بينظير بوتو و تلفظ بنزير بوتو (أردو بینظیر بھٹو) (21 يونيو 1953 - 27 ديسمبر 2007)، كانت سياسية باكستانية وابنة السياسي و رئيس باكستان السابق ذو الفقار علي بوتو. من مواليد مدينة كراتشي. وهي أكبر أربعة أبناء لذو الفقار من زوجته الثانية نصرت إصفهاني (نصرت بوتو) الإيرانية من أصل كردي. وهي من المذهب الشيعي الإسماعيلي.
فهرس |
بعد إكمالها لدراستها في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة و جامعة أوكسفورد في بريطانيا ، عادت إلى باكستان بفترة قليلة قبل الإنقلاب على أبيها الذي قاده ضياء الحق. بعد اعتقالها و نفيها، عادت مجددا عام 1986 وقادت معارضة ضد الأحكام العرفية. المحللون السياسيون أن هناك أربع صفات تميز "بنظير بوتو" المولودة يوم (21/6/1953م) والمتوفاة اغتيالا يوم (27/12/2007م)، وهي صفات تعد مدخلا مهما لتناول شخصيتها المثيرة للجدل، فقد كانت واضحة في حياتها عموما، وانعكست على حياتها السياسية خصوصا، وهي صفات استولت عليها، وملأت حياتها، ويمكن رصدها على النحو الآتي: - كلما وصلت إلى نتائج إيجابية في مسيرتها السياسية وتمكنت من كسب موقف ما كانت تعتبر كل ذلك بفضل قيادتها وجهودها الفردية، وكلما منيت بفشل، أو بتعثر كانت تعتبر ذلك نتيجة تقصير الآخرين.
- كانت دائما تسعى لأن تثبت استحقاقها لكل تكريم ومنصب من غير أن تعترف بأي مشاكل لديها، أو بنقص فيها، أو في صلاحيتها واستعدادها وأهليتها.
- كانت تعتبر نفسها راعية للقانون والديمقراطية مع أنها كانت بعيدة كل البعد عن الالتزام بالقانون والديمقراطية داخل حزبها وحياتها السياسية، فإنها لم تكن ترضى بحال من الأحوال بإجراء انتخابات داخل الحزب، بل قد عينت رئيسة الحزب مدى الحياة، وكان هذا سببا في أزمة القيادة في حزب الشعب الباكستاني، وكانت تعرف بـ (الدكتاتورة المدنية).
مثال ذلك ما قاله الصحفي الهندي المعروف (K.K Katyal) بأنه كان يجري مقابلة معها وفي هذه الأثناء دخل أحد كبار أعضاء حزب الشعب، فغضبت منه، وقالت له: "ألا تعرف أن القائد إذا كان يتحدث لا يجوز لأحد أن يتدخل في الحديث!".
وقد ورثت هذه الصفة من تربية أبيها لها ومن سيرته، فدكتاتوريته كانت أشد أنواع الدكتاتوريات طوال تاريخ باكستان، وهو المدني الوحيد الذي تولى الحكومة العسكرية طوال تاريخ باكستان، فتعرضت أحزاب المعارضة لأشد أنواع التعذيب أثناء حكمه.
