الرئيسيةبحث

تزيين الشعر ( Hairdressing )



تزيين الشَّعر هو فن قص الشعر وتصفيفه وترتيبه، والعناية به. ويعمد الرجال والنساء إلى تصفيف شعرهم لتحسين مظهرهم، وللشعور بالراحة والرضا عن النفس. ويمكن القول إن تغيير تصفيفة الشعر قد تبدِّل في مظهر الإنسان أكثر مما قد يحدثه أي تغيير آخر في سماته الجسمانية. فتصفيف الشعر قد يبرز الملامح الجميلة ويخفي غير المرغوب فيه منها، و قد يبعد الأنظار عن السمات غير المرغوب في ملاحظتها. ويمكن للمرء أن يختار تسريحة جذابة يسهل العناية بها وتلبي احتياجاته ورغباته.

والشَّعر هو أكثر أجزاء الجسم قابلية للتغيير والتبديل. ولقد عمد الناس منذ عهود ما قبل التاريخ إلى قصّ الشعر وتجديله وصبغه وتغييره بسبل أخرى عديدة. غير أن وجود أشخاص مزينين محترفين للشعر أو حلاقين لم يبدأ إلا في القرن الثامن عشر. ويلجأ معظم الرجال والنساء في أيامنا هذه إلى مُزَيّني الشعر بهدف قص الشعر أو صبغه أو إسباله أو تجعيده وتمويجه، ويطلق على مزيني الشعر اسم مصففي الشعر أيضًا، في حين أنه يطلق اسم الحلاق على ذلك الذي يتعامل مع شعر الرجال بشكل خاص.

تزيين الشعر عبر التاريخ

المصريون القدماء كانوا يستخدمون شعرًا مستعارًا يتكون من خصلات لولبية، مثل هذه الصورة التي تمثل أحد النبلاء (إلى اليسار) وزوجته (إلى اليمين). وتصنع هذه الخصلات من الشعر البشري أو من ألياف ورق النخل أو الصوف.
كان الناس في عصور ما قبل التاريخ يصبغون أجسامهم، ويرسمون الوشم عليها، كما أنهم ربما كانوا يرتبون شعرهم بسُبل مختلفة. ولقد اكتشف علماء الآثار دبابيس وحليَّ الشعر ضمن آثار العصر الحجري الحديث الذي بدأ في حوالي 8000 ق.م.

العصور القديمة:

كان الرجال والنساء على السواء يحلقون شعرهم تماماً في مصر القديمة، حفاظًا على النظافة، ولتخفيف الشعور بالحرارة. غير أنهم كثيرًا ما كانوا يستعملون شعرًا مستعارًا ذا جدائل طويلة، أو خصلاً لولبية الشكل تثبت في قاعدة من النسيج المحبوك. ولقد ظلوا يستخدمون هذا النوع من الشعر المستعار قرونًا طويلة.

وفي بلاد الإغريق، وفي روما القديمة،كان الناس يرتدون أطواقًا ضيقة تسمى عصابة حول رؤوسهم لتثبيت الشعر. كما أن الخاصّة من الرجال كانوا يجعدون شعورهم في خصل لولبية، ويزينونها بمسحوق الذهب. أما النساء فكن يضفرن شعرهن ويجعدنه ويعقصنه في تسريحات مبهرجة، والكثيرات منهن كن يصبغن شعرهن بلون أصفر مائل إلى البني أو الرصاصي.

كان اثنان من الشعوب الجرمانية الأولى، هم الأنجلز والساكسون، يعمدون إلى صبغ الشعر باللون الأزرق أو الأخضر أو البرتقالي. بينما كان الغاليون القدماء، الذين سكنوا فرنسا(الغال) يصبغون شعرهم باللون الأحمر.

العصابة طوق كان الإغريق والرومان يرتدونها لتثبيت الشعر.

عند العرب:

اعتنت المرأة العربية بشعرها منذ عصور بعيدة، وقد تغنى بذلك الشعراء. ومنهم امرؤ القيس الشاعر الجاهلي وهو من أصحاب المعلقات، قال في وصف ضفائر (خُصل) شعر صاحبته وطريقة تصفيفه:
غدائره مستشزرات إلى العلى تضل العقاص في مثنى ومرسل

وكانت النساء منذ ما قبل الإسلام يضفرن شعورهن أو يجدلنه. وكان بعضهن يرسلن الشعر ضفائر من الخلف أو يتركن جديلتين على الجانبين يرسلنهما على جانبي الخدين.

