رالف نادر هو ناشط سياسي أمريكي عربي من أصل لبناني.
فهرس |
ولد رالف نادر في 27 فبراير 1934، في ولاية كينيتيكِت من والدين مهاجرين لبنانيين وتخرج من جامعة برنستون بدرجة امتياز، 1955، ومن ثم من كلية الحقوق في هارفرد، 1958. عمل محاميا واستاذا في "تاريخ الانظمة السياسية" في جامعة هارتفورد. ادرج ضمن لائحة "اكثر مئة شخص تأثيرا في اميركا"، من قبل مجلة "ذي اتلنتك منثلي" وهو واحد من ثلاثة مازالوا على قيد الحياة من تلك القائمة. ترشح لرئاسة الولايات المتحدة 3 مرات، 1996، 2000، كمرشح لحزب الخضر، و2004 كمرشح مستقل كتب العديد من الكتب آخرها كتاب "التقاليد السبعة عشر" يروي فيه القيم التي تربي عليها مذ كان طفلا.
شن رالف نادر حملات قاسية على الشركات الكبرى التي تسيطر على الحياة الاقتصادية في المجتمع الاميركي ابتداء بصناعة السيارات، إلى الدفاع عن حقوق المستهلك. كما شن حملات سياسية على ما سماه ديكتاتورية الحزبين الممارس من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الديمقراطية الاميركية رافعا الصوت بأن هذه الديكتاتورية تضعف الديمقراطية الاميركية.[1]
[2] شن حملته على صناعة السيارات الاميركية وحربا طويلة الامد لمصلحة المستهلك. ولم تكتف حملات نادر على تصحيح الخلل في منطق السوق الرأسمالية الاميركية الشرسة ضد المستهلك، بل هاجم بشدة السياسة الخارجية، التي يراها سياسة امبريالية، تفرض سطوتها على الاسواق خارج حدودها، متصفة بالعمل بمنطق الشركة حيث يتم منح الشركات امتيازات على حساب المجتمع المدني وذلك مما يتناقض مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان.
ومن منصب محامي الدفاع عن المستهلك، 1963، اعلن نادر ان السيارات الاميركية الصنع لا تصلح ابدا للسلامة، فهدف الشركات لم يكن يوما سلامة المستهلك بقدر ما كان المنظر ورخص الانتاج. فكتب مقالات وكتبا احدثت تغيرا نوعيا في النظر إلى صناعة السيارات. وادى إلى لجنة تحقيق في مجلس الشيوخ عمل فيها مستشارا.
وهز كتابه "سيارة غير آمنة ابدا"، 1965، نرجسية صناعة السيارات الاميركية. وبدأت حرب اعلامية شرسة. اذ عرى نادر هذه الصناعة امام الرأي العام عندما اثبت ان ما تنتجه من سيارات ما كان يهدف إلى سلامة السائق بقدر ما ركزت على السرعة والمنظر دون الكفاءة. فبدل ان تعمل الشركات على تلبية الحاجة الحقيقية من وراء انتاج السيارات، الا وهي المواصلات الآمنة، يتم انتاج سيارات للسرعة وللمظهر وتوظيف الاموال للمنافسة على هذه المواصفات دون الالتفات إلى معايير السلامة. وليس صحيحا ان التكنولوجيا ليست متطورة، ان حزام الامان الذي ينقذ من الارواح الآلاف كل عام كان قد طور منذ الحرب العالمية الاولى، لكنه لم يتم ادخاله في صناعة السيارات إلا بعد شن نادر حملته عليهم، لأن القائمين على الصناعة لم يريدوا ان يتطرقوا إلى موضوع سلامة السيارات حتى لا يجفلوا المستهلك، بل على السرعة والاثارة ليبيعوا اكثر.[3]
حاولت شركة "جي أم" هدم مصداقيته، واستأجرت تحرين خاصين لمراقبة حياته الشخصية والتنصت عليه والبحث في ماضية وارسال بنات الهوى اليه، لايجاد ممسك اخلاقي ضده. الا انها فشلت.