- كانت تحب الحكم والسلطة إلى أبعد الحدود، فالسلطة هي محور حياتها التي دارت أحداثها حولها، وكانت ستفعل المستحيل لأجل الوصول إلى السلطة. و"بوتو" في ذلك ليست الحالة الوحيدة في العالم الإسلامي، وأمثال هؤلاء لا يهمهم شيء مثل أهمية الوصول إلى السلطة، يهون الكثير أمام هذا الهدف، فإذا اقتضى التدين تظاهروا بالتدين، وإذا اقتضى غير ذلك فعلوه.. تسود حياتهم البرجماتية بكل معنى الكلمة، لا توجد ثوابت في حياتهم، بل هي تابع للمصلحة عندهم، وبذا حياتهم ليست شرا محضا ولا خيرا محضا، بل تتغير حسب مقتضيات مصلحتهم وهدفهم الأساسي في الحياة. خلفية الأسرة السياسية نشأت "بنظير بوتو" في أسرة سياسية عريقة فكان جدها "السير شاهنواز بوتو" الذي يعتبر أحد الشخصيات السياسية المشهورة في الهند البريطاني، فقد تولى مناصب عالية جدا في الحكومة البريطانية، كان منها مساعدة الحاكم الإنجليزي للهند، ورئاسة وزراء إقليم (جوناغر) في الهند، وحصل على عدة ألقاب من الحكومة الاستعمارية البريطانية في الهند، منها (خان بهادر) و (السير)، وكان قد شكل حزبا سياسيا باسم (حزب الشعب السندي). ذو الفقار على بوتو أما "ذو الفقار علي بوتو" الذي كان يسمى بين أصدقائه بـ "ذو لفي" اختصارا لاسمه (والد بنظير بوتو) فقد مشى على خطى أبيه، فبعد ما تخرج في كلية (بركلي) المشهورة في كاليفورنيا، وجامعة أكسفورد الشهيرة رجع إلى كراتشي عام 1953م، وبدأ يشتغل في المحاماة والتدريس، لكنه كان يرى أن مستقبله مرتبط بالسياسة، وكانت الظروف مهيأة له كون قيادة باكستان حينذاك كانت بيد أصدقاء والده (إسكندر مرزا) و (حسين شهيد سهروردي)، فذهب إليهما وكان ذلك أول مشاركته في السياسة. فتولى في البداية وزارة المعادن، ثم وزارة شئون الأقليات، ثم وزارة التعمير الوطني، ثم وزارة شئون كشمير في حكومة (إسكندر مرزا) وبداية حكومة (المشير محمد أيوب خان)، ثم تولى وزارة الشئون الخارجية في حكومة (المشير محمد أيوب خان)، ثم استقال من وزارة الشئون الخارجية عام 1966م، وشكل حزب الشعب الباكستاني يوم 30 تشرين ثاني عام 1967م، وبذلك دخل السياسة الباكستانية من أوسع أبوابها، وحصل على الأغلبية في أول انتخابات أجريت في باكستان عام 1971م. وبعد أن أجريت الانتخابات للمرة الثانية في آذار عام 1977م حصل حزب الشعب فيها على الأغلبية وشكل الحكومة، وتولى "ذو الفقار علي بوتو" رئاستها، لكنه اتهم بالتزوير وأدى ذلك إلى انقلاب عسكري بقيادة الجنرال محمد ضياء الحق في 5 تموز عام 1977م. أما "بنظير بوتو" فقد نشأت أثناء هذه الأحداث الساخنة وفي هذه الأسرة السياسية العريقة، ومن هنا كانت ترى نفسها أحق الناس بالحكم والسلطة، وترى أنها ولدت لتحكم ولتقود. تحضير لتولية الحكمدراسة "بوتو" كانت تصب في سياق وصولها للحكم، فكانت دراستها الابتدائية والثانوية في مدينة كراتشي، وروالبندي، ومدينة مري، في مدارس تبشيرية، ومن ثم سافرت إلى أمريكا عام 1969م وبقيت في (Radcliff college) وجامعة هارفارد إلى عام 1973م، وحصلت على شهادة البكالوريوس، ثم انتقلت إلى بريطانيا ودرست القانون الدولي والدبلوماسية في جامعة أكسفورد الشهيرة من عام 1973م إلى عام 1977م، وأثناء هذه السنوات نفسها درست في كلية (مارغريت هال) التابعة لجامعة أكسفورد فلسفة السياسة. تقول "بنظير" في حديث لها مع إذاعة بي بي سي (بالأردو) يوم 17 أيلول عام 