الرئيسيةبحث

عبد الحميد بن هدوقة

عبد الحميد بن هدوقة أديب جزائري ولد سنة 1925 و توفي سنة 1996 .

إسمه عبد الحميد بن هدوقة أديب جزائري من مواليد 09 جانفي 1925 بالمنصورة برج بوعريريج, بعد التعليم الابتدائي انتسب إلى معهد الكتانية بقسنطينة، ثم انتقل إلى جامع الزيتونة بتونس ثم عاد على الجزائر ودرس بمعهد الكتانية بقسنطينة إلى جانب نضاله ضد المستعمر الفرنسي الذي كان له بالمرصاد مما دفعه إلى مغادرة التراب الوطني نحو فرنسا ليغادرها عام 1958م باتجاه تونس، ثم رجع إلى الوطن مع فجر الاستقلال.

تقلد عدة مناصب منها: مدير المؤسسة الوطنية للكتاب، رئيس المجلس الأعلى للثقافة، عضو المجلس الاستشاري الوطني ونائب رئيسه.

توفي في أكتوبر 1996م.

له مؤلفات شعرية ومسرحية وروائية عديدة منها: الجزائر بين الأمس واليوم (دراسة 1958م)، ظلال جزائرية (قصص 1960م)، الأشعة السبعة (شعر 1962م)، الأرواح الشاغرة (شعر 1967م)، ريح الجنوب (رواية 1971م)، الكاتب وقصص أخرى (قصص 1972م)، نهاية ألمس (رواية 1974م)، بان الصبح (رواية 1981م)، الجازية والدراويش (رواية 1983م)، غدا يوم جديد (رواية 1991م)، أمثال جزائرية (الجزائر 1990م)، من روائع الأدب العالمي (الجزائر 1983م).

اكسبته نشأته في الأوساط الريفية معرفة واسعة بنفسية الفلاحين و حياتهم . انتج روايات عديدة تناولتها الإذاعات العربية .


== ولد عبد الحميد في قرية المنصورة بولاية سطيف في الشرق الجزائري سنة 1925، وتعلم اللغة العربية على يد والده، اما الفرنسية فقد اخذ منها حظاً في التعليم الابتدائي في قريته، وبعدها واصل دراسته في المدرسة الكتانية في قسنطينة، وفي العام 1949 سافر إلى مرسيليا وحصل على شهادة الإخراج الإذاعي بالفرنسية، وشهادة تقنية في تحويل المواد البلاستيكية، ورجع إلى المدرسة الكتانية ودرّس بها لمدة سنة، ثم شد الرحال بعد ذلك إلى تونس حيث مكث اربع سنوات، ونال خلالها شهادة العالمية في الأدب من جامعة الزيتونة، وشهادة التمثيل العربي من معهد فنون الدراما في تونس.

السياسة والأدب

بدأ الكتابة في الخمسينيات، وصدر له أول عمل سنة 1952، وهو نص شعري بعنوان: «حامل الازهار» ثم دخل المعترك السياسي وأصبح عضواً في حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية، ثم اميناً عاماً بها، ورئيس جمعية الطلبة الجزائريين في تونس. قبض عليه في 81 كانون الاول - ديسمبر- 1952 في تونس بعد قيامه بمهمة صحافية وذلك بتغطية تظاهرات نسائية في احدى احوار تونس، وسجن في زغوان في تونس ثم فر من السجن مع مجموعة من رفاقه. وفي سنة 4591 (سنة اندلاع ثورة التحرير الجزائرية) عاد إلى الجزائر. وعندما حصل الانقسام بين حركة انتصار الحريات الديمقراطية وجبهة التحرير الوطني، استقال من كل مناصبه وكرس جهده لتدريس الادب في المدرسة الكتانية، ونتيجة ملاحقته المستمرة، اتخذ بطاقة تعريف جديدة باسم عبد الحفيظ مصطفى، وجواز سفر وغادر ثانية إلى فرنسا العام 5591، ونتيجة الجهد والتعب الكثير دخل المستشفى وطلب منه الاطباء تغيير عمله، وربما كان هذا هو السبب الاساسي الذي جعله يهتم بالكتابة والإبداع أكثر من اي شيء آخر، كالتمثيل في السينما او المسرح.

كان عبد الحميد على اتصال دائم بالثورة والثوار وكتب عنهم في الصحف والمجلات التي كانت تصدر آنذاك في تونس، كما عمل فيما بعد في الإذاعة التونسية وكتب أكثر من مئتي تمثيلية كما عمل قبل ذلك في فرنسا كمخرج متربص في الاذاعة الفرنسية ( 1956- 1958) وكانت له برامج مختلفة، كالبرنامج الادبي «ألوان» وبرنامج «اختبر ذكاءك». وبعد استقلال الجزائر عمل مديراً للبرامج في هيئة الاذاعة والتلفزيون الجزائرية ثم مدير الإذاعتين العربية والقبائلية.

تزوج فرنسية وانجب منها بنتاً. هذا الرجل الذي له قدم في الثقافة الفرنسية واقدام في الثقافة الجزائرية والعربية أكمل حياته مع جزائرية وانجب منها ثلاثة اولاد.

مؤسس الرواية

يجمع أغلب النقاد على انه كان من بين المؤسسين للرواية العربية في الجزائر وبهذا احتل مكانة مهمة بين روائيي الجزائر العرب، وكان الصدق في الكتابة بالنسبة إليه هو هدفه الأسمى ويقول عن كتاباته: «حاولت في ما كتبته على تواضعه، أن أعالج نقاط التأزم الرئيسية في الوضع الجزائري بصفة تدخل أكبر قدر من المستقبل في الحاضر، وتبتعد عن المضامين الجاهزة والاشكال النابعة من مراكز خارجية، اعتقاداً مني بأن الانطلاق من المعطيات التاريخية المحلية لكل قطر عربي، لو روعيت في اعمالنا الادبية لأرجعت لنا شيئاً من الكرامة، وجنبتنا كثيرا من مزالق الاستلاب، فالثقافة العربية التي عاش العالم على كرمها الروحي ما يقرب من الألف سنة لا تستحق هذا الواقع الذي وضعها فيه تخلفنا المادي والسياسي، ان هذه الاهتمامات هي التي جعلتني في كل أعمالي الادبية اعمل على معالجة الواقع المتأزم والجوانب المظلمة في حياتنا الاجتماعية مبتعداً بقدر الامكان عن الاغتباط بما حققناه من ايجابيات...».

المرأة في كتاباته

لم يكن يكتب ليرضى او ليستجيب لرغبات سياسية متفاوته في التفاؤل، بقدر ما كتب عن الاوضاع الجزائرية من اعمق الاعماق، فبالإضافة إلى كونه أحد المؤسسين للرواية العربية في الجزائر، نراه يعالج موضوع المرأة دون لف أو دوران، فكتب عنها وعن جسدها وآهاتها في روايته «ريح الجنوب» التي ادخل فيها المرأة كإنسان له دوره الكامل ودخلت كجسد. تقول الكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي في ذلك: «هي أول عمل ابداعي ادخل فيه المرأة- لها جسد وشهوات انسانية، وانها عضو فاعل في المجتمع الجزائري» اما جان بول ايفري الناقد الفرنسي فيقول عن ابن هدوقة «انه جزائري حتى النخاع، لانه عكس هموم الطبقات والشرائح الاجتماعية وطموحاتها عبر اعماله الادبية، شعراً ورواية، ووضع المرأة في المقام الاول، ذلك انها أهم مدرسة. فالمرأة احتلت المكانة التي يجب ان تحتلها لا غير في أعمال بن هدوقة».

المرأة والارض والمستقبل، وكل قضايا الحياة هي مركز اهتمام بن هدوقة، ولكن بأي لغة؟ حيث لاحياة دون لغة، يقول عنه الناقد الفرنسي جلبير غراند غيوم: «اكد في اعماله على تعلم اللغة العربية بحذر وبطريقة جد حكيمة».

