الرئيسيةبحث

التحكيم ( Arbitration )



التّحكيم قيام شخص محايد، أو جهة معتبرة بإصدار حكم ملزم نهائي، لفض نزاع بين طرفين. ويُسمى القائمون بإصدار الأحكام المحكَّمين، أو أعضاء لجنة التحكيم. يقوم طرفا النزاع أو جهة محايدة تنوب عنهما باختيار المحكَّمين. ويُسمىَّ الحكم الذي يُصدره المحكَّمون القرار. ويمكن إجراء التحكيم بين الأفراد أو الجماعات أو الدول.

تحكيم النزاعات التجارية:

إجراء تلجأ إليه المؤسسات التجارية المتنازعة، بالاستعانة بأكثر من مُحكِّم، لطرح القضية موضع الخلاف، بُغية الوصول إلى قرار مُرْضٍ لجميع الأطراف. ويساعد هذا التحكيم حتى في فض النزاعات القائمة بين مؤسسات البلدان المختلفة.

تحكيم نزاعات الصناعة أو العمالة الصناعية:

هو فض النزاع بين العمال وأصحاب العمل. ويسمى التحكيم الودِّي عندما تعلن الرغبة في فض النزاع وديًا بين كلٍّ من الإدارة الصناعية من ناحية والعمالة من ناحية أخرى، مع التزام الطرفين بقبول قرار التحكيم. وعندما تتدخَّل السلطات الحكومية، لفض نزاعات العمال وأصحاب العمل ؛ مراعاة للصالح العام، يُعرف الإجراء باسم التحكيم الاضطراري.

معظم نزاعات الصناعة مصدرها تقدير الأجور، أو ساعات الدوام أو الجو العام الذي يحيط بالعمل. وكثيرًا ما يهيئ التحكيم فرصًا للأطراف المتنازعة لحسم المظالم، بإنهاء أو تجنب الإضرابات المُكَلِّفة أو التوقف عن العمل. وعندما تفشل المبادرات الودّية، ينحصر البديل في التحكيم الاضطراري. نشأ هذا الإجراء لحسم الخلافات في نيوزيلندا، من عام 1894 إلى عام 1932م. وجرى تطبيقه في أستراليا والنرويج أيضًا.

تحكيم النزاعات الدولية:

هو إجراء لفض النزاعات الناشئة بين دولتين أو أكثر. يُعرض الخلاف على محكِّمين محايدين، يتم اختيارهم بناءً على خبراتهم بالشؤون الدولية، أو بحكم انتمائهم للمحكمة الدائمة لفض النزاعات. وقد يتم اختيارهم من بين أفراد آخرين. وتكون قراراتهم مُلزمة.

والتحكيم على المستوى الدولي معروف منذ عهد دويلات المدن في اليونان القديمة. وخلال عصر النهضة كثيرًا ما كان البابا يتولى مهام التحكيم في الخلافات التي كانت تنشأ بين الممالك الأوروبية المختلفة. وقد أرست كل من اتفاقيتي جاي 1794م، وغِنْت 1814م القواعد التي يتم من خلالها تحكيم النزاعات الدولية. وقد جرى التحكيم بين كل من بريطانيا والولايات المتحدة عام 1871م ؛ لحسم الخلاف المعروف باسم مطالب الباما، كما جرى التحكيم أيضًا لحسم الخلاف القانوني حول بحر بيرنج. وفي مؤتمر لاهاي الأول للسلام المنعقد في عام 1899م، وافقت الدول الكبرى بالإجماع على الدعوة لترسيخ مبدأ التحكيم بين الدول. كما جرى التحكيم حول الخلاف الذي وقع بين مصر وإسرائيل حول منطقة طابا المتنازع عليها بينهما. لجأ الطرفان إلى محكمة العدل الدولية التي اتّخذت قرارها بضم منطقة طابا إلى الحدود المصرية.

وفي العالم الإسلامي جرى أول تحكيم في موقعة صِفّين بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، حيث رفع أتباع معاوية المصاحف على أسنة الرماح طالبين التحكيم بين الفريقين وفق كتاب الله الكريم، وتم اختيار شخصين هما: عمرو بن العاص ليمثل معاوية وأبو موسى الأشعري ليمثل علي بن أبي طالب، وقبل الطرفان التحكيم، ثم كان ما كان.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية