Siena سيينا ، مدينة بوسط إيطاليا في إقليم توسكانا ، عاصمة مقاطعة سيينا ، تشتهر عالميا بموروثها الفني و صناعة الأثاث ، و قد عدت المدينة ضمن الموروث الأنساني من اليونسكو ، كما تشتهر بسباق الباليو هو سباق خيول تقليدي يقام صيف كل عام في ساحة دل كامبو ، تقع سيينا في منطقة تلال بين الوديان أنهار كل من أربيا في الجنوب ، و نهر ميرزي في الجنوب الغربي و نهر إلسا في الشمال ، عدد سكانها 54.498 نسمة .
كما هو حال غيرها من بلدات توسكانا التلالية ، كان أول من استوطن سيينا الاتروسكان (900 ق.م إلى 400 ق.م) ، حيث سكنتها قبيلة تسمى ساينا . كان الإتروسكان قوما متقدمين غيروا وجه وسط إيطاليا باستخدامهم الري لاستصلاح الأراضي التي البور ، و أسلوبهم في بناء مستوطناتهم في الحصون تلالية جيدة التحصين . ثم في عهد الامبراطور أوغسطس ، أُسست في الموقع مدينة رومانية تسمى ساينا جوليا (Saena Julia) . أول الوثيقة تاريخية لها تعود إلى عام 70 ق.م . و يبدو أن سيينا بعد ذلك وقعت تحت سيطرة القوات الغالية الغازية - و معروف أنهم استولوا على روما في 390 ق.م . و يؤكد بعض علماء الآثار أن قبيلة الالسينونيين الغالية قد سيطرت عليها لفترة .
و اعتبارا لأصلها الروماني وضع على شعار المدينة ذئبة ترضع الرضعيين رومولوس و ريموس . و وفقا للاسطورة فإن سيينا قد أسست من قبل سينيوس ابن ريموس شقيق رومولوس و الذي سميت روما نسبة إليه . و اليوم تزخر سيينا بالتماثيل و الأعمال الفنية الأخرى التي تصور هذه الحادثة . نظريات أخرى ترجع الاسم إلى لقب العائلة الاتروسكاني "Saina" أو لقب العائلة الروماني "saenii" ، أو إلى الكلمة اللاتينية "senex" ( "قديم") ، أو كلمة "seneo" ("يَقدِم") .
لم تزدهر سيينا في ظل حكم الرومان . فلم تكن بالقرب من أي طريق رئيسي و بالتالي ضاعت عليها الفرص التجارية . أدى إنعزاها إلى تأخر اختراق النصرانية لها حتى القرن الرابع الميلادي ، و لم تشهد سيينا ازدهارا حتى قام اللومبارديون بغزوها و الأراضي المحيطة بها . احتلالهم و كون طرق أوريليا و كاسيا الرومانية القديمة تمر عبر مناطق معرضة للغارات البيزنطية ، دعى إلى إعادة رسم الطرق بين ممتلكات اللومبارديين الشمالية و روما عبر سيينا. فازدهرت سيينا كنقطة تجارة ، و تدفق الحجاج الثابت من و إلى روما أثبت أنه مصدر قيم للدخل في القرون المقبلة.
يعود تاريخ أقدم الأسر الأرستقراطية في سيينا إلى خضوع اللومبارديين إلى شارلمان في عام 774 . عند هذه النقطة فاضت المدينة بأعداد من المراقبين الفرنجة و الذين تزوجوا من طبقة النبلاء السيينية الموجودة ، و تركوا إرثا يمكن أن يشاهد في الكنائس التي أنشئوها في جميع أنحاء الأراضي السيينية . بيد أن السلطة الإقطاعية اضمحلت ، و بوفاة الكونتيسة ماتيلدي في عام 1115 قُسمت أراضي توشا التي كانت تحت سيطرة عائلتها إلى عدة مناطق ذاتية الحكم .
ازدهرت سيينا في ظل الأوضاع الجديدة ، و أصبحت مركزا رئيسيا في إقراض الأموال و لاعبا مهما في تجارة الصوف . أولا كان يحكمها أسقفها مباشرة ، و لكن السلطة الأسقفية خفّت خلال القرن الثاني عشر . اضطر الأسقف للتنازل أغلب شؤون المدينة إلى طبقة النبلاء مقابل مساعدتهم أثناء النزاع الإقليمي مع أريتسو ، و بدأ هذا عمليةً بلغت ذروتها عام 1167 عندما أعلنت بلدية سيينا استقلالها عن سيطرة الأسقفية . و كُتب دستور بحلول عام 1179 .
كانت هذه الفترة حاسمة أيضا في تشكيل سيينا المعروفة حاليا . تم خلال سنوات القرن الثاني عشر الإنتهاء من أغلب أعمال بناء كاتدرائية سيينا (Duomo) . كما تم خلال هذه الفترة إنشاء ساجة Piazza del Campo ، والتي تعد الآن إحدى أجمل الساحات الحضرية في أوروبا ، و زادت أهميتها باعتبارها مركز الحياة العلمانية . أنشئت شوارع جديدة تؤدي إليها و إستعملت كموقع السوق ، و كموقع لأحداث رياضية مختلفة .عام 1194 شيد سور في الموقع الحالي لقصر Palazzo Pubblico لوقف تآكل التربة ، و يدل على مدى أهمية المنطقة أنها أصبحت ساحة مدنية .