بين التعريب والتغريب

الاستعمار ورواسبه أرغم، في نظر ابن هدوقة، المواطن الجزائري على ان يعيد النظر في لغته بكل حيثياتها الثقافية والسياسية وهو يدرك ان معركة جديدة تفرض نفسها عليه. معركة تبتغي إبراز لغة عربية حديثة تلامس الحياة اليومية وتعرف ان تتحدث عن الغد، ولا تكون حاجزاً دون الآخر ولا أمامه، لهذا لا يرى بن هدوقة ان مشروع التعريب في الجزائر قد اخذ سبيله الثقافي الفعلي بل يعطيه طابعاً سلبياً ذلك انه في نظره لم يكن سوى تعريب سياسي، فليس من السهل ان يخرج المواطن من أدغال الاستعمار ومخلفاته ليدخل في معركة عربية دون الإلمام بكل جوانبها السياسية والثقافية، ويجب ان تكون لغة عربية حديثة، تأخذ بعين الاعتبار حياة اليوم والغد وأن لا تكون حاجزاً آخر او أمام الآخر مهماً كان. اما التعريب فكان يرى انه تعريب سياسي أكثر منه ثقافي أريد له ان يكون دون مراعاة للمعطيات الثقافية الحقيقية ودون تهيئة الجو المناسب له فعلاً، ودون ان يكون قضية في أيدي أناس مدركين لمشكلته وقادرين على تهيئة الاجواء المناسبة للدخول في عملية التعريب «بتؤدة». وهكذا قد أسيء إلى العربية والكاتبين بها وخلق شرخاً واعطى سلاحاً لأعدائها لكي يصفوها بالتخلف وعدم استيعاب التقدم التكنولوجي والصناعي، وكانت آراء بن هدوقة في هذا الموضوع جلية، ولكنه لم يكن متعصباً مثل بعض اقرانه فهو «يعتبر لغة الكاتب هي وطنه»، الا أن الظروف التي تعرضت لها الجزائر غيّرت مجرى هذا المفهوم، والأدب عنده لا يتميز باللغة - في هذه الحالة - بل يتميز بالهموم التي يعالجها، «ولذلك فالجزائر بحاجة إلى كتابها باللغتين العربية والفرنسية، لأن هاتين اللغتين هما اللغتان اللتان صنعتا الأدب والثقافة الجزائريين. ففي أيام الاستعمار لم نكن نعتبر اللغة حاجزاً، والهدف كله كان التخلص من الاستعمار «فللكتابة قيم انسانية يحملها الأدب الذي هو عمل خاص وبناء لحياة الأمة».. ولابن هدوقة موقف واضح من المثقف الجزائري الذي كان دائماً يفكر من داخل السلطة الجزائرية، «وهي لم تكن تقيم اي وزن له لأنها ليست مثقفة، ولأنها لاتقرأ. والقاعدة القارئة لم تكن تشكل لها في جزائر السبعينيات (قضية التعريب)، اي وزن «فهم الحكام كان ولازال السلطة والمسؤولية، والسلطة كانت دائماً أجنبية عن الثقافة».

فالمثقفون، حسب بن هدوقة، لم يلموا شملهم، واتحاد الكتاب الجزائريين كان جزءاً من السلطة وكان يضم شلة صغيرة تخدم الحكم بشكل او بآخر، والسلطة الجزائرية خلقت مجموعات ثقافية غير متجانسة وليس من السهل انطلاقاً من هذا الواقع الأليم توحيد الكتاب الجزائريين، نظراً لهذه السلطة والتشتت الذي عاشوه وعايشوه.

اما اللغتان الموجودتان في البلد، رغم مرور أكثر من 03 سنة على الاستقلال، فيرى بأنهما «كانتا لغتي تناحر وتباعد، ولم تكونا لغتي تقارب وتبادل وتحاور». وهذه إحدى الإشكاليات العويصة التي زادت واقع الجزائر بؤساً وهمّاً «أنا اشجع اللغتين ولا اعني بذلك تفضيل الكاتب باللغة الفرنسية على الكاتب باللغة العربية، لكن ما اشجعه هو التبادل والتفاهم والتحاور العقلاني المنطلق من الواقع الجزائري ومن قراءة متأنية لتاريخه وحاضره ومستقبله».

المهم بالنسبة إلى عبد الحميد ان تخدم اللغة الجزائر وشعبه وأن تجعل منه بلد الصدارة الثقافية كما كان بلداً للتحرر حيث اعطى بذلك أمثلة كثيرة وبطريقة او بأخرى يريد بن هدوقة من المثقفين ان يكونوا وطنيين يخدمون مصلحة شعبهم لكنه يعرف بأن هذا النداء ما هو إلا أمنية، لأن الواقع الجزائري متشابك وذو سلطة امنية وهي التي تقف في وجه الثقافة، بل ربما يساعد بعضهم هذا الوضع لأنه لو لم يوجد لما وجدوا هم انفسهم على رأس بلد المليون ونصف المليون شهيد.

