مجلة المقتبس/العدد 95/قوائم المكاتب العربية
→ الشاعر | مجلة المقتبس - العدد 95 قوائم المكاتب العربية [[مؤلف:|]] |
فوات نهج البلاغة ← |
بتاريخ: 1 - 12 - 1914 |
انتبه الإنسان حينما بدأ يجمع الكتب منذ القديم إلى وضع قوائم أو فهارس أو برنامجات لتعريف الكتب بأسمائها وموضوعاتها وأسماء مؤلفيها ومختصر تراجمهم ووصفها وما يتعلق بذلك من الشؤون اللازمة لتميزها وتعريفها. ولقد وضعت الفهارس المشهورة في مجلدات كثيرة ضخمة الجوانح الطبيعية فنالها ما نال غيرها من الكتب من السبي والنهب والحرق والإغراق في المياه والتمزيق ونحو ذلك ففقدت تلك الفهارس أو القوائم وفقد معها تعريف المكاتب ومحتوياتها مثل مكاتب العجم والعرب في العراق والشام ومكاتب مصر والمغرب والأندلس فاحتجنا إلى الطواف في البلدان والتقصي في البحث لنقف على شيء منها وهي أعز من الكبريت الأحمر لكن المطابع أظهرت لنا بعضها ومن أقدم القوائم ما وضع يمكاتب العباسيين في زمن الرشيد وولده المأمون كما يستفاد من كتاب (الفهرست) لابن النديم إذ أنه أعتمد على مثل هذه القوائم في وضع كتابه وهكذا نشأ فن وصف المؤلفات والمؤلفين بحسب كلف الأدباء بالمطالعة واقتناء الخزائن ومن أهم هذه المؤلفات في وصف الكتب ما وضع قبل عصر النهضة الحديثة وهو:
1 فهرست ابن النديم وهو المتوفى سنة 235هـ (849م) ويعرف بقمطر الكتب ولا تزال نسخه الكاملة نادرة حتى أن نصفه في مكتبة فينا (النمسا) والنصف الثاني في مكتبة الأمة في باريس (فرنسا) والظاهر أنه أول كتاب من نوعه أفرد لوصف الكتب وهو مجموع قوائم المكاتب التي عرفت في أيامه والكتب التي كانت موفودة لذلك العهد. وقلما نجد له ذكراً في الكتب التي بين أيدينا لقلة نسخه
2 فهرست ابن النديم لمؤلفه أبي الفرج محمد بن اسحق بن يعقوب النديم البغدادي الورّاق المتوفى نحو سنة 385هـ (995م) وقد بدأ بطبعه المستشرق الشهير فوسطاف فنرغل المتوفى سنة 1870م مع ملاحظات وتحقيقات فأعجلته المنية عن إتمامه فأنجزه بعده هرمان رودريغر وأوغست ملّو فطبع الكتاب سنة 1870م بالعربية في مدينة ليبسيك في 360 صفحة بقطع نصف كبير والحق به جزء ضخم في 279 صفحة ضمن التفاسير والتعاليق والاستدراكات بالعربية والنمسوية مختوماً بفهارس للإعلام طبع سنة 1872م وقد استدرك أحد المستشرقين على هذه الطبعة أول المقالة الخامسة صفحة 172 فنشرها في مجلة ألمانية سنة 1889م وهذا الفهرست هو من أهم وأقدم القوائم التي تعرف والعلوم وتشير إلى موضوعاتها أحياناً وعليه يعتمد دارسو آداب اللغة والمولعون بمعرفة المؤلفات والمؤلفين. وفي هذه الطبعة نواقص أشير إليها بأصفار من مثل اسماء الأعلام والكتب وسني الولادة والوفاة ونحو ذلك مما أفردت له مقالة خاصة.
