كانت بداية وصول الإسلام إلى كينيا مبكرة ، تعود إلى العقد الأخير من القرن الهجري الأول ، وذلك عندما أقام بعض المغامرين من البحارة العرب مركزاً لهم على الجزر المقابلة لساحل شرقي أفريقيا ، ثم بدأت الهجرات الإسلامية لهذا الساحل عندما انتشرت الخلافات في نهاية العصر الأموي .
وكانت الهجرة الأولى لجماعة من مسلمي الشام دب الخلاف بينهم وبين الحجاج بن يوسف الثقفي ،والهجرة الثانية كانت من أهل عمان ، وهم من أزد عمان ، وهكذا ظهرت امارة إسلامية في لامو في شمالي مدينة ممبسة . ثم جاءت هجرة أخرى إلى بر ( الزنج ) وهو الاسم الذي أطلقه العرب على ساحل شرقي أفريقيا ، وكانت في سنة 111هـ - 729 م ، واستقرت في مدينة شنجايا في موضع مدينة ( بورت دنفورد ) وظهرت امارة إسلامية جديدة ، ثم جاءت هجرات من شيراز ، وأسست هذه الهجرات عدداً من المدن الإسلامية على ساحل شرقي أفريقيا منها كاسو ، وكلوا ، وهكذا كثر عدد الهجرات فجاء بنو نبهان من عمان إلى مدينة باتا وتقع في شمال مدينة لامو في كينيا . وهكذا ظهرت امارات إسلامية على سواحل شرقي أفريقيا ، أو كما سمي بر الزنج ، وأصبح المسلمون خليطاُ من الأفارقة ، والشيرازيين ، والعرب ، وأطلق عليهم (السواحليون ) ويدأت تظهر اللغة السواحلية واتخدت من الحروف العربية قاعدة لها .
وانتشرت الدعوة الإسلامية من الساحل إلى الداخل مع تحركات المسلمين في التجارة ، وفي بداية القرن السادس عشر تعرضت الإمارات العربية إلى حرب صليبة مدمرة ، شنها البرتغاليون بعد اكتشافهم طريق رأس الرجاء الصالح ، وتعاونت معهم الحبشة في هذه الحرب ضد الإسلام ، فدمر البرتغاليون مدينة زيلع وأغروا على بربرة ، واستمر الصراع فأحرقوا ممبسة خمس مرات ، ودمروا مدينة لامو ، وباتا وقتلوا الشيوخ والنساء والاطفال ولقد شن البرتغاليون حرباً دامت قرنين . ثم تعقبتهم القوة العمانية في الساحل الأفريقي حتي قضت على نفودهم في شرقي أفريقيا ، وقامت دولة إسلامية سيطرت على هذا الساحل ، وهاجرت إليها عناصر عربية عديدة .
وبدأت الصلات الثقافية بين شبه الجزيرة العربية ، وساحل شرقي أفريقيا ، واتسمت بالطابع الديني ، وأرسلت البعثات إلى المدن العربية الإسلامية ، وعاد أبناء شرقي أفريقيا لتعليم الإسلام وقواعده إلى شعوبهم وبرزت مدن إسلامية على الساحل الأفريقي مثل لامو ، وممبسة ، وتانجا وأصبحت مراكز إشعاع للدعوة الإسلامية .
وانتقل الإسلام إلى الداخل فتوغل في كينيا ، وتنجانتقا ، وموزمبيق ، وأوغندا ، ووصل إلى زائير ، وازدهرت التجارة بين الساحل والداخل وأخد الإسلام ينتشر في داخل شرقي أفريقيا مع التجارة ، وظهرت مراكز تجارية مثل كيتوتو ، وساباى وممباس في داخل كينيا ، ومثل طابورة واجيجي في تنجانيقا واتخد العرب والسواحليون منها مراكز استقرار في الداخل ،
ووصل الإسلام إلى كينيا عن طريق محور آخر ، حبث كانت القبائل الصومالية دعامته ، فانتقل الإسلام عن طريقهم إلى شمالي كينيا ، وحيث انتشر بين القبائل التي تعيش في شمالي كينيا ، وامتد نفوذ دولة آل بوسعيد من زنجبار إلى داخل شرقي أفريقيا خلف انتشار الإسلام .
وعندما فرض الاستعمار الألماني والإنجليزي سيطرتهما على هذه المنطقة عرقلا سريان الدعوة الإسلامية ، وشجع البعثات التنصيرية ، وقاوم المسلمون الاستعمار والتنصير ونشبت الثورات في كينيا منها ثورة (وينو ) في سنة 1890 م ، وثورة (المازوري ) في سنة 1895 م ، وانتشرت الثورات في ساحل كينيا .