في أوائل القرن الثاني عشر حلت بلدية ذاتية الحكم محل الحكومة الارستقراطية السابقة . أصبحت مناصب القناصل الذين يحكم جمهورية شيئا فشيئا أكثر شمولا لعامة الناس ، كما زادت أراضي البلدية بخضوع نبلاء الاقطاعيات المحيطة في قلاعهم المحصنة للسلطة الحضرية . شهدت جمهورية سيينا نزاعا داخليا بين النبلاء والحزب الشعبي ، و عادة ما عارضت سياسيا منافستها العظيمة فلورنسا ، و في القرن الثالث عشر غالبا ما كانت غيبلينية في مواجهة فلورنسا غويلفية (شكل هذا الصراع خلفية لبعض كوميديا دانتي ) .
في الرابع من سبتمبر من عام 1260 هزم غيبلينيو سيينا مدعومين بقوات مانفريدي ملك صقلية غويلفيي فلورنسا في معركة مونتابيرتي . قبل المعركة كان قوام الجيش السييني حوالى 20000 جندي ، في مواجهة جيش فلورنسي يقدر بحوالي 33000 جندي . و عند المواجهة قتل الخونة داخل الجيش الفلورنسي حامل رايته فعمّته الفوضى ، و تشتت شمل القوات الفلورنسية و فرّت من ساحة القتال ، و قتل منها ما يقرب من نصفها (حوالي 15000 رجل) .
تأسست جامعة سيينا في عام 1203 والتي تشتهر بكُليّتي القانون و الطب ، و لا تزال من بين أهم الجامعات الإيطالية . ضاهت سيينا فلورنسا في مجال الفنون خلال القرنين الثالث عشر و الرابع عشر . اجتاح سيينا الموت الأسود سنة 1348 ، وعانت أزمات مالية . عام 1355 مع وصول الإمبراطور شارل الرابع للمدينة ، انتفض السكان مزيحين حكومة التسعة ، و أنشؤوا حكومة من إثني عشر نبيلا يساعدهم مجلس ذو أغلبية شعبية . لم يَدُم ذلك ، و استبدلوا بخمسة عشر مصلحا عام 1385 ، فعشرة (1386-1387) ، فأحد عشر (1388-1398) ، ثم اثني عشر رئيسا للأديرة (1398-1399) الذين في النهاية سلّموا سيادة المدينة إلى جان غالياتسو فيسكونتي دوق ميلانو للدفاع عنها في وجه أطماع فلورنسا التوسعية .
عام 1404 طُرد آل فيسكونتي و أنشئت حكومة من عشرة رؤساء أديرة ، و تحالفت مع فلورنسا ضد لادسلاو ملك نابولي.
مع انتخاب البابا السييني بيوس الثاني ، سُمح لآل بيكولوميني و غيرها من الأسر النبيلة بالعوده إلى الحكومة ، و لكن عقب وفاته عادت السيطرة إلى أيادي الشعب . عام 1472 أسس مصرف مونتي دي باسكي ، أقدم مصرف لا يزال نشطا في العالم . أعادت الحاكم باندولفو بتروتشي فصائل النبلاء إلى المدينة في عام 1487 ، بدعم من فلورنسا و من ألفونسو دوق كالابريا ؛ مارس بتروتشي حكما فعالا على مدينة حتى وفاته في عام 1512 ، لصالح الفنون والعلوم ، و مدافعا عنها من تشيزاري بورجا . خلف باندولفو ابنه بورغيزي ، الذي أقصاه ابنُ عمه رافايلو ، بمساعدة من بابا آل ميديشي ليو العاشر ، نفي فابيو آخر حكام آل بتروتشي عام 1523 من قبل أهالي سيينا .
اندلعت الصراعات الداخلية مرة أخرى ، بإقصاء الفصيل الشعبي للحزب نوفاسكي المدعوم من البابا كليمنس السابع : أرسل الأخير جيشا ، بيد أنه هُزم في كاموليا عام 1526. استغل الامبراطور شارل الخامس حالة الفوضى بوضع حامية إسبانية في سيينا ، قام المواطنون بطردها سنة 1552 متحالفين مع فرنسا : لم يقبل شارل هذا الأمر ، فأرسل جنراله جان جاكومو ميديشي لحصارها بجيش فلورنسي - إمبراطوري.
عهدت الحكومة السيينية بمهمة الدفاع عنها إلى بييرو ستروتسي . و بهزيمة الأخير في معركة مارشانو (آب / أغسطس 1554) ، فقد أي أمل لإحياءها . بعد 18 شهرا من المقاومة استسلمت لفلورنسا في السابع عشر من نيسان / أبريل عام 1555 مسجلةً نهاية جمهورية سيينا . بسبب ديون فيليب الثاني الضخمة و المستحقة لآل ميديشي ، تنازل عنها (باستثناء سلسلة الحصون الساحلية التي ضمت إلى دولة بريزيدي) إلى غراندوقية توسكانا ، و التي تبعتها حتى توحيد إيطاليا في القرن التاسع عشر . قاومت حكومة جمهورية من 700 عائلة سيينية في مونتالشينو حتى عام 1559.
ظلت المدينة الخلابة مركزا ثقافيا هاما ، و خاصة بالنسبة للدراسات الإنسانية .