اللوثريون ( Lutherans )
☰ جدول المحتويات
اللوثريون يشكلون أكبر كنيسة بروتستانتية في العالم. تأسست الكنيسة اللوثرية في أوائل القرن السادس عشر على التعاليم والمعتقدات التي نادى بها مارتن لوثر رائد الإصلاح الديني النصراني. وعلى الرغم من ذلك، تدّعي اتباع التعاليم النصرانية الأصيلة التي ترجع إلى عهد ما قبل الإصلاح.
ليس لدى اللوثريين أي شكل تنظيمي يُميزهم عن بقية الطوائف النصرانية الأخرى. فبعض الجماعات اللوثرية ترى ضرورة أن يكون لها أسقف، بينما يصر البعض على الولاء للكرادلة ورجال الكنيسة المحليين. وبين هذين الاتجاهين المتشددين توجد مجموعات لوثرية أخرى.
ليس للوثريين طريقة عبادة موحدة. فبعض ترانيم رجال الدين اللوثريين تقليدية تشبه الترانيم الكاثوليكية. أما البعض الآخر، فيقترب من طريقة العبادة التطهرية البسيطة التي تدعو إلى تبسيط طقوس العبادة والتمسك الشديد بالفضيلة.
التعاليم:
تعاليم ومبادئ لوثر هي التي تفصل بين اللوثريين، وبقية الكنائس النصرانية الأخرى. وأشهر بيان لتعاليم لوثر جاء في كتابين كتبهما عام 1529م وضمنهما خلاصة العقيدة في قالب سؤال وجواب، بالإضافة إلى اعترافات أوجسبيرج عام 1530م. وهذه التعاليم تشكل أسس العقيدة اللوثرية، وهي أن خلاص البشرية مرتهن برحمة الله وليس بالسلوك الأخلاقي والأعمال الطيبة. وبتعبير آخر، إن رحمة الله هي التي تخلص الناس من خطاياهم، والفداء بدم المسيح. وعندما يتحرر الإنسان من خطاياه يصبح مخلوقًا جديدًا، قادرًا وراغبًا في عبادة الله وخدمة إخوانه. ويرى اللوثريون أن الإنجيل يبين هذه الرسالة ويؤكدها بطريقة لا مثيل لها. ويعتقدون أن أثر الإنجيل أقوى من تعاليم الكنيسة. ولِلَّوثريين قربانان مقدسان هما المعمودية، والعشاء الرباني. ويسمى العشاء الرباني أيضًا بالقربان المقدس أو قربان المذبح.ويشكل التاريخ الاجتماعي للكنيسة أيضًا جانبًا من المبادئ والمعتقدات اللوثرية. ويعيش كثير من اللوثريين في الدول الإسكندينافية، حيث تُعد اللوثرية دين الدولة، وكذلك في ألمانيا. أما اللوثريون الذين يعيشون خارج أوروبا فينحدرون من الأوروبيين الشماليين، لذا نجد كثيرًا من ملامح حضارة شمالي أوروبا وثيقة الصلة بالتراث اللوثري. مثال ذلك الإحساس القوي بالمسؤولية أو الواجب الفردي، إذ يُعد صفة مميزة للوثرية الألمانية كما يُعد كذلك للوثريين وللألمان أيضًا.
واللوثريون محافظون تجاه القضايا السياسية والاجتماعية التي يدور حولها خلاف. ويرجع ذلك إلى ارتباط الكنيسة بحضارات أوروبا الشمالية والطبقات الحاكمة آنذاك. ولقد ساعد لوثر على تهيئة هذا الاتجاه حين أكد على أهمية الطاعة، وحذر من عاقبة الفوضى السياسية والاجتماعية التي يخشاها أكثر من خشيته من الظلم. ولكن في بعض الأحداث السياسية ـ مثل أحداث المجر في القرن التاسع عشر ـ كانت الكنيسة اللوثرية أكثر ثورة من الكنائس الأخرى.