الرئيسيةبحث

آثار السودان

فهرس

خلفية

السودان من أقدم البلاد التي سكنها البشر بحسب الحفريات التي وجدت في بعض أجزائه مؤخرا.. وبالرغم من أنه بلد قديم أيضا في اكتشاف الكتابة –فقد كتب بالهيروغليفية المصرية في أزمان سحيقة بل هنالك رأي يقول أن الهيروغليفية نفسها بدأت فيه ثم اتجهت شمالا- كما كانت اللغة المروية أول لغة صوتية في إفريقيا (ذلك أن الهيروغليفية لغة معنى بترميز المعاني لا أصوات الكلمات كما هي اللغات الأبجدية المختلفة) إلا أن السودان أصابه انقطاع حضاري فيما يتعلق بالتدوين جعل الكتابات عن تاريخه في الغالب مأخوذة عن المؤرخين الإغريق من جهة والعرب المسلمين من جهة أخرى.. تلك الكتابات لا تغطي كافة حلقات السودان التاريخية، ولا تشمل كافة بقاع السودان الحالية.. وللوصول لخارطة تاريخية متصلة ومكتملة للأراضي السودانية لا محيص من عمل خطة بحثية ورصدية وتحليلية شاملة تستند على الآتي:

ومع قلة الكتابات والوثائق، فإنه تظهر الأهمية الملقاة على علم الآثار في إعادة بناء تاريخ السودان.. ولا شك أن أمة بلا تاريخ تعجز عن خوض المستقبل بأقدام ثابتة.

البحث الآثاري في السودان

إن البحث الآثاري في السودان كان في مرحلته الأولى مربوطا بحركة الرحالة الأجانب للسودان بدءا بنهاية القرن السابع عشر. ولكن الرحالة الأوائل لم يهتموا كثيرا بالآثار السودانية القديمة، ولعل أول الرحالة الذين اهتموا بوصف آثار النوبة في السودان كان بوركهاردت ووادنجتون وهانبري في أوائل القرن التاسع عشر. ولكن أهم الأعمال التنقيبية والتوثيقية للآثار في النوبة كانت في وصف الرحالتين الفرنسيين فريدريك كايو ولينان دي بلفوند الذين اخترقا البلاد جنوبا إلى أبعد ما وصل إليه سابقيهما. كان كايو الأول من بين الرحالة الأوربيين الذي زار أطلال مروي (البجراوية) والنقعة والمصورات الصفراء ووصفها، وحدد مواقع العديد من المعابد وتوصل من خلال دراسة النقوش إلى أن كوش حكمت فيها ملكات، وهو ما لم يكن عادة متبعة في مصر. ([أركماني]: كاتسلنسون: ص 3) وقد نشر كايو 4 مجلدات تحوي لوحات عن آثار النوبة المختلفة (الأول صدر عام 23، وفي الفترة 1826-1827 أصدر المجلدات الثلاثة الأخرى وهي تحوي كمية هائلة من لوحات الآثار). أما لينان دي بلفوند (زار السودان في الفترة 1821- 1822) فللأسف إن الملاحظات التي وضعها في شكل دفتر يوميات والرسومات الرائعة ظلت على مدى قرن بأكمله صعبة المنال حتى تم نشرها مؤخرا.. وقد كان نسخه لنقوش المعابد في المصورات الصفراء والنقعة جيدا. في تلك الفترة ارتبط التوثيق للآثار والبحث عنها بالرحالة الرسامين. ففي عام 1833 زار المنطقة د. هوسكنس وكتب كتابا ثبت فيه العديد من الخرائط والرسومات لجزيرة مروي وأرقو وتمبس وصلب وسمنة وكرمة، وكان كتابه يحوي معلومات في مجال الإثنوغرافيا أكثر منه في مجال الآثار والتاريخ (كاتسلنسون ص 4). ختام المرحلة الأولى من الاستكشاف الآثاري للسودان توجهت عبر بعثة لبسيوس الشهيرة المكونة من عدد من العلماء والفنانون لرسم الآثار وتوثيق النقوشات عليها(1842- 1845م)، وخرجت بأطلس مؤلف من 12 مجلدا نفذت بدقة. حيث سار طريق البعثة عبر كورسكو إلى مروي، ثم عملوا في النقعة والمصورات الصفراء، وزاروا سوبا وسنار وفي طريق العودة جبل البركل وأرقو وتمبس وسيسبي وصلب وصادنقا وجزيرة صاي وسمنة ومعابد النوبة السفلى، وقد حمل لبسيوس النصوص التي جمعها والرسوم والنقوش إلى ألمانيا شكلت تلك الأعمال الريادة في استكشاف الآثار السودانية.

