حقيقة داروين قال الإنسان أصله قرد .و أن القردة قد تطورت من البرمائيات. وهذه النظرية التطورية كانت مدعاة للنقد لأن الكثيرين رأوا أنها تتناقض مع التوراة الذي جاء به أن الله خلق الإنسان الأول (آدم و حواء) على صورتيهما . لكن هذه النظرية أصبحت حاليا مقبولة علميا . وفي المسيرة المنهجية لتطور الإنسان (Human Evulotion ) قبل العصر الحجري, نجد أن أسلاف الإنسان الذين يطلق عليهم أسلاف البشر hominids, قد أصبحوا يسيرون علي قدمين.
وكان أقدم جنس للإنسان البدائي هو أسترالوبيثكس : Australopithecus. و جسمه كان قصيرا ونحيل الوزن و مخه أصغر وفكه كبير وجبهته مسحوبة . و أسنانه وسقف حلقه يشبهان سنة وحلق سقف القرد. و يسير منتصبا. وكان قادرا علي صنع أدواته البدائية . وقد عثر علي عظامه قرب بحيرة تشاد بأفريقيا .و عبيدية في فلسطين . ويرجع عمره إلي 2,5 مليون سنة . وأقدم حفائره ما تم العثور عليه في منطقة كوبي في كينيا ويرجع عمرها إلي 2,6مليون سنة وحفائر وادي أومو في إثيوبيا ويرجع عمرها إلي 3مليون سنة .
وكان الإنسان الأول قد صنع آلاته الحجرية والمكاشط والأسلحة . وفي فجر العصر الحجري كان يوجد نوعان من أسلاف البشر من جنس هومو (genus Homo) و جنس أوسترالوبيثكس genus Australopithecus) . لكن الإنسان قد تطور فيما بعد لأشكال أخري من هومو من بينها الإنسان الماهر( الصانع) Homo habilis والإنسان المنتصب Homo erectus و إنسان نيندرتال Homo neanderthalensis . وآخرهم الإنسان العاقل Homo sapiens الذي يعتبر حاليا جد الإنسان الحديث المعاصر . وكان اكتشاف إنسان نيندرتال عام 1856 أول صيحة تصلنا من أغوار الزمن السحيق. لأن أول إنسان انتصبت قامته ووقف علي قدميه كان منذ 3, 6مليون سنة. حيث اكتشفت عظامه في لاتوالي بتانزانيا . ثم ظهر الإنسان العاقل منذ 3مليون سنة . واكتشفت جمجمة طفل توانج في جنوب أفريقيا وعمرها 2,5 مليون سنة . ثم اكتشفت عائلة لوسي بمنطقة حيدار في أثيوبيا . وهي من جنس إنسان أفريانس الذي عثر علي بصمات أقدامه بشمال تانزانيا وعمرها 3,5 مليون سنة. . واكتشفت عائلة أشباه الإنسان وعمرها 4,4 مليون سنة . وأطلق عليها هومو أسترالوبيثكس راميدس . وهو همزة الوصل بين الإنسان والشمبانزي . وقد صنع أدواته الحجرية الحادة وشفرات لتقطيع اللحوم بجوانا بأثيوبيا .
وفي إندونيسيا حيث يعيش الإنسان الحديث ، كانت جزيرة فلوريس مصدر أساطير شعبية عن كائنات بشرية غريبة تعيش هناك . وكلها كانت من الأقزام. وكانت تروي عنهم الحكايات الغريبة وتنسج حولهم المقولات المثيرة بعد اكتشاف سبعة من نوع الإنسان القزم. وهذا الخبر المثير للجدل حول أصول الإنسان الحديث . وضع عدة أسئلة حول شجرة الإنسان وتطوره فوق الأرض. لكن ما زاد علماء الإنسان حيرة أن هذا الإنسان القزمي الذي كان يعيش قي إندونيسيا كان وجوده متزامنا مع وجود الإنسان الحديث حتي 12 ألف سنة . فما هي قصة هذا الإنسان الذي أنقرض من دنيانا ؟ . والذي أطلق عليه إنسان فلوريس, Flores Man اوهومو فلورسينسيز Homo floresiensis وانضم للأسرة البشرية مؤخرا بعد اكتشافه المثير . واعتبر كأحد أسلاف الإنسان الذين عاشوا فوق الأرض ولاسيما وأن هذه المخلوقات كانت تتسم بالذكاء والإبداع وقد أوردت تفاصيل الاكتشاف المثير مجلة نيتشر (الطبيعة).
