النبلونغ، أغنية ( Nibelungenlied )
النبلونغ، أغنية. أغنية النبلونغ قصيدة ملحمية ألمانية كتبت في القرن الثالث عشر الميلادي. ويعني اسمها أغنية النبلونغيين. والمؤلف مجهول ولكنه بلا شك يأتي من منطقة الدانوب في جنوب شرقي ألمانيا والنمسا. وتوجد حالياً عدة روايات مشتقة من قصة المؤلف الأصلية.
وتعكس القصيدة قصة سيجفريد الذي يمتلك كنز نبلونغ الخرافي وعباءة للإخفاء. ويضاف إلى ذلك أنه قام بقتل تنينٍ واغتسل في دمه. وقد حَجَّر هذا الدم لحم سيجفريد، بما يقيه من الجروح. ولكن أثناء استحمامه سقطت ورقة زيزفون بين كتفيه تاركة موضعًا غير محمي في ظهره.
ويرغب سيجفريد في الزواج من كريمهيلد، أخت الملك جونتر ملك برغنديا. وليفوز بكريمهيلد يقوم سيجفريد بمساعدة جونتر على الفوز بالعذراء برونهيلد ملكة أيسلندا. وكان شرط برونهيلد في الشخص الذي تتزوجه هو أن يتغلب عليها أولاً في القتال. وهكذا يتنكّر سيجفريد ليبدو كأنه جونتر، ويتغلّب على برونهيلد، ليفوز بها جونتر وتُخبر كريمهيلد برونهيلد، بعد ذلك بسنوات، بأن سيجفريد، وليس جونتر، هو الذي تغلَّب عليها. وعلى سبيل الانتقام، أمرت برونهيلد هاجن، وهو أحد خادمي جونتر، بأن يقتل سيجفريد. وقام هاجن بقتل سيجفريد بأن دفع رمحًا في البقعة غير المحمية الموجودة في ظهره.
وبعد عدة سنوات، تزوجت كريمهيلد من أتزل، ملك الهون الجبار. ولكنها لم تنس سيجفريد أبدًا، وقامت كريمهيلد بدعوة البرغنديين لزيارتها وأمرت بذبحهم ولم ينج منهم إلا هاجن. وتسأله كريمهيلد أن يكشف عن المكان الذي خبأ فيه كنز نبلونغ، وحين يرفض، تقوم بقتله. ويقوم هيلدبراند وهو محارب في بلاط أتزل، بقتل كريمهيلد، بعد أن روعته خيانتها.
الخلفية:
تمثل حادثتان حقيقيتان الأساس لبعض أجزاء من البرغنديين. ففي عام 437م، قام الهون بتدمير البرغنديين وهي قبيلة جرمانية شرقية. مات الملك البرغندي وأعضاء أسرته الملكية في المعركة. ولم تكن لملك الهون، أتيلا (أتزل في القصيدة)، علاقة بهذه الحادثة. ومات أتيلا في ليلة زفافه عام 453م. ورأى بعض المؤرخين أن عروسه الجرمانية قامت بقتله.ومن الواضح أن قصيدة النبلونغ لم تكن الأولى في تداول هذه المادة القصصية. الإيدا الأيسلندية التي أُلّفت قبل النبلونغ تتضمن أنشودات (قصائد قصيرة) تتناول نفس الموضوعات الرئيسية. كما قامت الشعوب الجرمانية القديمة بتأليف أنشودات لتمجيد أبطالهم المشاهير وأحداث ماضيهم. وتم تعديل أنشودات، وعلى مدى القرون تم تغيير الأحداث التاريخية الأصلية بدرجة كبيرة. وقام شعراء مجهولون بربط أحداث عام 437م وأحداث عام 453م في أنشودة تاريخية واحدة. وجاء في هذه الأنشودة، أن عروسًا برغندية قامت بقتل أتيلا لتأخذ بثأر أقاربها، الذين قتلهم هون أتيلا.
وقد احتفظت النبلونغ بالعديد من الموضوعات الرئيسية وبجزء كبير من الحبكة الموجودة في الأناشيد الجرمانية الأقدم، ولكن الشاعر قام بتغيير المادة. ولم يتمكن العلماء من ربط قصة مقتل سيجفريد التي وردت في النبلونغ بأي شخصيات تاريخية أو أحداث بعينها. وفي الواقع، فإن القوى الخارقة للطبيعة التي كان يتمتع بها سيجفريد تعطي قصته صفة القصص الخرافية.
الأسلوب:
كُتبت النبلونغ في صورة مقاطع شعرية. ويتكون كل مقطع شعري من أربعة سطور طويلة مكونة من زوجين من المقاطع الشعرية المقفاة. ويبرهن المؤلف على فهمه الحاد لعلم النفس البشري، لدرجة أنه ينمّي الدوافع التي تؤدي بالشخصيات المتكبرة في القصيدة إلى أن تتصرّف على النحو الذي انتهجته. وتكمن نقاط الذروة الرائعة في الحوارات المتوترة التي يواجه بها المتنافسون بعضهم بعضًا.ولايستطيع العلماء أن يحددوا على وجه الدقة ما الذي استبقى قصيدة النبلونغ وما الذي أضافه الشاعر. وغالباً ما أضيفت المظاهر الملكية الخاصة بالبلاط في القرن الثالث عشر الميلادي، حين ازدهرت الثقافة المرتبطة بالبلاط في ألمانيا. ويعكس الحب بين سيجفريد وكريمهيلد، ومهرجانات الفرسان والنبيلات، والأبطال المتعددين، الفضائل الخاصة بالبلاط. وتوفر هذه المظاهر الأجزاء الأكثر دقة من العمل الفني التي تكشف عن تأثير النهاية المأساوية.