2003م: "مع أنني كنت قد تلقيت التربية السياسية العملية على يد والدي لكنني أدركت مدى قوة الشعوب عندما ذهبت إلى مؤسسات تعليمية مثل (أكسفورد، وهارفارد)، لم أكن أعرف شيئا عن قوة الشعوب". وبذا كان سفرها إلى هذه المؤسسات التعليمية لتتعلم ما كانت تحتاج إليه في الوصول إلى هدفها، وما كان يسهل مهمتها في الوصول إلى الحكم والسلطة والاستمرار فيهما، ومن هنا كانت دراستها قاصرة على القانون الدولي، والسياسة، والدبلوماسية. وبالعودة إلى والد "بوتو" فسنجده سياسيا محنكا، وتعتبر حكومته - منذ نشأة باكستان - هي الحكومة المستقلة الوحيدة التي لم يكن الجيش يتحكم فيها، وقد رفع شعارا أسر به لب الطبقات الكادحة، وهو (توفير الخبز واللباس والمسكن) وصار بذلك بطلا شعبيا، ومن هنا لقب بـ (قائد الشعب). وهو من البداية سعى إلى تربية "بوتو" تربية سياسية إلى آخر لحظات حياته، وكان يعدها لتتولى قيادة حزب الشعب، وبالتالي لتتولى الحكم بعده، ومن مظاهر هذا الاهتمام الأمور التالية: أ – كان يأخذ "ذو الفقار علي" "بوتو" معه في كثير من المحادثات الرسمية الحساسة والخطيرة، فعلى سبيل المثال شاركت في المحادثات التي جرت بين "ذو الفقار" الرئيس الباكستاني حينذاك وبين "أنديرا غاندي" رئيسة وزراء الهند في عام 1972م في شملة (Simla). ب - كلفها بأعمال خاصة في فترة حكمه عندما كانت تعود في الإجازة من لندن، فقد عينت في عام 1976م (Officer on special duties) الموظف لأداء المهمات الخاصة في وزارة الخارجية الباكستانية، وكان الغرض من ذلك هو تدريب هذه "النحيلة" (لقب أطلقه عليها والدها). حضرها والدها ذو الفقار للوصول للسلطة ج – ولما أسقطت حكومة "ذو الفقار" بانقلاب عسكري وألقي في السجن، وكان يحاكم في قضية قتل بعض الشخصيات المهمة والذين قتلوا في فترة حكمه من قبل الحكومة كان يرسل إليها رسائل خاصة يوجهها فيها ويربيها عن طريقها، كما كتب في المعتقل كتابا سماه "إن قُتلتُ"، خاطب فيه ابنته خطابا خاصا يريد به تربيتها، ووصفها بأوصاف لم يصف بها أحدا من أولاده، وكان يعلق عليها آمالا كبيرة. وريثة الوالد بعد إعدامه حصل الانقلاب العسكري ضد حكومة "ذو الفقار" يوم 5 تموزعام 1977م بعد احتجاجات شديدة من قبل جميع أحزاب المعارضة، وقاد الانقلاب الجنرال "محمد ضياء الحق" الذي رقاه بوتو الأب من غير استحقاق ليتولى قيادة الجيش، وحوكم في قضية قتل الناشطين السياسيين الذين قتلوا في فترة حكمه، وكان منهم أحمد رضا قصوري (والد خورشيد محمود قصوري وزير خارجية مشرف في الحكومة الماضية) وصدر ضده الحكم بالإعدام، وأقرت المحكمة العليا الحكم، ونفذ فيه الحكم بالإعدام يوم 4 نيسان 1979م في سجن روالبندي (المدينة التي اغتيلت فيها بنظير بوتو).
أما مواقف أسرة "بوتو" فكانت متباينة.. أراد "مير شاهنواز بوتو" و"مير مرتضى بوتو" ابنا "ذو الفقار" أن ينتقما لقتل والدهما بعمل مسلح، فأنشآ عصابة مسلحة سميت (الذو الفقار)، آوتها الحكومة الشيوعية في أفغانستان حينذاك، وساعدتها في أداء مهمتها لتقارب فكري بين الجهتين ولأن حكومة الجنرال "محمد ضياء الحق" كانت تساعد الأحزاب الجهادية في المقاومة ضد التواجد السوفيتي في أفغانستان إلى أن تمكنت تلك العصابة (بمساعدة بعض الجهات الأجنبية القريبة من ضياء الحق) من إسقاط طائرة "ضياء" وقتله مع مجموعة كبيرة من قيادات الجيش الباكستاني عام 1988م.
أما موقف "بنظير بوتو" فكان مختلفا عن موقف أخويها، فقد قطعت صلتها بهما، لأنها كانت تعتبر نفسها وريثة أبيها في السياسة وقيادة حزب الشعب، وكانت تريد حكم باكستان وتدرك أن الطريق إلى ذلك هو العمل السياسي، وليس العمل المسلح، ومن هنا تولت قيادة حزب الشعب الباكستاني بالاشتراك مع والدتها "نصرت بوتو" الأصفهانية (وهي من أسرة كردية من إيران تزوجها ذو الفقار علي بوتو عندما رآها في قصر الملك رضا شاه بهلوي).
كان حزب الشعب الباكستاني أول ما نشأ حزبا يغلب عليه الميل إلى النظرية الشيوعية، وكان من قياداته شخصيات معروفة تدعو للشيوعية مثل شيخ رشيد (الذي كان يعرف بأبي الشيوعية) وغيره، وكان الحزب يفضل النموذج الصيني للشيوعية، وكان "ذو الفقار" نفسه يرى (ماوز تونغ) نموذجا يحتذى به، لكن لما رأت "بوتو" أن الظروف قد تغيرت، وأن النموذج الليبرالي الغربي هو الأدعى للقبول لدى أمريكا والغرب، وكانت قد أدركت حقيقة أن الوصول إلى السلطة في باكستان والاستمرار فيها يتوقف على رضا أمريكا، حولت عندئذ قبلة الحزب، وغيرت اتجاهه من الشيوعية إلى الليبرالية الغربية، كون ذلك يقربها من هدف الوصول إلى السلطة.
عاشت "بوتو" في الغالب في الخارج، وكانت عودتها إلى باكستان لممارسة الحكم، فقد خرجت إلى بريطانيا وأمريكا عام 1969م، وبقيت إلى عام 1977م، عادت لفترات لتستمتع بالسلطة فترة حكم أبيها، كما اعتقلت قبيل إعدام أبيها في عام 1979م وبقيت في المعتقل إلى عام 1984م، ثم سمح لها بمغادرة البلد إلى بريطانيا، ومن هناك تولت قيادة حزب الشعب الباكستاني، وعادت إلى باكستان 10 نيسان عام 1986م لتستعد لخوض الانتخابات التي كان يتوقع أن يجريها الجنرال "محمد ضياء الحق" في تلك الفترة، واستقبلت استقبالا ضخما في مدينة لاهور حينذاك، وبقيت بعد ذلك مرتبطة بالحكم، سواء كان ذلك الارتباط بكونها في السلطة أو بكونها في قيادة المعارضة إلى عام 1998م عندما غادرت باكستان إلى الإمارات العربية المتحدة، وبقيت مع أولادها بين بريطانيا والإمارات، ولحق بها زوجها بعد ذلك، إلى أن اقترب موعد الانتخابات وبدأت أمريكا والمجتمع الدولي بالضغط على الجنرال مشرف لإجراء الانتخابات في ضوء فقدانه شعبيته، وكانت مصالح تلك الجهات تقتضي أن يتولى السلطة شخص مخلصة لهم ويكون في نفس الوقت متمتعا بقاعدة شعبية كبيرة، وكان ذلك الشخص في نظر أمريكا هو "بنظير بوتو".
فرجعت إلى باكستان يوم 18 تشرين أول عام 2007م أي بعد تسعة أعوام، بعد اتفاقيات عقدتها مع الجنرال مشرف بضغوط أمريكية وبريطانية وضمانهما، بأنها ستسهل لمشرف مهمة البقاء في منصب رئاسة الدولة في مقابل أن يعطيها فرصة تولي رئاسة الوزراء في الحكومة القادمة، وكانت متيقنة من توليها المنصب المذكور عند عودتها، لكن المدبرين لحادثة اغتيالها لم يمهلوها هذه المرة، واغتالوها يوم 27/12/2007م. الزواج السياسي وتجميل الصورة زوج بوتو آصف زرداري الذي لاحقته تهم فساد كثيرة تزوجت "بنظير بوتو" يوم 18 كانون أول عام 1987م، وكان عمرها غداة ذلك 34 عاما، بـ(آصف علي زرداري) وهو ابن إحدى الأسر الإقطاعية في إقليم السند، ينتمي إلى مذهب أهل التشيع، ويبدو أن الزواج المذكور كان له دخل بقضية الحكم والسياسة. فعندما رجعت "بوتو" إلى باكستان وفكرت أسرتها جديا بالعمل على توليها الحكم مستقبلا، رغبت في أن تحسن من صورتها، ولكون المجتمع الباكستاني مجتمعًا محافظًا ولن يقبل امرأة غير متزوجة وهي في الثلاثينيات من عمرها، وخاصة بعد ما شاعت بعض الأخبار غير المقبولة عنها في فترة شبابها التي قضتها في الغرب، ولتحسين هذه الصورة استعجلت زواجها، فتم ذلك الزواج السياسي! في كراتشي قبيل الانتخابات العامة، وبعد الزواج ظهرت "بوتو" امرأة رصينة وبجانبها زوجها "آصف علي زرداري".
ولتعميق هذه الصورة أصرت "بوتو" على الإنجاب، لأن ذلك يساعد في تحسين صورتها، فأنجبت طفلها الأول في السنة الأولى من زواجها، وعن ذلك تقول في مقابلة مع إذاعة "بي بي سي" يوم 17 أيلول 2003م: "لم يعلن ضياء الحق عن موعد الانتخابات إلا بعد أن علم بأنني حامل بطفلي الأول، وكان يظن أنني لن أقدر على القيام بحملة انتخابية موفقة قرب موعد الإنجاب، لكنني قمت بحملة انتخابية ضخمة وحصلنا على الأغلبية". فكان الإنجاب بالنسبة لها يعني أمرين؛ أحدهما تحسين صورتها، والثاني إنجاب الوريث ليتولى الأمر بعدها.
برجوع أخيها "مير مرتضى بوتو" من المنفى بعد مقتل "ضياء الحق" إلى باكستان عام 1993م انتخب عضوا في البرلمان الإقليمي لإقليم السند، وبدأ يعارضها في قيادة حزب الشعب، ويثير لها بعض المشاكل، كما شكل (حزب الشعب الباكستاني / جناح الشهيد بوتو) حيث كان يعتبر نفسه الأحق بقيادة حزب أبيه، كما أنه كان من أشد المعترضين على زوجها (آصف علي زرداري) الذي كان يتهمه بسرقة ووراثة أبيه وحزب الشعب الباكستاني.
وبسبب "مير" انقسمت أسرة "بوتو"، ولما زادت مشاكله قتل في كراتشي قرب قصر "بنظير بوتو" (Bilawal House) في مواجهة مع البوليس يوم 20 أيلول عام 1996م، واتهم زوج "بنظير بوتو" بقتله وبقي فترة طويلة في السجن بتلك التهمة التي أنكرها دوما.
اللافت أن "بنظير" لم تحرك ساكنا تجاه القضية، ولم تتم إجراءات التحقيق، ولم تصل التحقيقات إلى نتيجة. ويرى المحللون أن هذا الموقف - سواء كان زوجها شارك في الجريمة أم تكون الجهة التي قتلته هي الجيش الباكستاني لقيادته منظمة (الذو الفقار) الإرهابية التي قامت بعمليات عديدة ضد حكومة الجيش في عهد الجنرال "محمد ضياء الحق" - هو الذي يخدم مصلحة "بنظير بوتو" لكي لا يدمر مستقبلها السياسي بإغضاب زوجها ساعدها الأيمن، وألا يغضب الجيش الذي لا يمكن حكم باكستان إلا بمباركته. تدين لتحقيق مصلحة سياسية تحرص بوتو على الظهور بمن تحترم وتؤمن بمعتقدات المجتمع الباكستاني حرص "بوتو" على نقاء صورتها كان يدفعها إلى بذل احتياطات كثيرة في ظهورها الإعلامي، فلم تظهر أمام وسائل الإعلام إلا بغطاء رأسها المميز، كما انعكس هذا الحذر حتى في وجودها في الدول الغربية، حيث لم تظهر لها أي فضيحة إعلامية لها على الرغم من كثرة تجولاتها. كما أنها سعت إلى ظهورها بمظهر المتدينة التي تحترم قناعات المجتمع الباكستاني وتمارسها، مارست ذلك باقتناع أو عدمه وبهدف واحد يتمثل في لفت انتباه الجمهور إليها، وخاصة السذج من القرويين، وأمثلة ذلك كثيرة منها حملها الدائم للمسبحة، فما كانت ترى في المجالس العامة إلا وبيدها المسبحة مغطاة الرأس لابسة الزي الباكستاني الساتر عند تواجدها في باكستان وعند تعرضها لوسائل الإعلام العالمية والمحلية. وكذلك التبرك بالمصحف الشريف وتقبيله، وكانت صور ذلك تظهر في وسائل الإعلام. والذهاب إلى الدراويش. وأمرها ببناء بعض المساجد في فترة حكومتها. ولما انتقلت من بريطانيا إلى الإمارات العربية المتحدة في منفاها الأخير، سئلت عن سبب ذلك في مقابلة نشرت في ذلك الوقت فذكرت إلى جانب الأسباب الأخرى أنها تريد أن يقرأ أولادها القرآن الكريم، وأن ينشئوا في بيئة محافظة على الدين وأنها لم تجد ذلك في لندن، ولذلك انتقلت إلى الإمارات العربية المتحدة. انتهازية سياسية ومغازلة أمريكية غازلت السياسة الأمريكية وتحالفت مع الجنرال مشرف أما مواقف "بنظير بوتو" من القضايا المختلفة فكانت تابعة لمصلحتها السياسية أولا وأخيرا، ولا أدل على ذلك من مواقفها الأخيرة، فهي تعتقد مثل الساسة الباكستانيين الآخرين أنه لا يمكن الوصول إلى الحكم في باكستان والاستمرار فيه إلا برضا أمريكا وموافقتها، بل قد قال بعض السياسيين منهم: "من يكون معه ثلاثة (A) سيحكم باكستان ويقصد بذلك (Allah) و(America) و(Army) (الله، أمريكا، والجيش). ومن هنا كان هم "بوتو" لفت نظر السياسة الأمريكية إليها واستمالتها، وإقناع الحكومة الأمريكية بأنها تستطيع أن تقوم بما تريده أمريكا بأحسن مما يقوم به الجنرال مشرف، وأمثلة ذلك كثيرة؛ منها: تأييد الحرب الأمريكي على ما تسميه إرهابا، وأنها تستطيع أن تلعب دورا مؤثرا في ذلك، كما أنها أيدت العملية العسكرية التي قام بها مشرف ضد مدرسة البنات (جامعة حفصة) و (لال مسجد) ولم يؤيدها من السياسيين في باكستان إلا شخصان أحدهما "بوتو" والآخر "ألطاف حسين" قائد الحركة القومية المتحدة، وحليف مشرف في الحكم.
كما وافقت على السماح للجيش الأمريكي بإجراء عملياته داخل الأراضي الباكستانية، إذا توفرت المعلومات الاستخبارية بتواجد أسامة بن لادن في الأراضي الباكستانية، وقولها إنه يمكن إعادة التحقيق في قضية الدكتور عبد القدير خان المتهم ببيع الأسرار المتعلقة بالأسلحة النووية.
وبعد ما حصلت على الرعاية الأمريكية دخلت في المحادثات مع الجنرال مشرف، لتصل بذلك إلى المشاركة في الحكم، وهي محادثات ضربت كل الوعود والاتفاقيات التي كانت قد وقعت عليها والتي كانت تحظر فيها التعاون مع العسكر، فقد رأت أن هذه المحادثات والتعاون مع الجيش يسهلان لها مهمة الوصول إلى الحكم.
