الرئيسيةبحث

منطقة يافع

تقع يافع في جنوب الجمهورية اليمنية (شمال شرق عدن ) بين خطي طول 45-46 وخطي عرض 13-14 يحدها من الجنوب ساحل البحر ومن الشمال البيضاء ومن الشرق لودر(مكيراس) ومن الغرب الضالع وحالمين وقبائل بني ضبيان وبشكل عام تمثل الجهة الغربية لمحافظة أبين والجهة الشماليةالشرقية لـ محافظة لحج . ويافع اسم ذو دلالتين : فهو يدل على يافع المنطقة ، ويافع القبيلة أو القبائل، وعرفت يافع قديماً باسم "دهسم" أو "دهس" وكذلك" بـ سرو حمير" .

وجغرافية منطقة يافع في معظمها شديدة الوعورة والتضرس ، وتشكل تقريباً نموذجا ًمصغراً لسطح اليمن العام ،فهي تنقسم _كما هو حال اليمن _ إلى ثلاثة اقسام طبيعية مختلفة هي:

اولأ_منطقة الهضبة : وهي عبارة عن لسان تأتي امتداد لهضبة اليمن من جهة البيضاء وقع في إطارها كل من مناطق الحد ،الضبي ، ولبعوس والموسطة وتنتهي في منطقة المفلـحي حيث يختفي السطح المستوي ، وتظهر الجبال الحادة ، خصوصاً باتجاة مشألة . ورغم صغرمساحة منطقة الهضبة نسبيا إلا أنها تحتوي على أهم المواقع والقرى الكبيرة في يافع ، كما انها تمثل أكثر المواقع ارتفاعاً في يافع ومنها جبل ثمر الذي يصل ارتفاعة إلى حوالي 6900 قدم عن سطح البحر، ويتميز مناخ تلك المنطقة بالبرودة شتاءً وبالاعتدال صيفاً وبانخفاض معدل المطر السنوي مقارنة بالمنطقة التالية. لبعوس ثانياً_المنطقة الجبلية الوسطى:وهي تلي منطقة الهضبة ، وتقل ارتفاعاتها كلما اتجهنا جنوباً ، و تمتد إلى محاذاة الساحل . وتتميز بسطح جغرافي شديد الانحدار والوعورة وتتخلل جبالها الكثيرة العديد من الوديان الضيقة ومنها وادي حطيب ، وادي يهر ، وادي ذي ناخب ، وادي حمومة ، وادي سلب ، وادي حطاط وغيرها . وهذة المنطقة تستقبل معدلات امطار سنوية بشكل أفضل ، وتحتوي وديانها على العديد من الينابيع والغيول الموسمية أو الدائمة لكن بحكم طبيعتها فإن المساحات الزراعية فيها محدودة فهي أما عبارة عن مدرجات صغيرة على جوانب بعض الجبال أو عبارة عن مساحات ضيقة في جوانب الوديان ، ويزرع في اطارها البن والحبوب والقات وغيرة ويتركز النشاط والكثافة السكانيةفيها في نطاق المناطق المرتفعة المجاورة لمنطقة الهضبة وعلى امتدادالحد المائي الفاصل بين المياه التي تتجة غرباً باتجاة وادي يهر ووطن والتي تتجةشرقاً باتجاة سباح وسلب نظراً لكثرة امطارها من ناحية ولاتساع مساحة مناطقها النسبية من الناحية الثانية مثل رصد والسعدي وسرار.

ثالثاً_ المنطقة الساحلية : وهي اصغر المناطق الثلاث مساحة وتقع في ساحل أبين في المنطقة الممتدة بين مصب وادي بنا وساحل البحر وتتميز بخصوبةتربتها وأهم مدنها جعار والحصن 2_لمحة تاريخية :

دلت الأثار التي تم العثور عليها في يافع على انها عرفت النشاط الانساني والحضاري في وقت مبكر من تاريخ اليمن القديم ، ويرى جواد علي المختص في تاريخ العرب قبل الاسلام ان يافع تشكل المسكن القديم للحميريين ،وذلك قبل نزوحهم منها إلى مواطنهم الجديدة قبل القرن الأول قبل الميلاد، كما أشار النقش الذي عثر عليه في صرواح إلى حروب الملك السبئي (كرب إل بين )مع بعض الكيانات اليمنية ومنها مملكة دهس في يافع في القرن السادس قبل الميلاد تقريباً. كما ان نقوش منطقة الحد في يافع قد اشارت إلى الحروب التي خاضتها قبائل ذو ريدان الحميرية ضدملوك سبأ عند بداية العهد الحميري القوي في اليمن، الذي اسفر عن قيام كيان سياسي مركزي في اليمن لاول مرة في تاريخة بل وتجاوز نفوذ ذلك الكيان الحميري إلى ان بلغ نجد والحجاز في وسط الجزيرة العربية .

