إستقلالية القضاء هي العقيدة القائلة بأن القرارات القضائية يجب ان تكون حيادية و غير خاضعة لنفوذ الفروع الأخرى للحكومة (التنفيذية و التشريعية) أو لنفوذ المصالح الخاصة او السياسية.ففي معظم الحالات يتم ضمان إستقلالية القضاء من خلال إبقاء القضاة لمدد طويلة و أحياناً مدى الحياة في مناصبهم و جعل إزاحتهم من مناصبهم أمراً صعباً.
المملكة المتحدة
هذا الجانب من فصل السلطات يعد أقل بروزاً في المملكة المتحدة مما هو عليه في الولايات المتحدة الامريكية. فالعوامل الرئيسية التي تساعد في ضمان إستقلالية القضاء هي: الإختيار: بهدف تعزيز إستقلالية القضاء صُممت عملية إختيار القضاة بحيث تقلل من التأثير السياسي إلى أدنى حد ممكن. وتركز عملية الإختيار على الأعضاء المسنين في سلك القضاء عوضاً عن التركيز على السياسيين. الرواتب و المكافآت: يتم تحديد رواتب القضاة عن طريق هيئة خاصة لمراجعة الرواتب. حيث توصي الهيئة المذكورة الحكومة بعد الإستشهاد بأدلة مختلفة من مصادر متنوعة. تقبل الحكومة هذه التوصيات وجرت العادة على أن تنفذها بشكل كامل. التنظيم: مهنة القضاء هي منظمة تنظم نفسها بنفسها، فمثلاً هي (أي المهنة) مسؤولة عن معاييرها المهنية و عن التعامل مع الذين لا يرتقون بعملهم إلى تلك المعايير. وفي حال حدوث الخلل المذكور فإن الهيئات التي تعمل على تصحيحه هي نقابة المحامين و جمعية القانون. ضمان البقاء في المنصب: طالما مارس القضاة عملهم "بشكل جيد" فإنهم يبقون في مناصبهم لحين رغبتهم بالتقاعد أو لحين بلوغهم السبعين من العمر. المعاهدات السياسية: هناك معاهدتان سياسيتان مهمتان تساعدان في الحفاظ على إستقلالية القضاء.
الولايات المتحدة الأمريكية
تعطي الحكومة الفدرالية في الولايات المتحدة مثلاً أعضاء المحكمة العليا و جميع اعضاء محاكم الولايات و محاكم الإستئناف حق البقاء في مناصبهم مدى الحياة. وللقضاة الفدراليين الآخرين حق البقاء في مناصبهم مدداً طويلة كأن تكون 15 سنة لقضاة المحاكم المختصة بقضايا الإفلاس. من الأعمدة الأخرى لإستقلالية القضاء هو الإختيار الصحيح للقضاة. فنقابة المحامين الأمريكية التي تدافع عن تعيين القضاة الذين إجتازوا لجان الكشف (أو ما يدعى بالإختيار على أساس الكفاءة) لا زالت في جدال مع برلمانات العديد من الولايات الأمريكية التي تفضل لا إختيار القضاة بناء على إنتخابات يشترك فيها الشعب. إذ ترى نقابة المحامين الأمريكية و فروعها في كافة الولايات عموماً إنتخاب القضاة بهذه الصورة على أنه يقوم على اساس مهارة القاضي السياسية و ليست القضائية. في قضية دعوى آل غور ضد جروج بوش للإعتراض على نتائج الإنتخابات صوت القضاة الذين كان قد عينهم جورج بوش الأب لصالح جورج بوش الإبن مما أدى إلى إنتخابه رئيساً وهو ما أدى إلى إبطال القرار المناقض الذي إتخذته المحكمة العليا في فلوريدا و أغلب أفرادها معينين من قبل حكام الولاية من الديمقراطيين، وهو مايراه الكثير تعزيزاً لمطالبتهم بإستقلالية القضاء. لقد وجهت هذه القضية المزيد من الإهتمام على نتائج الدعاوى القضائية في مقابل التركيز التقليدي على المؤهلا القضائية.
كندا
لكندا مستوى من إستقلالية القضائية مجسدة في دستورها إذ يمنح الدستور المحاكم سلطات عليا بضمانات متنوعة لإستقلالية القضائية كما ورد في القسمين 96 و 100 من قانون الدستور لعام 1867. و تشمل هذه الحقوق حق بقاء القاضي في منصبه (رغم دخول تعديلات على الدستور المذكور إذ تم إدخال تعديل التقاعد الإجباري للقضاة عند سن 75 سنة) والحق في الحصول على راتب تحدده برلمان كندا (وكانت السلطة التنفيذية قبل ذلك تحدد راتب القاضي). وفي عام 1982 تم توسيع إستقالالية القضاء أكثر لتشمل المحاكم الصغرى المختصة بقانون العقوبات (ولم يشمل ذلك المحاكم المختصة بالدعاوى المدنية) وذلك وفق القسم (11) من الوثيقة الكندية للحقوق و الحريات، و ذلاك رغم أنه في قضية فالنتي المقيدة ضد الملكة في عام 1985 إتضح بان تلك الحقوق هي حقوق محدودة. إلا ان تلك الحقوق تشمل رغم ذلك ضمان البقاء في الوظيفة و ضمان الإستقرار المادي و بعض القيود الإدارية. شهد العام 1997 تحولاً كبيراً في إتجاه تعزيز إستقلالية القضاء حينما توصلت المحكمة العليا في كندا في قضيد تحديد مؤهلات القضاة الإقليميين بأن هناك عرفاً دستورياً غير مدون يضمن الإستقلالية القضائية لجميع القضاة بمن فيهم قضاة المحاكم المدنية. وينص هذا العرف غير المدون على أن هذا العرف يرد ضمناً في ديباجة دستور عام 1867. و بالنتيجة تقوم لجان التعويض القضائية في مقابل السلطة التنفيذية و حتى البرلمان برفع التوصيات الخاصة بتحديد رواتب القضاة.