الرئيسيةبحث

محلى ابن حزم - المجلد الرابع/الصفحة السادسة والخمسون

كتاب الكتابة

1690 - مسألة: ولا تجوز كتابة مملوكين معا كتابة واحدة , سواء كانا أجنبيين أو ذوي رحم محرمة.

برهان ذلك. أنها مجهولة لا يدرى ما يلزم منها كل واحد منهما أو منهم وهذا باطل

وأيضا : فإن شرطه أن لا يعتق منهما واحد إلا بأداء الآخر , وعتقه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ,

قال الله عز وجل : {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى} فصح أنه عقد مخالف للقرآن فلا يجوز ، ولا يقع به عتق أصلا أديا أو لم يؤديا

وهو قول أصحابنا.


1691 - مسألة: وبيع المكاتب , والمكاتبة ما لم يؤديا شيئا من كتابتهما جائز متى شاء السيد , وكذلك وطء المكاتبة جائز ما لم تؤد شيئا من كتابتها , فإن حملت أو لم تحمل فهي على مكاتبتها , فإذا بيع بطلت الكتابة فإن عاد إلى ملكه فلا كتابة لهما إلا بعقد محدد إن طلبه العبد أو الأمة فإن أديا شيئا من الكتابة قل أو كثر حرم وطؤها جملة , وجاز بيع ما قابل منهما ما لم يؤديا. فإن باع ذلك الجزء بطلت الكتابة فيه خاصة وصح العتق فيما قابل منهما ما أديا , فإن عاد الجزء المبيع إلى ملك البائع يوما ما لم تعد فيه الكتابة ، ولا الرجوع في الكتابة أصلا , بغير الخروج من الملك.

وكذلك إن مات السيد فإن ما قابل مما أديا حر وما بقي رقيق للورثة قد بطلت فيه الكتابة , فإن كانا لم يكونا أديا شيئا بعد فقد بطلت الكتابة كلها , وهما رقيق للورثة.

وكذلك إن مات المكاتب أو المكاتبة ولم يكونا أديا شيئا , فقد ماتا مملوكين , ومالهما كله للسيد , فإن كانا قد أديا من الكتابة فما قابل منهما ما أديا فهو حر , ويكون ما قابل ذلك الجزء مما تركا ميراثا للأحرار من ورثتهما , ويكون ما قابل ما لم يؤديا مما تركا للسيد , وقد بطل باقي الكتابة , وما حملت به المكاتبة قبل الكتابة أو بعدها , إلى أن يتم له مائة وعشرون ليلة مذ حملت به , فحكمه حكمها حتى يتم له العدد المذكور , فما عتق منها بالأداء عتق منه. فإذا نفخ فيه الروح فقد استقر أمره ، ولا يزيد قيمة العتق فيه بعد بأدائها.

برهان ذلك ما ذكرناه في المسألة التي قبل هذه من حكم رسول الله ﷺ بأن المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى , ويرق بقدر ما لم يؤد فهذا يوجب كل ما ذكرنا , وإذ هو عبد ما لم يؤد , فبيع المرء عبده ووطؤه أمته حلال له , وما علمنا في دين الله تعالى مملوكا ممنوعا من بيعه. ومنع الحنفيون , والمالكيون من البيع والوطء , وما نعلم لهم في ذلك حجة أصلا , لا من قرآن , ولا سنة , ولا قياس , ولا معقول , بل قولهم خلاف ذلك كله , لا سيما احتجاجهم لقولهم الفاسد بما لم يصح من أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم , فإذ هو عبد , فما المانع من بيعه , وإذ هي أمة فما المانع من وطئها , والله تعالى يقول : {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} فلا تخلو من أن تكون مما ملكت يمينه فوطؤها له حلال , أو مما لا تملك يمينه , فهي إما حرة