رجل حوار

كان عبد الحميد متتبعاً ومحللاً، له وجهات نظر حرة تؤمن في النقاش والإيمان والقيم الحضارية للشعوب وبخاصة ان الجزائر عرفت تجربة كبيرة وناضلت من اجل التحرير وجاءت بالاستقلال «تم حصولنا على هويتنا: جواز سفرنا، وطننا، لقد أصبحنا رجالاً ونساء، وفكرنا أننا سننسى بلدنا ونساعد الآخرين في تحرير بلدانهم- لكننا لم نفكر ان التخلف الثقافي سيفرض نفسه ويصبح عائقاً كبيراً».

بعد الاستقلال قبل بعضنا بالانقلاب السياسي، ومن هنا قبلنا أن نكون مسيّرين...؟!

اي ان الحلم الذي كان ينتظره الجزائريون تبدد ولم يدم طويلاً، وإذا بالأبوة السياسية والاجتماعية والاقتصادية توجه الشعب الجزائري وتفكر مكانه(!) وبهذا يكون المواطن الجزائري قد ضيع حريته وأمله وربما حتى مستقبله، لأن الجزائر في نظر بن هدوقة أصبحت بلد الماضي، وليست بلد حلم «بلد الكوابيس وليست بلد الهدوء، انها بلد التمزيق...» وبما ان الكاتب هو قبل كل شيء: مواطن يعيش أوضاعه وأوضاع الآخرين، وما يميزه عن الآخرين هو انه «ملاحظ ومحلل ومتنبىء» وبالتالي يكتب ما يعايشه ويراه بشكل او بآخر حتى يعكس الواقع، وهكذا تطورت الاوضاع حتى «اصبح الجزائري يعايش ويتعايش مع الموت، واصبح اللانظام يطلق عنانه في المكان والمدينة وفي ارجاء الوطن، فاصبح الانسان يخاف من اخيه ومن صديقه ومن جاره واصبح الشيء الذي يخاف منه المثقف، وغيره، هو الموت أو انتظار الموت» انه موت قبل الأوان وقبل الوقت، لكن لماذا وصلت الجزائر إلى هذا اللانظام؟ يقول بن هدوقة: «ومن جاء بهذا الاسلام المحنط الذي قتل فكرياً وجسدياً الآخر لكونه لا يفكر مثله وليس من مدرسته الدينية» فأي دين هذا الذي يتكلم به القاتل؟ فهل امر الدين بالقتل؟ كلا، ان لهذا الواقع السياسي دوراً اساسياً لأنه هو الذي اوصلنا إلى هذه النتيجة، السياسي بكل أنواعه، المعارض والحاكم، فقبرك هذا الجحيم الذي تعيشه الجزائر، «ولسنا بشراً ان كنا غير احرار» وعلينا ان «ندافع عن حرية الانسان اين وجدنا، حتى في المنفى الذي لا يجب ان يتركنا ننسى اوضاع بلداننا» والمثقف يجب ان يكون نزيهاً في تحليله لهذا الواقع وأن «يتحلى بالأخلاق والصدق» وان لا يكون مجرّد مكبر صوت يعكس ما تمليه عليه السلطة خصوصاً في الظروف الراهنة.

الجميع مسؤولون

لا غلوّ في موقف بن هدوقة من الواقع في تحليله للإشكالية الجزائرية، فهو يلقي المسؤولية على كل الناس، وبالأخص على السلطة! وعلى المثقف والمعارضة.

لماذا وصلنا إلى هذا الدمار الثقافي والاجتماعي، ولِمَ وصلنا إلى هذه النتيجة السيئة؟ «لا يوجد اي شعب يستحق العذاب والنكبات، والجزائر لا تستحق هذا الجبروت الديني او اولئك الطغاة» انها لمأساة عايشها بن هدوقة وحللها بصدق، وكانت صيحاته من قلب انسان يتألم من وضعه الشخصي كإنسان حلم بغد افضل، وكمواطن أصيب بمرض عضال، اسكته عن الحياة يوم 12 تشرين اول- أكتوبر - 6991، واصيب بدنه بسرطان خبيث. كيف المخرج؟ وهل «هذا هو افق الصبا والشباب؟ لا، انه قدر محتم ومظلم ومملوء بالأحزان والاتعاب» يختلط العنف بالامل، لكن الواقع الاليم يفرض نفسه «والمجزرة مستمرة ولا أحد يعرف من يقتل الآخر؟ سوى ان المتهم اسلامي(!) جاء بدين محنط مستورد يفتي بالموت والتهديد..»

