نشبت الحرب بين أسبانيا و إنجلترا بين عام 1588 وحتى عام 1604 وكان نوشب تلك الحرب أمرا متوقعا وذلك لأختلاف المذاهب والأيدولوجيات والأهداف البعيد ، ولنستعرض بداية أحوال كلا من البلدين
فهرس |
كانت أسبانيا ضمن امبراطورية كبرى في عهد الأمبراطور شارل الخامس ضمت كل من المبراطورية والأراضي المنخفضة وجنوب إيطاليا وأسبانيا ومستعمرات أسبانيا فيما وراء البحار وظل هذا المر قائما حتى تنازل المبراطور شارل الخامس في عام 1556 عن الملك وانتقل العرش إلى كل من أبنه فيليب وأخيه فرديناند وقسمت تلك المملكة الواسعة بينهما فكان نصيب أخيه فرديناند حكم الأمبراطورية أما أبنه فيليب فقد حكم اسبانيا وإيطاليا والراضي المنخفضة والمستعمرات. وكانت أسبانيا ولازالت أكبر معاقل الكاثوليكية ونصير لها على أمتداد التاريخ ووقفت في وجه الأصلاح الديني البروتستانتي بمذاهبه بشراسة, وكان أهم وسائلها محاكم التفتيش التي روعت وأذلت ناصية حركة الإصلاح البروتستانتي ..وكان الملك فيليب الثاني نفسه كاثوليكيا متعصباً كارها ومنتقما من فكر الإصلاح وزعماءؤه ، تزوج فيليب الثاني من الملكة ماري تيودور ملكة أنجلترا والتي حكمت قبل أختها إليزابيث ، وأستغل الملك الأسباني هذا الزواج أكبر أستغلال كثلكة (تحويل إلى الكاثوليكية) زوجته ملكة أنجلترا ومناطق الشمال الأنجليزي كما أستعان بقوة إنجلترا في مواجهة كثير من مشاكله الحربية والاقتصادية وأمتلكت أسبانيا قوة عسكرية برية وبحرية وتمرست علي القتال في كافة ممالك أسبانيا وإمبراطوريتها الواسعة حتى أصبحت البحرية الأسبانيا قوة ضاربة سيطرت على البحر المتوسط وكذلك المحيط الأطلنطي وقامت بأعمال الكشوف الجغرافية. واعتمد هذا السطول الأسباني علي وحدات واطئة تعمل بالمجاديف وتلتحم تلك الوحدات مباشرة مع البحرية المضادة وتستخدم في ذلك الأسلحة البيضاء وكانت تلك الوحدات تعمل في البحر المتوسط الذي حققت فيه إنجاز كبير ،وبالرغم من اتساع مملكة أسبانيا إلا أن مواردها كانت ضعيفة وأعتمدت بشكل كبير علي مواردها من الراضي المنخفضة .
بعد انتهاء حكم الملكة مارى توليت اختها إليزابيث عرش بريطانيا عام 1588 ، الملكة إليزابيث الأولى كانت بروتستانتية حكيمة ومتزنة وقوية تقدر الحرية وتسعى لاستقلال وقوة بلادها اقتصاديا وعسكريا وترغب في رقي وتطور شعبها بعيدا عن أي سيادة او تدخل خارجي، كما كانت تعلم مدى كراهية الأنجليز لحكم اختها ماري لأرتباطها بالزواج بأجنبي هو فيليب الثاني ملك أسبانيا ومن ثم فإنها لم تغامر بالزواج من ملك او امير أجنبي حتى تكون قريبة ومحبوبة من الشعب وظلت بدون زواج طيلة حياتها وإن حاصرتها ظلال الشك التي ألقت شائعات حول علاقتها غير الشرعية حيث قيل انها كانت عشيقة لأحد رجال البحر الإنجليز هو فرنسيس دريك، ولكن لم يكن ذلك بالأمر الخطير بالنسبة للأنجليز المهم أن أليزابيث حافظت علي أستقلال بلادها وعملت علي تقوية اقتصادها ورفاهية شعبها، من ناحية العقيدة اعتنقت أليزابيث البروتستانتية وتحمست لها وعملت على جعل بريطانيا بروتستانتية ولكن عقيدتها لم يشوبها التعصب والأنتقام فلم تحرق أحد من خصومها كما لم تعتبر أن أعتناق مذاهب اخرى يعد امرا خطيرا بل كان هناك توفيقا ومرونة في المذاهب لاقى قبولا من الأنجليز ومع ذلك فقد سعت لإحلال البروتستانتية مكان الكاثوليكية في شمال إنجلترا فأرسلت جيشا إنجليزيا إلى إسكتلندا هزم الجيش الفرنسي الكاثوليكي المعسكر هناك ومهد السبيل لدعاة البروتستانتية لنشر مذهبهم وفكرهم بالتدريح.
أتجهت بعد ذلك لفتح الطريق أمام إنجلترا لدخول عالم التجارة وبالتالي ركوب البحر وتحقيق المكاسب وظهر في ذلك رجال بحرية أقوياء من الإنجليز كانت لهم جهودهم الفردية بتأييد وتشجيع من الملكة ولما زاد النشاط التجاري الإنجليزى وقويت شوكتهم وتمرسوا وتسلحوا على فنون الملاحة والحرب، كان لا بد من حدوث مواجهة بين البحرية الأنجليزية الناشئة والأسبانية المتمرسة، هذه المنافسة بدأت في ميدان التجارة والتوزيع ثم بعد ذلك في ميدان القتال .