وأما أمة لغيره , لا يعقل في دين الله تعالى وفي طبيعة العقول إلا هذا. ولو أنهم اعترضوا بهذا على أنفسهم مكان اعتراضهم على رسول الله ﷺ في تزوجه أم المؤمنين صفية , وجعل عتقها صداقها , فقالوا : لا يخلو من أن يكون تزوجها وهي مملوكة له , فلا يجوز ذلك , أو يكون تزوجها وهي حرة فهذا نكاح بلا صداق , لكان أسلم لهم من الإثم في الأخرى , ومن السخرية بهذا القول السخيف في الأولى. وجوابهم : أنه عليه الصلاة والسلام ما تزوجها إلا وهي حرة بصداق صحيح , قد حصلت عليه وآتاها إياه , كما أمره ربه عز وجل , وهو عتقها التام قبل الزواج إن تزوجته. ولا يخلو المكاتب ضرورة من أحد أقسام أربعة لا خامس لها : إما أن يكون حرا من حين العقد كما ذكر عن بعض الصحابة ، رضي الله عنهم ، وهم لا يقولون بهذا أو يكون عبدا كما يقولون أو يكون عبدا ما لم يؤد فإذا أدى شرع فيه العتق فكان بعضه حرا وبعضه مملوكا كما نقول نحن أو يكون لا حرا ، ولا عبدا , ولا بعضه حر , ولا بعضه عبد , وهذا محال لا يعقل. فإذ هو عندهم عبد فبيع العبد ووطء الأمة حلال ما لم يمنع من ذلك نص , ولا نص هاهنا مانعا من ذلك أصلا , بل قد جاء النص الصحيح , والإجماع المتيقن على جواز بيع المكاتب الذي لم يؤد شيئا.

كما روينا من طريق البخاري ، حدثنا قتيبة ، حدثنا الليث ، هو ابن سعد ، عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين أخبرته أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا فقالت لها عائشة : ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا وقالوا : إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فقال لها رسول الله ﷺ : ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق قالت : ثم قام رسول الله ﷺ فقال : ما بال الناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى من اشترط شرطا ليس في كتاب الله تعالى فليس له وإن اشترط مائة مرة. شرط الله أحق وأوثق.

ومن طريق مسلم ، حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا هشام بن عروة يعني عن أبيه أخبرتني عائشة أم المؤمنين قالت : دخلت علي بريرة فقالت : إن أهلي كاتبوني على تسع أواق في تسع سنين في كل سنة أوقية فأعينيني فقالت لها : إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت فذكرت ذلك لأهلها فقالوا : لا إلا أن يكون الولاء لهم قالت : فأتتني فذكرت ذلك فانتهرتها فقلت : لاها الله إذا , فسمع رسول الله ﷺ ذلك فسألني فأخبرته , فقال : اشتريها فأعتقيها واشترطي لهم الولاء فإن الولاء لمن أعتق ففعلت , ثم خطب رسول الله ﷺ عشية فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله , ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط كتاب الله أحق وشرط الله أوثق وذكر باقي الحديث.

ومن طريق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم المؤمنين عائشة نحوه.

ومن طريق البخاري ، حدثنا أبو نعيم هو الفضل بن دكين ، حدثنا عبد الواحد بن أيمن حدثني أبي أيمن قال : دخلت على عائشة أم المؤمنين فقلت لها : كنت لعتبة بن أبي لهب ومات وورثه بنوه وإنهم باعوني من ابن أبي عمرو المخزومي فأعتقني واشترط بنو عتبة الولاء فقالت عائشة : دخلت علي بريرة وهي مكاتبة فقالت : اشتريني فاعتقيني فقلت : نعم , فقالت : لا يبيعونني حتى يشترطوا ولائي , فقلت : لا حاجة لي بذلك , فسمع بذلك النبي ﷺ أو بلغه فقال لعائشة : اشتريها وأعتقيها فذكرت الخبر.

ومن طريق أبي داود ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، هو ابن سلمة عن خالد هو الحذاء عن عكرمة ، عن ابن عباس أن مغيثا كان عبدا فقال : يا رسول الله اشفع إليها فقال لها رسول الله ﷺ : يا بريرة اتقي الله فإنه زوجك وأبو ولدك , قالت : يا رسول الله تأمرني بذلك قال : لا , إنما أنا شافع , فكانت دموعه تسيل على خده فقال رسول الله ﷺ للعباس : ألا تعجب من حب مغيث بريرة وبغضها إياه .