فقط عندما اتخذ القرار بتعلية خزان أسوان إلى سبعة أمتار أخرى، وهو ما كان يعنى إغراق وادي النيل حتى كورسكو، بدأت مصلحة الآثار المصرية، التي كان يترأسها حينها ج.ماسبيرو، في إجراء المسح المنتظم للنوبة الشمالية . بدأت أعمال التشييد في عام .1907 في عامي 1904-1905 أجرى ماسبيرو رحلتين تخصصيتين للتعرف على الآثار في المنطقة المهددة بالغرق .في الرحلة الأولى وصل حتى أبو سمبل، وفي الثانية حتى المحرقة .رافقه أ .فايجل الذي عُين مفتشاً أولاً لمصلحة الآثار المصرية. وفي عام 1906 كلف فايجل بعمل مسح شامل للمنطقة المهددة وقدم تقريرا، وفي السنوات اللاحقة واصل د. ريزنر عمله ثم مساعده فيرث. حيث تم الكشف عن الكثير من الآثار في المنطقة المهددة بالغرق. وفي حين كان ريزنر وفيرث يقومان بحفر ودراسة المواقع الأثرية، عملت مجموعة من العلماء برئاسة ج. ماسبيرو في دراسة وترميم ووصف معابد النوبة الشمالية العديدة الواقعة بين أسوان وأبى سمبل. نتيجة هذا الجهد المشترك على مدى ثلاثين عاماً (1909-1938) ظهرت سلسلة من خمسة عشر مجلداً" معابد النوبة الغارقة "والتي تحوى مادة هائلة ذات طبيعة متنوعة لا زالت لم تستخدم كلياً حتى اليوم. تحتوى النقوش والرسوم التي غطت جدران النخس والصالات والمقابس على معلومات تاريخية لا حصر لها. إنه بفضل النقوش في معبد دكة نعرف أن أركامانى كان معاصراً لبطليموس الرابع، لا بطليموس الثاني، كما ساد الاعتقاد في السابق على أساس كلمات ديودور. تلك العمليات جرت في النوبة الشمالية عمليات نشطة مسابقة لارتفاع المياه وإغراقها للأرض. ولكن ظل الوضع إلى الجنوب من الجندل الثاني كما هو عليه تقريبا.

(1910-1913م): برئاسة جريفث- في منطقة فرس وعاصمة كوش القديمة "نبتة". أعطت أعمال الحفر في فرس، إلى جانب آثار العصر المسيحي مدافن خاصة بالمجموعة الثالثة، وتحصينات يرجع تاريخها للمملكة الوسطى بالإضافة إلى سلسلة من آثار المملكة الحديثة، التي تميز مرحلة السيادة المصرية على كوش.

