مجلة المقتبس/العدد 85/البلقان وحربها المشؤومة
→ التبدل المادي في الحياة السياسية | مجلة المقتبس - العدد 85 البلقان وحربها المشؤومة [[مؤلف:|]] |
السيد جمال الدين القاسمي ← |
بتاريخ: 1 - 2 - 1914 |
إذا ألقى المتأمل نظرة على مصوَّر قارة أوربا يجد في الجنوب الشرقي منها قطعة كبرى تحدها من الشمال النمسا وروسيا ومن الشرق البحر الأسود وبحر مرمرة وجزء من البحر الأبيض الرومي ومن الجنوب البحر الأبيض ومن الغرب البحر الأدرياتيكي وإذا كانت مجموعة هذه البلاد لا تتصل مع البر الآن إلا من جهة واحدة ساغ في عرف الجغرافيين أن يُقال لها شبه جزيرة كما يقال ذلك لجزيرة العرب. وهذه بلاد البلقان.
وتشتمل بلاد البلقان ومساحتها خمسمائة وسبعون ألف كيلو متر مربع على بلاد اليونان وبلغاريا والروم إيلي الشرقي والبوسنة والهرسك ورومانية والصرب والجبل الأسود والروم إيلي اوالأملاك العثمانية في أوربا وكانت سبع ولايات وهي الأستانة وأدرنة وسلانيك ومناستر وقوصوه وأشقودرة ويانية ولواء جتالجة المستقل وطول البلاد العثمانية الشرقي 1520 كيلو متراً أي من الأستانة إلى منتهى البوسنة وعرضها من بلغاريا إلى حدود ساحل بلاد اليونان 930 كيلو متراً ومساحتها السطحية 325. 766 كيلو متراً مربعاً وسكانها لا يقلون عن سبعة ملايين.
وكانت مساحة يونان منها قبل الحرب 65 ألف كيلو متراً مربع أي نحو ثلثي مساحة ولاية سوريا وسكانها نحو ثلاثة ملايين على الأكثر ومساحة رومانية 131 ألف كيلو متر مربع وسكانها ستة ملايين ومساحة بلغاريا 96. 660 وسكانها نحو خمسة ملايين ومساحة الصرب 48300 كيلو متر مربع وسكانها مليونان ونصف ومساحة الجبل الأسود 9080 كيلو متراً وسكانها 240 ألفاً والبوسنة والهرسك ونفوسهما أقل من مليونين ولا تكاد توجد بقعة واحدة من هذه البلاد يتكلم أهلها بلسان واحد ويدينون بمذهب واحد وغالبية السكان في البلاد المستقلة عن العثمانية هم من أصل صقلبي (سلافي).
تعد البلقان من البلاد الفقيرة القليلة الساكن وقد كانت منذ أواخر الإمبراطورية الرومانية ميداناً للقتل والقتال وأخلص العناصر منذ القديم للعثمانية الفلاخيون سكان رومانيا والأرناؤود سكان مقدونية ولطالما حاربوا في هذا السبيل وقد احتلت النمسا البوسنة والهرسك احتلالا عسكريا سنة1878 ثم أعلنت ضمها إليها عقيب إعلان الحكم العثماني في السلطنة العثمانية واستقلت الصرب عنا سنة1878 - 1882 والجبل الأسود سنة1878 واستقلت بلغاريا سنة 1878 - 81 - 85 - 1989 واستولت على الروم إيلي الشرقي سنة1886 واستقلت اليونان سنة1830 بعد أن حكمها العثمانيون نحو أربعة قرون وذلك بتدخل فرنسا وانكلترا وروسيا إذ ذاك وبعد تحطيم أسطولنا في وقعة نافارين سنة1827 وفي معاهدة برلين أصلحت التخوم اليونانية من جهة الشمال.
هذه هي البلاد التي نشبت فيها الحرب البلقانية الأخيرة وبينا كانت أنظار العثمانيين متجهة إلى إفريقية في الخريف الماضي (1330هـ - و1912م) ليروا ماذا يكون مصير طرابلس وبرقة أو ليبيا التي داهمت إيطاليا سواحلها بأساطيلها ورجالها واستولت عليها وأرادت أن تتوغل في داخلية البلاد فأخذ العرب من أهلها والنزر القليل من الحامية العثمانية فيها يناوشون العسكر الإيطالي القتال والعالم الإسلامي متأثر لهذا الاعتداء والعارفون موقنون بأن سهم القضاء نافذ في ذاك الإقليم العظيم لا محالة (المقتبس م6 ص672) أعلنت الحكومات البلقانية على العثمانية الحرب في الروم إيلي فقطع الجبل الأسود علائقه مع دولتنا في 8 تشرين الأول وعملت بلغاريا كذلك في 14 منه وفي17 أعلن الحرب علينا كل من حكومتي الصرب واليونان فأصبحت بلاد الروم إيلي محصورة من الشمال والجنوب ومن البر والبحر ولم يبق للحكومة العثمانية صلة بها إلا من الشرق فقطع البلغار هذا الطريق أيضا باستيلائهم على جسر مصطفى باشا وقرق كليسا ولولو برغاس ودده اغاج على ساحل البحر الأبيض واضطرت جيوشنا إلى التقهقر إلى حصون جتالجة من ضواحي الأستانة واستولى اليونان على يانيا وسلانيك والصرب على مناستر وقصوصوة والجبل الأسود على ايبك.