ومن طريق سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم ، حدثنا خالد عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما خيرت بريرة رأيت زوجها يتبعها في سكك المدينة ودموعه تسيل على لحيته , فكلم له العباس النبي ﷺ أن يطلب إليها , فقال لها رسول الله ﷺ : زوجك وأبو ولدك فقالت : أتأمرني به يا رسول الله قال : إنما أنا شافع , فقالت فإن كنت شافعا فلا حاجة لي فيه , واختارت نفسها , وكان يقال له : المغيث , وكان عبدا لأل المغيرة من بني مخزوم , فقال رسول الله ﷺ للعباس : ألا تعجب من شدة بغض بريرة لزوجها ومن شدة حب زوجها لها فهذا خبر ظاهر فاش , رواه عن النبي ﷺ عائشة أم المؤمنين , وبريرة , وابن عباس. ورواه ، عن ابن عباس عكرمة , وعن بريرة عروة , وعن أم المؤمنين القاسم بن محمد , وعروة بن الزبير , وعمرة , وأيمن. ورواه عن أيمن ابنه عبد الواحد , وعن عمرة : يحيى بن سعيد الأنصاري وعن القاسم : ابنه عبد الرحمن , وعن عروة : الزهري , وهشام ابنه , ويزيد بن رومان. ورواه عن هؤلاء الناس , والأئمة الذين يكثر عددهم , فصار نقل كافة وتواتر لا تسع مخالفته وهذا بيع المكاتب قبل أن يؤدي شيئا. ولا شك عند كل ذي حس سليم أنه لم يبق بالمدينة من لم يعرف ذلك ; لأنها صفقة جرت بين أم المؤمنين وطائفة من الصحابة وهم موالي بريرة. ثم خطب الناس رسول الله ﷺ في أمر بيعها خطبة في غير وقت الخطبة ، ولا يكون شيء أشهر من هذا. ثم كان من مشي زوجها يبكي خلفها في أزقة المدينة ما زاد الأمر شهرة عند الصبيان والنساء والضعفاء , فلاح يقينا أنه إجماع من جميع الصحابة , إذ لا يجوز ألبتة أن يظن بصاحب خلاف أمر رسول الله ﷺ الذي أكد فيه هذا التأكيد. وهذا هو الإجماع المتيقن لا إعطاء صاع من حنطة صدقة في بني الحارث بن الخزرج على نحو ميل من المدينة , ولا جلد عمر أربعين جلدة زائدة على سبيل التعزير في الخمر قد صح عنه خلافها , وعن غيره من الصحابة قبله وبعده. ولا سبيل لهم إلى أن يوجدونا عن أحد من الصحابة المنع من بيع المكاتب قبل أن يؤدي إلا تلك القولة الخاملة التي لا نعلم لها سندا ، عن ابن عباس.

قال أبو محمد : فبلحوا عند هذه , فقالت منهم عصبة : إنما بيعت كتابتها. .

فقلنا : كذبتم كذبا مفتعلا للوقت , وفي الخبر تكذيبكم بأن أم المؤمنين اشترتها وأعتقتها , وكان الولاء لها.

وقال بعضهم : إنها عجزت .

فقلنا : كذبتم كذبا مفتعلا من وقته , وفي الخبر : أن هذه القصة كانت بالمدينة , والعباس , وابنه عبد الله بها , وأن الكتابة كانت لتسع سنين في كل سنة أوقية , وأنها لم تكن بعد أدت شيئا.

ولا خلاف بين أحد من أهل العلم والرواية في أن العباس , وعبد الله لم يدخلا المدينة ، ولا سكناها , إلا بعد فتح مكة , ولم يعش النبي ﷺ مذ دخل المدينة بعد الفتح إلا عامين وأربعة أشهر , فأين عجزها وأين حلول نجومها تبارك الله ما أسهل الكذب على هؤلاء القوم في الدين. نعوذ بالله من البلاء

وروينا من طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج قلت لعطاء : غلام كاتبته فبعته رقبة أو كاتبته فعجز قال عطاء : هو عبد للذي ابتاعه. وقاله أيضا : عمرو بن دينار , قلت لعطاء : فقضى كتابته فعتق قال عطاء : هو مولى للذي ابتاعه قلت لعطاء : كيف والكتابة عتق قال عطاء : كلا , ليست عتقا , إنما يقال في المكاتب يورث فلا يبيعه الذي ورثه إلا بإذن عصبة الذي كاتبه. وقاله أيضا : عمرو بن دينار , قال ابن جريج : قلت لعطاء : أذن لي في بيعه إخوتي بنو أبي ولم يأذن بنو جدي قال عطاء : حسبك أن يأذن لك وارثه من عصبته يومئذ , قال عطاء :

وأما مكاتب أنت كاتبته فبعته رقبة والذي عليه : فلا تستأذن فيه أحدا , فإن عجز فهو للذي ابتاعه , وإن عتق فهو مولى الذي ابتاعه. فهذا عطاء , وعمرو بن دينار : يجيزان بيع رقبة المكاتب بلا عجز , ولم يخالفهما ابن جريج. والعجب كله من إجازة بعضهم بيع كتابة المكاتب وهو حرام لأنه بيع غرر , ومنعوا من بيع رقبته قبل أن يؤدي وهو حلال طلق. ثم قالوا : إن أدى فعتق فولاؤه لبائع كتابته , وإن عجز فهو رقيق للمشتري كتابته وهذا تخليط لا نظير له لأنه بيع , لا بيع وتمليك للرقبة لمن لم يشترها وكل ذلك باطل.