حضور التراث

استوحى بن هدوقة أموراً كثيرة من التراث وضمها بشكل حديث في اعماله الادبية وتصدى بكل شجاعة للظروف التي مرت بها الجزائر، واعماله الروائية سلسلة من الصيحات ضد العادات والتقاليد من أجل حداثة راقية لا تتجاهل الماضي الذي هو جزء من فكرنا وحياتنا، لكن لا يجب ان يكون هذا الماضي هو المطرقة التي نحكم بها مستقبلنا، كما لا يحق للكاتب ان يأتي بصور للجزائر من شوارع باريس او لندن، بل من الواقع الجزائري اليومي، ادان التطرف والتعصب والارهاب بكل انواعه، وسجل في عمله الروائي «غداً يوم جديد» شهادة تكلم فيها عن الثورة الأطفال «الذين ولدوا على الرغم من آبائهم، وليس بالإمكان ان يسكتوا إلى الابد على الأكواخ القصديرية التي بنتها لهم قصور الاستقلال» وهي رواية يخاطب فيها الذاكرة التي غيبت في الجزائر. والبطلة العجوزة مسعودة «ارادت ان تتكلم بعد صمت طويل وذلك منذ بداية انتفاضة تشرين اول- اكتوبر- 8891، لتقوم بنقد ذاتي مقارنة أحداث ماضي البلد بمستقبلها المجهول السائر نحو الغموض وذلك بالحديث عن تجربتها الخاصة كجزائرية عايشت مسيرة البلاد.

يقول الروائي في حوار بين السارد والبطلة مايلي:

«لو سألتني من تحب؟

أقول لها: حلماً

أضاع أحلامه!

لو سألتني: ما الزمن؟

أقول لها: شريط فارغ، قبل قصتك؟

لو سألتني: كيف كانت اليقظة؟

أقول لها: مّرة!

لو سألتني: كيف كانت قصتي؟

اقول لها: الطريق الذي أوصلني من الدشرة (القرية) إلى المدينة صار أدغالاً

يعمرها قطاع الاحلام.

لو سألتني: أين تحيا؟

أقول لها: في المدينة والرأس مازال قروياً. والقرية اندثرت!

لوسألتني: وما جنت به عليك المدينة؟

أقول لها: اعتدت على شرف طفولتي كما اعتدت على شرف شبابك القروي!

أصبحت شيباً- واعذريني- أروقة لممارسة الفاحشة عن براءة وطهر روحي

واصبحت أنا سوقا سوداء

ابيع الكلمات...

من يشتري الكلمات! من يشتري الكلمات» (ص 561-661 من الرواية)

آمال وخيبات

ان مسيرة عبد الحميد مليئة بالآمال والخيبات وهي تعكس مسيرة الجزائري الذي عايش الحلم والتغيير ثم رأى كل شيء يتبدد رويداً رويداً، وعبر عن ذلك في اعماله المتنوعه حتى قال عنها النقاد: «انها اجتماعية، وواقعية صافية، وفيها شيء من الرومانسية والوجودية، وانها لا تخلو من الشاعرية والرمزية وهناك من جعل الروائي واقعياً نقدياً يتسم بوضوح الرؤية تارة، وقصورها تارة أخرى».

صدرت لعبد الحميد بن هدوقة الأعمال الآتية:

1 - الجزائر بين الأمس واليوم، دراسة نشرت تحمل اسم وزارة الاخبار للحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 9591.

2 - ظلال جزائرية (مجموعة قصص) نشرت في بيروت عن دار الحياة سنة 0691.

3 - الأشعة السبعة (مجموعة قصص) صدرت في تونس عن الشركة القومية للتوزيع والنشر سنة 2691.

4 - الارواح الشاغرة (ديوان شعر) صدر في الجزائر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 7691.

5 - ريح الجنوب (رواية) صدرت في الجزائر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1791.

6 - الكاتب وقصص اخرى (مجموعة قصص) صدرت في الجزائر عن الشركة نفسها سنة 4791.

7 - نهاية الامس (رواية) صدرت في الجزائر عن الشركة نفسها سنة 5791.