في أكتوبر ا لماضي كان اكتشاف الرجل القرد apeman أو "hobbits" وهو نوع جديد من البشر يعتبر أهم حدث في علم الإنسان anthropology خلال قرن. حيث عاش بجانب إنسان ما قبل التاريخ لآلاف السنين ، وانقرض في غابات إندونيسيا الكثيفة في عالم مفقود كان يسكنه الأفيال القزمية والفئران العملاقة . وكان فريق من علماء الآثار الأستراليين ينقبون في المنطقة ضمن تفتيشهم لكهف في جزيرة فلوريس الإندونيسية الغنية ببقايا الحيوانات كالسحالي العملاقة والوحوش المتحفية المصغرة .ولأول وهلة ظن الباحثون أن الهيكل العظمي لطفل . لكن الجمجمة كانت عظامها مغلقة .ومن أسنانها عرفوا أنها في سن الثلاثين عندما ماتت . وكانوا قد عثروا علي بقايا 7 أشخاص بالمنطقة بعضهم يرجع إلي 13 ألف سنة. مما يدل علي أن هذا النوع كان يعيش فوق هذه الجزيرة البركانية. وكان لا يشاركهم فيها أي نوع آخر من بني البشرأسلافنا في نفس الوقت .وهذا ما جعل عالم الحيوان البريطاني ريتشارد دوكينز من جامعة أكسفورد وأستاذ الاستنتاج العلمي scientific understanding يقول : هذا الاكتشاف الذي يعد أكثر إثارة في علم الإنثربولوجيا ( علم الإنسان ) لعقود
و العينة التي اكتشفت مؤخرا عمرها الحياتي 4 سنوات ووزنها 25 كجم .ومخ هؤلاء الأقزام أقل من مخ الشمبانزي . لمنهم كانوا يستعملون النار. وقد صنعوا أدوات حجرية واصطادوا حيوان الإستجودون STEGODON ( فيل بدائي) والفئران العملاقة . ويعتقد أنهم قد وفدوا للجزيرة في قوارب بالذكاء.ؤلاء الأقزام كان لهم لغتهم ويتمتعون بالذكاء .ومن الناحية التشريحية وجد أن امرأة فلوريس سعة مخها 380 سم مكعب ، وهو ثلث حجم الإنسان الحديث ونصف حجم الإنسان المنتصب من الجنس العاقل . وكان علماء الآثار الأستراليون قد عثروا ضمن تنقيبهم على عظام للإنسان القزم في منطقة تدعى (ليانج بو) التي تضم بعضا من الكهوف الجيرية العديدة في جزيرة فلوريس. حيث تم العثور على بقايا أجزاء من هيكل عظمي على عمق 5.9 مترا بكهف Liang Bua ، و ظنوا أنها عظام طفل .لكن علامات التآكل على الأسنان وخطوط النمو في عظام الجمجمة أكدت أن الهيكل عمره 18 ألف سنة.و يعود لشخص بالغ . وبينت خصائص عظام الحوض أنه لأنثى أطلق عليها هوبت "hobbit" ، ومن عظم الساق نجدها كانت تسير منتصبة وهو ما يميز الإنسان عن القرد . و علق مايك مورود أستاذ علم الآثار بجامعة نيو إنجلاند في أستراليا قائلا "حينما تلقينا النتائج الخاصة بالعمر الزمني لتحليل الهيكل العظمي، وجد أنه يرجع لإنسان حديث العهد. لكن بعض العلماء قالوا بان هذه النتائج خاطئة ولاسيما وانه يحمل الكثير من الخصائص البدائية القديمة ويرجع تاريخه إلى 18 ألف سنة . وصنف على أنه نوع إنسان فلوريس "هومو فلوريسينسيس". وكان طوله مترا واحدا و له أذرع طويلة وحجم جمجمته يماثل حجم ثمرة (جريب فروت) كبيرة .ويعد اكتشافه تم العثور على بقايا ستة أجزاء هياكل أفراد آخرين من نفس النوع. واكتشاف جزء من هيكل امرأة فلوريس في كهف ليانج بوا الجيري وغيره ، برهان علي أن الكهف كان مأهولا لمدة 800 ألف سنة. حيث وجد الباحثون أدوات حجرية تشبه ما عثر عليه في مواقع أخري من العالم للإنسان المنتصب. لكنها أقل حجما .وكانت جزيرة فلوريس قد عانت من كارثة انفجار بركاني منذ 12 ألف سنة . بعده ل ايوجد أثر لإنسان فلوريس .ويتوقع العلماء اكتشاف أنواع جديدة من بني الإنسان في الجزر المجاورة لجزيرة فلوريس .لأن هذه الجزر كانت منعزلة عن بعضها . وتعتبر كلها من نسل الإنسان المنتصب الذي كان له مخا كبيرا ومكتمل الجسم. وانتشر من أفريقيا لآسيا منذ 3 مليون سنة.
واكتشاف الالإنسان لماته فوق جزيرة فلوريس الاستوائية المنعزلة كان غير متوقع .لأن علماء الإنسان لم يعرفوا أي حيوان أرضي في هذا الزمن من قبل, عير البحر ليصل الجزرفيه. إندونيسيا.لأن البشر لم يكونوا في هذا الوقت قد نمو نموا كافيا بحيث يمكنهم بناء قارب والإبحار فيه . فلو كان الإنسان المنتصب قد بلغ جزيرة فلوريس وتولد منه إنسان فلوريس, فهذا معناه أنه بلغ جزر أخري . وتولد منه أنواع بشرية أخري بهذه الجزر . ولاسيما ما يروي من الأساطير عن أقزام عاشت فوق الجزر الشرقية قديما بجنوبي شرق آسيا. وكان إنسان فلوريس قد عاش على جزيرته في نفس الوقت الذي عاشت عليها فئران صفراء بحجم الكلب الصغير، وسلاحف عملاقة وسحالي ضخمة - منها نوع الكومودو الضخم - فضلا عن الفيل القزم (ستيجودون) وهو في حجم حصان (السيسي) وكان إنسان فلوريس يصطادها. ويعتبر طول الذراعين من الخصائص المثيرة للجدل حوله. فالدراسات حول يديه وقدميه قد تلقي الضوء على أنه تطور من نوع "هومو إركتوس" ( الإنسان المنتصب)، الذي تم العثور على بقاياه في جزيرة جاوة الإندونيسية. ويرجح العلماء أن الإنسان القزم قد جاء إلى جزيرة فلوريس قبل نحو مليون سنة . وتطورت قامته القصيرة بسبب العزلة التي كانت مفروضة عليه من بيئة جزيرة فلوريس .وهذا النوع البشري وصل إليها عن طريق القوارب. و مازال سكانها يذكرون هذه الخلائق الأسطورية ضمن مرويا تهم التراثية الشعبية. فيروون عنهم الحكايات حيث أطلقوا عليهم (إيبو جوجو) .ووصفوهم بقصر الطول و كثافة الشعر وكانوا يتمتمون لبعضهم بما يشبه اللغة الشفهية.
و آخِر الأدلة على وجود هذا النوع من إنسان فلوريس يرجع تاريخه إلى قبل 12 ألف سنة حيث تسببت ثورة بركانية في القضاء على أغلب صور الحياة البرية بالجزيرة. لكن الأساطير تقول إن أقزام فلوريس كانت موجودة عندما وصل المستكشفون الهولنديون منذ عدة قرون إلى الجزر الإندونيسية. ومن بينها أسطورة تعود إلى نحو 100 سنة. مما يدل علي أن أنواعا تشبه إنسان فلوريس قد ظلت على قيد الحياة، في مكان ما بعمق الغابات الإندونيسية الشاسعة والمجهولة حاليا .وهذا الاكتشاف لاشك سيعيد كتابة تاريخ التطور البشري .وربما تطور صغر قامته التي يرجح العلماء أنها كانت بسبب ندرة الموارد على الجزيرة. لأنه من المعروف حينما تتقطع السبل بالكائنات على جزر ما ، فإنها تتطور بأشكال جديدة لا يمكن التنبؤ بها. فقد يصبح بعضها عملاقا, بينما قد يصبح الآخرون أقزاما. ومما أثار دهشة علماء الآثار الأدوات الحجرية المعقدة التي وجدت بجانب هياكل الإنسان القزم رغم صغر حجم مخه . فهذا الاكتشاف يتعارض مع فكرة شرط حجم معين للمخ للقيام بأي عمل يتسم بالذكاء. وتعد بقايا هذه الهياكل حديثة نسبيا . ولاسيما وإنها لم تتحول إلى حفريات، ولو أستطاع العلماء استخلاص الحامض النووي (DNA)، فإنهم سيستطيعون تقديم منظورا جديدا عن تطور السلالات البشرية. كما فعلوا مع إنسان نيندرتال عندما حصلوا علي نتائج تحاليل عينات نووية من هياكله العظمية . فلم يتمكنوا من الوصول إلي دليل على أن إنسان النيندرتال قد تزاوج مع الإنسان الحديث في أي مرحلة سابقة. وكانت هذه النظرية موضع جدل بين العلماء . وكانت عينات الحامض الوراثي (النووي) قد أخذت من بقايا إنسان النيندرتال التي عُثر عليها بكهف فينديا في كرواتيا, ومن بقايا عثر عليها في كهف فيلهوفر في ألمانيا ،وبقايا طفل نيندرتالي عثر عليه في كهف مزمياسكايا في شمال القوقاز . وكان العلماء قد قاموا في معهد ماكس بلانكس للتطور الوراثي في ليبزيج بألمانيا بمقارنة الحامض النووي (الوراثي) للنيندرتال بالحوامض النووية الوراثية للإنسان والقرود والغوريلا. ويقول سافانتي بابو أستاذ علم الوراثة والتطور ورئيس فريق البحث : إن هذه الاختبارات سوف تمكن العلماء من معرفة حجم التنوع الوراثي الموجود بين أنواع النيندرتال .أو هل هو كالإنسان الحديث . حيث لا توجد بين أنواعه اختلافات وراثية شديدة؟ .أم هناك اختلافات كبيرة بين أنواعه كما في الشمبانزي وباقي أنواع القرود؟ . لكن النتائج تبين أن النياندرتال كالإنسان الحالي من حيث قلة تنوعه الوراثي، عكس القرود التي تتميز بتنوع وراثي كبير. فقد يكون تكاثره من أعداد قليلة ، كما كان مع الإنسان المعاصر. وهذه الاختبارات للأحماض الوراثية بينت أن النيندرتال يختلف عن الإنسان المعاصر ، لأنه من الناحية الوراثية بعيد عن الإنسان الأوروبي وعن الإنسان الأفريقي. رغم أن هذه الاختبارات الوراثية قد تحل اللغز القديم الذي يدور حول احتمال وقوع تزاوج تاريخي بين الإنسان الحديث والنيندرتال . لكن النتائج التي توصل إليها فريق البحث لم تستدل علي مثل هذا التزاوج.وكانت عائلة إنسان النيندرتال قد عاشت في أوروبا قبل 130ألف سنة إلي 30ألف سنة.لكن التنوع الوراثي للنيندرتال يدل علي أن عدد أفراده كانت تناقص في بعض المراحل التاريخية . ربما بسبب تغير في المناخ حيث لم يتمكن من التغلب على الظروف المناخية التي تعرض لها .فانقرض كليا لسلل قلة الأعداد التي عاشت في المراحل التاريخية المختلفة ،عكس الإنسان الحالي.