3طبقات الأمم لأبي قاسم صاعد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن صاعد التغلبي القرطبي قاضي طليطلة في الأندلس المتوفى سنة462هـ (1069م) بدأ فيه بتعريف العلوم عند الأمم كالهند والفرس والكلدان واليونان والروم والمصريين والعرب وبني إسرائيل وذكر المؤلفين فيها وكتبهم وأطال عن العرب في العراق والشام ومصر والأندلس بلاد المؤلف وقد نشر في مجلة الشرق (566: 14 فصاعداً) وطبع بكتاب على حدة.
4 فهرست الكتب والتآليف لأبي بكر محمد بن حير بن خليفة الأشبيلي الأندلسي من علماء القرن السادس للهجرة. وصف فيه 1400 كتاب في كل علم مع أسانيدها ما رواه عن شيوخه في العلوم والمعارف. طبع هذا الفهرست أولاً ملحقاً لكشف الظنون في ليبيسك من سنة 1835 - 1858م ثم نشرته مجلة أسبانية بعناية فرنسيس كوديرا سنة1894م في مدينة كازيروكوسته.
5القصيدة اليائية في أسامي الكتب العلمية - لشرف الدين محمد بن عمر القدسي الكاتب المتوفى سنة 712هـ (1312م) ذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه (الدرر الكامنة) بقوله وما رأيت من ألف فيه شيئاً غيره وقد عرفت حال النظم وضيقه عن استيعابه كما ينبغيفيكون أول قوائم الكتب الشعرية.
6 إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد - لأبي الجود شمس الدين محمد بن ابراهيم بن ساعد الأنصاري المعروف بابن الأكفاني السنجاري الأصل المصري المتوفى سنة 749هـ (1348م) ومداره على وصف العلوم وأهم الكتب المؤلفة فيها طبع في مصر سنة 1318هـ (1900م) وفي بيروت بعناية الشيخ طاهر الجزائري سنة 1904م في 148صفحة. ومنه نسخ كثيرة مخطوطة في المكاتب وفي مكتبة منشئ هذه المقالة نسخة منه متقنة مضبوطة قديمة.
7 فهرست السيوطي - وهو جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن كمال الدين بن محمد الخضيري السيوطي المشهور بمؤلفاته الكثيرة في العلوم والفنون نشر (فهرسته) في كشف الظنون أيضاً طبع ليبسيك كما مر آنفاً وتوفي السيوطي هذا سنة 911هـ (1505م).
8 فهرست ابن خليل السكوني - ذكره المقري في نفح الطيب (499: 2) أنه روى ما حرفيته:
شاهدت بجامع العديس بأشبيلية ربعة مصحف في أسفار ينحى بها نحو خطوط الكوفة إلا انه أحسن خطاً وأبينه وأبرهه وأتقنه. فقال له الشيخ الأستاذ أبو الحسين ابن الطفيل بن عظيمة هذا خط ابن مقلة. . . . . . ثم قسنا حروفه بالضابط فوجدنا أنواعها تتماثل في القدر والوضع فالألفات على قدر واحد واللامات كذلك والكافات والواوات وغيرها بهذه النسبة انتهى فيستدل من هذا الوصف أن فهرست السكوني في الكتب لأنه وصف المصحف وصف الخازن أو الفهرسيّ.
9 مفتاح السعادة ومصباح السيادة - لعصام الدين أبي الخير أحمد بن المولى مصلح الدين مصطفى بن خليل الملقب بطاش كبري زاده المتوفى سنة 968هـ (1560م) وقد طبع منه جزآن في الهند والجزء الثالث لا يزال مخطوطاً وهو في تعريف العلوم ثم ذكر المؤلفين وما ألفوه مما أفردت لوصفه مقالة خاصة في مجلة المقتبس هذه وهو يقع في نحو ألف صفحة مطبوعة مرتب على العلوم.