وقبيلة يافع من أهم القبائل اليمنية التي هبت لنداء الإسلام وكان رجالها في طليعة الجيوش الاسلامية الفاتحة لـ الشام و مصر ، ومن أشهرهم سراج بن شهاب اليافعي الرعيني وحسان بن زياد ،وفي ظل الدولة الاسلامية الموحدة قسمت اليمن إلى ثلاثة اقسام إدارية "مخاليف" وكانت يافع تنتمي إلى أكبر تلك المخاليف وهو مخلاف الجند الذي يضم تهامة وعدن وأبين أيضاً .

وفي الفترة التي ضعفت فيها دولة الخلافة الاسلامية وشهد فيها اليمن ظهور عدد من الدول المستقلة لعبت يافع دوراً سياسياًمهماً في معظم تلك الدول ومنها دولة علي بن الفضل الاسماعيلية والدولة الرسولية والدولة الطاهرية .وبحكم طبيعة منطقة يافع الجبلية من جهة وشحة مواردها من جهة أخرى فقد قاومت الدول الكبيرة التي حاولت ان تسيطرعليها وتجمع الضرائب منها ، فلم يستطع العثمانيون اخضاعها رغم امكانتهم الكبيرة فبعد اربع سنوات من القتال أجبر العثمانيون على مغادرة حصن الخلقة في الحد الذي حاولوا منه بسط سلطتهم على المنطقة .

وفي فترة الدولة القاسمية التي خلفت العكم العثماني في اليمن تمكنت من مد سيطرتها على المنطقة ولكن لفترة زمنية محدودة حيث القبائل والدولة في عدة مواجهات شرسة داخل المنطقة وخارجها اسفرت عن تراجع سلطة الدولة من يافع والمناطق المجاورة لها .

وعند ذلك برزت اسرتين قبليتين قويتين في يافع على حساب مقاومة القاسميين وتلك الاسرتين هما "اسرة بن عفيف " و"اسرة بن هرهرة" وانطوت تحت لواء كل اسرة ( سلطنة ) خمسة اقسام قبلية إدارية عرفت باسم "المكاتب" مازالت قائمة إلى وقتنا هذا .

والمكاتب التابعة ليافع(السفلى)هي : الكلدي _ اليهري _ الناخبي _ السعدي _ اليزيدي _ أما المكاتب التابعةليافع(العليا) فهي : البعسي _ الموسطة _ الظبي _ الحضرمي _ المفلحي . وكان دور السلطتين القبلي والسياسي خارج المنطقة قد تراجع في فترة الاحتلال البريطاني الذي تحكم في معظم الأمور أما سلطنة ابن هرهرة فقد تراجع دورها حتى داخل المنطقة وفقدت شرعية تمثيل يافع " العليا " واضطرت بريطانيا عند عقد اتفاقيات الحماية والاستشارة ابرامها بصورة منفردة مع معظم مشائخ مكاتبها .

بعد خروج بريطانيا وقيام دولة واحدة في جنوب اليمن قسمت البلاد إلى عدد من الاقسام الإدارية _محافظات ومديريات _ فكانت يافع بكاملها وفق ذلك التقسيم عبارة عن مديرية (المديرية الغربية) تابعة للمحافظة (الثالثة) أبين حالياً وعاصمتها جعار ، ثم عدل ذلك التقسيم في وقت لاحق واصبحت جعار تابعة للمديرية الجنوبية ولبعوس عاصمة للمديرية الغربية التي كانت تضم ثلاثة مراكز هي المركز الاول "لبعوس" والمركز الثاني "رصد" والمركز الثالث "الحد" . وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي تم إعادة النظر في التقسيم الإداري للجمهورية للمرة الثالثة ،فتوزعت يافع بين محافظتين هما لحج وأبين فكان لبعوس والحد (مديرية يافع) تابعة للحج ، ورصد مركز تابع لمديرية خنفر ثم مديرية مستقلة . وفي فترة الوحدة لم يحدث أي تغيير للتقسيم العام للمنطقة وانما تحولت المراكز التي كانت تابعة للمديريتين إلى مديريات مستقلة اربع منها في اطار محافظة لحج هي 1_ مديرية يافع 2_ مديرية المفلحي 3_ مديرية يهر 4_ مديرية الحد . واربع في اطار محافظة أبين هي 1_ مديرية جعار 2_ مديرية رصد 3_ مديرية سرار 4_ مديرية سباح .

