابية بكذا مايكرو ثانية أو كذا نانو ثانية حيث تساوي المايكرو ثانية 1/1,000,000 من الثانية والنانوثانية 1/1,000,000,000 من الثانية.
هذا ولا يعلم العلماء حدًا علويًا لا يمكن لدرجة الحرارة تجاوزه. ومع علمنا أن درجة الحرارة في مركز الشمس مثلاً تبلغ حوالي 15,000,000°م فقد توجد نجوم تزيد فيها درجة الحرارة عن ذلك. غير أنه ليس هنالك شيء تقل درجة حرارته عن -273,15°م وهي الدرجة التي تعرف باسم الصفر المطلق. ويُبْنَى بدءًا منها مقياس كلفين الذي يستخدمه بعض العلماء. وتساوي درجة كلفين درجة سيلسيوس واحدة. وبما أن مقياس كلفين يبدأ من الصفر المطلق فإن صفر°ك تساوي -273,15°م بينما 273,15°ك تساوي صفر°م. ★ تَصَفح: الصفر المطلق.
قبل ظهور النظام المتري كانت كل أمة تستخدم وحدات للمقاييس نشأت من عاداتها المحلية. فعلى سبيل المثال، استخدم العرب أربع حبات قمح لتساوي قيراطًا، وثماني حبات لما أسموه الدانق ويساوي 1/3 درهم، واستخدموا للمسافات الفرسخ والمرحلة وغيرهما، وللمكاييل الصيدلانية الشامونا التي تساوي ملعقة صغيرة، وكانت سبع شامونات تعادل صدفة صغيرة ؛ أي 14 مثقالاً. كما استخدم الإنجليز في وقت ما ثلاث حبات شعير مستديرة وجافة كمعيارهم القياسي للبوصة، وبما أن حبات الشعير قد تختلف في الكبر فإن البوصة كانت تختلف تبعًا لذلك. وكانت النتيجة ألا يستطيع شخصان الجزم بتطابق قياسهما للشيء نفسه.
وفي القرن السابع عشر الميلادي أدرك بعض الناس الحاجة لنظام قياس وحيد ودقيق على مستوى العالم. فاقترح الفرنسي جابريل موتون عام 1670م، نظام قياس عشري، وبنى وحدة الطول على أطوال دقيقة 1/21,600 من محيط الأرض. وفي عام 1671م اقترح الفلكي الفرنسي جين بيكارد أن تكون وحدة الطول القياسية هي طول البندول الذي يتأرجح مرة واحدة في الثانية. ولو استخدم مثل هذا المعيار القياسي لكان أكثر دقة من حبوب الشعير، وذلك لأنه مبني على القوانين الفيزيائية للحركة. وبالإضافة إلى ذلك لكان بالإمكان صناعة نسخ مطابقة لهذا البندول مما يجعل تزويد الجميع بمعايير قياسية متطابقة أمرًا ميسورًا. وعلى مر السنين قام آخرون باقتراح العديد من أنظمة القياس والمعايير القياسية.
بعض التواريخ المهمة في تطور النظام المتري | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في النظام المتري الأصلي كانت وحدة الطول جزءًا من محيط الأرض 1/10,000,000 المسافة بين القطب الشمالي وخط الاستواء على خط طول يمر قريبا من دنكرك في فرنسا وبرشلونة في أسبانيا. وسمى العلماء وحدة الطول هذه المتر وهي مشتقة من كلمة إغريقية تعني مقياس .
أما وحدات السعة والكتلة فقد استنبطت من المتر، حيث اختارت اللجنة أن تكون وحدة السعة للسوائل هي الديسيمتر المكعب وأسمتها اللتر. ثم قام العلماء بتعريف وحدة الكتلة، الجرام، على أنها كتلة سنتيمتر مكعب من الماء عند درجة الحرارة التي يكون عندها الماء أثقل ما يمكن وهي حوالي 4°م.
منذ ذلك الحين تم تبديل المعايير القياسية الأصلية للوحدات المترية بمعايير أكثر دقة، وأضيفت وحدات جديدة للنظام. وكلما دعا الحال تقوم لجنة عالمية من العلماء بعقد مؤتمر عام للموازين والمقاييس بغرض مراجعته. وسُمِّي هذا النظام بالنظام العالمي للوحدات في المؤتمر الذي عقد عام 1960م.
وفي تجمع عالمي عقد في الفترة 1870م - 1875م، تم استحداث معايير لقياس الطول والكتلة ذات دقة أكبر. وقد شاركت في هذا التجمع سبع عشرة دولة قامت في عام 1875م بتوقيع معاهدة المتر والتي أنشئت بمقتضاها منظمة دائمة تقوم بتعديل النظام المتري حسب الحاجة. ويقع مقر هذه المنظمة، والتي تعرف باسم الوكالة العالمية للموازين والمقاييس بالقرب من باريس.
وبحلول القرن العشرين الميلادي كانت 35 دولة قد تبنت النظام المتري، منها أهم أقطار القارة الأوروبية وأمريكا الجنوبية. وفي منتصف سبعينيات القرن العشرين، قامت جميع دول العالم تقريبا بالتحول إلى النظام المتري أو التخطيط لذلك، ولا يبقى من الدول الكبرى سوى الولايات المتحدة التي لم تستخدم النظام المتري بعد.