لكن نادر، وهو صاحب السيف القانونية، نازلها في الميدان الذي يبدع فيه، اذ قاضاها في جرم "التعدي على الحرية الشخصية" وربح القضية مجبِرَها على الاعتذار علنا وأدْفعها 284 الف دولار، مستعملا المال في تدعيم حملته للدفاع عن المستهلك. ومن الصعب توقع تحركات هذا الرجل السبعيني. فاهتماماته تخطت سلامة السيارات والتي كان سببا في سن قانون "حزام الامان"، بل تعداها إلى تشكيل شبكة من المجموعات المدنية كان لها اثرا جما على تعديلات في قوانين الضرائب، وانظمة الطاقة النووية، إلى برامج الصحة. ونادر يفهم جيدا كيف يعمل النظام الديمقراطي بطاقته الكلية. فمن دون المجموعات المدنية التي تراقب سلوك السلطة السياسية ومؤسساتها لن يكون بامكان المواطن مواجهة الامتيازات الكبرى التي تمنح للشركات. ومنذ العام 1966، احدثت هجمات نادر على الشركات الكبرى صدمات في الرأي العام وكانت سببا لسن ثمانية قوانين، على الاقل، لحماية المستهلك: كقانون سلامة السيارات، وقانون مياة الشرب السليمة. وبالاضافة إلى انه كان سببا في خلق العديد من منظمات الدفاع عن الحقوق المدنية رسمية وغير رسمية: كوكالة حماية البيئة "إي بي اي"، إدارة صحة وسلامة العامل "أوشا"، منظمة "بَبْلِك سِتِزِن" لحاية المستهلك، مجموعة البحث والتحقيق في المصلحة العامة "بيرغ". زد على ذلك، انه كان وراء سحب الملايين من السيارات المعطوبة من السوق، ووراء قانون "حرية المعلومات" الذي يسمح بحرية الناس الاطلاع على المعلومات الخاصة بالسلطات.[4]
[5] رالف نادر يدرك ان النظام الديمقراطي، يحتاج إلى صيانة متتابعة، تصحح الخلل الذي قد يصيبه من جراء تعنت السلطة السياسية، على الاخص في حالة الولايات المتحدة التي سيطرت الشركات على مفاصل الديمقراطية فيها وأتلفت كل محاسنها. فابتداء من توزيع الدخل إلى التقديمات الاجتماعية التي يتلقاها الناس فمشاكل البيئة إلى مشاكل هروب الصناعات إلى ماوراء الحدود، كلها تبعات لفساد في مكان ما في النظام الاميركي يحدده نادر بدقة متناهية. فالثروة في المجتمع لا توزع بعداله، ويضرب مثالا شركة "وول مارت" الذي يتقاضى المدير العام فيها 11 الف دولار على الساعة بينما يجني العامل العادي قرابة الثماني دولارات على الساعة؛ 50 مليون مواطن يعيشون ضمن خط الفقر؛ 47 مليون دون ضمتن صحي، واكثر منهم دون ضمان صحي مناسب. فماذا تعكس هذه المشاكل؟ بالطبع، تعكس ديموقراطية ضعيفة ومتهالكة. ديمقراطية مسيطر عليها بواسطة الشركات التي تتحكم بالحياة السياسية وتتحكم ايضا بقرارات خلق القوانين في واشنطن، إذ يؤثرون على رجال الكونغرس الذين يبلغ عددهم 535 عضوا، فيما يقابلهم 10 آلاف ناشط سياسي و35 آلف عضو "لوبي" بدوام كامل مهمتهم، فقط، العمل على اقناع عضو الكونغرس باتخاذ قرارات لصالح الشركات. هذا النظام الاقتصادي الذي تسيطر عليه الشركات التي لا تتبع الا مصلحتها الذاتية، بقرارات رؤساء ادارتها، الذين يحددون رواتبهم الشخصية، والذي كان راتب المدير التنفيذي في أكبر 300 شركة منها في الستينيات اربعة اضعاف راتب العامل، فاضحت في السبعينيات 35 مرة اكبر، حتى وصلت إلى وقتنا الحاضر ليصبح ما يتقاضاه المدير التنفيذي أكثر بـ 500 مرة مما يتقاضاه العامل، يعمل على تدمير البيئة وسلب الثروة من المستهلك دون الاكتراث للمبادئ الاخلاقية.[6]
ونادر يدرك ان النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة يحمل في داخله بذور اصلاحه لكنه دوما يحتاج إلى من يمتلك البأس ليشحذ همه المدافعين عن الحقوق المدنية. فكل الاسلحة المطلوبة موجودة، ابتداء من حرية التعبير، وحرية القضاء، إلى المؤسسات المدنية التي تراقب الشركات وسلوكها الاخلاقي، لأن السلوك القانوني حكما مراقب من قبل القضاء، اما السلوك الاخلاقي فيحتاج إلى تدخل مثل الذي فعله نادر مع شركات السيارات. لذلك، يذكّر بأن قانون سلامة السيارات كان قد خفض معدلات الوفيات من 5.6 لكل مليون ميل قيادة إلى 1.5 وذلك ما كان ليحدث دون التحرك المدني الذي يحرج الشركات ويحرج السلطة السياسية المستفيده من التواطؤ.[7]
[8] لكن انتقادات نادر لا تتوقف فقط على المدافعة المدنية بل تتخطاها إلى انتقاد الحياة السياسية الداخلية التي لم تنتج إلى وبالا عكسته على صعيد السياسة الخارجية ان كان في الموقف من فلسطين او في حرب العراق. والامر يبدأ عند رالف نادر من صناديق الاقتراع، فهو ما عاد يؤمن بالحياة السياسية القائمة على حزبين اثنين. بل هو قرر منذ ترشحه أول مره للرئاسة الاميركية في 1996، وبعدها في 2000، و2004، ان البلاد تحتاج إلى مرشح ثالث جدي يكسر حاجز ديكتاتورية الحزبين.
فسلوك السلطة السياسية ما بين الحزبين اطبقت على فرص التغيير لدرجة ان كثير من المناطق اصبحت محصورة لمرشح واحد، واقتسمت مناطق الترشح إلى اماكن مقفلة لمرشح جمهوري واخرى مقفلة لديمقراطي لدرجة تنعدمت فيها المنافسة. اما السياسة لكلا الحزبين فلا فرق بينهما الا في قليل من المواضيع. ففي السياسة الخارجية لم يكن الديمقراطيون بأفضل من الجمهوريين فقد قصف كلنتون العراق أكثر من مرة وقتل مدنيين وهو ايضا مع آل غور عمل على قرار لتوجيه السياسة الخارجية نحو تدمير صدام والرئيس جورج بوش، استعان بهذا القرار. فكلا الحزبين ينتهجون نفس السياسة. اما لعبة البروباغاندا الكاذبة فإنها تحول المفاهيم إلى اخرى مناقضة وتستلب منطق الناس، فالرئيس ريغان تحدث عن الانفاق الزائد بعشرة مرات أكثر من اي رئيس سابق، بينما احدثت سياساته الانفاقية في نفس الوقت عجزا في الخزينة يفوق العجز الذي انتجه الرؤساء الاميركيون مجتمعون. ومن 900 بليون دولار اصبح الدين العام في عهده 3.3 تريليون دولار. وبقي الناس نتيجة خطابه المفوة يعتقدون انه متقشف في الصرف العام.[9]