جغرافياً تترابط يافع فيما بينها بسلسلة جبلية موزعة الاتجاهات، ومناخها بارد قارس، وتتناثر قرى يافع على سفوح الجبال وسهول الوديان، وهي إقليم يحتل مساحات شاسعة من محافظتي لحج وأبين المترامية الأطراف، وتقع شمال شرق محافظة لحج وشمال محافظة أبين.

موطن الحميريين.. سبأية الهوى

وتذكر كتب التاريخ أن يافع هي الموطن الأول للحميريين قبل نزوحهم إلى موطنهم الجديد، وتنسب يافع إلى مالك بن زيد بن رعين الحميري (المرجع تاريخ القبائل اليمنية)، وجاء في نقش النصر الذي سجله الملك السبئي (كرب أيل وتر): "أراضي يافع هي إحدى الأراضي التي دمر مدنها وقراها".

وكانت يافع في بادئ أمرها تابعة للدولة الأوسانية والمعروفة باسم (دهس)، وعرفت بأنها كانت من أعظم القبائل العربية وأصعبها مراساً، وتاريخ اليافعيين حافل بالحوادث الجسام، ويعد الملك (شهاب بن سراج اليافعي) أشهر ملوك يافع، وكانت قبائل يافع في طلائع جيوش الفتوحات الإسلامية.

إقليم السلطة العفيفية

وفي التاريخ الحديث كانت يافع إقليم السلطنة (العفيفية) الشامخة على جبل (القارة)، والذي يقع بين مفترق طرق القبائل المنتشرة في إقليم يافع العليا والسفلى. كما أن السلطنة (القعيطية) في حضرموت تعتبر امتدادا ليافع.. وكذلك سلطنة (العيدروس) في لحج.. حيث تعود إليها جذور أولئك السلاطين.

مكاتب ومجمع القبائل

وتنقسم يافع إلى قسمين، يافع العليا ويافع السفلى. والعليا (يافع بني مالك)، فيما (يافع بني قاصد) هي السفلى، وكانت يافع تتبع السلطنة الهرهرية (هرهرة)، كما كانت يافع العليا تضم خمسة مكاتب (لبعوس، الموسطة، الضبي، المفلحي، الحضرمي) وليافع السفلى خمسة مكاتب (السعدي، اليهري، اليزيدي، الكلدي، الناجي).

وجميع المكاتب (مجموع القبائل) لها مرجعية واحدة، هو السلطان العفيفي في جبل (القارة)، الواقع عند منتصف ممرات طرق كل قبائلها وقراها.

وكانت يافع أشبه بدولة مستقلة لها علم وشعار في عهد السلطان العفيفي، الذي رفض الدخول ضمن اتحاد إمارات الجنوب العربي، ليتعرض في نهاية خمسينيات القرن الماضي لقصفبطائرات الاحتلال الانجليزي، ما دفعه للجوء إلى شمال اليمن الذي كان خاضعاً لحكم الأئمة، وبالتحديد إلى تعز.

واعتبرت ثورة أكتوبر 63م في جنوب البلاد السلاطين والسلطنات الجنوبية من مخلفات الاحتلال، وتم القضاء عليها ونفي رجالها ورموزها خارج اليمن.

جبل القارة

يبلغ ارتفاع جبل القارة، الذي يعتبرمن أهم المعالم الجغرافية والتاريخية ليافع، حوالي600 متر تقريباً، وعلى ذلك الجبل الشامخ يقع مركز حكم السلطان العفيفي (القارة) المتميز بالمباني ذات الطابع الحميري الفريد من نوعه، وترتفع بعض قصوره إلى ستة طوابق، وشيدت جدرانها وسقوفها بالأحجار البيضاء (الرخام)، التي ما تزال قائمة حتى الآن دون أن تتأثر بعوامل الطبيعة، باستثناء بعض القصور التي تعرضت للقصف الجوي من قبل طائرات الاستعمار الإنجليزي.

