شمعون رافيدوفيتش (بـالعبرية: שמעון רבידוביץ' أو ראבידוביץ', بالـيديشية: שמעון ראַווידאָוויטש, بـالبولندية Simon Rawidowicz, 11 أكتوبر 1896-23 يوليو 1957 م) كاتب، باحث ومفكر يهودي، من أهم الأدباء الذين كتبوا بالعبرية في القرن الـ20. اشتهر بتأليفيه "بابل وأورشاليم" و"الشعب المحتضر دائما" حيث عرض فكرة صهيونية بطريقة غير تقليدية. حسب هذه الفكرة، فإن المهاجر اليهودية وازدهارها ضرورية لقيام الشعب اليهودي، ولذلك على المركز اليهودي في فلسطين (إيرتس يسرائيل) أن يتكون إلى جانب المهاجر وألا يكون بديلا لها.
وُلد رافيدوفيتش في بولندا بمدينة غراييفو (Grajewo) الواقعة في محافظة بياليستوك (Białystok), في 11 أكتوبر 1886. كان والده حاييم إسحاق رافيد من نسب يهودي محترم حيث كان أحد أجداده في القرن الـ16 من كبار الحاخامين في بولندا. والاسم رافيد يرجع إلى المنصب التي تولى جده البعيد ويعني: "حاخام ورئيس هيئة القضاة" (بالعبرية: ראב"ד أي רב אב בית-דין). أما الاسم رافيدوفيتش فهو مزج الاسم العبري مع الكلمة البولندية التي تعني "نجل" أي "نجل الحاخام".
عندما كان في 14 من عمره بدأ شمعون رافيدوفيتش دراساته في يشيفا (مدرسة يهودية دينية) في مدينة ليدا البولندية. واصل رافيدوفيتش الدراسات الدينية في مؤسسات مختلفة حتى بلغ 18 عاما. في نفس الوقت تعلم العبرية وصار معلما للعبرية، كما أسس مسرحا عبريا وترجم مسرحيات إلى اللغة العبرية. في ذلك الحين انضم إلى اليهود الذين دعوا إلى تقليل استعمال اللغة الـيديشية وتبني اللغة العبرية في كل مجالات الحياة اليهودية، بما سمي لاحقا صراع اللغات.
عمل والده حاييم إسحاق رافيد تاجرا، وكان عضوا في الحركة الصهيونية. وفي 1905 سافر إلى مدينة بازل في سويسرا لحضور المؤتمر الصهيوني السابع الذي قرر رفض خطة إقامة دولة يهودية في أوغاندا. وكان رافيد من معارضي "خطة أوغاندا" في المؤتمر. في الحرب العالمية الأولى دارت معارك عنيفة في شمالي بولندا مما ألحق أضرارا خطيرة في مدينة غراييفو بما في ذلك بأملاك عائلة رافيد. فهاجرت العائلة إلى مدينة بياليستوك حيث مرضت والدة شمعون رافيدوفيتش وماتت في 1920.
في 1921 تمكن رافيد من جمع ما يكفي من المال، فهاجر إلى فلسطين مع ستة من أولاده. وألقى رافيد عصا الترحال في بلدة ميرحافيا (מרחביה) بـمرج ابن عامر ("عيمق يزرعيل"), حيث أقام مزرعة. أما ابنه شمعون رافيدوفيتش فلم يَأتِ إلى فلسطين معه.
في 1919 هاجر رافيدوفيتش إلى العاصمة الألمانية برلين وأخذ يتعلم في جامعة برلين. وفي برلين أسس رافيدوفيتش دار نشر عبرية اسمها "عايانوت" (עיינות), وحرر المجلة العبرية "هاتكوفاه" ("התקופה"). هذا بالإضافة إلى نشاطاته السياسية في صفوف الصهاينة الاشتراكيين. في 1930 تعاون مع شبكة المدارس اليهودية العبرية "تربوت" ("תרבות") ومع بعض كبار أدباء العبرية، من بينهم حاييم نحمان بياليك، على تأسيس "الاتحاد العبري العالمي" الذي دعم مدارس وناشرين ومؤسسات تربوية يهودية أخرى التي فضلت اللغة العبرية.
حاز رافيدوفيتش على درجة دكتور للفلسفة من جامعة برلين في 1926 وتزوج مع الدكتورة اليهودية إستير كلاي. كانت أبحاثه في الجامعة أساسا لكتاب عن الـفيلوسوف الألماني لودفيج أندرياس فويرباخ (Ludwig Andreas Feuerbach). بعد أن تولى الحزب النازي الحكم في ألمانيا في 1933، وبدأت مطاردة اليهود الألمان، أقنعته زوجته بمغادرة ألمانيا والسفر إلى إنكلترا.
في إنكلترا اشتغل أستاذا وباحثا في لندن وليدز, وأخذ يطور نظرية سياسية بشأن ضرورة قيام المهاجر اليهودية كمراكز تربوية وروحية. حسب هذه النظرية، التي كانت تتأثر من أفكار آشير تسفي غينتسبيرغ ("آحاد هاعام")، فإن على اليهود أن يسلم بقيام المهاجر اليهودية وأن ينميها لتكون مراكز روحية إلى جانب المركز اليهودي في فلسطين. إن هذه النظرية تختلف عن الرأي الصهيوني السائد الذي يرى المركز اليهودي في فلسطين كمحور للمجتمعات اليهودية وكأهم مركز لها. نشر رافيدوفيتش نظريته هذه في كتاب "بابل وأرشاليم" ("בבל וירושלים").
في 1948 هاجر رافيدوفيتش إلى شيكاغو في الولايات المتحدة. في 1951 انتقل إلى ولاية ماساتشوسيتس وأسس دائرة أبحاث الشرق الأوساط والعلوم اليهودية في جامعة براندايس (Brandeis University). في براندايس نشر مجموعة مقلات بعنوان "الشعب المحتضر دائما". في مقلاته عرض رافيدوفيتش الفكرة أن شعور اليهود في كل جيل بانهم على وشك الإبادة هو الذي يثبت قيام الشعب اليهودي. بحسب رأيه فإن هذه مفارقة وجودية أساسية في قيام الشعب اليهودي وحضارته.
توفي شمعون رافيدوفيتش في مدينة وولثم بولاية ماساتشوسيتش في 23 يوليو 1957.