فلما رأى رجال الارناؤد أو الألبان هذه الانتصارات أبوا أن يقاتل قومهم ورأوا أن استقلالهم ببلادهم والتزامهم الحياد ريثما تنفرج الأزمة أسلم لهم فامتنعوا عن الاشتراك مع العثمانيين في قتال البلقانيين بل أن الجند من أبنائهم الذي كان مع جال حاميتنا ركن إلى الفرار في وقت واحد يحمل أسلحته وذخائره.
وكان من أثر ذلك فشل العثمانيين في الروم ايلي فشلا لم يصابوا بمثله في تاريخهم ولو عاون الألبان جيوش الدولة من الشمال بقتالهم الصرب والجبل الأسود ومن الجنوب بكف عادية اليونان لما وفق الحلفاء البلقانيون الأربعة إلى نزع خمس ولايات من أهم ولايات السلطنة في الروم ايلي.
انتهز الألبان هذه الفرصة وكان بعض المنورين من سكان جنوب ألبانيا يتناغون بالاستقلال سرا حتى أن حكم العثمانيين كان اسميا على معظم ألبانيا وأرباب الزعامة يتولون أمرها في الحقيقة فإنه منذ حارب اسكندر بك أحد قدماء زعمائهم جيوش الدولة أربعين سنة ما برحت الفتن تنشب بين الألبان والأتراك وآخرها عصيان لهم سببه استئثار علي باشا التبه دلتلي والي يانيا المتوفي سنة1822 ثم حرب سنة1830 فسنة1843 فسنة1879 فسنة1887.
يقول أحد من شهدوا الوقائع من الضباط أنه لما بدأت الحرب كان الأرناؤد يحاربون الأعداء باستبسال عظيم في برشتنة ومترويجة وايبك وغوسينة وبلاوة وأول معركة نشبت في بلاج وكانت قوة الأعداء هناك مؤلفة من فرقتين صربيتين وخمس بطاريات وقوتنا المقابلة لها طابوران من النظامي وطابوران من رديف الأرناؤد وهما من كيلان وبرشوة وبطارية واحدة سريعة الطلق وقد برهن هؤلاء الجنود على شجاعة واستبسال يعليان شرف العثمانية لأنهم ثبتوا أياما أمام قوة بلغ عددها أربعة أمثال عددهم حتى فني جنود طابوري كيلان وبرشوة عن آخرهم وعسكر الأرناؤد الذين يؤلف منهم طابور كيلان كان عددهم ألف وخمسمائة جندي لم يبق منهم غير خمسة عشر جنديا انقطع عنهم المدد ومع ذلك لم يحولوا وجوههم عن مقابلة الأعداء وحاربوا الصرب إلى أن فنوا عن آخرهم وظلوا في أيانيا واشقودرة يدافعون عن الراية العثمانية حتى الرمق الأخير.
كانت حجة البلقانيين في هذه الحرب إصلاح حال إخوانهم في مكدونية وتراكيا من البلغار والصرب واليونان ورفع المظالم والمغارم عنهم.
وشعر الكنت برختولد وزير النمسا والمجر بما تم من اتحاد هذه الحكومات الأربع على العثمانية فنصح للدولة قبل الحرب بستة أشهر أن تبادر بمنح اللامركزية الإدارية للروم ايلي لئلا تكون حجة لحكومات البلقان وبنا كانت الحكومة العثمانية تفكر في إعطاء ما يشبه هذه الصورة في الحكم للولايات العثمانية جمعاء انقض البلقانيون على بلادنا الروملية واستباحوا حماها واستصفوها وعبثا قاتل جنودنا في الذب عن ذمارهم حتى إن أدرنة التي قاومت البلغار والصرب أشهرا لمناعة حصونها عادت فسقطت في أيدي البلغاريين وكل محصور مأخوذ.
نسي الصربيون واليونان والبلغار ما كان بينهم من الأحقاد القديمة التي يرد عهدها إلى الدولة البيزنطية ولطالما كان يلقى الشقاق بينهم وكذلك تفعل النمسا مخافة أن تتحد كلمتهم علينا ومن لا يذكر أن البلغاريين والصربيين تقاتلوا قتالا شديدا سنة 1885 وأن الأحقاد والثارات كانت دائمة متبادلة بين البلغار واليونان في مكدونيا والاختلاف بين الصرب والجبل الأسود كل يوم في شأن ولطالما كان البلغاريون والصربيون على الحياد عندما يحارب العثمانيون اليونانيون. من يذكر هذا يستعظم تحالفهم الذي تم على يد فرديناند ملك بلغاريا وباشيش وزير الصرب وفنزيلوس وزير اليونانية وكانت بلغاريا منذ سنة1907 والصرب منذ سنة1908 عام ضمت النمسا ولايتي البوسنة والهرسك نهائيا إلى ملكها واليونان منذ سنة1909 تبالغ في ابتياع الأسلحة والبارود والذخائر مبالغة لم تعهد.
