الفخر الرازي العلامة الكبير ذو الفنون فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري الطبرستاني الأصولي المفسر كبير الأذكياء والحكماء والمصنفين. ولد سنة أربع وأربعين وخمس مائة. واشتغل على أبيه الإمام ضياء الدين خطيب الري، وانتشرت تواليفه في البلاد شرقا وغربا، وكان يتوقد ذكاء. وقد بدت منه في تواليفه بلايا وعظائم وسحر وانحرافات عن السنة، والله يعفو عنه، فإنه توفي على طريقة حميدة، والله يتولى السرائر.
هو من الذين نافحوا عن عقائد الأمة وبذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس ، ونصر هذا الدين بفكر قائم على الكتاب والسنة الشريفة ..
وهو من أعلام مدرسة الأشاعرة التي جمعت بين العقل والنقل .. .. فرد على الفلاسفة والملاحدة والفرق المختلفة من المعتزلة إلى المجسمة ...
مات بهراة يوم عيد الفطر سنة ست وست مائة وله بضع وستون سنة، وقد اعترف في آخر عمره حيث يقول: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ} وأقرأ في النفي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.
وهو أكبر تفسير بالرأي والمعقول ، ويذكر فيه المؤلف مناسبة السورة مع غيرها ، ويذكر المناسبات بين الآيات ، ويستطرد في العلوم الكونية ، ويتوسع بها ، كما يذكر المسائل الأصولية والنحوية والبلاغية ، والاستنباطات العقلية .
ويبين الرازي في تفسيره معاني القرآن الكريم ، وإشاراته ، وفيه أبحاث مطولة في شتى العلوم الإسلامية ، كعلم الكلام ، وأقوال الفلاسفة والحكماء ، ويذكر فيه مذاهب الفقهاء وأدلتهم في آيات الأحكام ، وينتصر لمذهب أهل السنة في العقيدة ، ويرد على المعتزلة ، وأقوال الفرق الضالة ، ويفند مذاهبهم ، كما يرد على الفلاسفة . من أجل ذلك قال بعض العلماء عن هذا التفسير : " فيه كل شيء إلا التفسير "
لكن الرازي لم يكمله ، فجاء شهاب الدين الخوبي الدمشقي ( 639هـ ) وأكمل قسما منه ، ثم جاء بعده نجم الدين القمولي ( 727هـ ) فأتمه إلى الأخير ، دون أن يتميز الأصل من التكملة