ولد حافظ محمود في 12 يونيو 1907 بمدينة القاهرة .. ورغم ولادته في أسرة ميسورة الحال إلا ان وفاة أبيه المبكرة وتعنت الوصي على ممتلكات والده اثر في شخصه كثيرا .. وما ان بدء يكبر في السن حتى بدأت أمارات التفوق والنبوغ العقلي والأدبي تظهر عليه في كل تصرفاته ، إذ كانت المدارس قديما تقيم اختبارات ذهنيه للطلاب المتقدمين للالتحاق بها حتى تبت في طلب الالتحاق فتقدم حافظ محمود إلى مدرسة ام عباس الابتدائية واجتاز الاختبارات بنجاح لم يحدث من قبل آنذاك وقررت اداره المدرسة الحاقه بالصف الثاني دونما المرور بالصف الأول .و الطريف ان الموقف ذاته تكرر ابان التحاقه بمدرسة الخديوية الثانوية. و لما قرر الالتحاق بكلية الآداب تعنت الوصي مجددا والحقه بلية التجارة فاذا بحافظ محمود يلتحق بكلية الآداب ويعدل اوراقه في كلية التجارة إلى " تجارة ليلي " ولم يكن القانون يعارض كل هذا وقتذاك .
حتى نعطي مرحلة التكوين حقها فاني افرد مساحه إلى مقتطفات من مقال فتحي رضوان في الهلال ( أكتوبر 1985 ) الذي يوضع الكثير من الحقائق ويغني عن الكثير من الكلام بلا طائل : " كانت صوره حافظ محمود القلمية من ولي الصور بالتقديم لا لطول سعيه في مجال الصحافه والخطابه والكتابه في دروب السياسه والدب والاجتماع ولا لانه عاصر أكبر الاحداث وعاشر أكبر الشخصيات واقترب من القمه حتى كاد يعلوها ويستقر عليها وقد خرج من كل هذا سليما معافى ، لم يمس احدا شرفه بكلمه ، ولم يجرح خصما مهما اشتدت ضراوته وحميت عداوته ، وبقي هادي النفس ، خافت الصوت حسن العلاقه بالجميع بغير اضطرار إلى المنافقة المصانعه. ....كان دائما قريبا من الحكومة أو بعض سادتها دون ان يكون حكوميا ، ودون ان يجني من هذا القرب جنيها أو قرشا ، فقد بقي عفيفا خجولا متابيا لكل مواقف الوشايه والصغائر . ....اتذكر جيدا والده بلحيته البيضاء الجميله الوقوره يخطو إلى المسجد مشغولا به عن الدنيا كلها إلا انني كم صليت بعد ذلك مع حافظ في زنزانةٍ واحده ومعنا أخونا الحبيب احمد حسين .... ونسمع حافظ محمود يتلو بصوته الجميل الرخيم ، من المصحف أو من محفوظه ايات تنسيا اننا في قبضه الحاكم واننا لا ندري متي سنترك السجن ونستانف الحياه ، وتنسيا قبل ذلك اننا صبيه صغار فقراء ، ولاحول لنا ولا قوه واننا نتحدي السلطه .... كان بيت حافظ محمود في شارع السيده زينب بيتا عجيبا جديراً بان يحفظ ولا يهدم ذلك لان بيت حافظ محمود كان مقرا لنشاط أدبي خاص في وقت كان فيه علم الناس بالندوات الأدبيه علما ضعيفا وكانت الندوات التي جاءت بعد ذلك اجتماعات للوجاهه فيها ، وازجاء الفراغ أكثر مما فيها من صدق وجد واخلاص .... كان أطفال وشباب الحي كلهم يلعبون في الشارع .. ولم يخرج على هذه القاعده إلا فتي واحد : حافظ محمود فلم اراه قط يقذف بقدميه كره ولا حصاه ، بل لم اره قط في جلباب فقط أو جلباب فوقه جاكت كما كان حالنا جميعا.. غير ان حافظ محمود كان لا يسير في الشوارع إلا ببدله كامله وربطه عنق من طراز البابيون غالبا ، وهو يسير في جميع الاحوال بسرعه خاطفه كان ورائه موعدا ومطرقا كانه يخجل ان ينظر إلى وجوه الناس أو يترفع عن ان يكون فضوله معلنا بلا حياء .... ولبث ان دخلنا بيت حافظ ليسمعنا خطبا يرتجلها ، فلا ندري اذا كانت خطبا أو الحانا جميله . .... ثم دعانا حافظ لان نكون اعضاء في جمعية القلم وكنا فارحين بالإنضمام ونحن اقرب ما نكون الي الطفوله العزيزه . .... لم ندرك آنذاك اننا نخطو الخطوه الأولي نحو هذه الحياه الهائجه التي ولدت ثورات وجمعيات وافكار جديده وخطيره وشبانا سيحملون اسم تاريخ مصر الحديث على اكتافهم وسيواجهون السجن ويقتربون من اعواد المشنقه وتطاردهم السلطات الاصليه والدخيله ، كما ستلد مجلات وصحف وكتب ، وكان حافظ محمود بغير جدال ، هو اسبقا إلى الصداره ففي وقت الذي كنا نمسك فيه الاقلام ولا ندري كيف نقبض عليها جيدا فاجانا حافظ بسلسلة من المقالات غير المسبوقه تدور حول نفسيات وكانت كلمه نفسيات كلمه مستحدثه طارئه لميستعملها من قبلنا ابائنا واجدادنا . .... واتسع نطاق نشاط حافظ محمود فأقام في فناء منزله مهرجانات الخطابه سمعنا وتعلمنا منه كيف تكون الخطابه التي تحلو فيها نبرات الخطيب وتتناغم فيها الالفاظ ، حتى تصبح لحنا من الطرب ثم ذهب حافظ إلى قاعة سينما في شارع طلعت حرب وكان هذا شيئا غايه في الجدة .... وخرجت جريدتنا " الصرخه " .... ورأس تحريرها حافظ محمود وراح يكتب المقال الرئيسي بها فزجت بنا السلطه إلى سجن الاستئناف ، وكان لاعتقالنا صدى بعيد فقد نشرت الصحف صور ثلاث شبان ، لا يؤيدهم حزب كبير ولا يسندهم زعيم خطير ولا تحمي ظهورهم سلطه ولا يملاء جيوبهم مال .... واصبح حافظ محمود الخطيب عنصرا ثابتا في كل اجتماع كبير ، والمتكلم الأول في كل ندوه واصبح اسلوبه في الكتايه وموضوعاته التي يطرقها ضربا جديدا من ضروب الكتابه – الأدبيه والصحفيه "