واحتج بعضهم في منع بيعه بقول الله تعالى : {أوفوا بالعقود}.

قال أبو محمد : وهذا عليهم لا لهم ; لأنهم يرون تعجيزه إن عجز , وإبطال كتابته , ونسوا قول الله تعالى : {أوفوا بالعقود}. فقالوا : المسلمون عند شروطهم .

فقلنا : فأجيزوا شرطه على المكاتبة وطئها , كما فعل سعيد بن المسيب وغيره , فقالوا : هذا شرط ليس في كتاب الله تعالى .

فقلنا : والتعجيز شرط ليس في كتاب الله تعالى ، ولا فرق. ثم لم يختلفوا فيمن عقد على نفسه لله عز وجل عتق غلامه هذا إن أفاق أبوه أو قدم غائبه فإن له بيعه ما لم يقدم الغائب , وما لم يفق الأب فهلا منعوا من هذا ب أوفوا بالعقود.

فإن قالوا : قد لا يستحق العتق بموت الأب المريض , والغائب

قلنا : وقد لا يستحق المكاتب العتق عندكم بالعجز ، ولا فرق , فكيف وليس قوله تعالى : {أوفوا بالعقود} مانعا من البيع , وإنما هو مانع من أن يبطل عقده قاصدا إليه بالإبطال , فقط.

وأما وطء المكاتبة : فإننا

روينا من طريق أحمد بن حنبل ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث التنوري ، حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب , قال : إذا كاتب الرجل أمته واشترط أن يغشاها حتى يؤدي مكاتبتها فلا بأس بذلك .

وبه يقول أبو ثور. والعجب : أن المانعين من وطئها اختلفوا , فقال الحكم بن عتيبة : إن حملت بطلت الكتابة وهي أم ولد. وقال الزهري : يجلد مائة , فإن حملت فهي أم ولد.

قال علي : ليت شعري كيف يجلد مائة في وطئه من تكون أم ولده إن حملت إن هذا لعجب , وإنما هو فراش أو عهر ، ولا ثالث. وقال قتادة : يجلد مائة سوط غير سوط , وهي كذلك إن طاوعته. وقال سفيان الثوري : لا شيء عليه إن وطئها ، ولا عليها , فإن حملت فهي بالخيار بين التمادي على الكتابة , وبين أن تكون أم ولد وتبطل الكتابة.

وقال أبو حنيفة , ومالك , كقول سفيان , إلا أنه زاد " إن تمادت على الكتابة أخذت منه مهر مثلها فاستعانت به في كتابتها " إلا أن مالكا زاد " أنه يؤدب ".

قال أبو محمد : ليت شعري لأي معنى تأخذ منه مهرا أهي زوجة له فيكون لها مهر هذا الباطل أم هي بغي فقد حرم رسول الله ﷺ مهر البغي , أم هي ملك يمينه فهي حلال ، ولا مهر لها أم هي محرمة بصفة , كالحائض , أو الصائمة , وما عدا ذلك فتخليط لا يعقل

وقال الشافعي : يعزران ولها مهر مثلها , وهي أم ولده وهذا تناقض كما ذكرنا. والعجب من احتجاجهم في المنع من وطئها بأن قالوا : قد خرجت من يده وصارت في يد نفسها , كالمرهونة.

قال علي : هذا كذب , ما خرجت عن يده , ولا عن ملكه , إلا بالأداء فقط , والدعوى لا تقوم بها حجة , والمرهونة حلال لسيدها , والمانع من وطئها مخطئ وهذا احتجاج للباطل بالباطل , وللدعوى بالدعوى , ولقولهم بقولهم. وقالوا : قد سقط ملكه عن منافعها ووطؤها من منافعها.

قال أبو محمد : هذا كذب , بل سقط ملكه عن رقبتها , وملك رقبتها من منافعها , وإنما الحق هاهنا أن منافعها له بلا خلاف , فلا يخرج عن ملكه منهما إلا ما أخرجه النص , ولا نص في منعه من وطئها ما لم تؤد.

