الشعر ( Hair )
☰ جدول المحتويات
الشَّـعْــر زوائد دقيقة تشبه الخيط تكسو جلود الحيوانات الثديية. ولأغلب الأنواع من الثدييات غطاء سميك من الشعر وظيفته الرئيسية أن يهيِّئ الدفء. ولدى أنواع كثيرة شعر خاص لأغراض خاصة أيضًا، مثل الحماية أو وظائف الإحساس. وللشعر عند البشر قيمة جمالية.
يغطي أغلب الجسم البشري شعر فاتح اللون لايكاد يُرى. وينمو الشعر السميك في فروة الرأس وبعض أجزاء الجسم الأخرى كالإبطين وحول الأعضاء التناسلية، إلا أن أماكن معينة مثل كفّتي اليدين وباطن القدمين ـ ليس فيها شعر على الإطلاق. وللإنسان شعر حول العينين والأذنين وفي الأنف وله وظيفة الحماية، فهو يمنع الغبار والحشرات والمواد الأخرى من دخول هذه الأعضاء. ويُخفّض شعْر الحاجبين كمية الضوء المنعكس في العينين، ولدى بعض الثدييات باستثناء الإنسان، شعر خاص يستجيب للمس. وتوجد أعصاب كثيرة حول هذا الشعر اللمسي الذي يُطلق عليه في العادة شعر الشوارب. وينمو شعر الشوارب على الشفتين والخدين عند أغلب الثدييات، ولكنه يوجد كذلك على أجزاء الجسم الأخرى. ويساعد هذا الشعر الحيوانات على تحسس طريقها خلال الأماكن الضيقة أو المظلمة.
ويهيِّئ الشَّعر أيضًا أنواعًا مختلفة من الحماية للحيوانات، إذ يندمج لون الشعر مع البيئة المحيطة بأنواع كثيرة من الثدييات، ويساعدها على الاختباء من أعدائها ومفترسيها. وتحمي الأشواك ـ وهي أنواع خاصة من الشعر ـ القنافذ من الأعداء. ويعمل الشعر كأنه وسائد مُخفِّفة ضد الضربات والأشياء الساقطة كذلك.
يستخدم رجال الصناعة شعر الحيوان في صناعة أنواع مختلفة من المنتجات. ويستخدم الفرو السميك الناعم ـ الذي يغطي بعض الثدييات ـ في المعاطف والملابس الدافئة الأخرى. ويُغزل فرو الضأن من الصوف لتحويله إلى خيوط وقماش للمصنوعات كالبطاطين والملابس والبُسُط. ويُصنع اللباد بوساطة ضغط شعر الحيوان ونسجه. ويستخدم الشعر الخشن للخنزير ـ وهو شعر قصير متين ـ في صناعة أنواع مختلفة من الفُرَش.
تركيب الشعر ونموه
سقيبة الشعرة الموضحة في الصورة مكبرة وتتكون من 3 طبقات من الخلايا الميتة. الطبقة الخارجية (أعلاه) تسمى الجليدة وتتكون من خلايا مسطحة تسمى قشور الجليدة. |
الجذر والسقيبة:
يستقر الجزء من الشعرة الموجودة تحت سطح الجلد في مايشبه الكيس ويسمى الجُريب. أما الجذر ـ وهو القسم الأسفل من الشعرة ـ فيتضخم في النهاية إلى تركيب رخو فاتح اللون يسمى بصيلة الشعرة، وتنمو الشعرة من الخلايا التي تنقسم بسرعة في البصيلة.ويبرز تركيب يسمى الحليمة في بصيلة الشعرة عند قاعدة الجريب. وتحتوي على نسيج ضام وأوعية دموية تزود الخلايا النامية بسرعة، بالدم اللازم.
تتحرك الخلايا في بصيلة الشعرة إلى أعلى بينما تبدأ خلايا جديدة في التكوين تحتها. وإذ تتحرك تلك الخلايا إلى أعلى فإنها تنقطع عن زادها من الغذاء، وتبدأ في تكوين بروتين صلب يسمى القرتين. ويوجد هذا البروتين في الأظافر والمخالب وأظلاف الثدييات وحراشيف الزواحف وريش الطيور. وتموت خلايا الشعر عندما تحدث عملية تكوين القرتين التي تسمى التّقرُّن.
تتم عملية التقرن حين تبلغ الشعرة في ارتفاعها نحو ثُلث المسافة إلى سطح الجلد، ويسمى الجزء من الشعرة فوق منطقة التقرن بالسقيبة. وتتكون سقيبة الشعرة من ثلاث طبقات من الخلايا الميتة. وتتكون الطبقة الخارجية ـ وتسمى الأدمة ـ من خلايا مسطحة معروفة باسم قشور الجليدة. وتوجد القشرة تحت الأدمة وهي طبقة من خلايا مرصوصة بإحكام وشكلها يشبه السيجار، وتحتوي على مادة الصباغ التي تحدد لون الشعر. أما باطن السقيبة ويسمى الُلب فهو يتكون من خلايا تشبه الصندوق، وهي مهلهلة النسيج.
