غلاف الرواية | |
المؤلف | محمد علاء الدين |
---|---|
البلد | مصر |
اللغة | العربية |
السلسلة | تجليات أدبية |
الناشر | ميريت للنشر |
الإصدار | 2006 |
عدد الصفحات | 64 |
سبقه | الضفة الأخرى |
تبعه | اليوم الثاني و العشرون |
إنجيل آدم رواية مصرية للكاتب محمد علاء الدين و هي روايته الأولى التي لفتت إليه الأنظار بشدة، كأحد أبرز كتاب الألفية الجديدة في مصر، بالاضافة لـأحمد العايدي و نائل الطوخي. نالت الرواية الكثير من التقدير من جانب القراء و الكُتاب--لا سيما الكاتبين الكبيرين بهاء طاهر و صنع الله إبراهيم و عبد الوهاب الاسواني-- و النقاد، و نالت نجاحًا تجاريا حيث نفدت طبعتها الأولى من الأسواق، و اعتبرت من أكثر الكتب مبيعًا في سنة إصدارها حسب جريدة [أخبار الأدب]. أعتبرها البعض نقلة في السرد المصري المعاصر كما ذهب الكاتب إبراهيم فرغلي في جريدة النهار اللبنانية، بينما اعتبرها الكاتب ميشيل حنا كسرًا للتابو بدون ضرورة فنية، في مقاله في موقع "بص و طل" الإليكتروني.
يبدأ العمل من "عين الشمس التي تنظر نظرة ثاقبة إلى الشارع، تنهمر سياطها على رؤوس المارة وظهورهم"، وبينهم الراوي المتسكع في ميدان التحرير في وسط القاهرة يراقب فتاة ذات صدر بارز ومؤخرة بلدية لينة، وهو يتخيل ما يمكن أن تكونه. تبدأ جحيم الاحتمالات بجملة فارقة: "لو كنت شخصا آخر لفهمت الإشارة"، ثم تكون بعدها كل الاحتمالات واردة، من شخصية راوٍ نكاد لا نعرف شيئا عنه، وبدلا من أن يكشف عن نفسه إذ به يراوغنا متلبساً شخصيات عدة ندخل بها إلى متواليات لا منتهية من المصائر التي تمثل ما يمكن أن تكون عليه شخصية الراوي الشاب او تلك الفتاة. من شاب لا يملك نقودا، او يملك النقود وبالتالي المكان الذي يهيئ فرصة مناسبة لمضاجعة الفتاة، بافتراض أنها عاهرة، ومن مكان متخيل، يتوهم الراوي نفسه فنانا بوهيميا قاسيا، قبل أن يستسلم لافتراض أنه فنان تشكيلي مرهف الحس. ومع كل شخصية يختلف سيناريو الحب مع الفتاة، وتستمر التخيلات والافتراضات تتدافع بعضها خلف البعض الآخر، على امتداد العمل المكتوب بنفس واحد من اوله إلى آخره. تختلف الشخصيات، وكذلك تركيبتها النفسية والاجتماعية، من ابن مدلل لتاجر غني، إلى ميكانيكي سيارات أصلع بشع، او من ضابط شرطة متحذلق إلى وزير داخلية إلى ابن الوزير، ثم إلى قاتل تنفتح أمامه احتمالات الوسيلة التي سيستخدمها أيضا إلى حدودها القصوى، وغيرها من المتواليات. في حين أن الفتاة تتقمص شخصيات عدة بشكل يشعر القارئ أنه دخل دائرة يدور فيها حول نفسه، ومن حوله تدور كل هذه الشخصيات او الافتراضات. كتابة افتراضية او احتمالية بقدر ما تعكس نقلة نوعية وتجريبية في النص السردي المعاصر في مصر، لكنها أيضا تبدو كأنها تقدم نقدا لاوضاع اجتماعية عدة وترصد المتناقضات والتشوش الذي يمر به المجتمع وحالة السيولة التي تجعل كل الافتراضات واردة بلا يقين حقيقي من أي نوع. كما تؤكد الطابع المادي للشخصية المصرية المعاصرة، والتشوهات التي لحقت بها، لكن هذا كله يتم بأعلى درجة من الفنية، بلا مباشرة وبدون استخدام الكليشيهات. يتأكد هذا في النصف الثاني من النص الذي يبتعد تدريجيا عن الشخصيات النمطية، مختبرا أنماطا من المثليين والسحاقيات، وصولاً إلى شبهة عشق المحارم، لتبدأ مرحلة من الأسئلة الوجودية تطرحها الشخصيات، قبل أن تتغير نبرتها متخذةً بعدا تاريخيا يبدأ من أمنية تلح على ذهن الراوي بين آن وآخر في أن يصبح راهبا يعود إلى زمن الأنبياء، ويناقش أفكارا عن الخطيئة ودور العقل والرسالة والوحي، ومعنى التضحية والموت، بما فيها تقمص شخصية الميت، وهو ما ينتقل إلى اللغة نفسها التي تصبح أكثر فصاحة وبلاغة وتنتمي إلى النصوص التاريخية المقدسة، إلى أن يسلّمنا الراوي إلى صوت الإنسان الاول، لكنه يختلط بتصوراته عن نفسه مع قدرات لا نعرفها إلا لمن يمتلك صفة الخلق. يطرح النص أسئلة عن الإمكانات المتاحة للكاتب، وتبدو للوهلة الاولى كأنها مساحة مطلقة للحرية والتعبير عن الذات والهواجس، لكنه سرعان ما يكتشف تبدد هذا الوهم أمام الاحتمالات المفتوحة لتقدم النص، والخضوع لقوانين الفن التي يمكن تكسيرها لكن بعد إيجادها وتمثلها، لأنه لا يمكن هدم ما هو غير متحقق او موجود. تنتهي المتاهة الافتراضية أخيرا بعودة الراوي إلى وضعه الاول في ميدان التحرير، رافضا كل هذه الشخصيات، مؤكدا أنه يرغب في أن لا يكون سوى نفسه، وأن لا تكون الفتاة إلا ما هي عليه. انتصار نهائي آخر للفردية كحلّ للتشوه الروحي، لكنه تأكيد يختار لنفسه صورة تتناقض مع النص التسعيني الذي انكفأ على ذاته ودواخله، من دون أن يعبأ بالآخر، مؤكدا فرديته ورفضه كل مشروع او مضمون جماعي، تثبيتاً لرفضه ما أصاب المجتمع من تشوه، وما أصاب النص السابق له في الوقت نفسه. أما الفردية في نص محمد علاء الدين فتأتي نتيجة اختبارات متوالية للذات في صور الآخر. كأنها محاولة تفكيكية تبدأ من الجزء لتصل إلى الكل، لكنها في النهاية تحقق هويتها من فرديتها أيضا، منطلقة من أرض أخرى، أرض اللايقين والتشظي بحثا عن إنجيلها الضائع، "إنجيل آدم".