وقال بعضهم : وطؤها كإتلاف بعضها وهذا غاية السخف ولئن كان كإتلاف بعضها إنه لحرام عليه قبل الكتابة , كما يحرم عليه إتلاف بعضها ، ولا فرق.

وأما قولنا " إن عاد إلى ملكه لم تعد الكتابة " فلأن كل عقد بطل بحق فلا يرجع إلا بابتداء عقده , أو بأن يوجب عودته بعد بطلانه نص , ولا نص هاهنا.

وأما إذا أديا شيئا فقد شرع العتق فيهما بمقدار ما أديا , ولا يحل بيع حر ، ولا بيع جزء حر , ولا وطء من بعضها حر ; لأنها ليست ملك يمينه حينئذ , بل بعضها ملك يمينه وبعضها غير ملك يمينه والوطء لا ينقسم , ولا يحل وطء حرام أصلا , فإن فعل فهو زان فعليه الحد , والولد غير لاحق

وهو قول الحسن البصري وله بيع ما في ملكه منهما , ولما ذكرنا من جواز بيع المرء حصته التي في ملكه.

وأما قولنا " إن مات السيد بطلت الكتابة , أو ما قابل ما لم يؤد منه " فلقول الله تعالى : {ولا تكسب كل نفس إلا عليها} وقد صح عن رسول الله ﷺ شروع العتق في المكاتب بالأداء , وبقاء سائره رقيقا , فإذا مات السيد فما عتق بالأداء حر لا يجوز أن يعود رقيقا , وما بقي رقيقا فقد ملكه : الورثة , والموصى لهم , أو الغرماء. ولا يجوز عقد الميت في مال غيره

وقد ذكرنا قبل قول الشعبي ليس لميت شرط وقال هؤلاء : إنما يرثون الكتابة وهذا باطل على أصولهم ; لأن الكتابة عندهم ليست دينا ، ولا مالا مستقرا واجبا , فبطل قولهم : إنها تورث.

وأما موت المكاتب : ففيه خلاف قديم , وحديث. فقالت طائفة : ماله كله لسيده ,

روينا ذلك من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن معبد الجهني , قال : قضى عمر بن الخطاب في المكاتب يموت وله ولد أحرار , وله مال أكثر مما بقي عليه : أن ماله كله لسيده. وعن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن طارق عن الشعبي عن زيد بن ثابت قال في المكاتب يموت وله ورثة : إن ماله كله لسيده.

ومن طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج عن عطاء ، عن ابن عمر قال فيما ترك المكاتب : هو كله لسيده

وهو قول عمر بن عبد العزيز , وقتادة , والنخعي , والشافعي , وأحمد بن حنبل , وأبي سليمان , وأصحابهم.

وقالت طائفة : غير هذا ,

كما روينا من طريق حماد بن سلمة , وعبد الرزاق , قال حماد : ، حدثنا سماك بن حرب عن قابوس بن مخارق بن سليم عن أبيه , وقال عبد الرزاق : عن ابن جريج عن عطاء , ثم اتفقا عن علي في مكاتب مات وله ولد أحرار قال : يؤدي مما ترك ما بقي من كتابته , ويصير ما بقي ميراثا لولده.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة , والمعتمر بن سليمان , كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : كان ابن مسعود يقول في المكاتب إذا مات وترك مالا : أدى عنه بقية كتابته , وما فضل رد على ولده إن كان له ولد أحرار وبه كان يقضي شريح.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن معبد الجهني : أن معاوية قال في مكاتب مات وله ولد أحرار ومال : أن يعطى سيده بقية كتابته , ويكون ما بقي لولده الأحرار .

وبه يقول معبد.

وهو قول الحسن البصري , وابن سيرين , والنخعي , والشعبي : إن ذلك لورثته بعد أداء كتابته

وهو قول عمرو بن دينار.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : إذا كان للمكاتب أولاد معه في كتابته , وأولاد ليسوا معه في كتابته : فإنه يؤدي ما بقي من كتابته , ثم يقسم ولده جميعا ما بقي من ماله على فرائضهم.

وهو قول سفيان الثوري , والحسن بن حي , وأبي حنيفة , وإسحاق بن راهويه.