أخذت المنافسة بين أسبانيا وإنجلترا في بدايتها طابعا دينيا بين المذهب البروتستانتي في أنجلترا والكاثوليكي في أسبانيا التي كانت تحرص على نشره بالفوة في كافة أرجاء الأرض إلا أن الحقيقة أثبتت أن المنافسة الدينية أخذت تضعف ليحل محلها المنافسة التجارية الأقتصادية ستكون هي الأصل لنشوب الحرب بين الدولتين ، كانت إنجلترا قد قطعت شوطا كبيرا في عهد إليزابيث في تقوية جيشها البري وأسطولها البحري ،كما أعطت بريطانيا حرية العمل لرجال البحر في أعالى البحار ب المحيط الأطلنطي و البحر المتوسط وعلى كافة السواحل وأصبحت البحرية الإنجليزية أكثر قوة لتنافس البحرية الأسبانية التي وإن كانت كبيرة العدد إلا أنها ثقيلة الحركة ضعيفة في تسليحها وفنون قتال رجالها مع عزيمتهم وإصرارهم. وكان شعور رجال البحرية الإنجليزية شعورا معاديا لأسبانيا ورجال بحريتها حقوداً عليهم .وكان غضب الإنجليز من البابا الذي قسم اعالى البحار بين أسبانيا والبرتغال لتكون حكرا عليهم وراوا أن ذلك ظلما وقسوة من البابا . مما أدى للصدام بين رجال البحرية النجليزية والأسبانية حيث كانت أسبانيا هي البادئة في الصراع وبشكل يمثل قمة الغدر الأسباني ذلك أن رجل البحر القرصان فرنسيس دريك كان قد لجأ مع زميله النجليزي جون هوكنز إلى أحد الشواطيء هربا من عاصفة مدمرة فلحق به أسطول أسباني من ثلاثة عشر قطعة بحرية يحمل الحاكم العام الأسباني علي المكسيك, وكانت البداية تبادل احاديث عادية إلا ان الأسبان أطلقوا فجأة النيران الكثيفة علي البحرية النجليزية المكونة من خمس سفن فقط فأغرقوا ثلاثة منها ونجا القرصان دريك وزميله هوكنز من القتل ب‘جوبة وكانت تلك الحادثة عام 1567 علي أحد الشواطىء التابعة لأسبانية . جعل هذا الحادث من القبطان ديريك يزداد إصرارا لمواجهة البحرية الأسبانية وظل طوال ثمانية وعشرون عاما من رجال البحر الأقوياء يهاجم السفن الأسبانية والبرتغالية في اعالي البحار وحوض البحر المتوسط وينزل بهم الخسائر ويحصد الغنائمولبطولاته المتعددة وخدمته للبلاد فإن الملكة إليزابيث كانت شديدة العجاب ببطولاته فنصبته فارسا في مسناء وتفورد ومنذ ذلك الوقت توطدت العلاقة بينهما وجعلت بريطانيا تشجع هؤلاء الفرسان لتقي علي منافسة أسبانيا ويتطور الأمر إلى نشوب الحرب بين الدولتين.
أستعد فيليب الثاني ملك أسبانيا لحرب أنجلترا واكن هو الباديء فيها, فجهز أسطوله الكبير الذي يعرف بالأرمادا Armada وهي تتكون من قسمين الول سفن الأرمادة الواطئة التي تعتمد على الأشتباك المباشر مع سفن الأعداء والقسم الثاني الكبيرة الثقيلة الحركة ضعيفة التسليح وتسمى الغلايين. وأتجهت سفن الأرمادا نحو شواطىء إنجلترا لعزل الملكة إليزابيث وتعيين أبنة فيليب الثاني مكانها وقد زين أعوان الملكفيليب له الخيال الواسعالمبني على الوهم فأقنعوه بضعف إنجلترا والملكة وان المعركة لن تستغرق وقتا طويلا لينتصر الأسبان.
والحقيقة أن إنجلترا كانت أقوى من ذلك تماما بجيشها ورجال بحريتها كما ذكرنا قبلاً,وأثبت الواقع العملي ذلك فمع المواجهة الأولى نجد ان البحرية الأسبانية تنهار امام نظيرتها الإنجليزية التي كانت خفيفة الحركة واقدر علي المناورة ومجهزة بتسليح قوي وقوة الرجال.وقد جائت العواصف والظروف الطبيعية القادمة من بحر الشمال لتاتي علي البقية الباقية من البحرية الأسبانية كما تحطمت أساطيل أسبانيا الكبيرة "الغلايين" بفضل مهارة وشجاعة البحرية البريطانية. وبالرغم من الأنتصار الأنجليزي الساحق علي الأرمادا الأسبانية عام 1588 إلا أن المعارك بين البلدين ظلت مستمرة وإن خفت بالتدرج مع ظهور تفوق وانتصار إنجلترا إلى أن انتهت تلك المعارك نهائيا عام 1604 وهو نفس عم توقيع الصلح بين البلدين
بولولوق بولولوق
لولو واحد بس يا ولاد الكلب