المنطقة من حوض نهر النيل التي تعرف بالنوبة والواقعة في الحدود الحالية للسودان كانت موطن ثلاث ممالك كوشية حكمت في الماضي: الأولى بعاصمتها كرمة (2400-1500ق.م.)، وتلك التي تمركزت حول نبتة (1000-300ق.م.) ، واخرها مروي (300 ق.م. - 300م).
كل من هذه الممالك تأثرت ثقافيا ، إقتصاديا ، سياسيا وعسكريا بالإمبراطورية المصرية الفرعونية الواقعة في الشمال ، كما أن هذه الممالك الكوشية تنافست بقوة مع تلك التي في مصر، وذلك لدرجة انه خلال الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديمة ، سيطر ملوك نبتة على مصر الموحدة ذاتها، وحكموا كفراعنة الأسرة الخامسة والعشرين.
سيطرة نبتة على مصر كانت قصيرة نسبيا. وإنتهت بالسيطرة الآشورية في 656 ق.م. ، ولكن تأثيرها الثقافي كان هائلا، وأدى هذا الإلتئام إلى نشاط فوق إعتيادي في بناء الأهرامات والذي إستمر في المملكة اللاحقة ، مملكة مروي.
بني حوالي 220 هرما في ثلاث مناطق من النوبة كأضرحة لملوك وملكات نبتة ومروي . أول الأهرام بنيت في منطقة الكرو . وتشتمل على أضرحة الملك قشطة وإبنه بيا ، ومعها أضرحة لاحقيه شاباكا، شاباتاكا وتنوتاماني ، وأهرام 14 ملكة.
أهرام نبتة لاحقة بنيت في نوري ، على الضفة الغربية لنهر النيل في النوبة العليا. هذه المقبرة ضمت قبور 1 ملكا و 52 ملكة وأمير/ة. أقدم وأكبر أهرام نوري يعود للملك النبتي وفرعون الأسرة الخامسة والعشرين ، الفرعون تاهاركا.
أكثف مواقع بناء الأهرام النوبية هو مروي ، الواقعة بين الرافد الخامس والسادس لنهر النيل، على مسافة حوالي 100كم شمال الخرطوم. وخلال الفترة المرويّة دفن أكثر من أربعين ملك وملكة هناك.
تناسب أبعاد اهرام النوبة يختلف بشكل ملحوظ عن الصروح المصرية التي أثرت عليها: فبنيت بمدرجات لحجارة وضعت بشكل أفقي، وتتراوح ما إرتفاعاتها بين ستة وبين ثلاثين مترا، ولكنها ترتفع من قاعدة صغيرة نسبية نادرا ما تزيد عن الثماني امتار عرضا. مكونة بذلك أهراما طويلة تنحدر بزاوية 70 درجة تقريبا. لمعظمها مذابح مستوحاة من المصريين عند ثواعدها. وعند المقارنة فإن الأهرام المصرية بذات الإرتفاع لديها قاعدة تزيد بخمسة أمتار على الأقل، وتنحدر بزوايا تتراوح بين أربعين وخمسين درجة.
سلبت جميع الأضرحة الهرمية في النوبة في العصور الغابرة، ولكن النقوش المحفوظة على حدران معابد الأضرحة تكشف ان نزلاء هذه المقابر كانت مومياءات محنطة ، مغطاة بالجواهر وموضوعة في توابيت مومياء خشبية. ولدى إستكشافهم من قبل علماء الآثار في القرنين التاسع عشر والقرن العشرين، وحد في بعض الأهرام أقواس وأرياش سهام، خواتم إبهام رماة ، ألجمة أحصنة ، صناديق خشبية وأثاث، فخاريات وآنية من زجاج ملون ومعدن. والعديد من المصنوعات اليدوية الأخرى تشهد بتجارة نشطة بين المرويين ومصر والعالم الإغريقي (الهلنستي).