فهرس |
يشكل المسلمون في كينيا حوالي 35% من جملة السكان في كينيا ، أي ما يزيد على 8ملايين مسلم . وينتشرون في القطاع الساحلي في مدن باتا ولامو ومالندي وممبسة . كذلك في داخل كينيا وفي نيروبي وما حولها ، كما ينتشرون في القطاع الكيني المجاور لحدود الصومال وأوجادين ، ومن المسلمين بكينيا جالية هندية باكستانية ، وجالية فارسية ، هذا فضلاً عن الجالية العربية بكينيا . وينتشر الإسلام بين الجماعات التي تشكل غالبية سكان كينيا مثل البانتو ، وبين النيلين الحاميين وبين العناصر الصومالية في شمال شرقي كينيا.كما دخلت قبيلة جلور الإسلام حديثاً في منطقة أتورو قرب مدينة كسومو .
للمسلمين في كينبا العديد من الهيئات ، والجمعيات يزيد عددها عن الخمسين حتي أنها أصبحت تكون إحدى المشاكل الهامة .أخيراً أصبح المجلس الأعلي لمسلمي كينيا يشرف على هذه الهيئات . ولقد تسبب الحكم الاستعماري في أزمات للمسلمين في المجال الاقتصادي ، والثقافي ، فلقد ضعف التعليم الإسلامي في كينيا ، ولم ينشط لمواجهة منافسة البعثات التنصيرية ، والمجال متسع لبث الدعوة الإسلامية ، فنصف سكان كينيا ما زالوا على الوثنية .
عندما استقر الاستعمار البريطاني بكينيا ، أخد في مهادنة المسلمين فاستعان بهم في إدارة أمور البلاد ، فعين منهم حكام الأقاليم والولاة ، وكذلك القضاة ، وجباة الضرائب . وكان لهذا أثره السيء في نفوس القبائل الوثنية ، مما جعلهم يربطون بين الاستعمار والموظفين الجدد ، كما حدث رد فعل آخر لذا المنصرون الذين ثاروا على تواجد المسلمين في الحكم وعقدوا مؤتمراً كنائسياً في سنة 1318 هـ -1900 م للحد من نفود المسلمين في الحكم . ووضعت السلطات الاستعمارية المسلمين أمام موقف اقتصادي سيء وذلك بمصادرة معظم الأراضي وجعلها ممتلكات للدولة ، كما حدت السلطات من النشاط التجاري للمسلمين فتأثرت أحوالهم الاقتصادية .
ومنحت البعثات التنصيرية فرص الحركة والانتشار ، وأسند لها الإشراف على التعليم ، فشيدت المدارس ، والكنائس ، والمستشفيات والحدائق لجذب المواطنين إلى المسيحية ، وطورت التعليم المهني والتعليم العام ، ورصدت مبالغ طائلة للتنصير في أفريقيا . وفي هذا الوسط يعمل المسلمين بإمكانيات ذاتية محدودة تعتمد على تبرعات الفقراء المعدميين .
لقد ساد التعليم الإسلامي شرقي أفريقيا قبل استيلاء الاستعمار الأوروبي على المنطقة ، ويحتوى علي مرحلتين ، الأولى مقصورة على تعليم أبناء المسلمين في الكتاتيب ، وكانت العربية لغة التعليم في هذه المرحلة المبكرة ، وتشتمل المرحلة الثانية على دراسة الفقه والحديث والتفسير ، واتخدت من المساجد أماكن لها ، حيث كانت تعقد حلقات الدروس .
وعندما احتلت بريطانيا كينيا بدأت النظرة للتعليم التقليدي تتغير ، ورفض المسلمون إلحاق أبنائهم بمدارس الإرساليات ، ولم يطوروا مناهج مدارسهم فبقيت الوظائف مقصورة على غير المسلمين .وضل المسلمون يقاطعون المدارس الحكومية ، ولم يستطع المسلمين إدخال اللغة العربية ، وعلوم الدين في مناهج المدارس الحكومية .
وبعد الحرب العالمية الثانية تم إنشاء معهد ممبسة الإسلامي وتحول إلى معهد فني ، وتأسست مدرسة عربية في مدينة (شيلا ) منذ أكثر من 25 عاماً ، وتفرع منها حوالي 40 مدرسة في أنحاء كينيا ، وتدرس بها علوم الدين واللغة العربية ، وهي في حاجة إلى تطوير مناهجهها ودعمها مادياً .
أنشئت في سنة 1383 هـ -1963 م بجهود بعض أهل الخير وتعمل في عدة محاور منها : الدعوة الإسلامية عن طريق المحاضرات ، والكتب ، والتعليم من خلال إنشاء المدارس الدينية الحديثة والمناهج المتطورة كذلك إنشاء مدارس تحفيظ القرآن .
وأصبح التعليم الديني اجبارياً في كينيا في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ، ويختار الطالب تعلم ا الإسلام أو المسيحية ، ويحرم من دخول المرحلة التالية إذا رسب في الدين .