وكان الرجال والنساء يزينون شعرهم بالأصباغ، واشتهر من هذه الأصباغ الحناء والكتم، ولايزال صبغ الشعر بالحناء شائعًا لدى كثير من الدول العربية حتى الآن. وكان بعض النساء يحلقن شعورهن إبداءً لحزنهن عند فقد عزيز لديهن، وقد نهى الإسلام عن ذلك. كما نهى عن حلق شعر الحاجبين.

امرأة أوروبية من القرن الخامس عشر الميلادي نتفت أو حلقت شعرها من على خط منبت الشعر لتطويل الجبين. وكان الشعر الأشقر مرغوبًا جدًا إبَّان تلك الفترة.
حث الإسلام على العناية بالشعر ونظافته وإصلاحه، فكثيرًا ما أمر الرسول ﷺ أصحابه بإصلاح ما شعث من شعورهم، وحث على خضاب الشيب بصفرة أو حمرة. وكان الرسول ﷺ يرسل شعره، وشوهد عند فتح مكة وله أربع غدائر (ضفائر)، وكان يمشط شعره ويفرقه في الوسط، كما ورد أنه حلق شعره أيضًا.

أما في أوروبا فقد تفننت النساء في تسريحات الشعر إبان عصر النهضة الذي بدأ في إيطاليا في حوالي عام 1300م، وانتشر في بقية أنحاء أوروبا في خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين. وكانت لبعض النساء ضفائر تصل إلى حدود الركبتين، في حين كان بعضهن يعقصن شعرهن على هيئة كعكة كبيرة خلف الرأس تسمى شنيون، وقد كانت هناك، إلى جانب هذه التسريحة شعر فينوس التي كانت تشمل جدائل سميكة يتم تجميدها بماء الذهب الذي كان يبدو وكأنه يتدفق من الرأس. وكان الشعر الفاتح شائعاً ومرغوبًا فيه إلى حدٍّ كبير، بحيث تقضي النساء الساعات الطوال تحت أشعة الشمس لتفتيح شعرهن.

أما أغلب الرجال، فقد كان شعرهم إما قصيراً أو كان يصل إلى حدود الكتف، مع ترك هدب (غرة) ينسدل على الجبهة ويغطيها. ولقد أمر ملك إنجلترا هنري الثامن الإنجليز بأن يقصروا شعرهم ، تقليدًا للنبلاء الفرنسيين.

الشعر المستعار باروكة ضخمة مجعدة كان الرجال يرتدونها في القرنين السابع عشر والثامن عشر. كان هناك مسحوق يتم نثره على الشعر المستعار.

القرن السابع عشر:

كان معظم الرجال في أوروبا في القرن السابع عشر يتركون شعرهم طويلاً في تجعدات متموجة، وكان كثير منهم يبقي خصلة أكثر طولاً وتجعدًا من بقية شعره على جانب الرأس و يطلق عليها اسم خصلة الحب ويربطها بشريط. وفي غضون الحرب الأهلية في إنجلترا (1642 ـ 1649) ،كان التطهيريون هم ألدّ خصوم الملك تشارلز الأول، وقد أطلق عليهم اسم ذوو الرؤوس المستديرة نظرًا لأنهم كانوا يقصّرون شعرهم ويقصّونه بحيث يكون مستديرًا وقريبًا من الرأس. وقد ميّزتهم هذه القَصَّةُ القصيرةُ عن أعوان الملك، وهم فئة أطلق عليها اسم الفرسان كانوا يبقون شعرهم طويلاً. أما في فرنسا، فقد شاع استعمال الشعر المستعار وهو طراز بدأه الملك لويس الثالث عشر بعد أن فقد شعره. وكان الكثيرون من الرجال يرتدون شعرًا مستعارًا كثيفًا مكونًا من خصلات مجعّدة تسمّى الباروكات.

خلال تلك الفترة، كانت النساء يكوِّمْن شعرهن فوق رؤوسهن. لكن بعضهن كُنَّ يصفِّفْن شعرهن خصلات تنزل حتى مستوى الكتفين. وقد شاع هذا الطراز حتى منتصف القرن السابع عشر.


تسريحة شاهقة العلو من منتصف القرن الثامن عشر تسند بإطار من الأسلاك.كانت هذه التسريحات تُزيَّن بالزهور أو الجواهر أو غيرذلك من الزخارف والحليّ.

القرن الثامن عشر:

في القرن الثامن عشر،شاعت التسريحات المبهرجة عند النساء والرجال على السواء. كان شعر النساء مرفوعاً بصورة مبالغ فيها، حيث كن يسندنه بوسادة صغيرة، وإطارات من الأسلاك. وكان العديد من هذه التسريحات يرتفع مسافة تفوق60 سم ويتم تزيينها بالزهور وتوحي بموضوعات أوبرالية شاعرية. كما كنّ ينثرن على شعورهن مسحوقًا أبيض اللون أو مسحوق الباستيل، كما كنّ يُزينَّ الشعر بالريش والجواهر والطُرَر، وغيرذلك من قطع الزينة. وكن يمتنعن أحيانًا عن غسل الشعر لأسابيع عديدة نظرًا لأن تلك التسريحات كانت شديدة التعقيد. وشاع المزيِّنون المحترفون الذين كانوا يبتدعون أنماط التسريحات ويتولون العناية بالشعر.

