دورة الماء (water cycle) : تبدأ الدورة بتبخر الماء عندما تسخن الارض وبما أن الهواء يرتفع للأعلى عندما ترتفع درجة حرارته فيصعد بخار الماء إلى طبقات الجو العليا وحيث أن هذه الطبقات باردة فإن البخار يبدأ بالتكثف ليشكل الغيوم ... وهنا تبدأ قطرات الماء الموجودة في الغيوم بالإتحاد مع بعضها البعض لتشكل قطرات أكبر ... وهذه القطرات يزداد وزنها وتصبح ثقيلة بحيث لا يمكن للغيم ان يحملها ... إن هذه القطرات هي عبارة عن قطرات المطر التي تسقط على سطح الأرض ليذهب جزء منها إلى المياه السطحية كالبحار والمحيطات والانهار ... ويذهب الجزء الآخر إلى المياه الجوفية ... وعندما ترتفع درجة حرارة الارض تبدأ المياه السطحية بالتبخر مرة أخرى وهكذا تعاد العملية مرة اخرى وهذا ما يسمى "بدورة الماء في الطبيعة" او "الدورة الهيدرولوجية".
س م ل ا ل ي ر ض ا 3/1 ا ل ح ن ص ا ل ي
أولاً : دورة المياه في الطبيعة تدرس في كتب الجغرافيا لطلاب المرحلة الإعدادية على أنها لقيطة بلا أب أو أم ؛ فمناهجنا تقدمها على أنها حقيقة علمية دون نسبتها إلى أحد من العلماء ، و دون التعرض إلى مكتشفها .
ثانياً: جميع المصادر و المواقع العربية على الانترنت و التي اهتمت بإنجازات العلماء المسلمين تذكر الكثير من إنجازات ابن سينا ، ولعل هذا راجع لعدة أسباب : وقوع النص في كتاب فلسفي ـ التقصير الواضح تجاه التراث العلمي و الطبي ، ولعل هذا عائد إمّا لضعفنا العلمي أو اللغوي ، و قلَّ و ندر أن تجد من علمائنا من يجمع بين فصاحة اللسان و سعة العلم التطبيقي ـ اعتماد منهج التجميع و النقل بدل المنهج العلمي الذي يعتمد على التحليل و النقد ، لذلك نجد أن أمثال هذه النصوص تمر و لا تجد من يدرسها و يحققها ، في الوقت الذي تؤخذ النصوص الغربية على أنها نصوص مقدسة مسلم بصحتها .
ثالثاً : " أبو العلاء و دورة المياه في الطبيعة " يقصد أبا العلاء المعري الشاعر المعروف ، و كاتب المقال ذيله باسمه (د/عدنان عاكف) ، و قد توصل الدكتور الفاضل إلى أن هذه الدورة موصوفة في أبيات متفرقة لأبي العلاء ، و لقد اقتبست هذا البيت من المقال ، لأصل إلى نتيجة تؤكد ما سلف و ذكرته في البداية ، يقول أبو العلاء :
وقد يُجْــتدى فضل الغـمام وإنما | من البحر فيما يزعم الناس يَجْـتدي |
هذا البيت فيه دلالة واضحة على أن دورة الماء كانت معروفة بين عامة الناس، فيبدو أن هذه الحقيقة العلمية قد ذاعت و انتشرت بين الناس ، و إذا ما نظرنا إلى الحقبة التي عاش فيها أبو العلاء المعري نجدها تمتد من (363 – 449 هـ ) و هي نفس الحقبة التي عاش فيها "ابن سينا" ( 370 ـ 428 هـ )
أولاً : يبدو أن المواقع الغربية قد حذت حذو المصادر العربية ، فالموسوعات الغربية ، كـ( Encyclopedia 2000 ) جميع هذه المصادر أهملت مكتشف الظاهرة و اكتفت بتفاصيلها ، [ http://www.unesco.org.uy/phi/libros/histwater/index.html "لليونسكو"( UNESCO)] أنشئ من أجل موضوع المياه ، فاهتم بكل ماله صلة به ، فقط مع أواخر القرن السابع عشر ( أي مع نهاية 1700 م ) استطاع علماء الغرب أن يصلوا إلى فهم واضح عن منشأ المياه و دورته الطبيعية إلى أن يقول: " The first book on scientific hydrology in the Western world was De l'origine des fontaines (On the origin of springs), written by Pierre Perrault and published in 1674 in Paris by Pierre Le Petit ".
أول كتاب في علم المياه في العالم الغربي كان اسمه " في أصل الينابيع" ِـ و هو بالفرنسية ـ ، كتبه بياري ، و نشر سنة 1674م في باريس "
إذاً لا نسبة ولا تناسب ، و لا وجه للمقارنة أصلاً ، فهم يحصرون الحقبة التي بدأ يتبلور لديهم فيها فهم واضح لهذه الظاهرة بنهايات القرن السابع الميلادي ( أي ما يقرب 200سنة أو أكثر قليلاً ) في الوقت الذي يطرح فيه ابن سينا نصه قبل 800 سنة من هذا الحقبة ، و بدقة متناهية تكاد تصل إلى ما نعرفه الآن في عصرنا الحالي و بعد مرور أكثر من ألف سنة من ذلك التاريخ ، و بيت المعري يشير إلى أن هذا الأمر كان معروفا و ذائعاً بين الناس ، و في الغرب فهمه بعد لأي علماؤهم مع نهاية القرن 17 !!
و النص الثاني يشير إلى أول كتاب كتب في علم المياه سنة 1674م ، و ابن سينا توفي سنة 1036م ، أي قبل ما يقرب من ستة قرون (600 سنة ) ، و يبدو أن هذا الكتاب لم يقدم وصفاً علميا صحيحاً لهذه الظاهرة إذ أن الكاتب قال في البداية: إن فهمهم لهذه الظاهرة كان مع نهايات القرن السابع عشر ، و لم يقل مع نهايات السادس عشر ، مما يستثني هذا الكتاب من تلك الحقبة.