البحث الآثارى إلى الجنوب من الشلال الثالث

في الأعوام 1911- 1914 أجرت البعثة الممولة من قبل السير ولكام حفرياتها في الجزء الجنوبي من الجزيرة، في جبل مويَّة (بين النيلين الأزرق والأبيض على بعد ثلاثين كيلومتر إلى الغرب من سنار القديمة). وبنهاية عمل هذه البعثة جرت دراسة موقع إقامة آخر في أبى قيلى والجبانة التابعة له والذي يرجع تاريخه للعصر المروى المتأخر. ويقع الموقع في الضفة الشرقية للنيل على مبعدة 4-3 كيلومتر إلى الجنوب من سنار. عند بدء أعمال التشييد مجدداً في خزان سنار في عام 1921 التي كانت قد انقطعت نتيجة اندلاع الحرب العالمية الأولى، تم الكشف في الضفة الشرقية للنيل الأزرق عن جبانة من العصر المروى. للأسف فإن مصلحة الآثار السودانية لم تعلم بذلك إلا بعد انقضاء عامين أو ثلاثة, عندما بدأت بعض المواد من المقابر المنبوشة في الظهور في متحف الخرطوم. بعض المكتشفات تفرقت في الأيدي، وبعضها فقد في سفينة غارقة في الطريق إلى إنجلترا. يقع الموقع على مبعدة من قرية الني. عندما زاره أديسون كانت أغلبية المقابر قد نبشت، ولم يتم النجاح لا في تحديد مركب المقابر ولا الأحجام الفعلية لحفرة الدفن والتي غالباً ما كانت بيضاوية واستخدمت لدفن أكثر من جثمان. من بين المواد التي وصلت إلى متحف الخرطوم كانت هناك أواني من البرونز تظهر مؤثرات إغريقية، وفخار ومصنوعات من المرمر وأدوات للزينة. الكثير منها يظهر تماثلاً مع مواد تمَّ العثور عليها في النوبة الشمالية. العديد من الأوانى تتماثل مع أواني ترجع إلى جبل مويَّة. تلت ذلك أعمال استكشافية في كرمة، البركل، الكرو، نوري، سمنة، اورونارتي، الكوة وفي وسط السودان في الخرطوم حيث كشف عن أعمال مروية وربما نبتية، والشهيناب، والتقاوي، والجريف، وفي القطينة.. اعمال أظهرت آثارا متفرقة تعود لعهود تاريخية مختلفة لا زالت تنتظر المزيد من إلقاء الضوء عليها. حملة إنقاذ آثار النوبة الشمالية: 1955- استباقا لمشروع (السد العالي) بدأت مرحلة جديدة للبحث الآثاري في النوبة الشمالية والذي سيؤدي إلى إغلااق منطقة تمتد 500 كيلومتر من الشلال الأول حتى كوش مما تطلب أعمال إنقاذ هائلة للآثار ودراستها. فعملت ولأكثر من عشر سنوات العديد من البعثات من اقطار مختلفة تحت إشراف منظمة اليونسكو في المنطقة المهددة بالغرق، ونتائج الحفريات لا زالت تنشر في تقارير موجزة.. وبالتالي فإن البينات المتحصل عليها والمواد غير متوفرة فعليا للاستخدام العلمي حتى الآن . فقد عملت في السودان أعمال تنقيبية من حدود البلاد مع مصر في فرس حتى كوشا لحوالي مئتي كيلومتر وقدر أن فيها حوالي 75 موقعا اثريا ستغرق في بحيرة ناصر. بينما قدر فيرتكويه مدير مصلحة الاثار السودانية آنذاك الذي قدر تلك المواقع ب300 موقعا محتاج للدراسة والإنقاذ. كشفت البعثة البولندية العاملة في فرس والمنطقة المجاورة عن آثار العصر المسيحي الشهيرة (الكنائس- اللوحات الجدارية- مدافن الأساقفة..الخ) كما عثر على آثار نبتية ومروية في ذات المنطقة. وفي عكشة عملت بعثة مشتركة من العلماء الفرنسيين والأرجنتينيين في موسم 61/1962م. ووجدت آثار في سرة القريبة من عكشة، وفي أرقين جنوبا. وفي موسم الحفريات لاتالي نقبت البعثة الأسبانية بشكل أشمل في أرقين، وفي دبروسا، وجزيرة ميلي، وجزيرة ماتوكا، وبوهين، ، وسمنة، وصاي تم كشف العديد من المنازل والمعابد والقلاع والجبانات. وفي موسم 63/1964 كشفت البعثة الإيطالية عن جبانة مروية ضخمة ، كما نقبت في معبد امنحت بالثالث وعثرت على مخربشات مروية.

حفريات هامة من حيث نتائجها في جزيرة مروى أجريت في 1958-1960 في ودبانقا من قبل مصلحة الآثار السودانية برئاسة فيركوتيه. في عام 1957 تم العثور على بعد 10 كيلومترات شمال شرق الخرطوم على ابى هول يحمل اسم أسبالتا. أشارت الحفريات التي أجريت في العام التالي إلى أن المبنى الضخم الذى شيد في العصر المسيحي، ولم يبق منه شيئاً الآن، كان قد أقيم على أنقاض مروية. ينتظر علماء الآثار والمؤرخون الكثير من العمل في السودان لاستكمال البحث الذى بدأ فقط في العقد الأخير. لا بدَّ بالضرورة وبأسرع فرصة ممكنة من نشر تقارير الحفريات التي أجريت خلال هذه السنوات. حينها فقط يسلط الضوء على ما خفي عنا من تاريخ السودان.

