الرئيسيةبحث

يحيى بن يحيى بن كثير

ابن وسلاس بن شملال بن منغايا، الإمام الكبير، فقيه الأندلس أبو محمد الليثي الامازيغي المصمودي الأندلسي القرطبي. مولده في سنة 152ه.

فهرس

شيوخه

سمع أولا من الفقيه زياد بن عبد الرحمن شبطون ويحيى بن مضر وطائفة. ثم رحل وهو بن ثمان وعشرين سنة إلى المشرق، فسمع مالك بن أنس،وكان مالك يسميه عاقل الأندلس، وكان سبب ذلك فيما روى أنه كان في مجلس مالك مع جماعة من أصحابه، فقال قائل: قد خطر الفيل، فخرجوا ولم يخرج، فقال له مالك: مالك لم تخرج لتنظر الفيل وهو لا يكون في بلادك؟ فقال له: لم أرحل لأبصر الفيل، وإنما رحلت لأشاهدك وأتعلم من علمك وهديك، فأعجبه ذلك منه، وسماه عاقل الأندلس. وسمع بمكة من سفيان بن عيينة، وبمصر من الليث ابن سعد وعبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن وهب. ثم حج ورجع إلى المدينة ليزداد من مالك، فوجده في مرض الموت، فأقام إلى أن توفاه الله، وشهد جنازته. وتفقه بالمدنيين والمصريين من أكابر أصحاب مالك بن أنس بعد انتفاعه بمالك وملازمته.

وعن يحيى بن يحيى قال: أخذت بركاب الليث، فأراد غلامه أن يمنعني. فقال الليث: دعه. ثم قال لي: خدَمَك العلم. قال: فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذلك.

تلاميذه

رجع إلى قرطبة بعلم جم وتصدر للاشتغال وازدحموا عليه وبعد صيته، وانتفعوا بعلمه وهديه وسمته وكان كبير الشأن وافر الجلالة عظيم الهيبة نال من الرئاسة والحرمة ما لم يبلغه أحد، وإليه انتهت الرياسة بالفقه في الأندلس، وبه انتشر مذهب مالك هنالك، وأشهر روايات الموطأ وأحسنها رواية يحيى المذكور، وتفقه به جماعة لا يحصون، ورى عنه غير واحد؛ منهم ابناه عبيد الله، وإسحاق، وأبو عبد الله محمد بن وضاح، وزياد بن محمد بن زياد شبطون، وإبراهيم بن قاسم بن هلال، ومحمد بن أحمد العتبي، وإبراهيم ابن محمد بن باز، ويحيى بن حجاج، ومطرف بن عبد الرحمن، وغيرهم، وكان مع إمامته ودينه مكيناً عند الأمراء معظماً، وعفيفاً عن الولايات، متنزهاً، جلت درجته عن القضاء وامتناعه منه.

أقوال العلماء فيه

كان أحمد بن خالد يقول: لم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس، منذ دخلها الإسلام، من الحظوة وعظم القدر وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بن يحيى.

قال ابن عبد البر: عادت فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار عليه، وانتهى السلطان والعامة إلى رأيه، وكان فقيها حسن الرأي، كان لا يرى القنوت في الصبح ولا غيرها. قال: وخالف مالكاً في الشاهد واليمين فلم ير القضاء به. إلى أن قال: وكان ثقة عاقلاً حسن الهدى والسمت. قال: ولم يكن له بصر بالحديث.

قال محمد بن عمر بن لبابة: كان فقيه الأندلس عيسى بن دينار، وعالمها عبد الملك بن حبيب، وعاقلها يحيى بن يحيى.

قال ابن بشكوال في تاريخه: كان يحيى بن يحيى مجاب الدعوة فقد أخذ نفسه في هيئته ومقعده هيئة مالك الإمام بالأندلس فإنه عرض عليه قضاء الجماعة فامتنع فكان أمير الأندلس لا يولي أحداً القضاء بمدائن إقليم الأندلس إلا من يشير به يحيى بن يحيى فكثر لذلك تلامذة يحيى بن يحيى وأقبلوا على فقه مالك ونبذوا ما سواه.

وقيل إن عبد الرحمن بن الحكم المرواني صاحب الأندلس نظر إلى جارية له في رمضان نهاراً، فلم يملك نفسه أن واقعها، ثم ندم وطلب الفقهاء وسألهم عن توبته. فقال يحيى بن يحيى صم شهرين متتابعين. فسكت العلماء. فلما خرجوا قالوا ليحيى: مالك لم تفته بمذهبنا عن مالك أنه مخير بين العتق والصوم والإطعام. قال: لو فتحنا له هذا الباب لسهل عليه أن يطأ كل يوم ويعتق رقبة، فحملته على أصعب الأمور لئلا يعود.

وقال الفقيه الحافظ ابن حزم : مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرياسة والسلطان؛ مذهب أبي حنيفة، فإنه لما ولى قضاء القضاة أبو يوسف كانت القضاة من قبله، فكان لا يولى قضاء البلاد من أقصى المشرق إلى أقصى أعمال إفريقية إلا أصحابه والمنتمين إلى مذهبه، ومذهب مالك بن أنس عندنا فإن يحيى بن يحيى كان مكيناً عند السلطان، مقبول القول في القضاة، فكان لا يلي قاض في أقطارنا إلا بمشورته واختياره، ولايشير إلا بأصحابه ومن كان على مذهبه، والناس سراع إلى الدنيا والرياسة، فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به، على أن يحيى بن يحيى لم يل قضاء قط، ولا أجاب إليه، وكان ذلك زائداً في جلالته عندهم، وداعياً إلى قبول رأيه لديهم؛ وكذلك جرى الأمر في إفريقية لما ولى القضاء بها سحنون بن سعيد ، ثم نشأ الناس على ما انتشر. وكانت وفاة يحيى بن يحيى سنة 234ه. وله 82 سنة.

المصادر

(1) جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس. الحميدي. الصفحة 137.

(2) سير أعلام النبلاء. الذهبي. الصفحة 1261.

(3)علماء المذهب. ابن فرحون. الصفحة 174.

(4) تهذيب التهذيب. ابن حجر العسقلاني. الصفحة 1818.

(5) العبر في خبر من غبر. الذهبي. الصفحة 79.

(6) تاريخ الإسلام. الذهبي.الصفحة 1846.

(7) وفيات الأعيان. ابن خلكان. الصفحة 866.

(8) تاريخ علماء الأندلس. ابن الفرضي. الصفحة 204.

(9) الأنساب. السمعاني. الصفحة 1291.

(10) المقتبس من أنباء الأندلس. ابن حيان القرطبي. الصفحة 24.

(11) الإكمال. ابن ماكولا. الصفحة 536.