كما قال فتحي رضوان أسس حافظ محمود جمعية القلم الأدبية وهو لا يزال صبيا ثم ما ان كبر قليلا حتى أسس جمعية الاستقلال الاقتصادي وكانت فكرة حافظ محمود متطورة قليلا في ذلك العهد إذ كان يهدف إلى مخاطبة الوعي القومي لدي الشباب من اجل مقاطعه المنتجات البريطانية إيماناً بأن قوة اقتصاد العدو من صميم قوته العسكرية وكانت المفاجاة ان الجمعية نجحت في ذلك بنسبة كبيرة وانضم لها مئات الشباب ولما اتهمها طه حسين بانهم حفنة شيوعيين قام حافظ محمود مع محمود تيمور ومحمد تيمور وابراهيم ناجي بتكوين جمعيه شباب العشرين الأدبية التي قدمت اعمالا أدبية راقية ذات فكر منفتح واثناء احدى حفلات الجمعية فوجئ حافظ محمود بعميد الأدب العربي يترجل سرداق الحفل ويقدم على الملاء اعتذارا لشباب العشرين على ظنه الخاطئ .
عاد احمد حسين من اوروبا في رحلةٍ اثرت كثيراً في فكره ، في اوائل الثلاثينات من القرن العشرين قرر انشاء مشروع القرش وكان يهدف إلى جمع تبرعات بمعدل قرش من كل موظف من اجل انشاء مصنع طرابيش حتى لا يتم التعامل مع المصانع التي تديرها بريطانيا وبالفعل نجح مع رفاقه حافظ محمود وفتحي رضوان واصبح الثلاثه شبان قادة المقاطعة الاقتصادية لبضائع العدو البريطاني في وقت كانت تلك النوعية من المقاطعه تعد نوعا عجيبا من محاربة الاحتلال . ثم قرر الثلاثة اصدار جريدة صحفية تمثل رايهم الثوري وقاموا بتاجير جريدة الصرخة بالفعل وبحثوا عن رئيس تحرير لهم بلا جدوي فالكل تخوف من فكر الشباب الثلاثة فاذا بحافظ محمود يتولى منصب رئيس التحرير في مطلع عام 1933 ميلادي ، وعمره لا يتجاوز ال25 عاما ليكون اصغر رئيس تحرير في تاريخ الصحافة المصرية وبدء حافظ في كتابة مقالات نارية اعادت للأذهان مقالات الزعيم الراحل مصطفي كامل في صحيفة اللواء مطلع القرن المنصرم حتى اتت القشة التي قصمت ظهر البعير وكتب حافظ محمود مقالا بعنوان :" يا شباب 33 كونوا مثل شباب 19 " فكان يقصد ان يقوم الشباب بثورة مماثلة لثورة 1919 وحكى حافظ محمود كيف انه شارك وعمره 13 عاما في تلك الثورة جالسا على كتف أحد الرجال صارخا ضد الاستعمار شانه شان العديد من تلاميذ وفتية المدارس في ذلك العصر المجيد . و على الفور القي القبض على ثلاثتهم فكانت سابقة ان تقوم بريطانيا بالقاء القبض على شباب بمثل اعمارهم فلقد تعودت بريطانيا ان تقبض على سعد زغلول ورفاقه من الباشوات ولم يعتاد الرأي العام المصري ان يري شبابا في مقتبل العمر يتذوقون مرارة الاعتقال ومهانة الحبس حتى ان العديد من المواطنين الشرفاء توجهوا إلى المعتقل وقدموا الطعام إلى الشباب الثلاثة الذين لم يجدوا الصبر إلا في صوت حافظ محمود وهو يتلو آيات من الذكر الحكيم . و لما حان يوم المحاكمة دخل أحد الباشاوات الوطنيون إلا وهو محمد علي علوبه صاحب الباع السياسي الطويل والمحامي الكبير وتطوع للدفاع عن الشبان الوطنيين فماذا فعل ؟؟ ، لقد امسك بمقال حافظ محمود وقرائه بالكامل على لسانه واختتم فعلته قائلا : " لقد قلت عن اقتناع الكلام الذي تسبب في سجن وكلائي فاما ان تسجنونني معهم واما ان تفرجوا عنهم مثلي " . و ارتجت القاعه من التصفيق ورفعت الجسله وقدم القاضي استقالته إذ كيف يبت في قضيه اصبح محمد باشا علي علوبه أحد المتهمين بها وافرج عن حافظ محمودو رفاقه .
و استمر حافظ محمود في مقالاته النارية بجريدة السياسة الاسبوعية حتى قامت ثورة الشباب عام 1935 وتفاعل معها الملك فؤاد بشكل ايجابي وقرر تشكيل وفد برئاسة مصطفي النحاس لمباحثة بريطانيا بشكل نهائي على ان يتم الغاء دستور 1930 المشين وعودة دستور 1923 الليبرالي عقب المباحثات . و في عام 1937 حصل حزب الاحرار الدستوريين على اغلبية مقاعد مجلس النواب في هزيمة تاريخية لحزب الوفد وتقرر ان يصبح الدكتور محمد حسين هيكل وزيرا فقرر ان يتنازل عن رئاسه تحرير صحيفة السياسة الناطقه بلسان حال الحزب إلى تلميذه النجيب حافظ محمود .