فقد وقعت من قبل على (Charter of Democracy) "وثيقة الديمقراطية" مع "نواز شريف" في عام 2006م في اجتماع بينهما، وكانا قد قررا في الوثيقة المذكورة أن ينهيا تدخل الجيش في السياسة، وأنهما لن يتعاونا مع الحكومة العسكرية، وأن الحزبين سيتعاونان على إعادة الديمقراطية عن طريق العمل السياسي.
كما تنازلت عن أشياء كثيرة كانت تعتبرها مبادئ وأصولا قبل ذلك مثل إعادة القضاء كما كان قبل تدخل الجنرال مشرف، وإعادة الدستور إلى الحالة التي كان عليها قبل مجيء الجنرال مشرف إلى السلطة.
على رأس الحزب الإشتراكي الباكستاني الذي أسسه والدها، نجحت بالظفر بالأغلبية ضئيلة في أول إنتخابات تشريعية تجري بعد وفاة الرئيس ضياء الحق في حادث طائرة يوم 17 أغسطس 1988. في 1 ديسمبر 1988 أصبحت أول مرأة في بلد مسلم تشغل منصب رئيس الوزراء.
بسسب إتهامات بالفساد والتسلط أقال الرئيس غلام إسحاق خان حكومة بينظير بوتو في أغسطس 1990. وظل زوج بينظير آصف علي زرداري مسجون من عام 1990 إلى 1993 [بحاجة لمصدر]. وفشل حزبها بإنتخابات 1990.
عادت بينظير بوتو إلى رئاسة الحكومة سنة 1993، بعدد من التحالفات ومع العسكر أيضا في مواجهة اللإسلاميين. إلى أن خسر حزبها مجددا في إنتخابات نوفمبر 1996 والتي فازت بها الرابطة الإسلامية.
تم متابعة بينظير بو تو وزوجها زداري قضائيا وحكم عليهما بتهم تلقي رشاوي. ظلت بعدها في المنفى ما بين المملكة المتحدة و الإمارات. سنة 2002، صدر قرار ضدها بمنعها من دخول البلاد بسبب عدم حضورها إلى المحكمة. كما تم بنفس السنة، بطلب من الرئيس الباكستاني برفيز مشرف، إقرار تشريع بتحديد عدد المرات المسموح بها لتولي منصب رئيس الوزراء إلى إثنتين (2) مما يحول دون عودتها لإعتلاء المنصب.
بعد العفو الذي أصدره برفيز مشرف والذي شمل بينظير، في إطار إتفاق على تقاسم السلطة، قررت بينظير العودة إلى أرض الوطن وخوض الإنتخابات التشريعية المقررة رغم كل التحذيرات التي تلقتها.
لدى عودتها إلى باكستان يوم 18 أكتوبر 2007 استهدف موكبها ومناصريها بتفجيرين انتحاريين في كراتشي في الساعة 00:52 بعد منتصف الليل يوم 19 أكتوبر 2007 أدى إلى مقتل أكثر من 125 شخصاً لكن بنزير لم تصب بسوء. [1]
يوم الخميس الموافق 27 ديسمبر 2007 بعد خروجها من مؤتمر انتخابي لمناصريها ، وقفت في فتحة سقف سيارتها لتحية الجماهير المحتشدة ، فتم إطلاق النار عليها و قتلت برصاص في العنق والصدر اتبعها عملية تفجير إنتحاري يبعد عنها 25 مترا. و قد هزّ الانفجار المنطقة التي كان يمرّ بها موكبها في مدينة روالبندي. أعلن وقتها أنّها غادرت الموكب، ثم أعلن زوجها لمحطات محلية إنّها أصيبت بجروح بالغة، ثم أضافت مصادر من حزبها إنها تخضع لعملية جراحية عاجلة. ليعاد بعد عشرين دقيقة إعلان وفاتها. حيث روت التقارير الأولية أصابتها برصاصة برأسها و أخرى بعنقها.
اما رواية السلطات الرسمية الباكستانية، فتتحدث عن وفاة جراء ارتطام راسها بسقف السيارة المصفحة التي كانت تركبها.