8 - بان الصبح (رواية) صدرت في الجزائر عن الشركة نفسها سنة 0891.

9 - الجارية والدراوبيش (رواية) صدرت في الجزائر عن الشركة نفسها سنة 3891.

10- قصص من الادب العالمي (مجموعة قصص ترجمها الكاتب واختارها من الادب العالمي، صدرت في الجزائر عن الشركة نفسها سنة 3891.

11 - النسر والعقاب (قصة للاطفال بالالوان) صدرت في الجزائر عن الشركة نفسها سنة 5891.

12 - قصة في ايركوتسك (مسرحية سوفياتية مترجمة) صدرت في الجزائر عن الشركة نفسها سنة 6891.

13 - دفاع عن الفدائيين (دراسة مترجمة عن عمل قام به المحامي قيرجيس) نشرت في بيروت سنة 5791، وسلمت هذه الدراسة إلى منظمة التحرير الفلسطينية.

14 - غداً يوم جديد (رواية) صدرت في الجزائر سنة 2991 في بيروت عن دار الادب سنة 7991.

15 - امثال جزائرية، صدر في الجزائر، عن الجمعية الجزائرية للطفولة سنة 3991. يخاطب فيها الجيل الجديد الذي يبحث عن تاريخه وهويته الثقافية الشعبية الحية والغنية في تراثه. «اود ان اعترف من خلال عملي هذا بالتقاطع والتشابك والتداخل الثقافي بين مختلف الجهات الجزائرية وبين الادب الشعبي والادب العربي».

شارك بن هدوقة في الندوات الثقافية والفكرية وهدفه كان التعريف بالادب الجزائري بكل اشكاله، كما ترجمت اعماله إلى لغات عدة مثل روايته «ريح الجنوب» ترجمت إلى الفرنسية، الالمانية، الهولندية، الاسبانية، البولونية، السلوفاكية، الروسية، الصينية، الصربية، والتشيكية، اما روايته «نهاية الأمس» فترجمت إلى الفرنسية والهولندية والصربية- كما ترجمت روايته «بان الصبح» إلى الفرنسية والالمانية والروسية والاسبانية... الخ.

وترك الكاتب مئتي تمثيلية ومسرحية اذاعية لم تنشر، كما ان له مجموعة من الدراسات الثقافية ومجموعة من القصص والقصائد الحرة الجديدة التي لم تنشر بعد.. وهل سينشر منها شيء ذات يوم!؟.

هكذا كتب عبد الحميد بن هدوقة في الشعر والقصة والرواية والدراسات الادبية وترجم اعمالاً مختلفة إلى اللغة العربية، وكل هذا الجهد مساهمات ذات دلالة كبرى تعبر عن اهتمامات الكاتب المتنوعة، ويجمع النقاد على ان الرواية «ريح الجنوب» «كانت بمثابة الميلاد الحقيقي لفن الرواية في الادب الجزائري المكتوب باللغة العربية، بعد محاولات سبقته كانت بدأت في نهاية الاربعينيات مع الشهيد أحمد رضا حوحو، وهو صاحب المكانة المرموقة في فن القصة القصيرة والمسرحية مع محاولة محتشمة في الرواية، وعلى الرغم من محاولات رضا حوحو وغيره الا ان الرواية بمقاييسها ومواصفاتها الحديثة لم تظهر الا مع صدور اعمال بن هدوقة والطاهر وطار في نهاية الستينيات» ولا أحد يستطيع ان يتكلم عن الرواية العربية الجزائرية ويتجاهل هذين الاسمين، والذاكرة الجماعية والهموم التي عايشتها كانت موضوعات الاعمال الادبية والروائية الجزائرية وكانت همومها الاستثنائية التي عالجتها، وانتقلت غنائيات هذه الاعمال إلى تمجيد الانسان الشعبي، بطل العصر الجديد، وكانت تريد تخليد البطولة الشعبية التي هي «تخليد لانسانية الانسان..»، ويظل بن هدوقة وجها من وجوه الرواية الجزائرية المميزة والذي دفع إلى الوجود كفن له مقوماتة وفنونة، وعالج من خلاله مأساة وآمال شعبه.

وصلات خاريجة:

مسيرة عبد الحميد بن هدوقة

بوابة الجزائر تصفح مقالات ويكيبيديا المهتمة بالجزائر.