أما الرجال، فكانوا يغطون رؤوسهم بشعر مستعار ينثرون عليه الذرور (البودرة)، وكان الشعر المستعار الأكثر شيوعاً أصغر حجمًا من ذلك الذي شاع في القرن السابع عشر. وكان هنالك طراز يسمّى الشعر المستعار المربوط يُشدُّ فيه الشعر إلى الخلف ويربط بشريط قصير. أما الشعر المستعار الكيسي فقد كانت تُغَطَّى أطرافه بكيس حريري.


تسريحة جيبسون جيرل، تسريحة ناعمة الملمس، سادت في تسعينيات القرن التاسع عشر، ابتدعها الفنان الأمريكي تشارلز دانا جيبسون.

القرن التاسع عشر:

أصبحت تسريحات الشعر أكثر بساطة، وشاعت بين النساء تسريحات تشمل الضفائر والذؤابات في أعلى الرأس، والخصلات الملتفة الكثيفة من الشعر، والتي تنسدل على الأذنين أو على مؤخرة العنق. كما شاعت في أربعينيات القرن التاسع عشر خصلات الشعر الناعمة الطويلة التي تُصفف في صورة النقانق. وفي السبعينيات من القرن التاسع عشر اخترع مزين الشعر الفرنسي مارسيل جراتو تجعيدات مارسيل، وهي عبارة عن تجعيدات ثخينة ناعمة يتم تصفيفها بملاقط محمّاة. كما اخترع مزين فرنسي آخر، هو ألكسندر جود فروي، مجففًا للشعر في حوالي عام 1890م. وكان زبائنه يرتدون غطاءً للرأس على شكل قبعة أو قلنسوة تربط بأنبوب مدخنة موقد للغاز. وفي تسعينيات القرن التاسع عشر، شاعت بين النساء الأمريكيات تسريحة عالية وناعمة أشاعها فنان أمريكي اسمه تشارلز دانا جيبسون.

أما الرجال، فقدكانوا يُقَصِّرون شعرهم في القرن التاسع عشر، ويدهنونه بزيت الشعر، خصوصًا زيت ماكاسر. وقد شاع استعمال هذا النوع من الزيت في تصفيف الشعر، ولهذا فقد استدعت الحاجة استعمال أغطية لحماية الكراسي والأرائك أطلق عليها اسم ضد ماكاسر.

القرن العشرون:

ابتدع المزيِّنون في القرن العشرين أساليب جديدة لتجعيد الشعر. ففي حوالي عام 1905م، ابتدع المزين الألماني الأصل تشارلز نيسلر موضة التجعيدة الدائمة. وكان نيسلر يستعمل معجون البورق، ثم يلفُّ الشعر على أدوات تجعيد محمّاة بالكهرباء. وكان تنفيذ هذا الطراز باهظ التكاليف ويستغرق اثنتي عشرة ساعة.

قَصَّةَ كرو كت، يُقَّص فيها شعر الرجل أو الولد بحيث يبدو قصيرًا جدًا، ويُمشَّط إلى أعلى، سادت في خمسينيات القرن العشرين.
وفي ثلاثينيات القرن العشرين، ابتُدِعت التجعيدات الباردة التي لا تتطلب تسخينًا، وكانت رخيصة الكلفة وتستغرق نحو ساعتين لإنجازها. وفي أربعينيات القرن العشرين، أخذت الكثيرات من النساء يقصصن شعرهن قصّات قصيرة أطلق عليها اسم بوب ويجعّدنه بالتجعيدات الدائمة.

وفي المجتمعات الغربية في الأربعينيات من القرن العشرين أيضًا، عمدت الكثيرات إلى تصفيف شعرهن على طراز كلب المراعي ، أو طراز فيرونيكا ليك ، وهي نجمة من نجوم السينما الأمريكية كان شعرها طويلاً يغطي إحدى عينيها. أما في خمسينيات هذا القرن، فقد أخذت أعداد كبيرة من النساء يصبغن شعرهن، أو يبرزن الشعر بتبييض خصلات قليلة منه. كما شاع طراز التسريحات المنفوخة في أواخر الخمسينيات وأوائل ستينيات القرن العشرين. ولإضفاء الثخانة الضرورية على الشعر،كانت النساء يسرحنه بطريقة معكوسة، أي من أطرافه حتى فروة الرأس فيما كان يُسمّى التمشيط المعاكس أو التنقيش.