وتعد (القارة) من أهم المعالم الأثرية بمنطقة يافع وأشهرها، وتعتبر متحفاً طبيعياً فريداً، من حيث الطبيعة الخلابة التي تمثل آية في الجمال، نظراً لموقعها الاستراتيجي الجذاب وطابعها المعماري (الحميري) الفريد في مبانيها (منازل- مساجد- أضرحة- صهاريج- مدافن وقصور).

تضاريس قاسية.. وطرق حجرية

وأعطاها موقعها أهمية عظيمة عند قبائل يافع، حيث تعد محوراً للمكاتب (مراكز مشائخ القبائل بيافع)، وجميع تلك المكاتب (التي هي مجموعة من القبائل) تأتي عبر الطريق المؤدي إلى جبل (القارة)، وكل تلك الطرق مرصوفة بالأحجار ومدعمة بالجدران الساندة العملاقة ليسهل مرور الخيول والبغال والجمال، وتلتقي كل الطرق في جبل (الجراشة) الواقع شمال (القارة)، ومن ثم يبدأ الصعود بسلم (القارة) الحجري، إلى حيث الدخول من بوابتها الشهيرة (سدة القارة).

جبال مقدسة!؟

وتحيط بيافع جبال شامخة، وعلى رؤوس تلك الجبال بقايا آثار أكد المؤرخون بأنها كانت قديماً جبالاً مقدسة، حيث أقيمت معابد آلهة اليمنيين القدامى، مثل (جبل كساء، جبل العر، جبل ثمر "هو أعلى جبال يافع"، جبل اليزيدي، والجبل العلي). فيما يمر بالمنطقة عدد من الأودية، أشهرها (وادي ذي ناخب، وادي حطيب، وادي يهر، ووادي بنا).

خصوبة أرض.. وحواضر مدن

وتشتهر أراضي يافع الخصبة بزراعة البن والقطن في المناطق الساحلية، إضافة إلى بعض الفواكه والخضروات والحبوب والتي لا تكفي اليوم للاستهلاك المحلي.

وتعد مدينة (بني بكر) شمال يافع من أكبر مدنها، يليها مدينة (حلاقة)، فيما مدينة (لبعوس) هي عاصمة يافع، وهي أحدث مدنها من ناحية العمارة والنشاط التجاري.

أما مدينة (قنداس) فهي عاصمة (يهر)، وتقع على وادي يهر الذي يعد من أجمل الأودية في منطقة يافع من حيث الخضرة، إضافة للمباني الهندسية الفاتنة، والتي جمعت الأصالة بالمعاصرة، وفي منطقة الموسطة تقع مدينة (المحجبة)، التي كانت عاصمة لسلطنة (هرهرة) بيافع العليا، وفيها يوجد قصر السلطان صالح بن أحمد هرهرة.

موسم الشعر في لبعوس

فيه يلتقي الشاعر مع جمهوره بشكل مباشر في مهرجان ينظم من كل عام لإلقاء الزوامل والقصائد الشعرية.

ويقام المهرجان كل عام عقب عيد الاضحى المبارك ويستمر أسبوعاً كاملاً (زوامل شعبية، قصائد شعرية غنائية، وسياسية، واجتماعية، وشعبية) .

نكهة التقاليد اليافعية

ومن عادات وتقاليد هذه المنطقة ، وحيث تقام احتفالات العرس، يظل العريس يعمل دون استراحة، يشاركه كل المدعوين من المنطقة أو من، وتحرم عادات المنطقة قبول (ضيافات) أو (رفده) من قبل الضيوف المشاركين، حتى في مناسبات العزاء أو في حفلات المواليد، إذ يحتفل أبناء منطقة يافع بمواليدهم الذكور دوناً عن الإناث، وتتكبد أسرة أم (المولود) تكاليف حفلة الغداء في منزل الزوج (المشتملة على مؤن المطبخ) حيث ينقلها والد الأم إلى منزل زوج ابنته لعمل حفلة غداء كبيرة.

أصالة الفن المعماري

تصاميم المباني تجمع بين الأصالة والحداثة، فهي تتميز بشكلها الأصيل ذي النمط الحميري، رغم حداثة التقسيم الداخلي والأثاث، نتيجة تحسن الأحوال المعيشية لمعظم أبناء يافع المغتربين، فإنهم يتنافسون على إنشاء المباني من طابقين إلى ثلاثة إلى ستة طوابق بتكاليف باهظة.