السكيثيين هم شعب متنقل ينحدر من أصول إيرانية، هاجر من وسط آسيا إلى جنوبي روسيا في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد، وتمركز فيما، تعرف اليوم بشبه جزيرة القرم (أوكرانيا حالياً). تمكن السكيثيون من تأسيس إمبراطورية غنية وقوية استمرت لقرون عديدة قبل أن يخضعوا للسارماتيين بين القرنين الرابع قبل الميلاد حتى القرن الثاني الميلادي.
معظم مانعرفه اليوم عن تاريخ السكيثيين يأتي من الروايات التي دونها المؤرخ اليوناني القديم هيرودوتس، والذي كان قد زار بلادهم. وقد نشرت تلك السجلات بعد دراستها من قبل علماء الأنتروبولوجيا (علم الإنسان) الروس. كما كتب عنهم أيضاً المؤرخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس ووصفهم بأنهم شعب ماجوج.
كان السكيثيين يثيرون إعجاب وخوف جيرانهم لخفة حركتهم ولبسالتهم في الحروب والمعارك، خصوصاً لمهارتهم بالفروسية حيث كانوا من أوائل الشعوب الذين تفننوا بركوب الخيل.
فهرس
|
جلبت الهجرة السكيثيين من آسيا إلى مقاطعات الكيميريين والذين كانوا يسيطرون بشكل تقليدي على القوقاز وعلى شمال البحر الأسود، وفي حرب استمرت ثلاثون عاماً تمكن السكيثيين من تدمير الكيميريين مؤسسين إمبراطوريتهم التي امتدت من غرب الإمبراطورية الفارسية مروراً بسورية وفلسطين حتى حدود مصر. فقام الميديون حكام إيران آنذاك بمهاجمتهم وطردهم من أناطوليا، لتتحدد أخيراً أرض السكيثيين من بعد الحدود الفارسية حتى منطقة الكوبان على البحر الأسود جنوبي روسيا.
كانت قوة جيوش السكيثيين كافيةً تماماً لصد غزو جحافل الملك الفارسي داريوس الأول حوالي عام 513 ق.م.
في عام 339 ق.م قتل ملك السكيثيين آتياس عن عمر يناهز التسعين عاماً في معركة مع الملك المقدوني فيليب الثاني مما أوعز ببدء عصر الإنحطاط، ودمرت الإمبراطورية السكيثية بشكل نهائي في القرن الثاني الميلادي، وكان بالاكوس هو آخر ملوك السكيثيين.
لم يكن السكيثيين يتميزون بقدرتهم على القتال فحسب بل أيضاً بأعمالهم ومخلفاتهم الحضرية، حيث طوروا طبقة من الأرستقراطيين الأغنياء الذين شجعوا على التوسع بالمهن والحرف وتركوا لنا اليوم قطعاً فنية فريدة من الذهب ومواد أخرى نفيسة. قامت نلك الطبقة من الزعماء (شيوخ العشائر) أو السكيثيين الملكيين من تثبيت أنفسهم كحكام لمقاطعات جنوب روسيا والقرم. وفي تلك المنطقة تمكن الباحثون من اكتشاف أبرز وأهم آثار الحضارة السكيثيية.
كان السكيثيين يحكمون من قبل ملك تنتقل سلطته بعد الوفاة إلى ابنه، وفي زمن المؤرخ هيرودوتس كانت العائلة الملكية السكيثيية قد تزاوجت مع اليونانيين.
كانت عناصر الجيش السكيثيي تتألف بشكل أساسي من رجال أحرار لم يكونوا يتلقون من أجرٍ سوى المأكل والملبس اللازم لهم، ولكنهم كانوا يتشاركون غنائم الحرب فيما بينهم في حضور زعيم الأعداء المدحورين.
العديد من محاربيهم كانوا يرتدون الخوذات البرونزية ذات الطراز اليوناني والدروع المسلسلة، سلاحهم الرئيسي كان القوس ذو الحدبتين مع السهم ثلاثي الوريقات، أما سيوفهم فكانت مشابهة للسيوف الفارسية. وكان لكل سكيثي تقريباً مطيةً شخصية، وامتلك الأغنياء منهم قطعان كبيرة من الخيول والتي غالباً ماكانت من فصيلة الخيول المنغولية.