تسريحة البانك تتم فيها قولبة الشَّعْر بحيث يضم نتوءات حادة شائكة، أو أنماطًا أخرى من الأشكال، ويُلف ويُلوَّن الشعر أحيانًا بألوان غير مألوفة وغير طبيعية.
وفي أوائل القرن العشرين إلى منتصفه، أخذ الرجال يقصّرون شعرهم. وفي العشرينيات، أخذ الكثيرون من الشبان يجعلون شعرهم صقيلاً لامعًا ؛ كالجلد القاسي الصقيل، ويملِّسونه بالزيت على نسق طراز شعر الممثل الأمريكي المعروف رودولف فالنتينو. وفي خمسينيات القرن العشرين، كان بعض الرجال يقصُّون قَصَّةً تُسمى كرو كت ، بحيث يكون الشعر قصيرًا جدًا ويسرَّح إلى الأعلى بحيث يبدو كالفرشاة، بينما كان البعض الآخر إبَّان نفس الفترة يقصون قصَّةَ البطة ، وفي هذه التسريحة، يترك الشعر طويلاً من الجانبين بحيث يسحب إلى الخلف ويبدو كجناحي البطة. وفي الستينيات، أخذ الشباب يقلدون قَصة شعر فرقة الخنافس، وهي فرقة بريطانية تعزف موسيقى صاخبة كان أفرادها يطيلون شعرهم، ويطلقونه ليغطي الجبين.

في أواخر السبعينيات، شاعت فرقة أخرى من فرق الموسيقى الصاخبة عرفت باسم البانك. وكان أتباع هذه الفرقة يُصَفِّفون شعرهم بطرق خارجة عن المألوف، يعبّرون فيها عن تمردهم على التقاليد المتعارف عليها. ويتميز طرازهم بتكوين نتوءات شائكة حادة في الشعر وباستخدام الصابون وبياض البيض أو الصمغ لِقَوْلَبَتها، وقد كانوا يُلَوِّنون الشعر بألوان بَّراقة.

نساء الهنود الحمر يُضَفِّرْن الشعر بضفائر معقّدة، وهذه التسريحات من أنواع يتم توارثها تقليديًا وتختلف من إقليم لآخر.
كذلك ظهرت، في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، أنماط (موضات) من التسريحات للجنسين، إذ أخذ الكثيرون من الرجال والنساء يطلقون شعرهم ويتركونه طويلاً، أملسَ جعدًا، كثيفًا شعثًا على النسق الإفريقي. وربما كان رواج هذه التسريحات من الأسباب التي أدت إلى زيادة الإقبال على المزينين، حيث ازداد عدد الرجال الذين يترددون عليهم لتجعيد شعرهم تجعيدًا دائمًا وللحصول على خدمات أخرى.

بدأت تسريحات الشعر الإفريقية تحدث تأثيرها في أساليب تصفيف الشعر لدى السود في سبعينيات القرن العشرين، وأصبحت شوارع العديد من المدن الرئيسية في أوروبا وأمريكا الشمالية مُمتَلئة بأولئك الذين يتركون شعرهم ينساب ضفائر طويلة شعثاء منفوشة، كما شاعت في الوقت نفسه تسريحات بضفائر مرتبة بعناية عرفت إحداها بصفوف الذرة ، يُضْفر فيها الشعر أنساقًا مختلفة عبر فروة الرأس. ومن هذه التسريحات الإفريقية أنواع ترص فيها حبات الخرز أو زخارف أخرى في الشعر.

العناية بالشعر

تعتمد نظافة الشعر وصحته على تمشيطه المستمر بالفرشاة، وكذلك على غسله بالشامبو وعلى تناول الطعام المتوازن. فتمشيط الشعر بالفرشاة يخلًّصه من الأوساخ والعقد ويوزِّع الزيوت الطبيعية التي تفرزها فروة الرأس على جميع أجزاء الشعر. والشعر الجاف يتطلب الغسل مرة واحدة في الأسبوع تقريبًا، بينما قد تدعو الحاجة لغسل الشعر الدهني يوميًا.

يتولى معظم الناس، بأنفسهم، العناية اليومية بشعرهم في البيت، ولا يرتادون محال تزيين الشعر إلا لدى الحاجة لقصّّه أو صبغه أو تمليسه أو تجعيده تجعيدات دائمة. وهناك أنماط من التسريحات لا تحتاج لأي تصفيف باستثناء تجفيف الشعر بالمجفف اليدوي أو بتركه ليجف من تلقاء ذاته.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية