الملحمة الشعرية ( Epic )

الملحمة الشعرية قصيدة قصصية طويلة، تدور موضوعاتها حول الأعمال البطولية لأبطال غير عاديين، وأشخاص في الحرب أو الترحال. وفي كثير من الملاحم الشعرية الأسطورية، كما هو الحال عند الإغريق والرومان، يكون البطل نصف إله، كأن يكون أحد أبويه إلهًا والآخر بشرًا. وتدور بعض أنماط الملاحم الشعرية حول بطل أو حدث. ويروي كثير منها كيف نشأ شعب أو كيف نمت أمة. ألَّف الملاحم أناس مجهولون خلال زمن طويل، وملاحم أخرى ألفها مؤلف واحد. وتعود الملاحم الشعرية إلى فترة ماقبل التاريخ، حيث كانت في البداية تغنَّى من قبل شعراء بمصاحبة العزف على آلة وترية، وكان المغنِّي يؤلف كل سطر فيها، كما كان يغنِّي متَّبعا نمط الحكاية التقليدية في التأليف. ولكن كان كل مغن يحفظ أوصافا وحوادث وعبارات ومشاهد معينة، يمكن استخدامها في تأليف الأبيات، ويسمَّى هذا الأسلوب في التأليف الصياغة الشفهية.

بدأ الشعر الملحمي في الأدب الغربي بالإلياذة والأوديسة، ويعتقد الباحثون بأن هذين العملين قد كتبهما هومر وهو شاعر يوناني أعمى عاش في القرن السابع قبل الميلاد. وتنتمي هاتان الملحمتان إلى نمط من الأشعار التي بُني جزء منها على الحقيقة التاريخية، وجزؤها الآخر على الأسطورة المتصلة بحروب طروادة. وقد وضع نقاد الأدب الرومانيون واليونانيون قواعد للملاحم الشعرية مبْنية على أسلوب هومر وأسلوب فيرجيل أهم تابعيه. وقد نصت هذه القواعد على وجوب بدء الملحمة في منتصف الأحداث، أي أن تبدأ القصة بعد أن يكون جزء كبير من أحداثها قد وقع. وكان على الشعراء أيضا أن يكتبوا بأسلوب رفيع وأن يبدأوا بالابتهال إلى آلهة الإلهام (الميوزات)، يطلبون منها الإلهام الإلهي. ★ تَصَفح: الميوزات.

وقد أهملت قواعد الملاحم الشعرية اليونانية والرومانية خلال العصور الوسطى، وقام الشعراء بكتابة الملاحم الشعرية بأسلوب طبيعي. ومن الملاحم المهمة في العصور الوسطى الملحمة الإنجليزية بيوولف في القرن الثامن الميلادي، والفرنسية أغنية رولان في القرن الثاني عشر الميلادي، والأسبانية قصيدة السيد حوالي عام 1140م، وبحلول القرن السابع عشر الميلادي أعيد اكتشاف الملاحم الشعرية الرومانية. وقام الشاعر الإنجليزي جون ميلتون بتقليد هومر وفيرجيل في ملحمته الشعرية الفردوس المفقود (1667م). ومع بداية القرن الثامن عشر أسهم رواج الأدب النثري الواقعي ـ وخصوصا الروايات ـ في تراجع الشعر الملحمي.