الرئيسيةبحث

الهنود الأمريكيون ( Indian, American )



مشهد في قرية هندية نساء هنود الكومانش يقمن بمعالجة جلود الجاموس، بينما يجف اللحم تحت الشمس في خلفية الصورة. يستخدم الهنود جلود الجاموس لأغراض عديدة مثل صناعة الملابس وعمل الخيام.
الهنود الأمريكيون هم أول من سكن الأمريكتين. وكانوا قد سكنوا هناك منذ آلاف السنين قبل وصول الأوروبيين إلى تلك المناطق.

ويعتقد بعض الناس أن الفايكنج من أوروبا ربما وصلوا إلى الأمريكتين واكتشفوهما في القرن الحادي عشر الميلادي. غير أن الاتصال الوثيق الدائم بين الأوروبيين والأمريكتين إنما بدأ بعد اكتشاف كريستوفر كولمبوس لهما. ففي عام 1492م، عَبَر كولمبوس المحيط الأطلسي من أسبانيا، وكان يبحث عن طريق أقصر إلى الهند ومناطقها التي تتألف من الهند والصين وجزر الهند الشرقية واليابان. ولم يكن الأوروبيون يعرفون شيئًا عن وجود الأمريكتين على الكرة الأرضية. فلما رست سفن كولمبوس في ما يُعرف الآن بجزر الهند الغربية لم يكن يَعرف أنه وصل إلى أرض جديدة، بل كان يظن أنه وصل إلى مناطق الهند، ولذلك فقد أطلق على الناس الذين التقى بهم هناك اسم الهنود.

ولم يكن للهنود لفظ في لغتهم يشبه لفظ هندي، بل كان لكل جماعة منهم اسمها الخاص. وكان كل اسم من أسمائهم يعكس كبرياء الجماعة وطريقة حياتها. وكان هناك عدد كبير من القبائل الهندية المختلفة عندما وصل المكتشفون الأوروبيون.

ذهب الهنود الأوائل إلى الأمريكتين من آسيا قبل أكثر من 20,000 سنة. وهناك بعض العلماء الذين يعتقدون بأن هؤلاء ربما رحلوا إلى هناك قبل 40,000 سنة. وفي الوقت الذي وصلوا فيه إلى تلك المناطق، كانت هناك طبقات كثيفة وضخمة من الجليد تغطي معظم الجزء الشمالي من الأرض. ونتيجة لذلك، فقد كان جزء كبير من الأرض التي هي الآن تحت الماء، أرضًا جافة عندما وصل الهنود من آسيا، ومن هذه كانت اليابسة التي تعرف الآن بمضيق بيرنج ويفصل أمريكا عن آسيا. وكان الهنود يطاردون الحيوانات التي كانوا يصطادونها لطعامهم، فعبروا ذلك المضيق الذي كان عرضه 80كم. فلما وصل كولمبوس إلى هناك كان الهنود قد انتشروا من شمال أمريكا في سائر الأنحاء.

أصبح الهنود الأمريكيون يعيشون في عدة مناطق من الأمريكتين، كما أصبحوا يتكلمون عدة لغات. وكان بعضهم يسكن في بيوت في مدن كبيرة، كما كان بعضهم يسكن في قرى صغيرة. وهناك آخرون كانوا ينتقلون من مكان لآخر بحثًا عن الطعام من نبات وحيوان. وكانت بعض مدن شعب الأزتك يسكنها أكثر من 100,000 شخص. وكان الهنود يزرعون الكثير من النباتات مثل الذرة الشامية والأناناس والفلفل والبطاطس والطماطم. كما أنهم علموا الأوروبيين استعمال التبغ.

وتعلم الهنود من الأوروبيين استعمال السلع المصنعة والحصول عليها، ومن تلك السلع: المعدات المعدنية والبنادق والكحول. وأدخل الأوروبيون المواشي والخيل، ولم تكن هذه الحيوانات موجودة في الأمريكتين، ولم يكن الهنود يعرفون السلاح الناري حتى دخل الأوروبيون بلادهم، بل كان أكثر اعتمادهم على القسي والسهام والرماح. وكانوا في صيدهم للسمك يستعملون هذه الأسلحة كما كانوا يستعملون بعض النباتات المخدرة التي يضعونها في الأنهار لتخدير السمك، ثم جمعه للأكل. ولما لم تكن لديهم خيول، قبل حضور الأوروبيين، فقد كانوا يسافرون ويرحلون على الأقدام، وبالطبع لم تكن لهم عربات لعدم وجود ما يجرها من حيوان. وكان أكثر أسفارهم بالمراكب في الأنهار.

