قامت جماعات حقوقية مختلفة ذات مرجعيات مختلفة أيضاً بتقييم سجل وواقع حقوق الإنسان في سورية. ومما يمكن التسليم به أن الحقوق السياسية خاضعة لنظام الحزب الواحد، حزب البعث العربي الاشتراكي، والذي يتمتع، حسب الدستور، بدور الحزب القائد للدولة والمجتمع. ويمكن للجميع أن يسلم أيضاً بأن البلاد، تعيش أو ترزح، كل حسب رؤيته تحت قانون الطوارئ أو الأحكام العرفية منذ عام 1963. تفرض الدولة، أو ما يفضل البعض تسميته النظام السوري، قيوداً على حرية التعبير والنشر والتجمع، وتشكيل المنتديات، والتنقل والسفر.
حسب تقارير الحكومة الأمريكية، تتمتع سورية بسجل سيء في مجال حقوق الإنسان، فحالة الطوارئ معلنة منذ عام 1963 بكل ما يترتب على ذلك من تعقيدات ومشاكل على الشعب، ويواصل جهاز الأمن (المخابرات) ارتكاب خروقات خطيرة لحقوق الإنسان، منها الاعتقال التعسفي اللا إنساني والتعذيب والاعتقال والاحتجاز لمدد طويلة بدون توجيه تهم أو محاكمة، ومحاكمات ظالمة تشرف عليها أجهزة أمن الدولة وغياب النزاعة والخصوصية. كما تشير تقارير أخرى إلى انتشار الفساد داخل الشرطة وقوى الأمن، وسوء أوضاع السجون التي لا ترقى إلى المعايير الدولية من حيث السلامة والصحة والمستوى الإنساني اللائق.
تفرض الدولة قيوداً على حرية التعبير والنشر والتجمع، وتشكيل المنتديات، والتنقل والسفر، كما أنها حسب بعض المصادر تضيق على بعض الأقليات الدينية عند ممارسة تعاليمها.
لسورية سجل طويل في مجال الاعتقال السياسي، يمكن الرجوع فيه إلى فترة الانقلابات السياسية في الخمسينيات من القرن الماضي، ويمتد حتى الوقت الحاضر، فمن المرحلة البرلمانية التي أعقبت الاستقلال مروراً بفترة النكبة عام 48 ثم مرحلة المد القومي والوحدة بين سورية ومصر، ثم مرحلة الانفصال، فالانقلاب البعثي عام 1963. ويمكن القول أن المفهوم الراهن للمعتقل السياسي في سورية ظهر مع وصول حزب البعث إلى السلطة فيما يسمى ثورة الثامن من آذار عام 1963، وتم حسب الحاجة تأسيس محاكم استثنائية (اقتصادية، عسكرية، ميدانية، حزبية) توصف من قبل الحقوقيين والمراقبين والمعارضين بأنها كلها غير شرعية.
ومع تلاحق الأزمات التي مرت بسورية، بدءاً مما يسمى الحركة التصحيحية، وهي الانقلاب الذي جاء بحافظ الأسد إلى سدة الحكم، مروراً بالتدخل العسكري السوري في لبنان وصولاً إلى أحداث عام 1980 بين السلطة وجماعة الاخوان المسلمين، يرى بعض المراقبين أن الحياة السياسية التي كانت تعيشها سورية حتى ذلك الوقت لفظت أنفاسها وماتت مأسوفاً عليها.
وكان الاعتقال السياسي انعكاساً لكل تلك الأزمان وأصبح الخيار شبه الوحيد في التعامل مع المعارضة، وتشير بعض الإحصاءات أن النسبة المئوية للمعتقلين السياسيين عام 1980 وصلت إلى واحد بالألف (0.001). وبدأت عملية الإفراج عن من بقي حياً منهم مع مطلع التسعينيات، واستمر ذلك حتى وفاة الرئيس حافظ الأسد ووصل نجله بشار إلى سدة الحكم وبدء ما اصطلح على تسميته ربيع دمشق الذي استمر لفترة قصيرة وانتهى مع موجة إغلاق المنتديات الثقافية والسياسية التي شهدتها الساحة السورية بعد خطاب القسم الذي ألقاه بشار الأسد لدى تسلمه السلطة.