الرئيسيةبحث

فترة أسوكا

فترة أسوكا (باليابانية: 飛鳥時代) امتدت ما بين (593 م-710 م) من فترات التاريخ الياباني. سميت هذه الفترة بـ"أسوكا" (飛鳥) نسبة إلى المكان الذي احتضن البلاط الإمبراطوري. أهم ما ميزها هو انفتاح البلاد على الثقافتين الصينية -الكورية، وإدخال البوذية.

فهرس

هيمنة عشيرة سوغا على البلاط

مع نهاية القرن الـ6 للميلاد، أخذت هيمنة عشيرة "سوغا " على بلاط ياماتو تتزايد. عن طريق تشكيلهم لتحالفات مدروسة استطاع هؤلاء إبعاد عشيرتي "ناكاتومي" و"مونونوبه" عن البلاط. تبدأ "فترة أسوكا" مع تتويج الإمبراطورة "سوئيكو" (推古天皇) ح(592-628 م)، و الذي أعقب اغتيال زعيم عشيرة الـ"سوغا" للإمبراطور السابق "سوكشون" (崇峻天皇). عرف عن الـ"سوغو" قربهم من مجموعة النازحين الكوريين الجدد ، كانت بلادهم تعرف اضرابات سياسية، جلب هؤلاء معهم بعضا من معالم ثقافتهم، وكانت البوذية الشكل الأبرز لها. قابل أفراد عشيرة الـ"سوغو" البوذية بالترحيب، وبالأخص وأنها لم تكن غريبة كليا عنهم، فقد قام الإمبراطور الكوري "به-إيك-تشه"، بإهداء البلاط تمثال لبوذا ومجموعة من النصوص البوذية عام 538 م.

إصلاحات الأمير شوتوكو

ضريح (كوفون) بالقرب من أسوكا: يعتقد انه لـ"سوغا نو أوماكو" أحد زعماء عشيرة سوغا أثناء فترة أسوكا
ضريح (كوفون) بالقرب من أسوكا: يعتقد انه لـ"سوغا نو أوماكو" أحد زعماء عشيرة سوغا أثناء فترة أسوكا

أصبح الأمير "شوتوكو" وصيا على خالته (أو عمته) الإمبراطورة "سوئيكو"، وكان الحاكم الفعلي للبلاد. تنسِب إليه المصادر التاريخية أغلب الإصلاحات التي أجريت في أوائل القرن الـ7 للميلاد. قام بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع الصين -والتي توحدت من جديد في ظل حكم أسرة سوي-، كما تقرر إرسال بعثات من السفراء والطلاب بصورة منتظمة إليها.

بدأت أولى محاولات الإصلاح الإدارية عام 603 م، عندما تم الإعلان عن "الميثاق ذو السبع عشر نصا"، جاءت نصوص القانون الجديد مستوحاة من العقيدتين البوذية و الكونفشيوسية معاً، كما حمل في طياته قيام بيروقراطية على النمط الصيني، تم معها وضع الدرجات و الطبقات التي سيخضع لها عمال الدولة.

حتى يعلن اليابانيون سيادتهم واستقلالهم (بالنسبة للجارين كوريا والصين)، تم في هذه الفترة اتخاذ اسم رسمي للبلاد: نيهون (منبع الشمس) بدل التسمية التي كانت يطلقها الصينيون عليهم (وا). ولنفس الأسباب اتخذ الإمبراطور لقب "تينو" (النجمة القطبية)، كما عدل البلاط عن تغيير مقر الإقامة في كل مرة ينصب فيها الامبراطور جديد. إلا أن هذا لم يمنع البلاط من الانتقال مرتين، إلى "فوكاوا-كيو" مرة أولى عام 694 م ثم إلى "هييجو-كيو" (نارا) عام 710 م.

عمل الأمير "شوتوكو" على ترسيخ البوذية في كامل أرجاء البلاد، مما شجع على انتشار الثقافة الصينية و ظهور طبقة جديدة متشبعة بها إلى حد كبير. اعتُبر الأمير "شوتوكو" أول حامي للبوذية في اليابان، أصبحت هذه الديانة عقيدة الدولة الرسمية، كما تم في عهده تشييد أقدم المعابد البوذية في اليابان اليوم: هوريو-جي (في نارا)، وشيتنو-جي (في أوساكا).