كان الهنود الأمريكيون يعيشون في قبائل، وكانت هذه القبائل تحارب بعضها بعضًا، كما كانت أحيانًا تتحالف ضد غيرها. وكان سكان المناطق الدافئة يلبسون أقمشة قطنية ؛ إذ كان القطن معروفًا لديهم، فكانوا ينسجونه كما كانوا ينسجون بعض النباتات التي تصلح لأعمال النسيج، ويصنعون منها الملابس.

المعتقدات:

كان للهنود اعتقاد في القوى الروحية، وكانوا يرون أنها يمكن أن تُكسب بوساطة أشخاص معينين أو من خلال بعض الاحتفالات المحددة. كما كانوا يؤمنون بقدرة الأرواح على الحلول في أشخاص أو حيوانات ما، فتكسبها خيرًا أو شرًا.

رئيس قبيلة السو يلبس قلنسوة الحرب المزخرفة وقميصًا بحافة مهدّلة للإشارة إلى مكانته. وكان الرئيس قائدًا لمجموعة ياكتوناي إحدى سبع فصائل كبرى من قبيلة السو بداكوتا.

الكهنة:

كان للهنود كهنة يديرون الاحتفالات العامة، وشاهانات يعالجون المرضى، كما ظهر بينهم بعض رجال الدين الوثنيين، بعد وصول الأوروبيين، ينصحونهم بالعودة إلى الجذور القديمة والتراث وبمقاطعة كل ما هو أوروبي من بضائع وخاصة الكحول.

النقود:

لم تكن للهنود نقود كما أنهم لم يعرفوا استعمالها قبل وصول الأوروبيين، بل كانوا يتعاملون بالتبادل والمقايضة.

المراكز التجارية:

كانت هناك مراكز تجارية لمختلف السلع. وبالإضافة إلى التبادل التجاري، كان للتجار مهام أخرى في إمبراطورية الأزتك تتمثل في أنهم كانوا يعملون أيضًا كجواسيس للحكومة، فكانوا يبلغون حكومة الأزتك عن أي توترات أو معارضات بين الشعوب المغلوبة المستعمرة حتى تتولى الحكومة تأديبهم.

كان وصول الأوروبيين البيض قد أثر تأثيرًا كبيرًا في حياة الهنود الأمريكيين، وغيرها إلى حد بعيد. وجاءت موجات من المكتشفين والتجار المتجولين والمهاجرين وطافوا الأمريكتين، وكان بعضهم قد حاول تفهم الهنود والإقامة معهم بسلام. ولكن الأغلبية منهم كانت تريد الثروة والأراضي. وكانت أغلبية الأوروبيين يرون أنهم أفضل من الهنود، ولذلك كانوا يجبرونهم على أن يتبعوا طريقة الحياة الأوروبية. وعندما كان الهنود يقاومون تلك الاضطهادات حاربهم البيض، ولم يكن الهنود أندادًا لهم لما كان لدى الأوروبيين من أسلحة أشد فتكًا من أسلحة الهنود، فنالت منهم الهزائم المتلاحقة، ونزعت منهم أراضيهم، وأوطانهم وفقدوا نمط حياتهم. وكان عليهم أن يكافحوا من أجل البقاء.

أيقونة تكبير مناطق سكن الهنود الحمر.

في كندا:

كان أوائل المكتشفين الفرنسيين في كندا تجارًا للفراء. ولم يذهبوا هناك للاستقرار، وكانوا في حاجة إلى معاونة الهنود لهم ؛ ولذلك فقد كانوا في كثير من الأحيان يعاملونهم كشركاء، وتزوج كثير منهم من الهنديات.

ولما استولى البريطانيون على كندا أخذوا في تخصيص أراض للهنود. ونشأت بعد ذلك كثير من المشكلات مازالت باقية حتى اليوم. وقد حدثت بسبب هذه المشكلات ثورتان قام بهما المولدون المنحدرون من آباء أوروبيين وأمهات هنديات، وكان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.

في الولايات المتحدة:

جاء المهاجرون الأوائل من أوروبا إلى الأراضي التي هي الآن الولايات المتحدة بغرض إنشاء مستعمرات. وكانت العلاقات بين المهاجرين والهنود في بادئ الأمر ودية. ولكن بعد أن أخذ المهاجرون يستولون على الأراضي كل يوم بشكل متزايد بدأ القتال ينشب بين الجانبين بين حين وآخر.

