الرئيسيةبحث

أبو المعالي الجويني

أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن عبد الله بن حيوه الجويني ، الملقب بإمام الحرمين، (18 محرم 419هـ= 12 فبراير 1028 - ) فقيه وعالم أشعري فارسي.

ولد الجويني في بيت عرف بالعلم والتدين؛ فأبوه كان واحدا من علماء وفقهاء نيسابور المعروفين وله مؤلفات كثيرة في التفسير والفقه والعقائد والعبادات، وقد حرص على تنشئة ابنه عبد الملك تنشئة إسلامية صحيحة فعلمه بنفسه العربية وعلومها، واجتهد في تعليمه الفقه الخلاف والأصول. واستطاع الجويني أن يحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة.

بين الدرس والتدريس

وكان الجويني ذا روح وثّابة إلى الحق والمعرفة، يميل إلى البحث والنقد والاستقصاء؛ فلا يقبل ما يأباه عقله، ويرفض ما بدا له فيه أدنى شبهة أو ريبة، وظل الجويني ينهل من العلم والمعرفة في شغف ودأب شديدين حتى صار من أئمة عصره المعروفين وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، فلما توفي أبوه جلس مكانه للتدريس وهو في تلك السن المبكرة؛ فكان يدرس المذهب الشافعي، ويدافع عن العقيدة الأشعرية، ولكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار في البحث ومواصلة التحصيل والاطلاع؛ فكان تلميذا وأستاذا في آن واحد.

ومع أن والده كان هو المعلم الأول في حياته، فإن ذلك لم يمنعه من التلقي على مشاهير علماء عصره؛ فأخذ علوم الفقه عن "أبي القاسم الإسفراييني"، كما تلقى علوم القرآن الكريم على يد "أبي عبد الله محمد بن علي النيسابوري الجنازي" الذي عرف بشيخ القراء، وغيرهم.

كان نجم الجويني قد بدأ يلمع في نيسابور وما حولها، وانتشر صيته حتى بلغ العراق والشام والحجاز ومصر، لكنه تعرض لبعض العنت والتضييق، فاضطر إلى مغادرة نيسابور، وتوجه إلى بغداد فأقام فيها فترة وتوافد عليه الطلاب والدارسون، وما لبث أن رحل إلى الحجاز فأقام بمكة وظل بها أربع سنوات يدرّس ويفتي ويناظر ويؤم المصلين بالمسجد الحرام حتى لقبه الناس بـ"إمام الحرمين" لعلمه واجتهاده وإمامته، وكان يقضي يومه بين العلم والتدريس ويقيم ليله طائفا متعبدا في الكعبة المشرفة؛ فصفت نفسه، وعلت همته، وارتفع قدره.

وقد عرف التصوف الحق طريقه إلى قلب الجويني؛ فكانت مجالسه الصوفية رياضة روحية وسياحة نفسية يحلق بها في آفاق إيمانية وحبه، يبكي فيبكي الحاضرون لبكائه، ويجد فيها مجاهدة لنفسه ومراجعة لها.

وعاد الجويني مرة أخرى إلى نيسابور؛ حيث قام بالتدريس في "المدرسة النظامية" التي أنشأها له الوزير "نظام الملك" لتدريس المذهب السني.

وظل الإمام الجويني يدرس بالمدرسة النظامية، فذاع صيته بين العلماء، وقصده الطلاب والدارسون من البلاد الأخرى.

وكانت هذه الفترة من أخصب الفترات في حياة الإمام؛ ففيها بلغ أوج نضجه العلمي، وصنف الكثير من مؤلفاته.

مؤلفاته

ومؤلفات الجويني على كثرتها لم تنل القدر الملائم لها من العناية والاهتمام من قبل الباحثين والمحققين، فمعظمها لا يزال مخطوطا، ولم يُطبع منها إلا عدد قليل منها:

وبرغم ما عرف به الجويني من غزارة العلم، وما اتسم به من رجاحة العقل وحب العلم، وما بذله من جهد صادق في خدمة الدين، فإنه كان هدفا لبعض الطاغين عليه، الذين حاولوا النيل من علمه والتشكيك في صحة عقيدته، وذلك من خلال أقوال اقتطعوها من كلامه، وأخرجوها من سياقها، وراحوا يفسرونها على هواهم، وفق ما أرادوا توجيهها إليه، ولكنها اتهامات مرسلة، ومطاعن واهية لا تستند إلى حقائق علمية.

وبعد رحلة حياة حافلة بالعلم والعطاء، أصيب الجويني بعلة شديدة، فلما أحس بوطأة المرض عليه انتقل إلى "بشتنقان" للاستشفاء بجوها المعتدل، ولكن اشتد عليه المرض فمات بها، وذلك في مساء الأربعاء (25 ربيع الآخر 478هـ= 20 أغسطس 1185) عن عمر بلغ تسعا وخمسين عاما.‏‏

مصادر