10 كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون - لمصطفى بن عبد الله كاتب حليي المعروف بالحاج خليفة (حاجي خليفة) المتوفى سنة 1068هـ (1657م) وهو مرتب على حروف المعجم مع مقدمات في العلوم بحسب الحروف التي تقع فيها وقد امتاز عما قبله من القوائم بنقل شيء من مضامين الكتب أو تعريف موضوعاتها وقد طبع مراراً في أوروبا والأستانة ومصر وهاتان الطبعتان في جزأين كبيرين بقطع نصف كبير. وأضبط طبعاته الأوروبية في سبعة مجلدات وعليها ذيل مفيد في مكاتب الأيام المتأخرة وعدد مجلداتها كما أشرت إلى ذلك في مقالة خاصة.
11كشف الظنون في أسماء الشروح والمتون - لكمال الدين محمد بن مصطفى بن كمال الدين بن علي البكري الصديقي الحنفي العزي المتوفى سنة 1096هـ (1684م) وقد جمع فيه أسماء الكتب على طريقة غريبة. ولم نعلم بوجوده فلعله مفقود.
12 المكتبة الشرقية - ومن أمهات هذه الفهارس المفيدة المكتبة الشرقية ليوسف السمعاني اللبناني المتوفى سنة 1767م (1181هـ) وهي باللاتينية وصف فيها المخطوطات القديمة بالعربية والسريانية مترجماً مؤلفيها في 12 مجلداً طبع أربعة منها فقط من سنة 1719 - 1730 في رومية والأجزاء الثمانية منها مخطوطة.
13 قائمة المخطوطات الشرقية في المكتبة النانية - للسمعاني الآنف الذكر وصف فيها ما في هذه المكتبة من المخطوطات باللغات الشرقية ولاسيما العربية.
14 ذيل كشف الطنون في أسماء الكتب والالحاقات - لإبراهيم بن علي الحنفي الرومي رئيس طائفة الجند المعروفين بالحوذيين (العربجية) في الدولة العثمانية توفي سنة 1189هـ (1775م) كما في سلك الدرر للمرادي (14: 1) ولا نعلم من أمره شيئاً ولعله في مكاتب الأستانة أو في بعض مكاتب الخاصة. وهو ذيل على (كشف الظنون) للحاج خليفة السابق وصفه. ولو وجده فلوغل لإضافه إلى الذيول التي ألحقها بطبعته للكشف البالغة منتهى التحقيق والتوسع لأنه أضاف إلى ذلك ذيول كثيرة مثل (آثارنوا) لأحمد حافظ زاده المتوفى سنة 1180هـ وفيه أهم الكتب التركية والفارسية التي عرفت بعد الكشف. وغيره مما أفردت له مقالة خاصة مطولة في وصفه ووصف فهرست ابن النديم.
15 فهرست مخطوطات الفاتيكان العربية - وهو قائمة المكتبة المشهورة في ملانية رومية ألفه المطران اصطفان عواد اللبناني المتوفى سنة 1782م (1197هـ) بمساعدة خاله السمعاني قيم المكتبة الفاتيكانية الآنف الذكر. وطبعه في ثلاثة مجلدات الكردينال ماي خلخ السمعاني في نظارة المكتبة المذكورة. ثم طبع فهرس الكتب التي دخلت المكتبة بعد ذلك بكتاب آخر ألحق بالأول.
16 فهرست مخطوطات كيجي العربية - وضعه المطران عواد المذكور لوصف مخطوطات هذه المكتبة في رومية أيضاً.
17 فهرست الكتب الشرقية في المكتبة المديسية - وهذه المكتبة هي فلورنسة (ايطاليا) وضع فهرسها المطران عواد أيضاً واصفاً فيه 537 كتاباً مترجماً معطم مؤلفيها وناقلاً بعض مضامينها مع حواش وتعاليق مفيدة.