المعاهدات الأولى:

بعد أن نالت المستعمرات الأمريكية استقلالها من بريطانيا، قامت الحكومة الجديدة بعقد عدة معاهدات مع الهنود. وعندما وقعت القبائل الهندية هذه المعاهدات تعهدت بالحفاظ على السلم مع المهاجرين كما تعهدت بالاعتراف بالتشريعات التي تصدرها حكومة الولايات المتحدة، وتنازلت كل قبيلة عن الكثير من أراضيها واحتفظت بالقليل منها لاستعمالها الخاص، واحتفظت لنفسها بحق استخدام الموارد الطبيعية في تلك الأرض بالإضافة إلى صيد الأسماك والحيوانات فيها.

وفي مقابل الأرض التي تنازلت عنها القبائل، وعدت الحكومة الفيدرالية الأمريكية أن تدفع مبلغًا نقديًا إلى الهنود وأن تحميهم. وفي كثير من الأحيان، كانت الحكومة تعد بتقديم الحيوانات والبضائع المصنعة والدواء لهم.

وبموجب الدستور الأمريكي، فإن هذه المعاهدات التي اتُّفق عليها مع الهنود ملزمة للحكومة مثل المعاهدات التي تُعقد مع الدول الأخرى. غير أن كثيرًا من هذه المعاهدات كانت تُخرق وذلك بسبب دخول المهاجرين الأوروبيين إلى أراضٍ حُدِّدت للهنود. ونتجت عن ذلك حروب كثيرة صغيرة ولكنها كانت في منتهى الشراسة. ثم أصدرت الحكومة الأمريكية قانونًا بترحيل الهنود من أماكنهم إلى غربي الولايات المتحدة، وذلك لتحرير بعض أراضيهم وإعطائها للمهاجرين، وكان ذلك سنة 1830م، وكانت تلك الأراضي التي خصصتها الحكومة للهنود تقع غربي نهر ميسوري، ولم تكن ذات قيمة. وفي خلال عشر سنوات، هجَّرت الحكومة الأمريكية أكثر من 70,000هندي عبر نهر ميسوري، فمات كثير من الهنود في الطريق الطويل الشاق نحو الغرب. وعُرفت هذه الرحلة برحلة الدموع.

وقبل أن ينقضي وقت طويل، أخذ المهاجرون في الاندفاع نحو الغرب متوغلين في الأراضي الهندية حتى وصلوا المحيط الهادئ، وزاد الطين بلة أن اكتشف الذهب في كاليفورنيا سنة 1848م، وهذا جعل كثيرا من المغامرين يرحلون إلى هناك. وكانوا يقتلون الحيوانات البرية التي كانت تعتمد عليها كثير من القبائل التي تسكن في الغرب لطعامها. وقاتل الهنود بشجاعة دفاعًا عن حقهم، ولكنهم هُزموا في نهاية الأمر. وحفظت حكومة الولايات المتحدة القبائل المختلفة في أماكن حجز منفردة حُدِّدت في مواقع مختلفة.

كان معظم الهنود قد استقروا في المواقع المحجوزة لهم، فكانوا فقراء مُعْدمين لا يملكون شيئًا، كما كانوا في حالة صحية سيئة. وقد اضمحل عدد الهنود في الولايات المتحدة كثيرًا، فبعد أن كانوا أكثر من 1,000,000 نسمة قبل الاتصال بالأوروبيين أصبح عددهم 350,000 نسمة بعد ذلك الاتصال.

في أمريكا اللاتينية:

كان يسكن أمريكا اللاتينية عدد من الهنود يتراوح ما بين 15 و 20 مليون هندي ؛ وذلك عند قدوم الجنس الأبيض إليهم.

واستولى الأسبان والبرتغاليون على أمريكا اللاتينية ورأوا أن يزرعوا أراضيها، فأجبروا الهنود على القيام بذلك العمل. وتحت ظروف العمل القاسية، مات منهم الكثير، كما مات بعضهم من الأمراض التي نقلها إليهم الأوروبيون. وهرب بعض الهنود من السيطرة الأسبانية والبرتغالية، ولجأوا إلى الغابات بعيدًا عن هؤلاء، وكانت الغابات منطقة بدائية لا تصلح لهم، فانقرضت جماعات منهم ولم يَعُدْ لها بقاء.