وقالت طائفة : غير هذا ,

كما روينا عن مالك ومن قلده : أن المكاتب إن كان معه في كتابته أمه وأبوه والجد , والجدة وبنوه وبناته , وبنو بنيه وبنو بناته , وإخوته وأخواته , وزوجاته أو بعض من ذكرنا , وقد كان كاتب على نفسه وعلى من ذكرنا كتابة واحدة , وكان له أولاد أحرار , وإخوة أحرار , وأبوان حران , فمات وترك مالا , فإنه يؤدي ما بقي من كتابته , ويرث من ذكرنا ممن كان معه في الكتابة ما بقي على قسمة المواريث. ، ولا يرثه أب حر , ولا أم حرة , ولا أولاد أحرار , ولا إخوة أحرار , أصلا , كان معه في الكتابة أحد من هؤلاء أو لم يكن. قال : فإن كان معه في الكتابة من لا يعتق على المرء إذا ملكه , كالعم وابن العم , وابن الأخ , فلا شيء لهم , والمال كله لسيده. واختلف قوله في الزوج والزوجة : فمرة قال : يرثان إذا كانا معه في كتابة واحدة ومرة قال : لا يرثانه. ولم يختلف قوله : أنهما لا يرثان إذا لم يكونا معه في الكتابة ، ولا نعلم هذا القول عن أحد من خلق الله تعالى قبله , وهذه فريضة ما سمع بأطم منها , وهي خلاف القرآن , والسنن , والمعقول , وقول كل أحد يعرف قوله.

وقالت طائفة : كما روينا من طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا أبو عوانة عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي , والشعبي , كلاهما عن علي بن أبي طالب , قال : المكاتب يرث بقدر ما أدى , ويحجب بقدر ما أدى , ويعتق منه بقدر ما أدى.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : أن علي بن أبي طالب قال في المكاتب : إنه يرث بقدر ما أدى , ويجلد الحد بقدر ما أدى , ويكون دينه بقدر ما أدى.

ومن طريق سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال علي بن أبي طالب : المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى.

ومن طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم النخعي : أنه سئل عن المكاتب فقال : إذا أدى قيمة رقبته فهو غريم , وإن مات أدى عنه بقية مكاتبته , وورث ولده بقدر ما عتق منه , وورث مواليه بقدر ما رق منه.

قال أبو محمد : أما قول مالك فتخاذله أشهر من أن يشتغل به , ويكفي منه أن لا يعرف عن أحد قبله , وأنه لم يأت به نص , ولا رواية فاسدة , ولا قياس , ولا يعقل.

وقال بعضهم : لما كان المكاتب ليس له حكم العبيد , ولا حكم الأحرار : وجب أن يكون لميراثه حكم آخر غير حكم العبيد في ميراثهم , وغير حكم الأحرار.

قال علي : فقلنا : فقولوا هكذا في حدوده , وأخرجوا له حدودا طريفة , وقولوا كذلك في ديته , وقولوا بمثل هذا في أم الولد , فكيف وأصلكم هذا باطل , ودعوى كاذبة , ولا فرق عندكم بينه وبين العبد , إلا أن سيده , لا ينتزع ماله , ولا يستخدمه , ولا يمنعه من التصرف والتكسب فقط , كما أنه لا فرق بين أم الولد , والأمة , إلا أنها لا تباع أبدا , ولا توهب أبدا , ولا تعود إلى حكم الرق أبدا. وقالوا أيضا : هذا المال كان موقوفا لعتق جميعهم , فكان كأنه لهم .

فقلنا : فاجعلوه بينهم على السواء بهذا الدليل , ولا تقسموه قسمة المواريث , وأدخلوا فيه كل من معه في الكتابة بهذا الدليل. وبالجملة فما ندري كيف انشرحت نفس أحد لقبول هذا القول على شدة فساده , مع أن أصله فاسد. ولا يجوز أن يكاتب أحد على نفسه وغيره كتابة واحدة ; لأنه شرط ليس في كتاب الله عز وجل , فهو باطل وبالله تعالى التوفيق.

وأما قول أبي حنيفة : فخطأ ظاهر أيضا ; لأنهم مقرون بأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم , فإذ هو كذلك , فإنما مات عبدا , وإذا مات عبدا فلا يمكن أن تقع الحرية على ميت بعد موته , فظهر فساد قولهم جملة. ولا يختلفون فيمن قال لعبده : أنت حر إذا زالت الشمس من يومنا هذا , فمات العبد قبل زوال الشمس بدقيقة , فإنه مات عبدا , ولا ترثه ورثته وماله كله لسيده.