واكتشاف نوع الإنسان في جنوب شرق آسيا قد أخذ يمارس الفلاحة منذ 10 آلاف سنة, بعني انه قد عاصر الإنسان الحديث طوال 40 ألف سنة. مما يضفي تفسيرات حول تطور الإنسان.لأن شجرة نسب الإنسان التي تضم أصول البشر وأشباه البشر تبين أن الإنسان أصله الشمبانزي الذي عاش منذ 7 مليون سنة وانقرض منذ 2 مليون سنة . لكن الإنسان القزم كان ظهوره في مرحلة متأخرة نسبيا ،بسبب البيئة المنعزلة ونقص الطعام وقلة تعرضه للمفترسين في جزيرة فلوريس. وكان العلماء قد ولفوا صورة للأنواع القزمية المنقرضة التي بدون شعر ورؤوسها في حجم ثمرة الجريب فروت والعيون الغائرة والأنف المفلطح والأسنان الكبيرة والفم البارز للخارج وتقريبا بلا ذقن . ورغم تقلص حجم مخ إنسان فلوريس أندهش العلماء لقيامه ببعض الحرف اليدوية عندما صنع الأشياء الحجرية المعقدة وقيامه بالصيد للحيوانات الكبيرة نسبيا وذبحها واستعمل النار في الطهي . ويقال أن انقراض إنسان فلوريس القزم كان بسبب اندلاع بركان هائل بالجزيرة منذ 12 ألف سنة . لكن الأساطير المروية بين سكان الجزيرة يحدثون أن هذا النوع ظل يعيش حطي عام 1500 م وصل البرتغاليون الجزيرة. وكان علماء الحفريات قد اكتشفوا هذا الإنسان القزم عندما كانوا يفتشون عن سجلات هجرات الإنسان الحديث لآسيا.وكان علماء الآثار قد عثروا علي أدوات في مستوطنة قديمة في إقليم نيهيوان بشمال الصين . وهذه الأدوات بينت أن الإنسان الأول تمكن من التكيف لمواجهة درجات الحرارة المتفاوتة بشكل كبير في بداية تكوين الكرة الأرضية. ويرجح علماء الآثار الصينيون أن الإنسان القديم المنتصب قد صنعها.حيث يعتبره العلماء الإنسان الأول الذي انتقل من أفريقيا مستوطنا آسيا وأوروبا تعود إليه أصولنا. وكان هذا الاكتشاف مفاجأة لهم لأنهم كانوا يعتقدون أن هذه المنطقة لم تكن مأهولة بالنسبة للإنسان القديم الذي اعتاد على مناخ دافئ.لكن هذا الاكتشاف أكد أن الإنسان القديم خرج من المناطق الاستوائية معه قدرته على التكيف للبيئات الجديدة بتنمية طبقة شحميه سميكة تحميهم من البرودة, مع ارتداء الملابس أو بناء الملاجئ أو حتى إشعال النار رغم عدم وجود دليل مباشر على هذا. لكن علماء البيئة أكدوا أن هذه البيئات التي واجهوها قد تغيرت واختلفت خلال آلاف السنين حيث اختفت الغابات الرطبة وحلت محلها السهول الطينية الجافة والمفتوحة. وهذا ما جعل إنسان إريكتوس المنتصب قادرا علي التجول والترحال في مساحات شاسعة رغم الجفاف أحيانا .وكان أبناء عمومتهم من إنسان إريكتوس قد نزحوا من جزيرة جاوة إلي جزيرة فلوريس الاستوائية والجزر المجاورة في قوارب من البوص ( البامبو ) منذ مليون سنة .