كان أول مشكله صادفت حافظ محمود في الموقع الجديد انه كتب مصححا واقعه تاريخية لا تزال عالقة خطا في اذهان شعبنا إلى اليوم .. فدائما ما نقول ان الزعيم العظيم سعد زغلول قال مفيش فايده ودائما ما تورد كتب مؤرخينا انه قالها في فراش الموت على مجمل الوضع السياسي إلا ان حافظ محمود قال ان فقدان الامل في قضية مصر لم يتسلل ابدا إلى الزعيم الجليل الذي قال مفيش فايدة إلى عقيلته، صفية زغلول حينما قدمت له الدواء قبل لحظات من وفاته فقال لها العبارة المذكورة لشعوره بقرب اجله واستشهد حافظا بالسيدة صفية زغلول التي كانت لا تزال علي قيد الحياة واكدت ام المصريين الواقعه . كانت المشكلة هنا ان حزب الاحرار الدستوريين هو الحزب المنافس لسعد زغلول وحزبه الوفد فاذا برئيس تحرير لسان حال الحزب يقوم بكل حياد وامانه برفع الظلم عن الزعيم الكبير . ثم درب حافظ محمود مثالا اخر في احترام شرعية الحاكم حتى لو اخلفنا معه فحينما قامت بريطانيا بفرض مصطفي النحاس رئيسا لوزراء في حادث 4 فبراير 1942 الشهير وهددت العاهل المصري فاروق بن فؤاد الأول بالعزل ندد حافظ محمود بالاجراء البريطاني لانه مخالف للدستور المصري الذي يحصر حق عزل الحاكم المصري لمجلس النواب والشيوخ وكتب سلسلة من المقالات بحق الملك جعلت العديد المؤرخون يقفون في حيرة بسبب هذا الفكر المستنير .
منذ شبابه وحافظ محمود عضوا في جماعات الجهاد ضد المحتل البريطاني وشارك كثيرا في حمل السلاح ضد الغزاة بل انه استغل حفل زواجه من اجل تهريب قطعه سلاح لم يستطع زملائه في الجهاد اخراجها من الحي بسبب تشدد المراقبة في ذاك الوقت ابان الحرب العالمية الثانية . و ذات مرة طاردته رصاصات الانجليز واصيب برصاصه في ساقه إلا انه استمر في العدو وافلت منهم قبل ان يقوم زملائه بمعالجته . و من المناهج الفكرية التي تشد انتباه متابع سيرة حافظ محمود إلى جانب حتمية المقاطعه الاقتصادية للغزاة انه كان يؤمن بتلازم المسارين السياسي والعسكري فكان صباحا عضو ورئيس تحرير بحزب الاحرار الذي يشارك حزب الوفد في التفاوض مع بريطانيا وفي ليل مجاهد من طراز فريد يراوغ رصاصات الانجليز في ظلمه العاصمة (!!) .
و في فترة الاربعينات تقابل حافظ محمود مع ضابط بالجيش تم فصله ولمس في اسلوب كلامه حسا أدبيا فاقترح عليه ان يمارس الكتابه الصحفية .. فكان هذا الضابط هو الرئيس الراحل محمد أنور السادات فهل فكرة تلازم مسار السلاح والسياسة التي طبقها الزعيم الراحل اثناء فترة رئاسته اتت على خلفية صداقته المبكرة بحافظ محمود ؟؟ .
لعب حافظ محمود دوراً اساسيا في تاسيس نقابه الصحفيين ، في صباح 31 مارس 1941 وكانت مكافاة ان عُين عضوا في مجلس النقابه في المجلس المؤقت لها لحين انتخاب نقيبا للنقابة الوليدة . حينما تاسست النقابه بدء صراع من نوع اخر داخل النقابه نفسها إذ اراد اصحاب الصحف السيطره علي ميزانيه ومجلس اداره النقابه ومنصب النقيب ايضا وتجلى الامر بوضوح في أول جلسه للمجلس المؤقت الذي تولى اداره النقابه لحين اجراء الانتخابات فقد تم اختيار كلا من حافظ محمود ومصطفي امين كممثلين للصحفيين الشبان وفي هذا الاجتماع قال جبرائيل تقلا صاحب ورئيس تحرير جريدة الاهرام التي عقد في مبناها القديم أول اجتماع لمجلس النقابه المؤقت :" قانون المعاشات يطبق بعد عشر سنوات (!!) " فنهض حافظ محمود يدافع عن حقوق الصحفيين كعادته قائلا :" هذا ظلم ، كيف يعيش الصحفيين طوال العشر سنوات القادمه ؟ " وهنا نهض فارس نمر صاحب ورئيس تحرير جريده المقطم ثم جذب حافظ محمود من الجرافت قائلا :" عندنا قرشين للعيال بدك تخدهم ؟ " فابتسم حافظ محمود قائلا :" وهل اخذت شيئا منك يا باشا ؟! " . و هكذا انقسم الصحفيين في أول الامر إلى اصحاب صحف ومحررين .. الجانح الأول قاده الصحفيين الشوام ( السوريين ) الذين سيطروا على الصحافه المصريه منذ سبعينات القرن التاسع عشر إلى اربعينات القرن العشرين والجناح الاخر قاده حافظ محمود ولم يكن معه اي فرد وقف كما وقف هو ضد الصحفيين الشوام إلا انه وإحقاقا للحق فان العديد من اصحاب الصحف تضامنوا مع جناح حافظ محمود وحقوق المحررين فقام حافظ محمود بعقد اجتماع عاجل مع هذه الفئه من الصحفيين وقرر ترشيح محمود أبو الفتح صاحب ورئيس تحرير جريده المصري المواليه للوفد في منصب نقيب الصحفيين كما تقرر ترشيح مرشحين من المحررين لكافه المناصب . و كانت المفاجاه ان جناح حافظ محمود كان يمثل الاغلبيه التي رفضت في أول جمعيه عموميه ان يقوم جبرائيل تقلا حتى بتقديم اوراق ترشيحه لمنصب النقيب وبالفعل تراجع تقلا باشا امام رغبه جحافل الصحفيين واصبح محمود أبو الفتح بالتزكيه أول نقيب للصحفيين اما حافظ محمود فقد تم انتخابه كأول وكيل عام للنقابه والمحررين . و يومها كان حافظ محمود عند جبرائيل تقلا بمكتبه بالاهرام فنظر الاخير إلى حافظ محمود شذرا وقال له :" اتفضل قوم من هنا وغادر المبني فورا احسن اقتلك " ثم تمتم في مراره :" كيف يكون محمود أبو الفتح نقيبا للصحفيين وهو محررا عندي ؟؟ " .. ويجزم كافه اساتذه ومؤرخي الصحافه ان حافظ محمود بما فعله في الفتره من مارس – ديسمبر 1941 كان أول انقلاب في الصحافه المصريه .. انقلابا خلصها من سيطره الصحفيين الاجانب ( الشوام ) وجعل مصائرها في يد الصحفيين المصريين ونظرا لان الحدث كان جليلا فان العديد من الصحفيين حتى المغمور منهم حاول نسب قياده الانقلاب الصحفي إلى نفسه إلا ان كتب التاريخ وامانه المؤرخين تحفظ لحافظ محمود حقه . و كان المجلس ينتخب مره كل عام في ديسمبر ثم تطور الامر في نهايه الستينات و مطلع السبعينات الي كل عامين .. وقد انتخب حافظ محمود عضوا في مجلس النقابه 26 دوره متتاليه وهو رقم قياسي باعتراف اتحاد الصحفين العالمي ولم يكن حافظ محمود مجرد عضوا بل تولي العديد من المناصب داخل المجلس :
• ممثل الصحفين الشباب ( 1941 ) .
• وكيل عام النقابه لمده 21 دوره انتخابيه متتاليه ( 1941 – 1964 ) .
• سكرتير عام النقابه لمده 13 دوره متتاليه ( 1942 – 1954 ) .
• نقيب الصحفيين لمده 4 دورات متتاليه ( 1964 – 1967 ) .
• عضو مجلس النقابه لمده 26 دوره متتاليه ( 1941 – 1967 ) .
في يوليو 1941 بدات نقابه الصحفيين في اصدار البطاقات الصحفيه وكان أول من تقدم بطلب البطاقه هو حافظ محمود ليسجل التاريخ انه أول عضو في نقابه الصحفيين وان بطاقته الصحفيه تحمل رقما فريدا في خانه القيد إلا وهو رقم واحد .
في عام 1948 وبينما العمل جاريا في تشييد مبني نقابه الصحفيين عسكرت الجيوش البريطانيه في ارض المقر مما اوقف عمليه البناء والتشييد مما سبب احباط للصحفيين وهنا قام حافظ محمود بارسال خطابا عاجلا إلى ملك بريطانيا ورئيس وزرائها يطالبهم بإخلاء القوات البرطانيه من ارض نقابه الصحفيين !! وقد توقع العديد من الصحفيين و على راسهم فكري اباظه ان تكون نهايه حافظ محمود في تلك الخطوه إلا ان المفاجاه التي زلزلت الوسط الصحفي وقتها هي استجابه القياده البريطانيه لطلب حافظ محمود وبالفعل خرجت القوات البريطانيه من مقر النقابه بجره قلم من حافظ محمود واستمر البناء إلى ان افتتح المقر في الموعد المحدد . و من بين المواقف المؤثرة التي لم ينساها الجيل القديم لحافظ محمود انه كان يقضي نصف الوقت المخصص له كرئيس تحرير جريدة السياسة اليومية ثم يذهب إلى ارض النقابة لكي يقوم بنفسه بحمل الطوب والرمل مع البناة من اجل بناء مقر النقابة فكان حين يقول يوما لقد بنيت تلك النقابة علي يدي فكان رحمه الله يقصد القول لفظا وفعلا .
و من عجائب الاقدار ان حافظ محمود لم يكن اصغر رئيس تحرير فقط بل كان اطول من تولي هذا المنصب ايضا إذ تولي رئاسه تحرير ست صحف في فترات متباعده بلغت مجمعه لمده 24 عاما منها قرابه العشرون عاما متواصله :
• رئيس تحرير جريده الصرخه ( 1933 – 1934 ) .
• رئيس تحرير جريده السياسه الاسبوعيه ( 1938 – 1952 ) .
• رئيس تحرير جريده السياسه اليوميه ( 1944 – 1952 ) .
• رئيس مجلس اداره ورئيس تحرير جريده القاهره المسائيه ( 1953 – 1959 ) .
• رئيس تحرير جريده الجمهوريه ( 1962 – 1963 ) .
• رئيس مجلس اداره ورئيس تحرير جريده الصحافه الشهريه ( عامي 1966 و1967 ) .
اتت الثورة واغلقت الاحزاب واصبحت الرقابة جاثمة على صدر الصحافه واغلقت الصحف الحزبية لغلق الاحزاب ذاتها وهنا راس حافظ محمود تحرير جريدة القاهرة المسائية اليومية وكانت المفاجاة ليس في تخصصها بل في الخطاب الاعلامي لتلك الجريدة فقد كانت تنادي بالوحدة العربية وبمبادئ تيار القومية العربية وكان ذلك عام 1953 قبل عامين من بداية التوجه الناصري لذلك التيار . تصادم حافظ محمود مع الرئيس جمال عبد الناصر مبكرا وتحديدا عام 1953 حينما اكتشف حافظ محمود ان مجلس قياده الثورة يتجسس على اجتماعات نقابه الصحفيين ، و بعد ازمه مارس 1954 فتح الزعيم الراحل صفحة جديدة مع جميع الاطراف وكلف حافظ محمود عام 1956 برئاسة وفد مصري من خيرة الساسة والأدباء لزيارة العواصم الاوربية وشرح وجهه نظر مصر في تاميم قناة السويس ومن بين الالغاز التي واجهت كاتب تلك السطور هي ان كل صور تلك الرحلة تدور في مصانع السلاح الاوروبية هل اوفد الزعيم الراحل حافظ محمود من اجل صفقة سلاح سرية ؟؟ . و من عظائم الامور ان الفترة التي قضاها حافظ محمود في أوروبا كانت تواكب انتخابات مجلس نقابة الصحفيين ونظرا لانه في أوروبا ادرك خسارة مقعده النقابي ولما عاد فوجئ بالصحفيين قد قاموا بترشيحه وانتخابه مجددا في مجلس النقابه ووكيلا لها . و في اواخر الخمسينات اشتد الصراع على العرش السعودي بين الامير فيصل والملك سعود وساندت مصر حق سعود الشرعي في عرش ابيه مما جعل حافظ محمود يدعم موقف مصر الرسمي بعددا من مقالاته فارسل فيصل سفير السعوديه إلى حافظ محمود قائلا له :" ان الامير فيصل يعرض عليك شيك بخمسون الف جنيه مع مرتب شهري تختار مقداره انت مدي الحياه بشرط ان تعدل عن موقفك الموالي للملك سعود " فرد حافظ محمود على الفور :" اترشيني ؟؟ انا مصري وسانفذ السياسة المصرية " . و يلاحظ هنا إلى اي صدى وصلت اليه مقالات حافظ محمود في الوطن العربي باسره . .. ولكن العلاقه بين الزعيم والصحفي لم تدم بشكل جيد طويلا كمعظم الصحفيين إذ اتي تاميم الصحافة عام 1960 وقررت حاشية عبد الناصر ان تعد للزعيم وثيقه تاريخية بها رسالة شكر من الصحفيين على التاميم (!!) مذيلة بتوقيع كل اعضاء النقابه من الصحفيين فوقع الجميع عدا صحفي واحد .. حافظ محمود .. فلقد كان الوحيد الذي جاهر برايه في ان هذا التاميم هو خطوة للوراء وانتكاسة لحرية التعبير بينما هلل لها كبار الصحفيين والكتاب وقتها . و حينما تناهى إلى مسامعه ان احدى الجهات الامنية تقلب في ملفاته القديمة من اجل البحث عن ثغرة ذهب اليهم بنفسه حاملا ملفاته وقال لهم :" اتحداكم لو وجدتم ما يدينني !! " وبعدها بفترة زاره وجيه اباظه من الضباط الاحرار وطمئنه من مرور الموضوع بسلام . و لكن في عام 1964 بدات أولى حلقات الصدام الاكبر وتمثل في فوز حافظ محمود في انتخابات نقيب الصحفيين في ما يمثل مفاجاة للنظام الذي كان يظن ان الصحفيين سوف يختارون المرشح الحكومي المعتاد .. وبدا حافظ محمود في سن ميثاق صحفي معاصر وقانون للمعاشات ونادي صيفي للنقابة والاهم اعادة الانضباط إلى العمل الصحفي فتصادم مع العديد من الكتاب اللذين يسبحون بحمد النظام دون سبب وسمح بفاصل من الحرية والمعارضة في صحيفة النقابة رغم الرقابة الشديدة . و حأول حافظ محمود تقويم التصرفات الغير المسئولة التي نراها الان في الصحفيين فعلى سبيل المثال تغيب الكبار احمد قاسم جودة وامينة السعيد عن حضور مجلس النقابه عدة مرات رغم انهم اعضاء منتخبين ولما تغيبوا الفترة القانونية التي تسمح للمجلس ان يقوم بفصلهم من المجلس قام حافظ محمود بفصل الاثنين رغم انتمائهم للتيار الحكومي ولما اعترض الاثنين قام حافظ محمود بتقديم استقالته وترشح لمنصب نقيب الصحفيين مجددا وانتخب المجلس مجددا للمرة الثانية بدون احمد قاسم جودة وامينة السعيد فكانت رسالة لهم وللحكومة بتاييد عموم الصحفيين لقرار حافظ محمود . ثم اختبر حافظ محمود الادعاء الناصري الزائف بحماية حقوق العمال وحرية العمل النقابي عبر تاسيس وزعامة اتحاد النقابات المهنية وجلس عظماء وشيوخ الصحفيين والمهندسين والاطباء والمحاماة معا في جلسة واحدة واسسوا هذا الكيان التاريخي وعلى راسه حافظ محمود ثم ما لبث ان سافر حافظ محمود إلى براغ في تشيكوسلوفاكيا حيث مؤتمر اتحاد الصحفيين الدولي ولما طلب من الدول الحاضرة ترشيح نائبا لرئيس الاتحاد انتخب الغرب قبل الشرق حافظ محمود كأول عربي ومصري وافريقي يحظي بهذا الشرف الرفيع ولما عاد حلت الحكومة اتحاد النقابات المهنية بدعوي انه تنظيم شيوعي مع ان حافظ محمود في شبابه انتمي إلى تيار ثوري يميني كما اوضحنا بل ان حزب الاحرار الدستوريين كان حزبا ينتمي إلى تيار يمين الوسط (!!) . و هكذا قررت الحكومه ان تخلع النقيب بعد ان نظم مؤتمرا شعبيا وجماهيريا لمناقشة مشكلة الاسكان ثم مؤتمرا ثانيا لمشاكل التعليم قبل ان ينظم احتفالية عالمية بمناسبة مرور 100 على انطلاق الصحافة الشعبية في عصر الخديوي إسماعيل وفي هذه الاحتفالية ذكرت محاسن الخديوي الراحل مما اغضب القيادة السياسية وقتها التي لم تكن تعرف زعيما تولى البلاد وابلى بلاء حسن إلا بعد ثورة 1952 .. وهكذا ضجرت الحكومه من افكار حافظ محمود السابقة لعصره وقررت ان تنزل بثقلها في انتخابات 1966 فاصدرت صحيفتي اخبار الدار عن اخبار اليوم وصحيفة روزاليوسف اليومية من اجل الترويج لمرشحها الحكومي فتحي غانم وتسويقه كمرشح مقبول للصحفيين ( من عجائب الامور ان تاريخ اعاد نفسه واصدرت الحكومه عام 2005 صحيفة روزاليوسف اليومية من اجل الترويج للفكر الجديد والزعيم الجديد ) ثم في حركة استعراضية سحب 3 مرشحين ترشيحهم لصالح فتحي غانم وبالفعل شر البلية ما يضحك إذ كان بينهم احمد قاسم جودة وامينة السعيد ولما اتي يوم الانتخابات انتفض الصحفيين وانتخبوا حافظ محمود للمرة الثالثة على التوالي نقيبا لهم واستثمر حافظ محمود تلك الثقة وطلب من الاتحاد الاشتراكي تاسيس امانه للصحفيين بالاتحاد وكان له ما اراد ثم انتخب نقيبا للمرة الرابعه . ثم اتت الطامه الكبرى عام 1967 .. وتحديدا في فبراير حين تقرر ان ينعقد مؤتمر الصحفيين العرب في القاهرة وكان أهم بند في المؤتمر هو الذي اضافه حافظ محمود من ضمن افكاره المتطوره هو استخدام سلاح البترول في فك احتقان وتحرش العالم الغربي بمصر وسوريا والعراق وقتذاك ولو قدر للعرب ان يؤخدوا بهذا الاقتراح في فبراير 1967 لربما لم يحدث ما حدث في يونيو 1967 . و هكذا قررت مراكز القوي محاربة المؤتمر بدون سبب وكأن هي المعنية بمسالة سلاح البترول ولكن حافظ محمود كان بارعا واستغل صداقته بالاستاذ محمد حسنين هيكل وشرح الامر للزعيم جمال عبد الناصر الذي قال اعقدوا المؤتمر واسمع الافتتاح وبعد ذلك نحكم فاذا بالزعيم يدرك حقيقة الامر ويحضر بنفسه مؤتمر الختام والقي كلمة تاريخية وكانت المرة الأولى والاخيرة في حياته التي يلاقي فيها الصحفين العرب اجمعين بهذا التجمع ولاقي الزعيم وقتاه ثناء لم يسمعه طوال حياته بشهادته لحافظ محمود وهكذا عادت الحرارة إلى العلاقة بينهم ولكن حاشية السوء كانت تلعب من خلف الستار ولم تكن تريد ان يصبح حافظ محمود نقيبا للمرة الخامسة رغم رغبة الصحفيين في ذلك وهكذا قررت ترشيح امينة السعيد لمنصب النقيب مع اللعب على وتر حرية المراة وحق المراة في ان تكون نقيبة للصحفيين ولكن الصحفيين انتخبوا حافظ محمود للمرة الخامسة فقام ولكن مراكز القوي استغلت انشغال جمال عبد الناصر بازمه ما قبل يونيو 1967 واصدرت حكما قضائيا ببطلان الانتخايات وتعيين حارس قضائي على النقابة لمدة سته أشهر ومنع حافظ محمود من الكتابة وتخفيض راتبه إلى النصف رغم انه وقتها كان يعول زوجته المريضة وبناته الاربعه إلى جانب انه دخل عامه ال 61 . و حتى لا يشتم جمال عبد الناصر خبرا واصلت الحاشية الصحفية الموالية لمراكز القوي نشر مقالات تحمل اسم حافظ محمود في جريدة الجمهورية التي يعمل حافظ محمود بها منذ عام 1960 عقب غلق جريدة القاهره . و لكن الموقف انفرج عقب النكسة – للاسف – وبداية سياسه جدية من جمال عبد الناصر قبل ان يتوفي الاخير في سبتمبر 1970 .
في عام 1971 انعقد المؤتمر الاسلامي في لندن وقرر الزعيم محمد أنور السادات تكليف حافظ محمود برئاسة الوفد وبالتالي رئاسة المؤتمر .. وما ان اطلقت حرية الصحافة عقب أكتوبر 1973 حتى راحت الاقلام تخط عشرات المقالات والكتب عن مساوئ جمال عبد الناصر فاذا بحافظ محمود يسبح ضد التيار كالمعتاد ويكتب سلسلة مقالات تعدد مزايا جمال عبد الناصر وانه حأول بظروف عصره وذكر الكتاب بقوانين الاصلاح الزراعي الذي اعاد الكرامة والهيبة للفلاح المصري والسد العالي وتاميم القناة . و في عام 1979 كتب عددا من الصحفيين الكبار مقالات ضد مصر بالخارج وهو ما يعد خيانه عظمي لمبادئ الصحفيين والوطنية والمؤسف ان هؤلاء الصحفيين الكبار لا يزالوا منهم الباقي على قيد الحياة ونعتبرهم من شرفاء الوطن وضجر الزعيم محمد أنور السادات بكتابات هؤلاء ونبه النقابه لضرورة معاقبتهم ولكن النقيب علي حمدي الجمال لم يفعل شيئا وهنا وفي مناسبة أدبية جلس الزعيم محمد أنور السادات يتحدث للصحفيين عن مجمل الوضع السياسي ثم تطرق للصحفيين الذين يسبون مصر بالخارج واعلن نيته تحويل نقابة الصحفيين إلى نادي للصحفيين (!!) فاستبد الغضب بحافظ محمود واشار إلى وزير الاعلام منصور حسن للتدخل إلا ان الوزير اثر الصمت فاشار مجددا إلى النقيب فنهض علي حمدي الجمال مرتعدا والعرق يتصبب من جسده وراح يعدد حسنات الزعيم حتى مل الزعيم نفسه ثم اختتم النقيب مداخلته الفاجرة قائلا :" ما تتحول نادي ولا جمعية يعني هيحصل ايه يعني " .. فتلفت الكهل حافظ محمود ذو ال 72 عاما لعل احدا من شباب أو حتى شيوخ الصحفيين يتحدث إلا ان كلهم – كالمعتاد – هز راسه موافقا علي اي شي وكل شي وهكذا ادرك الرجل ان عليه ان ينهض حتى يدافع عن الكيان الذي بناه بنفسه فطلب الاذن بالكلام فبمجرد ان وقف حافظ محمود تعلقت الانظار به لمعرفتهم بتاريخه الطويل وهدات نفس السادات لرؤية استاذه الأول في عالم الصحافة وبدء حافظ محمود كلامه قائلا :" لدينا وثيقه موقعه من سيادتك تقر فيها بدور الصحافه في ثوره 23 يوليو ثم تاتي الان امام كاميرات العالم وتقول ان الصحافه ضد الوطن فكيف تناقض نفسك يا سياده الرئيس ؟ .. الصحفيين اللذين كتبوا ضد مصر لا يساون أكثر من 2% أو 3 % من اعضاء النقابة فلماذا انت غاضب يا ريس ؟ " فقال الرئيس :" مش عارف اللي كتبوا يا استإذ حافظ ؟؟ " فرد الصحفي :" انا لما سبت النقابة تركت لهم ميثاق الشرف الصحفي " ثم راح حافظ محمود يسرد تفاصيل من هذا القانون حتى صاح السادات :" اهو انا عايز نصف دا ربع دا " وهنا حسم حافظ محمود الامر قائلا :" نعمل مجلس يحل مشاكل الصحفيين " ( ومن هنا تأسس المجلس الاعلي للصحافة ) فابتسم أنور السادات قائلا :" شايفين شيخ الصحفيين حلها ازاي " ودوي التصفيق الحاد وانتهي الاجتماع فلحق حافظ محمود واحسان عبد القدوس بالزعيم محمد أنور السادات وكان احسان ظريفا حين سال الزعيم محمد أنور السادات عن حكايه شيخ الصحفيين دي فقال الزعيم محمد أنور السادات :" انت مش فلاح زي انا وحافظ يا احسان .. في كل شغلانه عندنا ليها شيخ هو كبرهم " فقال حافظ محمود ضاحكا :" بس انا كدا أول عجوز بقرار جمهوري " . و هكذا تاسس المجلس الاعلى للصحافة وظل حافظ محمود عضوا بالمجلس ورئيسا للجنه شئون الصحفيين يحل مشاكلهم حتى وفاته .
كان وجود شخص بتاريخ حافظ محمود على قيد الحياة ( توفي عن 90 عاما ) هو حمايه لكل شيوخ الصحافه .. ففي عام 1985 ناقش مجلس النقابة الغاء المعاش لكل من يبلغ سن ال 70 توفيرا للنفقات وحينما سمح ناصف سليم بالامر ذهب اليهم وقال جملة واحده :" حافظ محمود عمره 78 مش هتدوا مؤسس النقابة معاش كمان " وانتقل المجلس لمناقشة البند التالي في جدول اعماله بلا تعليق . و نظرا لانه الوحيد الذي انتخب اربع مرات متتالية ولدفاعه عن حقوق الصحفيين حتى النقباء منهم سمي نقيب النقباء إلى جانب صاحب البطاقه الصحفية رقم واحد وشيخ الصحفيين .
كما هو معروف للجيل الحالي عادت الحكومة مجددا محأولة لاغتيال حرية الصحافة إلا ان الرئيس محمد حسني مبارك تدخل والغي قانون 1996 مطالبا الصحفيين بوضع قانون جديد وفوجئ شيخ الصحفيين حافظ محمود بتلقيه اتصالا هاتفيا رقيقا من رئيس الجمهورية يطلب منه بمودة ان يكون من ضمن الصحفيين المشاركين في وضع القانون ورغم ان شيخ الصحفين حافظ محمود بالفعل كان من ضمنهم بسبب تاريخه وعمله في المجلس الاعلى للصحافه إلا ان هذا الاتصال الهاتفي كان يوضح ثقه ورغبه الزعيم محمد حسني مبارك في تواجد شيخ الصحفيين حافظ محمود في هذا الامر الجلل .. وبالفعل لعب شيخ الصحفيين حافظ محمود دورا كبيرا بشهاده كل الصحفيين المنتمين إلى الجيل الحالي .. بل انه اقترح قانون العيب في الذات الصحفيه وهو قانون يسمح للنقابه بان تتدخل بقوه ضد المسيئون لشرف الصحافه من الصحفيين انفسهم إلا ان الطابور الخامس وقف بالمرصاد ضد القانون ماهي إلا بضعه سنوات وظهرت الصحافه الصفراء بلا رادع ثم صفحات الردح السياسي والفني والديني بلا رقيب .
رغم وفاته في سن التسعون إلا ان حافظ محمود ظل حتى اليوم الاخير لوفاته متمتعا بكامل قواه وصحته العقلية والنفسية والبدنية وكان حاضر الذهن والذاكرة بطريقة ادهشت الجميع فظل يكتب تاريخ مصر بمقال اسبوعي في الجمهوريه منذ عام 1967 تحت اسم ذكريات حافظ محمود كما يكتب مقالا اسبوعيا اخر بنفس الجريدة يوم الاثنين منذ عام 1960 إلى جانب مقالا بجريدة المساء يوم السبت .. وكان يقطن بحي جاردن سيتي فيصمم بنفسه على الذهاب سيرا على الاقدام من منزله إلى دار التحرير في شارع رمسيس على سبيل الرياضة .. فلم يتكبر يوما ولم تعميه الشهرة ولم يغريه تاريخه وظل متواضعا حتى مع ابسط الناس فلا يري احدا أو وينهض ليصافحه ولا يتحدث مع أحد إلا بصوته الدافئ الهادي ذو الرنة الموسيقية وضحكة الباشوات التي لا تفارقه .. وحينما توفي في 26 ديسمبر 1996 كان مطلبه ان تخرج جنازته من بيته .. من نقابه الصحفيين .. وبالفعل خرجت الجنازة صباح الجمعه 27 ديسمبر 1996 وكم كانت المفارقة ان جدران النقابة الشابة التي بناها بنفسه والتي اختلطت رمالها بعرقه كانت متصدعه بسبب البدء في ازاله المبني القديم وبناء اخر حديث فكانت الجدران الشابه الضاحكه التي راته يوما ما في اوج مجده هي ذاتها الجدران الباكية المحطمة التي تشهد جنازته .. سار شيوخ الصحفيين والشباب ما يبكون شيخهم .. كانت جنازتهم مؤتمرا ائتلافيا حضره كان الصحفيين والتيارات .. خبر وفاته كان الأول والاخير الذي نشر على صدر الصفحه الأولى في الصحافه الحكومية والمعارضة والمستقله على حد سواء بنفس الاحتفاء والعرفان بالجميل . و لقد سار نعش الشيخ محمولا على اعناق شباب الصحفيين من مبني النقابه حتى مسجد عمر مكرم في ميدان التحرير فاذا بجموع المواطنين ينضمون في هدوء وسكون إلى جنازة القلم .. جنازة المجاهد والسياسي والاديب معا
1 – طلعت حرب ( 1936 )
2 – فلسفة الثورة ( 1953 )
3 – الاعلام العربي والاعلام الصهيوني ( 1960 )
4 – المجتمع الاتشاركي الديموقراطي الوطني ( 1961 )
5 – المعارك الصحفية ( 1969 )
6 – مذكرات منسية ( 1972 )
7 – اسرار الماضي ( 1973 )
8 – عمالقة الصحافة ( 1974 )
9 – بنات سنة 2000 ( 1975 )
10 – حكايات سامي وسامية ( 1975 )
11 – اسرار صحفية ( 1976 )
12 – القاهرة بين جيلين ( 1980 )
13 – حكايات صحفية ( 1984 )
14 – حكايات الاصدقاء ( 1993 )
1 – جوقة الشرف من اليونان لدفاعه عن قضية تحرير قبرص ( 1956 ) .
2 – درع عيد الثورة الثالث من مصر ( 1955 )
3 – درع معركة بورسعيد من مصر ( 1959 )
4 – درع القوات المسلحة المصرية من مصر ( 1961 )
5 – وسام مأرب من جمهورية اليمن ( 1966 )
6 – درع نقابة الصحفيين المصريين ( 1967 )
7 – درع نقابة الصحفيين المصريين ( 1997 )
8 – درع نقابة الصحفيين المصريين ( 2004 )
9 – درع عيد العلم من مصر ( 1966 )
10 – درع اتحاد الصحفيين العالمي ( 1971 )
11 – جائزة الجدارة من مصر ( 1979 )
12 – وسام الجمهورية من الطبقة الأولي من الرئيس المصري محمد أنور السادات ( 1981 )
13 – وسام الاستحقاق من الطبقة الأولي من الرئيس المصري محمد حسني مبارك ( 1988 )
14 – درع تكريم لمجمل حياة حافظ محمود في مجال الصحافة من المركز الكاثوليكي في مصر ( 1992 )
• سلسلة النقابات المصرية : نقابة الصحفيين – المؤلف : رجائي الميرغني – الناشر : مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية التابع لمؤسسة الاهرام الصحفية المصرية / الطبعة : الأولي 2005 .
• تاريخ نقابة الصحفيين – المؤلف : الامير المليجي – الناشر : مؤسسة التضامن العربي / الطبعة : الأولي عام 1962 .
• السادات الحقيقة والاسطورة – المؤلف : موسي صبري – الناشر : المكتب المصري الحديث / الطبعة : الثانية عام 1985 .
• هيكل والسياسة الاسبوعية – المؤلف : د.محمد سيد محمد – الناشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب / الطبعة : الأولي عام 1996 .
• الصحافة والثورة .. ذكريات ومذكرات – المؤلف : رشاد كامل – الناشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب / الطبعة : الأولي عام 2002 .
• انقلاب في بلاط صاحبة الجلالة – المؤلف : عادل حمودة ، فايزة سعد – الناشر : مؤسسة روزاليوسف الصحفية المصرية / الطبعة : الأولي عام 1980 .
• سفاح صاحبة الجلالة – المؤلف : سعيد أبو العينين – الناشر : دار اخبار اليوم الصحفية المصرية / الطبعة : الأولي عام 1997 .
• نصف قرن بين السياسة والأدب – المؤلف : فتحي رضوان – الناشر : دار الهلال / الطبعة : الأولي عام 1998 .
• التكوين .. حياة المفكرين والأدباء والفنانين .. باقلامهم – الناشر : دار الهلال / الطبعة : الأولي عام 1998 .
• نقابة الصحفين في 40 عام – تقديم : نقيب الصحفيين ( وقتذاك ) صلاح جلال – الناشر : نقابة الصحفيين المصريين ( كتاب تذكاري بمناسبة اربعون عاما ً علي تأسيس النقابة / الطبعة : الأولي والوحيدة عام 1981 .
• تاريخ الصحافة المصرية – المؤلف : د.مها محمد كامل الطرابيشي – الناشر : دار الايمان / الطبعة : الأولي عام 2005 .