Cosenza كوزنسا ، مدينة جنوب إيطاليا عاصمة مقاطعة كوزنسا ، في إقليم كالابريا و أحد أعرق مدنها ، سكانها 72.998 نسمة .
تقع عند ملتقى نهري بوزينتو و كراتي ، و بفضل ماضيها الثقافي تعرف المدينة ايضا باسم اثينا كالابريا . الاكاديميه الكوسينزية مثلا كانت واحدة من اوائل المعاهد التي جري تأسيسها في إيطاليا (1511). وحتى يومنا هذا ، لا تزال كوزنسا مركزا ثقافيا هاما مع بالعديد من متاحفها و مكتباتها و بمسارحها المحترفة و التقليدية و جامعة كالابريا القريبة . "إن وصف المدينة بالفاتنة لا يكفي" كتب جورج غيسينغ في عام 1901. "في كل خطوة من مدخل الشارع الرئيسي في أسفل التل إلى قلعة ستيرن العائدة للعصور الوسطى التي تتويج اوجها ، بين مندهش و معجب ."
فهرس |
تعلو المدينة 238 مترا فوق مستوى سطح البحر في وادى في منطفة جبلية بين سيلا و سلسلة من الجبال الساحلية ، القلعة تحجب البلدة القديمة منحدرة إلى النهر كراتي ، بينما تنمو المدينة حديثة إلى الشمال خارج نهر بوزينتو على مستوى الارض . المركز التاريخي للمدينة يجتازه طريق تيليزيو الإلتفافي .
كوزنسا هي العاصمة القديمة لشعب قبيلة بروتي ، كانت حصنا للشعب الإيطاليقي ضد التأثيرات الهيلينية اليونانية على مر القرون حافظت على مميزات التي يتسم بها بين المدن الداخلية في المنطقة . ثم اصبحت محطة توقف هامة على طريق بوبيليا الرومانية تحت حكم الإمبراطور أغسطس الذي ربط بين كالابريا و موانئ صقلية . اثناء الامبراطورية الرومانيه رغم كونها مستعمرة استفادت من امتيازات البلدية . انتسبت كوزنسا إلى الإقليم الثالث من الامبراطورية الرومانية الغربية حتى سقوطها ، لذا مصيرها ارتبط حصرا مع تاريخ روما .
عام 410 استولى الملك ألاريك ملك القوط الغربيون على المدينة العظيمة روما واصبح أول عدو اجنبي يستولي على هذه المدينة خلال أكثر من 800 عام . و عندما غادر الأريك روما بعد ما جمع قدرا ضخما من كنوز المدينة . و حسب الاسطورة توجه ألاريك جنوبا مع جنوده . وعندما وصلوا إلى منطقة كوزنسا ، مات . لا أحد يعلم كيف حدث ذلك . و يعتقد البعض انه أصيب بمرض في انتهى بموته . ويرى آخرون ان وفاته جاءت نتيجة لهجوم من جانب قوات العدو . وعلى أية حال ، فإن قواته احتراما له كملك دفنوه في قبر . ولم يكن هذا قبرا عاديا . قيل أن قبره موجود عند ملتقى نهري بوزينتو و كراتي . استخدم حشد من العبيد لتحويل المياه من بوزينتو ليسمح لهم بحفر قبر كبير يكفي لألاريك و حصانه و كل ما جمعه من كنوز خلال فتوحاته . و لما اكتمل الضريح ، عاد النهر إلى موقعه الاصلي و صار قبر ألاريك مغطي بالمياه . لضمان ان لا أحد سوف يكشف هذا الموقع إلى اي شخص ، وقتلت قوات ألاريك جميع العبيد .
شهدت المدينة صداما مريرا بين المسلمين و اللومبارديين ، و دمرت المدينة ثم أعيد بناؤها حوالي سنة 988 ؛ إلا أنها خربتها مرة أخرى في أوائل القرن الحادي عشر. و غادرها سكانها في محاولة للنجاة من التدمير و لجؤوا إلى التلال المحيطة حيث بنيت بعض القرى الصغيرة (لا تزال تسمى كازالي).
بحلول النصف الاول من القرن الحادي عشر ، أصبحت كالابريا إقطاعية دوقية نورمانية و كانت كوزنسا هي العاصمة . سرعان ما تمردت المدينة ضد حكم الكونت روجر الأول و لم يتم استعادتها إلا بعد حصار طويل . شاركت كوزنسا في غزو القيامة مع الصليبيين بقيادة الأسقف بيترو . تعود أبرشية المدينة إلى القرن السادس و هي ضمن الأعرق و الأهم في الإقليم . و في وقت لاحق و تحت حكم هوهنشتاوفن أصبحت المدينة مقرا لمحكمة كالابريا (Curia Generale). كان للامبراطور فريدريك الثاني إهتمام خاص بالمدينة ، فعزز البناء و الأنشطة الإقتصادية و نظم معرض سنوي هام .
دفن هنري ابن فريدريك في الكاتدرائية . وفي وقت لاحق خاضت كوزنسا قتالا مريرا ضد الهيمنة الأنجوفيين المدعمومين من رجال الدين . و بينما انتشرت الانتفاضة خلال وادي نهر كراتي ، شارك المدينة في قتال سجالي بين الأنجوفيين و الارغونيين . في عام 1432 استقر الملك لويس الثالث انجو بالقلعة مع زوجته مارغريت سافويا . و عندما توفيت عام في 1434 دفنت في الكاتدرائية .
عام 1500 و رغم من المقاومة ، احتل الجيش الاسباني كوزنسا بقيادة الكابتن كونسالفو دي كوردوبا . و خلال القرن السادس عشر شهدت كوزنسا فترة من التوسع و أصبحت مقر الوالي من كالابريا . و في الوقت نفسه زادت أهميتها الثقافية نما بفضل تأسيس الأكاديمية الكوزنسية ، ومن بين أشهر أعضاءها برناردينو تيليزيو و أولو جاني بارازيو و الإخوة ماتيرانو و أنتونيو سيرا و غيرهم .
بين عامي 1806 و 1815 كافحت كوزنسا كفاحا منقطع النظير ضد الهيمنة الفرنسية . و ميز تلك الفترة المحاولات القاسية لإخماد التمرد ، و تعتبر المدينة مهد جمعيات كاربوناري السرية في عام 1813 ، تم إعدام العديد من المتمردين . بشرت الاضطرابات المحلية في عامي من 1821 و 1837 عملية توحيد إيطاليا . فقد أعقبتها إنتفاضة 15 مارس 1844 والتي بلغت ذروتها مع ما سمي "الحماقة النبيلة" عندما تم إعدام الأخوين باندييرا مع بعض اتباعهم في فالوني دي روفيتو في كوزنسا . في عام 1860 و بعد بضعة أشهر من الأعمال البطولية السريعة و الساحقة لقوات غاريبالدي ، أعلن الإستفتاء ضم كالابريا إلى مملكة ايطاليا الجديدة . و في هذه الأيام كوزنسا مدينة ذات أهمية كبيرة من الناحية الثقافية . ففي السنوات الاخيرة و بفضل الترميم الإستغلال الأفضل للتراث التاريخي عُززت الأنشطة الثقافية إلى حد كبير . و بالتالي كوزنسا اليوم تعد مرجعا ليس فقط لكالابريا وإنما أيضا في مناطق الأخرى .