في خلال القرن الثامن عشر الميلادي، أُدخلت طريقة جديدة لتسخير الهنود للعمل في مزارع البيض بدلاً من العمل الإجباري، وذلك عن طريق العمل لدفع الديون مقابل نيل الحرية. وكان يُقبض على بعض الهنود ببعض التُهم، وبدلاً من أن يدخل الهندي السجن كان أحد البيض يسدد دينه، ثم يأخذه ليعمل لديه. فكانت هناك محاولة لإصلاح هذه الممارسات في المكسيك في القرن التاسع عشر الميلادي.

لقد انقرضت بعض القبائل الهندية تمامًا، وبقي آخرون على قيد الحياة، بل تزايد بعضهم. وتزوج كثير من الهنود من الأسبان، وأنجبوا مجموعة كبيرة عُرفت باسم المولَّدين، وانتقل كثير منهم إلى أراضٍ لم تكن هناك رغبة للأوروبيين في امتلاكها. وهم الآن هناك يعيشون حياتهم بالطريقة العتيقة التي ألفوها حتى يُكتشفوا مرة أخرى.

الهنود اليوم

الأوضاع المعيشية في تحسن مطرد في كثير من المستوطنات. تضم مستوطنة هنود النافاهو مساكن عصرية لكل أسرة وبشكل منفصل.
مصنع إلكترونيات في أريزونا يستوعب عددًا كبيرًا من أبناء الهنود الحمر من قبيلة النافاهو. تبذل المساعي لنقل الفرص الوظيفية إلى مناطق الحجز حيث لا يوجد إلاّ القليل من فرص العمل.
الجماعات الهندية المناهضة. كثيرًا ما يحتج الهنود ضد ما يرونه غير عادل فيما يتعلق بمعاملة الحكومة لهم. قام الهنود أعلاه، بمسيرة في واشنطن العاصمة عام 1978م.
هناك من الهنود اليوم من يعيش كما كان يعيش آباؤه الأولون ومنهم من انسجم مع الحياة العصرية، وسار على نهجها.

ومعظم أقطار أمريكا الشمالية والجنوبية تحاول الآن أن تعطي شعوبها الهندية حقوقًا إنسانية وفرصًا كالآخرين. ولكن التمييز العنصري الذي يسيطر على غير الهنود أو عدم رغبة الكثير من الهنود في اتباع الطرق العصرية قد جعل الهنود خارج التيار الرئيسي للحياة العصرية.

يوجد في كندا حوالي 350,000 هندي وهم مسجلون كهنود في إدارة الشؤون الهندية. وقد أصبح كثير منهم يشاركون في النشاطات التي يعمل في حقلها ذوو الأصل الأوروبي مثل الصناعات والتعدين. ويطالب هؤلاء الهنود أحيانًا بتصحيح الأوضاع الظالمة التي عانوا منها منذ زمن بعيد.

ويعيش اليوم في الولايات المتحدة نحو2 مليون هندي، ولهم الحق في أن يعيشوا حيث أرادوا ومتى أرادوا.

وهناك محاولات في الولايات المتحدة لرفع الظلم عن هؤلاء الهنود، وذلك بوضع برامج جديدة للحجز، ولرفع مستواهم الاقتصادي في المناطق المحجوزة، وذلك عن طريق تنمية مواردهم الطبيعية.

وتساعد الحكومة أولئك الذين يتركون المناطق المحجوزة للعيش في المدن. وقد قامت جمعيات هندية في الستينيات من القرن العشرين تطالب بالحصول على حقوقها الاقتصادية والسياسية عن طريق القوة، وسميت هذه الجماعة بالقوة الهندية.

ومازالت هناك مطالب يقدمها الهنود لحمايتهم من التوغل الأوروبي، كما أنهم يطالبون بأن تلتزم حكومة الولايات المتحدة بشروط المعاهدات التي أبرمتها مع أسلافهم.

ويعيش في أمريكا اللاتينية حوالي 45 مليون هندي. وهناك الملايين من المولَّدين الذين هم من أصل هندي وأوروبي. وأكثر من نصف سكان بوليفيا والإكوادور وجواتيمالا والمكسيك وبيرو من الهنود أو من المولَّدين، ومع أن بعض هؤلاء قد صادف نجاحًا في حياته، إلا أن الأغلبية ما زالت تعيش وهي تعاني الفقر وعدم التعليم.


المصدر: الموسوعة العربية العالمية