يُعد التمسك بالأخلاق الحميدة و الدعوة إليها أحد أبرز أهداف الدين الإسلامي قال الرسول محمد " بُعثت لأتم مكارم الأخلاق" (المستدرك، كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء و المرسلين ، من كتاب آيات رسول الله التي هي دلائل النبوة.) ، لذا فقد تعددت النصوص الشرعية التي تحث على التمسك بها ، و الموضحة لأجر المُتحلي بها و ثوابه في الدنيا و الآخرة . و الحديث الآتي واحدٌ من هذه النصوص المبينة لمنزلة الاتزام ببعض من هذه الأخلاق الحميدة في الإسلام .
عني أبي أمامة الباهلي قال: قال الرسول محمد : " أنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبَضِ الجنة لمن ترك المِراء وإن كان مُحقاً ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مزاحاً ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" (سنن أبي داود، كتاب الأدب ، باب في حسن الخلق ."
أتت كلمة زعيمٌ في الحديث الشريف بمعنى ضامن و كفيل .
المجالس ضرورة من ضرورات الحياة ، بها يتعارف الناس على بعضهم بعضاً، ومن خلالها يتفاهمون و يتواصلون ويلبون حوائجهم . وحتى تُحقق المجالس ثمارها فقد حرص الإسلام على توجيه أهلها التوجيه الراشد السليم فيما يجري بينهم من حوار و نقاش ، و الحديث النبوي الشريف الآتي يُبين بعضاً من هذه التوجيهات ومنزلة أصحابها يوم القيامة .
هناك من الناس من يتخذ من المجادلة في المجالس و النقاش الدائر فيها طريقاً له للترفع و إظهار الغلبة و العلم و الفضل على الآخرين ، او التهجم عليهم بإظهار عجزهم وجهلهم و قصورهم . وهذا هو المراء الذي نهى عنه الحديث و جعل لتاركه منزلاً من جوانب الجنة و نواحيها .
ويعتقد المسلمون أن المراء من أبواب الشر التي ينبغي على المسلم الابتعاد عنه ، لما فيه من استعلاء وكبرياء و تهجم على الآخرين و إيذاء لهم ، و المجادلة التي يدعو الإسلام لها هي المجادلة بالتي هي أحسن ولو كان المجادل مخالفاً في العقيدة ، قال الله تعالى : " وجادلهم بالتي هي أحسن " (سورة النحل الآية رقم (125).)
اعتاد بعض الناس الاستهانة من الكذب و بخاصة وقت المزاح ، فتجدهم من اجل اللهو و الترويح عن النفس ، أو إضحاك الآخرين و التقرب منهم في نسج القصص ، وتلفيق الحوادث دون النظر إلى عواقب هذا الخُلق السيء .
وحتى لا يصبح الكذب طبعاً لدى الإنسان ، وعادة يعسر التخلص منها نجد أن الإسلام قد ذم الكذب ولو كان مزاحاً ، وحث على الصدق في جميع الأحوال ، وقد جعل الرسول محمد في هذا الحديث النبوي الشريف من نفسه ضامناً لكل من ترك الكذب ولو كان مازحاً بأن يكون له منزل في وسط الجنة .
الخُلق صفة يتصف بها الإنسان ، تكون أساساً في صدور أفعال حسنة عنه أو سيئة فإن كان ما يصدر عن الفرد أمر يُلحق به الضرر بالآخرين كان الخُلق سيئاً كاكذب ، و النميمة و الغيبة و الُخل و التكبر و الِقد .
وقد كان الخلق الحسن من أبرز الصفات التي أُمتدح بها الرسول محمد ، وقد حث رسول الله محمد المسلمين على ضرورة التحلي بالأخلاق الحسنة فقال الرسول محمد : " ما مِن شيء يوضع في الميزان أثقل من حُسن الخلق " (سنن الترمذي ، كتاب البر و الصلة ، باب ما جاء في حُسن الخُلُق .) بل نجد الرسول محمد في هذا الحديث يتعهد لصاحب الخُلُق الحسن أن يكون له منزلٌ في أعلى الجنة ، جاعلاً من نفسه ضامناً على تحقيق هذا العهد .