كان الكاكاو Cocoa ، قديماً مشروب النخبة وعملة تحتسب بالحبة وتشكل عنصر مقايضة في التجارة القديمة ، لذلك كان من عوامل إثارة الصراعات بين شعوب وقبائل قديمة أبرزها شعوب المايا التي عاشت في أمريكا الوسطى. ولقد اكتشف العلماء أن للكاكاو تاريخاً عريقاً يعود إلى أكثر من 1000 عام ، وذلك استناداً إلى آنية وأكواب فخارية تم العثور عليها في إحدى مقابر المايا. كانت الأكواب تحمل ترسبات تبين بعد اجراء تحاليل عليها أنها تفل الكاكاو.
والمايا من شعوب أمريكا الوسطى التي كان لها حضارة متقدمة ، وقد حكم شعب المايا هندوراس وغواتيمالا وشبه جزيرة يوكاتان في المكسيك. وبلغت حضارته أوجها ما بين عامي 600م و900 م.
وقد لعبت الشيكولاتة أو ما عرفت سابقاً بالكاكاو دوراً بارزاً في حياة المايا ، إذ كان علية القوم يدفنون موتاهم ويضعون في قبورهم أنية أحشاء الكاكاو لإعتقادهم بأن هذا المشروب يشيع في نفوسهم البهجة في العالم الآخر.
والجدير بالذكر أن كلمة كا- كا- و ( Ka-Ka-w) التي نقشت على الآنية المكتشفة لعبت دوراً أساسياً في عصور لاحقة في فك رموز كتابة المايا.
وكانت حبوب الكاكاو إحدى وسائل التجارة قديماً كما كانت أيضاَ مسار صراع ، واستخدمت بمثابة النقود في نحو عام 1000م ، إذ كان «الزونتلي» الواحد يساوي 400 حبة من حبوب الكاكاو ، و«الزيكيبيلي» يساوي 800 حبة.
وكان الكاكاو بالنسبة لشعبي المايا والأزتيك مشروب ذوي النفوذ والمهابة والنخبة من المحاربين ، ويقدم في المناسبات والاحتفالات الطقوسية ، وتمسح به رؤوس وأصابع وأيدي وأرجل الأطفال حديثي الولادة لتعم عليهم البركة.
أما كريستوفر كولومبوس ، فقد اعتبر الكاكاو مجرد مال ، والأوروبيون لم يتذوقوا طعم «الحبوب البنية» إلا بعد قيام الفاتح الإسباني هرنان كورتس بغزو المكسيك عام 1519م.
وذكرت كتابات تعود لسنة 1590 أن الرجال والنساء الأسبان كانوا يدمنون شرب الكاكاو و وقد ظهر أول كتاب عن القهوة عام 1609م اصدر البابا بايوس الخامس قراراً سمح بموجبه باحتساء القهوة خلال فترة الصوم الديني.
واليوم يشهد العالم اقراطاً في احتساء الكاكاو والقهوة كشراب حلو المذاق ، أو ممزوج بالحليب .
الشيكولاتة ، سليلة أمجاد الكاكاو القديمة ، تتربع الآن على العرش بعد أن أصبح التنافس على صنعها على أشده بين سويسرا وبلجيكا وبريطانيا وأمريكا ، وباتت سلعة استهلاكية عالمية لها مصانعها وخبراؤها ومسوقوها في شتى أنحاء العالم.