أجزاء الشعرة يبين الشكل أجزاء شعرة الإنسان. وتنمو الشعرة من الخلايا في بصيلة الشعرة، وتتجه هذه الخلايا إلى أعلى لتكوين جذر الشعرة ثم ساق الشعرة. |
أجزاء الشعرة يبين الشكل الطبقات الثلاث من الخلايا الميتة التي تكون ساق الشعرة. |
الغدد والعضلات:
تحتوي أغلب جُريبات الشعر على غدة لإفراز الزيت تسمى الغدة الزهمية، وتفرز هذه الغدة زيتًا في الجريب، ويسري الزيت على الشعرة ويؤدي إلى تزيينها وبقائها ناعمة.وتتصل عضلة تسمى العضلة الشعرية الناصبة بأغلب جُرَيْبَات الشعر. وتؤدي هذه العضلة إلى انتصاب الشعرة عندما تنقبض. ويحبس الشعر الهواء القريب من جسم الحيوان في هذا الوضع، ويزيد في عزله عن البرد. ويؤدي انتصاب الشعر إلى ظهور الحيوان في صورة أكبر وأخطر. وتنقبض هذه العضلات عندما يشعر الإنسان بالبرد أو الخوف، وتؤدي إلى نتوءات صغيرة حول الشعر، وتسمى هذه النتوءات في العادة نتوءات الإوزة.
اللون والقوام:
إن لون الشعر تحدده إلى حد كبير كمية الصبغة السوداء البُنِّية وتوزيعها، وتسمى هذه الصبغة ملانين (قنامين). ويحتوي الشعر أيضًا على صبغة حمراء مُصفرة، وهي تبدو أوضح في الناس ذوي الشعر قليل الملانين. يصبح الشعر لدى أغلب الناس رماديًا أو أبيض بالتدريج عندما يتقدمون في العمر لأن الصبغة تتوقف عن التكون. ويتوقف قوام الشعر على شكل الشعرة إلى حد كبير. ويمكن رؤيته في مقطع عرضي تحت المجهر. وللشعر السابل شكل مستدير، ويكون الشعر المتموج أو المجعد رقيقًا، كما يكون أشد الشعر رقة هو أكثره تموجًا أو تجعدًا.دورات نمو الشعر:
يحدث نمو الشعر في الجُريبات في دورات، ويمر الجريب بمرحلة للنمو ومرحلة للراحة في كل دورة. وتتوقف الشعرة عن النمو أثناء كل مرحلة للراحة وتسمى الشعرة هنا الصولجانية. وتظل الشعرة الصولجانية في الجريب أثناء مرحلة الرَّاحة حتى مرحلة النمو التالية، وتسقط الشعرة الصولجانية عندما تنمو الشعرة الجديدة وتدفعها خارج الجريب.يعتمد طول الشعرة على زمن مرحلة نمو الجُريبة. تبقى الجُريبات في فروة الرأس عند الإنسان نشطة لمدة سنتين إلى ست سنوات، ثم تستريح بعدئذ نحو ثلاثة شهور. وينمو الشعر في فروة الرأس أقل من 13ملم في الشهر. أما الشعر الأقصر ـ مثل الموجود في الحواجب ورموش العينين ـ فينمو نحو عشرة أسابيع ثم يستريح تسعة شهور. وتحتوي فروة الرأس عند الإنسان على مائة ألف شعرة في المتوسط تقريبًا. وفي الغالب، يكون من 5 ـ 15% من شعر الفروة في مرحلة الراحة في أي وقت. ويسقط من الجُريبات في مرحلة الراحة عند الإنسان سبعون إلى مائة شعرة يوميًا.
تؤثر على نمو الشعر عوامل كثيرة، تشمل العمر والغذاء والصحة العامة وتغيرات الفصول. وينمو الشعر عند الأطفال أسرع منه عند الكبار مثلاً، كما ينمو أسرع في فصل الصيف من أي فصل آخر. وليس لقص الشعر أو حلقه في أي مكان من الجسم أي تأثير على نمو الشعر أو قوامه في المستقبل.
اضطرابات الشعر وفروة الرأس:
يحدث الصلع إذا ماتت جُريبات الشعر في فروة الرأس، ولم تَعُدْ تنبت شعرًا جديدًا. والوراثة أكثر أسباب الصلع، إلا أن عوامل أخرى يمكن أن تسببه، وتشمل الأمراض في فروة الرأس أو تأثير الأدوية والإشعاع. ويشيع الصلع الناشئ عن الوراثة في الرجال أكثر من النساء، ولا يمكن علاج هذا النوع من الصلع.ويمكن أن تؤثر عوامل مختلفة على دورات النمو في جُريبات الشعر، وهذه تشمل المرض والحمل. وتكون مراحل النمو في الجُريبات أقصر في مثل هذه الحالات، كما يوجد عدد كبير من الشعرات الصولجانية. وقد تتساقط هذه الشعرات الصولجانية في وقت واحد، وتسبب قلة الشعر بل الصلع. ولا يكون هذا النوع من تساقط الشعر مستديمًا لأن شعرًا جديدًا ينمو بعد أن تبدأ دورات النمو من جديد.
ويمكن أن تسبب الوراثة أو المشكلات الصحية الخاصة شعرًا زائدًا على الوجه أو أي مكان آخر. وبالإمكان إزالة مثل هذا الشعر بعملية تسمى التحليل الكهربائي. وتمنع هذه العملية نمو الشعر الجديد، وفيها تتلف الإبرة الكهربائية الحلمات. ويمكن إزالة الشعر غير المرغوب فيه على سطح الجلد بدهان سائل أو معجون، يسمى مزيل الشعر. ويظل جذر الشعرة حيًا على كل حال، ولذلك تنمو الشعرة من جديد.
تشمل الاضطرابات الأخرى لفروة الرأس القشور (الهبرية) والسُعفة (القوباء الحلقية) وقُمل الرأس. وتتكون القشور من قشور الجلد التي تسقط من الفروة. وهي لا تسبب تساقط الشعر إلا إذا صاحبها التهاب شديد بحيث تُتلف الجُريبات. والسُعفة مرض تسببه أحياء دقيقة تسمى فطريات. وتتغذى بالقرتين في الشعر. ويتقصف الشعر ويترك أماكن عارية على الفروة. والقُمَّل حشرات تمتص الدم على الفروة وتلصق بيضها بالشعر.