إصلاحات عهد تائيكا

"شوتوكو تائيتشي" (聖德太子): ثمثال من البرونز، محفوظ في أسوكا
"شوتوكو تائيتشي" (聖德太子): ثمثال من البرونز، محفوظ في أسوكا

بعد موت "شوتوكو"، عادت عشيرة سوغو إلى عادتها القديمة في التسلط على شؤون البلاط، اصطدموا في أول الأمر بأحد أبناء الأمير "شوتوكو"، فقاموا باغتياله ثم نصبوا الإمبراطور "جوميي" (628 م) من قِبلهم. بعدها بفترة احتدم صراع جديد بين ولي العهد الأمير "ناكا أو أو-إه" ومستشاره "ناكاتومي نو كاماتاري" مع زعماء عشيرة "سوغا". انتهى هذا الصراع بطريقة دموية، فقد عثر على "سوغا روكا" -زعيم الـ"سوغا"- مقتولا (645 م) في أحد أروقة البلاط الإمبراطوري في كيوتو.

انتهت مع مصرع زعيم الـ"سوغا" المرحلة الانتقالية، والتي دامت منذ موت الأمير "شوتوكو"، وبدأت مرحلة جديدة تواصلت فيها الإصلاحات، عرفت تاريخيا باسم "إصلاحات عهد تائيكا" (大化改新) و دامت (645-649 م). قاد هذه الإصلاحات الجديدة كل من الأمير "ناكا نو أويي" والذي أصبح إمبراطورا فيما بعد -اتخذ لقب "تنجي" (天智天皇)-، و مستشاره "ناكاتومي نو كاماتاري" (614-669 م)، و الذي عرف بعدها بلقب "فوجي-وارا" (藤氏). تمكن الاثنان من وضع حد لهيمنة عشيرة "سوغا"، و في نفس السنة (645 م) تم الإعلان عن المراسيم التي دشنت أولى "إصلاحات عهد تائيكا". الهدف الغير معلن من هذه الإصلاحات هو تقوية البيت الإمبراطوري على حساب البيوتات و العشائر الأخرى. كانت القوانين الصينية للفترة نفسها المصدر الأول لهذه المراسيم: تم إعادة تقسيم الأراضي والتي أصبحت ملكا للدولة، بطريقة أكثر تكافؤا، في مقابل ضريبة يتم استخلاصها من أيدي كبار العشائر، كما تم إعادة النظر في نظام الجباية بما يتوافق مع الطريقة الجديدة في توزيع الأراضي.

تدعم مركز البلاط الإمبراطوري على حساب القوى السياسية الأخرى في البلاد. يعتبر حكم الإمبراطور "تنمو" (673-686 م) أبرز شاهد على مدى سطوة الأباطرة. تولى الأخير الحكم في أعقاب نزاع بين ورثة الإمبراطور السابق، قام ومنذ أيام حكمه الأولى بالإعلان عن مجموعة من المراسيم والقوانين حتى يمنح نفسه مزيدا من السلطة ويتكسب شرعية أكثر: إصلاح الجيش، تدوين تاريخ قومي للبلاد، تنظيم الطرقات البرية. جاءت بعد ذلك مراسيم و قوانين أخرى على غرار "كيوميهارا" -والذي أقرته زوجته الإمبراطورة "جيتو" (686-697 م)-، "تائيهو" ثم "يورو"، رسخت كلها و بالتدريج قيام ما أطلق عليه المؤرخون "الدولة التي تديرها القوانين"، دولة ذات طابع مركزي، تهيمن عليها طبقة من الموظفين، تمتعت بسلطة كبيرة، قسم أفرادها طبقات متفاوتة حسب درجة الوظيفة. أصبح نمط إدارة المملكة يتم على الطريقة الصينية. استمر العمل بهذا النظام أثناء "فترة نارا" ثم في بداية "فترة هييآن" (794-1185 م).

راجع أيضا:

مصادر