وأما من قال : ماله كله لسيده , فإنما بنوا على أنه عبد ما بقي عليه درهم

وهذا قول قد بينا بطلانه بحكم رسول الله ﷺ أن المكاتب يشرع فيه العتق بقدر ما أدى ويرث بقدر ما عتق منه

فصح أن لذلك البعض حكم الحر ولباقيه حكم العبد في الميراث وفي كل شيء وبالله تعالى التوفيق.

وأما حمل المكاتبة فإنه ما لم تنفخ فيه الروح فهو بعضها كما قدمنا فله حكمها

وأما إذا نفخ فيه الروح فهو غيرها قال تعالى : {ثم أنشأناه خلقا آخر} وهو عند ذلك ذكر وهي أنثى , أو أنثى غيرها , فليس له ، ولا لها حكم الأم قال الله تعالى : {ولا تكسب كل نفس إلا عليها}.

فإن قيل : فهلا أجزتم عتق جميع المكاتب إذ بعضه حر بقول رسول الله ﷺ : من أعتق شقصا له في مملوك عتق كله وأوجبتم الأستسعاء بذلك الخبر

قلنا : لا يحل ضرب أحاديث رسول الله ﷺ بعضها ببعض , ولا أن يترك حكمه بحكم له آخر , بل كل أحكامه فرض اتباعها , وكل كلامه حق مسموع له ومطاع , وهو عليه السلام أمر بعتق من أعتق بعضه , إما على معتق بعضه إن كان له مال ,

وأما بالأستسعاء , وهو عليه السلام خص المكاتب بحكم آخر وهو عتق بعضه وبقاء بعضه رقيقا فقبلنا كل ما أمرنا به , ولم نعارض بعضه ببعض ولله تعالى الحمد , ومن تعاطى تعليم رسول الله ﷺ الدين فهو أحمق , وكلا هذين الحكمين قد صح فيهما اختلاف من سلف وخلف , وكلاهما نقل الآحاد الثقات , فليس بعضها أولى بالقبول من بعض وبالله تعالى التوفيق.


1692 - مسألة: ولا تحل الكتابة على شرط خدمة فقط , ولا على عمل بعد العتق ، ولا على شرط لم يأت به نص أصلا , والكتابة بكل ذلك باطل لقول رسول الله ﷺ: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل.


1693 - مسألة: ومن كوتب إلى غير أجل مسمى فهو على كتابته ما عاش السيد [ وهو ] وما لم يخرج عن ملك السيد فمتى أدى ما كاتب عليه عتق ; لأن هذه صفة كتابته وعقده فلا يجوز تعديه , ومن كوتب إلى أجل مسمى نجم واحد أو نجمين فصاعدا , فحل وقت النجم ولم يؤد , فقد اختلف الناس في ذلك. فروينا من طريق عبد الرزاق ، حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في المكاتب يؤدي صدرا من كتابته ثم يعجز قال : يرد عبدا , سيده أحق بشرطه الذي شرط. قال ابن جريج : وأخبرني إسماعيل بن أمية أن نافعا أخبره أن ابن عمر فعل ذلك. يعني أنه رد مكاتبا له في الرق , إذ عجز بعد أن أدى نصف كتابته.

ومن طريق الحجاج بن أرطاة عن حصين بن عبد الرحمن عن الشعبي أن عليا قال : إذا عجز المكاتب فأدخل نجما في نجم رد في الرق.

وروينا عن أبي أيوب الأنصاري أنه كاتب أفلح ثم بدا له فسأله إبطال الكتابة دون أن يعجز فأجابه إلى ذلك فرده عبدا ثم أعتقه بتلا. وقد ذكر ذلك مخرمة بن بكير عن أبيه : أنه لا بأس به.

وبه يقول أبو حنيفة , ومالك , والشافعي , وأبو سليمان. وقال هؤلاء : تعجيز المكاتب جائز بينه وبين سيده دون السلطان , إلا أن لمالك قولا , أنه لا يجوز التعجيز إلا بحكم السلطان. ثم اختلف القائلون بتعجيزه.

روينا من طريق حماد بن سلمة , وابن أبي عروبة كلاهما عن قتادة عن خلاص بن عمرو عن علي بن أبي طالب قال : إذا عجز المكاتب استسعى حولين زاد ابن أبي عروبة فإن أدى , وإلا رد في الرق وبهذا يقول الحسن البصري , وعطاء بن أبي رباح ولم يقل جابر , ولا ابن عمر بالتلوم , بل أرقه ابن عمر ساعة ذكر أنه عجز .

وبه يقول أبو سليمان , وأصحابنا.

وروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن طارق بن عبد الرحمن عن الشعبي أن علي بن أبي طالب قال في المكاتب يعجز : إنه يعتق بالحساب يعني بحساب ما أدى. وقال ابن أبي ليلى , والحكم بن عتيبة , والحسن بن حي , وأبو يوسف , وأحمد بن حنبل : لا يرق حتى يتوالى عليه نجمان لا يؤديهما. وقال الأوزاعي : إذا عجز استوفي به شهران.

وقال أبو حنيفة , والشافعي : إذا عجز استوفى به ثلاثة أيام فقط ثم يرق

وقال مالك : يتلوم له السلطان بقدر ما يرى.

وروينا من طريق حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار قال : قال جابر بن زيد : إذا عجز المكاتب استسعى ,

وقد ذكرنا قبل قول عمر بن الخطاب , وعلي بن أبي طالب , وشريح إذا أدى النصف فلا رق عليه , وهو غريم وهو صحيح عنهم. وقول ابن مسعود : إذا أدى ثلث كتابته فهو غريم. وقول إبراهيم : إذا أدى ربع كتابته فهو غريم. وقول عطاء : إذا أدى ثلاثة أرباع كتابته فهو غريم. وقول ابن مسعود وشريح : إذا أدى قيمته فهو غريم وهو قول صحيح عنهما.

قال أبو محمد : ما نعلم لشيء من هذه الأقوال حجة , وأعجبها قول من حد التلوم ثلاثة أيام أو بشهرين , ومن جعل ذلك إلى السلطان أفرأيت إن لم يتلوم له السلطان إلا ساعة , إذ رأى أن يتلوم له خمسين عاما.

ثم نقول لجميعهم : لا تخلو الكتابة من أن تكون دينا لازما , أو تكون عتقا بصفة لا دينا , ولا سبيل إلى ثالث أصلا , لا في الديانة ، ولا في المعقول. فإن كانت عتقا بصفة فالواجب أنه ساعة يحل الأجل فلا يؤديه , فلم يأت بالصفة التي لا عتق له إلا بها فقد بطل عقده ، ولا عتق له , ولا يجوز التلوم عليه طرفة عين , كمن قال لغلامه : إن قدم أبي يومي هذا فأنت حر فقدم أبوه بعد غروب الشمس فلا عتق له. وهذا قول أصحابنا

وهو قول جابر , وابن عمر. وقد تناقضوا أقبح تناقض , ومنعوا من بيعه وإن لم يؤد شيئا. فصح أنها ليست عندهم عتقا بصفة , أو يكون دينا واجبا , فلا سبيل إلى إبطاله.

كما روينا عن جابر بن زيد

فنظرنا في ذلك. فوجدنا رسول الله ﷺ قد حكم بشروع العتق فيه بقدر ما أدى. فصح يقينا أنها دين واجب يسقط منه بقدر ما أدى منه كسائر الديون وأنه ليس عتقا بصفة أصلا ; لأن أداء بعض الكتابة ليس هو الصفة التي تعاقدا العتق عليها , فإذ هي كذلك فقد قال الله تعالى : {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}

وقال تعالى : {أوفوا بالعقود} فوجب الوفاء بعقد الكتابة , وأنه لا يجوز الرجوع فيها بالقول أصلا ووجبت النظرة إلى الميسرة ، ولا بد.

فإن قيل : فإذ هي دين كما تقول , فهلا حكمتم به وإن مات العبد أو السيد , أو خرج عن ملكه كما حكمتم في سائر الديون

قلنا : لم نفعل ; لأن ذلك ليس دينا مطلقا , وإنما هو دين يصح بثبات الملك , ويبطل ببطلان الملك , لأنه إنما وجب للسيد بشرط أن يعتقه بأدائه على العبد بشرط أن يكون بأدائه حرا فقط بهذا جاء القرآن , وفسرته السنة عن رسول الله ﷺ . فإذا مات السيد فقد بطل وجود المعتق , فبطل الشرط الذي كان عليه , وبطل الشرط عن العبد , إذ لا سبيل إلى تمامه أبدا. وإذا مات العبد فقد بطل وجوده , وبطل الشرط الذي كان له من العتق , فبطل دين السيد , إذ لا سبيل إلى ما كان يستحق ذلك الدين إلا به , وإن خرج عن ملكه فكذلك أيضا قد بطل عتقه في عبد غيره , فبطل ما كان له من الدين مما لا يجب له إلا بما قد بطل , ولا سبيل إليه. وبالله تعالى التوفيق.