18فهرست مخطوطات الإسكوريال العربية - وهو برنامج وضعه الخوري مخايل العزيزي الطرابلسي لما استقدمه ملك اسبانيا سنة 1748م لتنظيم مكتبة الاسكوريال في مدريد (اسبانيا) التي يسميها العرب مجريط وتوفي سنة 1791م (1206هـ) وقد طبع هذا البرنامج في مجلدين بقطع نصف باللغتين اللاتينية والعربية من سنة 1761 - 1770م بمساعدة بولس خضر الماروني. هذا إلى غير ذلك من الفهارس الأخرى التي لا تزال مخطوطة أو مجهولة أو فقدت أو نقلت إلى المكاتب الأخرى وأغفل أمرها.
وعلى الجملة فإن القدماء اعتنوا بفهارس الكتب التي حفلت بها مكاتبهم فرتبوها في رفوف وخزائن حسب مواضيعها أو على حروف المعجم ووضعوا عليها أرقاماً (نمراً) ربطوها في القوائم بها لزيادة الضبط.
وقد يعرفّون المؤلفات والمؤلفين أحياناً بما يزيل الإبهام أو يكاد لتوارد الخواطر في التسمية وتغيير أسماء المصنفات بحسب الدواعي حتى أن بعض الكتب لها أكثر من أسمين مختلفين وكذلك يقال في المؤلفين وتراجمهم.
وقد يطيلون في البحث عن أشياء ليست من أغراض مؤلفي القوائم فيذهبون بالمطالع بين سهول المباحث وحزونها. كما فعل ابن النديم في أبحاثه عن الصابنة وماني وخرافات القدماء مما ليس تحته كبير فائدة مثلما فاه في أبحاثه عن الفلسفة والفلاسفة ونقله الكتب فهي وإن كانت تتجاوز غرضه فتحتها فوائد جديرة بالمطالعة وكذلك فعل صاحب الكشف في بعض مواضيعه وقد يقتضبون الكلام عن المؤلفات كما فعل ابن النديم في معظمها بخلاف صاحب الكشف. وقد يعرّفونها بما يفي بحاجة الباحث مثل تعريف ابن النديم لكتاب (المنتهى في الكمال) صفحة 137 وذكر فهرست آخر صفحة 107 وقد يذكرون أثمان الكتب كما وقع لابن النديم في صفحتي 252و253 وغيرهما وصاحب الكشف (335: 1) من طبعة الأستانة وقلما يشيرون إلى الخزائن التي توجد فيها المؤلفات إلا في القليل كما فعل صاحب الكشف في بعض المواضع.
وكذلك يفعلون سني التأليف والنسخ وما على الكتب من الحواشي إلا ما يورده صاحب الكشف أحياناً.
وعلى الجملة فإن لهذه القوائم القديمة مزايا مفيدة ونواقص استدركها عليهم المعاصرون في ما وضعوه في قوائمهم المتقنة المعرفة للكتاب من حيث حجمه وقطعه وخطه وصفحاته وما في كل منها من الأسطر وعدد كلمات كل سطر وموضوع الكتاب ونقل شيء منه وذكر أقسامه وفصوله وما تبحث عنه في كل ذلك. ثم تعريف المؤلف ومختصر ترجمته وسنة وفاته وما اشتهر به ووضعه من المؤلفات الأخرى. والإشارة إلى ناسخ الكتاب وسنة نسخه ونوع خطه. ومعارضة النسخة بغيرها وذكر ثمنه وتجليده وورقه إلى ما يساوق هذه الأبحاث المفيدة المختومة بفهارس مختلفة لتسهيل المطالعة ويتيسر العثور على المطلوب بأقرب وقت. ومعرفة المؤلفات والمؤلفين من نظرة خفيفة. ما فيه اقتصاد وقتي ودقة نظر وصحة بحث. وفي قوائم المحدثين تدقيقات جديرة بالمطالعة كما سترى في مقالة أخرى خصصت بقوائمهم.
زحلة (جبل لبنان) -
عيسى اسكندر المعلوف