وحاليا يوجد أقزام pygmies معاصرين سواء أكانوا أقواما طبيعيين كقبائل البشمان Bushman و مخهم طبيعي أو أشخاصا شواذا مصابين بمرض التقزم Dwarfism بسب خلل في الغدة النخامية بالمخ أو خلل في الرأس .وجسمهم قزم ومخهم حجمه صغيرا. وقلة منهم لا يصل لمرحلة البلوغ.ولهم ملامح مميزة . لكن هذه السمات لا توجد في أقزام فلوريس التي قد أكتشف منهم حوالي 6 أشخاص في كهف فلوريس وكلهم نفس السمات التشريحية والتكوينية . ويحتمل أن يكون إنسان فلوريس القزم قد أتي بلا رجعة من مكان ما واستوطن الجزيرة المعزولة ،أو أنهم كانوا بشرا عاديين وتقزموا فوق الجزيرة . ولا سيما وأن أدوات حجرية قد اكتشفت هناك يرجع تاريخها إلي 840 ألف سنة . وقبائل بشمان شعب بدائي يسكن جنوبي غرب أفريقيا بصحراء كالاهاري . ويعيش علي صيد الحيوانات وجمع الثمار . لا يزرع ولا يربي حيواناته . ويختلف شعب بشمان عن الزنوج ببشرتهم البنية المصفرة وقاماتهم القصيرة وجباههم البارزة وعيونهم الضيقة . ويعيشون عرايا في مستعمرات متناثرة .و يمتازون بمهارة الصيد بالحراب والسهام المسمومة والرماح والفخاخ. ويتناولون بيض النعام . لهم فنونهم كالرسم والنقش لصور الحيوانات فوق جدران الكهوف والصخور. وتتميز رسوماتهم بالدقة المتناهية والتناسق الهندسي الرائع والتعبير الرمزي المتقن . وقد كانوا يقيمون هذه الأعمال طوال تاريخهم . وكانت هذه الرسومات تصور حفلاتهم الطقسية ورقصاتهم التقليدية. ولو نظرنا حاليا في العالم نجد الحيوانات القزمية أو التي أحجامها صغيرة تعيش في الغابات المطيرة . وأنها لصغر جسمها قادرة علي تنظيم درجة حرارتها لأنها تعيش علي سعرات حرارية قليلة حني جاء الإنسان واجتث هذه الغابات ليحولها للزراعة. لكن الجزيرة بها غابات استوائية مطيرة تقدم لإنسان فلوريس سعرات حرارية قليلة في طعامه فبقي صغير الحجم . حتى الأفيال كانت قزمية . لكن ما يلفت نظر العلماء صنع أدواته الحجرية كما صنعها الإنسان العاقل Homo sapiens قي كل أنحاء العالم لكن هذه الأدوات ليس هناك دلائل أن الإنسان المنتصب Homo erectus جذه لم يصنع مثيلها ولاسيما في آسيا وشرقها وجنوبي شرقها .
وأخيرا.. الأقزام ما زالوا يعيشون في ميلانازيا Melanesia وغينيا الجديدة وفي بعض جزر جنوب شرق آسيا لكنهم مجرد إنسان قزم حديث كما تبدو الجماجم والهياكل العظمية . لكن إنسان فلوريس القزمي قد يكون أندثر في جزيرة فلوريس بسبب طوفان سونامي أو البراكين التي كانت نشطة هناك . لكن اكتشافه مؤخرا لاشك سيعيد كتابة تاريخ أصول شجرة الإنسان الحديث في عصر ما قبل التاريخ.
مقالات أحمد محمد عوف بمجلة العلم أكاديمية البحث العلمي