الآثار في جنوب السودان

المعرفة الاثارية في السودان غير متساوية البتة وبعض المناطق غير مكتشفة بصورة شاملة. في جنوب السودان وجدت بداية متواضعة للتنقيب الاثاري في أعمال المعهد البرطاني لشرق إفريقيا في سبعينيات القرن العشرين. حيث بدأت مشروعا بحثيا في منطقة بجر الغزال والاستوائية. وتوجد في المنطقة فرصة مناسبة للبحوث المتداخلة خاصة بين الآثار والإثنوغرافيا، بعد الفراغ من مهمة تعزيز السلام.

مشروع النيل الأزرق: السودان وإثيوبيا:

عملت في هذا المشروع البعثة الأسبانية وقد مولتها عدة جهات: مؤسسة في الفترة 1989- 2001م (Duran-Vall Llosera (1989), the Universidad Complutense (1990, 2001), the DGICYT of the Ministry of Education and Culture (Project PS89-084, 1991-1993, Project PS95-142, 1997-2000), and the Dirección General de Bellas Artes of the Ministry of Education and Culture (Instituto del Patrimonio Histórico Español, 1994-2001).) وقامت بعمليات استكشفاية آثارية في السودان (منطقة النيل الأزرق) في الفترة ما بين 1989 وحتى 2000م، بينما بدأت العمل في إثيوبيا منذ العام 2000م وحتى الآن. فقامت بالكشف في السودان عن كشف 48 موقعا أثريا جديدا،كما تمت إعادة بحث 5 مواقع اكتشفت في الخمسينيات للقرن العشرين. عبر المادة المودعة عنها في التحف القومي. ولعل أهم فتح للدراسات الاثارية السودانية هو أن ينشأ كرسي السودانويات Sudanology في الجامعات العالمية، بعد أن كانت تبحث في الماضي من خلال المصريات.

المؤسسات الحكومية البحثية والتعليمية الخاصة بالآثار في السودان

المؤسسات التعليمية

الجهات المهتمة بالآثار السودانية في العالم

الجمعيات والصفحات على الانترنت

الآثار السودانية المنهوبة والمقتسمة

لقد تم نهب الآثار في بلدان عالم الجنوب في فترة الاستعمار من قبل بعثات رسمية أرسلتها الدول أو المتاحف في الدول الأوربية التي كانت تسعى لامتلاك ذاكرة الدنيا، كما تم ذلك بأيدي أفراد جشعين للكسب المادي حيث يقومون ببيع تلك التحف للمتاحف العالمية وللأفراد المهتمين بجمع التحف في العالم. من قراصنة الآثار السودانية المشهورين الطبيب العامل في الإدارة الإيطالية د. فرليني الذي وصل للإهرامات الملكية في مروي متعاملا مع الآثار كلص. "واحد من الأهرام والذي كان الفضل من حيث محافظته على شكله تعرض بمعنى الكلمة للهدم من قبل فرليني الذي توجت أعماله التدميرية بالكشف عن الكثير من التحف الفنية الذهبية والفضية والمعادن الأخرى، جزء منها وصل لاحقا إلى ميونيخ وآخر إلى برلين".. وقد قام بنهب المدفن الوحيد الباقي حتى تلك الفترة لملكة مروية، وكان قد قام قبل ذلك هو ورفيقه ستيفاني بتدمير أربعة إهرامات أخرى. يقول كاتسنلسون "ولحسن حظ البحث العلمي لم يحاول أحد بعدهما "التنقيب الاثاري" في السودان حتى نهاية القرن التاسع عشر". (ص5). وقد ذكرنا من قبل خبر الجبانة المنهوبة في النيل الأزرق والتي غرق جزء كبير من منهوباتها في سفينة متجهة لإنجلترا.. وكثير من تلك المنهوبات وجدت طريقها إلى أوربا وأمريكا وهي الآن في متاحف عالم الشمال.. كذلك، كان التنقيب في بدايته، كما هو الحال اليوم، يقسم المواد المكتشفة في السودان بين المؤسسة المنقبة ومصلحة الآثار السودانية، ولذلك توجد العديد من الآثار السودانية في كافة بقاع لدنيا إذا لاحظنا تعدد البعثات المنقبة في السودان وجنسياتها.

مشاكل العمل الاثاري في السودان

سد مروي.. والإجراءات العاجلة.

التمويل.. ويمكن حله عبر المنظمات العالمية المهتمة.