→ سئل رضي الله عنه عن شرب الخمر وفعل الفاحشة | مجموع فتاوى ابن تيمية سئل الشيخ عن رجل مدمن على المحرمات ابن تيمية |
فصل في كل من تاب من أي ذنب كان فإن الله يتوب عليه ← |
سئل الشيخ عن رجل مدمن على المحرمات
سئل الشيخ رحمه الله عن رجل مدمن على المحرمات، وهو مواظب على الصلوات الخمس، ويصلي على محمد مائة مرة كل يوم، ويقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، كل يوم مائة مرة، فهل يُكَفَّر ذلك بالصلاة والاستغفار؟
فأجاب:
قال الله تعالى: { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [1]، فمن كان مؤمنا وعمل عملا صالحًا لوجه الله تعالى، فإن الله لايظلمه، بل يثيبه عليه.
وأما ما يفعله من المحرم اليسير فيستحق عليه العقوبة، ويرجى له من الله التوبة. كما قال الله تعالى: { وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [2]، وإن مات ولم يتب فهذا أمره إلى الله. هو أعلم بمقدار حسناته وسيئاته. لا يشهد له بجنة ولا نار، بخلاف الخوارج والمعتزلة فإنهم يقولون: إنه من فعل كبيرة أحبطت جميع حسناته، وأهل السنة والجماعة لا يقولون بهذا الإحباط، بل أهل الكبائر معهم حسنات وسيئات، وأمرهم إلى الله تعالى.
وقوله تعالى: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } [3] أي من اتقاه في ذلك العمل، بأن يكون عملا صالحًا خالًصا لوجه الله تعالى، وأن يكون موافقًا للسنة، كما قال تعالى: { فَمَن كَانَ يَرْجُو
لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [4]. وكان عمر بن الخطاب يقول في دعائه: اللهم اجعل عملي كله صالحًا واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا. وأهل الوعيد يقولون: لا يتقبل العمل إلا ممن اتقاه بترك جميع الكبائر. وهذا خلاف ما جاء به الكتاب والسنة في قصة حمار الذي كان يشرب الخمر، وقال النبي ﷺ: «إنه يحب الله ورسوله»، وكما في أحاديث الشفاعة، وإخراج أهل الكبائر من النار. حتى يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان. فقد قال الله تعالى: { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ } الآية [5].
ومع هذا فقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن». وقال: «من شرب الخمر في الدنيا، ولم يتب منها حرمها في الآخرة»، وقال: "لعن الله الخمر، وعاصرها ومعتصرها، وبائعها، ومشتريها، وحاملها، والمحمولة إليه، وشاربها، وساقيها، وآكل ثمنها».
هامش