النفقة ( Expenditure )
النفقة من الإنفاق وهو الإخراج، والمقصود بها شرعًا، كل ما ينفقه الإنسان على زوجته وأقاربه من الطعام والشراب والكسوة والسكنى.
حدّ النفقة:
حدُّ النفقة الكفاية، بدليل ما جاء في حديث هند زوج أبي سفيان الذي رواه مسلم لما شكت للرسول ﷺ أن أبا سفيان رجل شحيح، فقال لها ﷺ (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ).ويجب على الإنسان أن ينفق على زوجته سواء أكانت فقيرة أم غنية، مسلمة أم كافرة، لقوله تعالى: ﴿وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف﴾ البقرة: 233. وقوله تعالى: ﴿أسكنوهن من حيث سكنتم من وُجْدِكُمْ﴾ الطلاق:6. وقوله ﷺ في حجة الوداع في الحديث الذي رواه مسلم عن جابر: (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ... إلى أن قال ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ). ★ تَصَفح: الزواج (الزواج في الإسلام).
كما يجب على الإنسان أن ينفق على أقاربه الفقراء الذين لا مال لهم ولا قدرة على الكسب لصغر أو كبر أو مرض، ويُستثنى من ذلك الأبوان فإن النفقة عليهم واجبة، ولو كانا قادرين على الكسب. ودليل وجوب نفقة الفقير على قريبه الغني قوله تعالى: ﴿واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى﴾ النساء :36 وقوله تعالى: ﴿وآت ذا القربى حقه﴾ الإسراء:26. وقوله عليه الصلاة والسلام ـ في الحديث الذي رواه أحمد والحاكم بإسناد صحيح من حديث أبي رمثة قال: انتهيت إلى رسول الله ﷺ فسمعته يقول: (بر أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدنى أدناك ).
نفقة الزوجة المطلقة على زوجها:
إذا طلّق الرجل زوجته وهي حامل وجبت لها النفقة طيلة فترة الحمل لقوله تعالى: ﴿وإن كُن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن﴾ الطلاق:6. وإذا طلق الرجل زوجته وكانت غير حامل فتجب لها النفقة باتفاق الفقهاء إذا كان الطلاق رجعيًا، لأن المطلقة في الطلاق الرجعي في حكم الزوجة، والطلاق الرجعي هو الذي يملك الزوج بعده إعادة المطلقة إلى الزوجية من غير حاجة إلى عقد جديد مادامت في العدّة، وذلك بعد الطلاق الأول والثاني غير البائن.وإذا طلّق الرجل زوجته طلاقًا بائنًا فإن النفقة تجب لها بأنواعها الثلاثة وهي الطعام والكسوة والمسكن عند الحنفية وهذا رأي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب واستدل بعموم قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العِدَّة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله﴾ الطلاق : 1. فالآية أوجبت السكنى للمطلقة طلاقًا بائنًا عند المالكية والشافعية لقوله تعالى: ﴿أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم﴾ الطلاق:6. والطلاق البائن نوعان: بائن بينونة صغرى وهو الذي يستطيع الرجل بعده أن يعيد المطلقة إلى الزوجية بعقد ومهر جديدين. وبائن بينونة كبرى وهو الذي لا يستطيع الرجل بعده أن يعيد المطلقة إلى الزوجية إلا بعد أن تتزوج بزوج آخر زواجًا صحيحًا ويدخل بها دخولاً حقيقيًا ثم يفارقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، ويكون الطلاق بائنًا بينونة كبرى بعد الطلاق ثلاثًا. ★ تَصَفح: الطلاق.
النفقة عند غير المسلمين
هي مالُ إعالة يدفعه أحد الزوجين للآخر خلال انفصال شرعي أو بعد الطلاق. وقد تدفع النفقة لأحد الزوجين، أو لأطفالهما. وتحدد المحكمة مقدار النفقة، وتأمر بدفعها ؛ إما دفعة واحدة أو على دفعات منتظمة. وقد يصدر أمر للشخص كذلك ليدفع النفقة خلال فترة انتظار الموافقة على الانفصال أو الطلاق، وتُسمى عند ذلك نفقة مؤقتة.
وفي كثير من الحالات في الماضي كانت المحكمة توافق على الطلاق لأحد الزوجين ؛ بسبب سوء سلوك الطرف الآخر. ولكن الشريك الذي يتضح خطؤه لم يكن ليتسلم النفقة. والاسم القديم للنفقة هو المعاش. ولا يزال هذا الاسم مستخدمًا في الولايات المتحدة. واليوم في كثير من الدول تُصدر المحاكم أحكامًا بالطلاق دون أن تجد أحد الطرفين مُذنبًا. ومثل هذه المحاكم تستند في حكمها بالنفقة إلى الوضع المالي للزوجين. وقد تأمر المحكمة بألا يتم دفع أية نفقة، أو أن تُدفع النفقة لفترة مؤقتة فقط. وإذا كان للزوجة دخل أعلى من دخل زوجها فقد يتحتم عليها أن تدفع النفقة (قانونًا لا شرعًا).
والذين يمتنعون عن دفع النفقة قد يتم استقطاع الدفعات من أجورهم، أو ربما يوضعون في السجن. وقد يتم إصدار أمر قضائي بالنفقة إذا تغيرت أحوال أحد الزوجين المالية أو الزوجية. ★ تَصَفح: الطلاق.
إذا قورنت النفقة عند المسلمين بالنفقة عند غير المسلمين اتضح أن النفقة عند المسلمين شاملة لكل الأحوال عند الزواج وعند الحمل وعند الطلاق، هذا بالنسبة للزوجة، بينما قُصِرت النفقة عند غير المسلمين على حالة الطلاق فقط، وربما طُلب من الزوجة دفع النفقة لأطفال زوجها السابق، وهذا لا يوجبه الإسلام أبدًا. وتكون النفقة عند المسلمين على الإخوة والأخوات والآباء والأمهات والأقارب وذوي الأرحام، توثيقًا للروابط العائلية والاجتماعية وتحفيزًا لدواعي التراحم والتواصل الاجتماعي.