بينا كان البلقانيون يعدون كل ذلك كانت الحكومة العثمانية مستغرقة بالفتن الداخلية كاليمن وألبانيا وحوران والكرك أولا ومسألة طرابلس الغرب مؤخرا وضباط الجيش إلا قليلا يتركون تمرين الأجناد ويصرفون أوقاتهم في الأندية السياسية فصادف أن الطابور المؤلف من ثمانمائة جندي ليس فيه أكثر من خمسة ضباط يقضون أكثر أوقاتهم في غير وظائفهم على حين كان فيه قبل أن تجري الحكومة تقاعد كثير من قدماء ضباط الجيش نحو ثمانية عشر ضابطا مدربا في الجملة ومن أسباب الفشل قلة الطعام والبرد القارس وبعد البلاد عنا وانقطاع مواصلاتها باستيلاء العدو على الخطوط الحديدية وأهم المراكز الحصينة كما صرح بذلك أحد كبار رجال الجندية في الدولة والسبب الرئيسي في الحقيقة وأن جنديا في الغالب لا يعرف السبب الذي يقاتل من أجله والجند الصربي والبلغاري واليوناني والجبلي متعلم مستنير بفهم معنى الوطنية في الجملة ومن لم يفهمها منهم يأتيه رجال الدين فيلقون في روعه ذروا من الحماسة الدينية فيستميت في القتال.
نعم كان لدعاة الدين في تراكيا ومكدونية يد طولى في بث الدعوة السياسية كما أن كهنة الطليان بثوا دعوتهم في بعض الولايات المتاخمة لبلادهم من بلاد الأرناؤد وسعى مثل هذا السعي البلغار والصرب فجاءوا من طريق التعليم كما هي عادة الفاتحين من الغربيين اليوم يرسلون المعلمين مبشرين ومنذرين أولا ثم يبعثون بالبعوث ويكتبون الكتائب. وكان لاستقلال بطريرك اليونان عن بطريرك القسطنطينية وبطريرك البلغار عنه أيضا دخل كبير في نشر كلمة الاختلاف وتقوية البغض للدولة العلية ولذا كانت حالة المسلمين في بلاد رومانيا والبوسنة والهرسك أقرب إلى الراحة منها في بلاد البلغار واليونان والصرب الذين ينام أهلها ويستيقظون في كراهة العثمانيين منذ القديم.
صرفت الدولة نحو خمسين سنة في فتح الروم ايلي وحكمته نحو خمسمائة سنة ومع هذا لم توفق في نشراتها ولا دينها على ما يجب وظل الألباني على ألبانيته والبوشناقي على بوشناقيته والبلغاري على بلغاريته والصربي على صربيته واليوناني على يونانيته والروماني على رومانيته وكل شعب يعتصم في جباله وقيعانه وينازع الحكومة السلطة وهذا هو عين الغلط في الاستيلاء على بلاد والاكتفاء منها بالخضوع الظاهري وعدم السعي في تمدينها وتعليمها التعليم النافع ولطالما كانت بلاد البلقان ميدانا للقتل والقتال تباع فيها الأرواح كما تباع السماح وأن سهل قوصوة على حدود بلغاريا والصرب والبوسنة ليجأر إلى السماء شاكيا من الدماء التي طالت فيه مرتين بين العثمانيين والبلقانيين ولطالما كانت أسوار بلغراد وفينا واقية لأواسط قارة أوربا من هجمات المهاجمين من العثمانيين.
نشبت الحرب بين الجيوش العثمانية وجيوش الحكومات المتحالفة في 17 تشرين الأول 1912 وعقد الصلح في 29 أيلول 1913 وهلك في الوقائع من الطرفين عشرات الألوف وأنفقوا من الأموال مئات الألوف من الدنانير وقدر بعض الإحصائيين أن ما خسرته العثمانية من جيشها يبلغ نحو مئة ألف بين قتيل وجريح وأنفقت ثمن ذخائر ومعدات وغيرها نحو ثمانين مليون جنيه وأن بلغاريا فقدت م جيشها 140 ألف بين قتيل وجريح و90 مليون من الجنيهات والصرب70 ألفا من النفوس و50 مليونا من الجنيهات واليونان30 ألفا و25 مليونا والجبل الأسود ثمانية آلاف نفس ومليون جنيه ولا يدخل في هذا الإحصاء ما فقده السكان في البلاد التي كانت ميدان الوغى حولا من الزمن وقد قام البلغار بفظائع مع أهل تركيا ومكدونية من المسلمين واليونان اشمأزت منها الإنسانية والمدنية وذلك عندما تراجعت صفوفها يوم أرادت عقيب النجاح الباهر الذي صادفته في الحرب الأولى عندما كانت تحارب العثمانيين من جهة ويحاربهم من أخرى اليونان والصرب والجبل الأسود ولما طمعت في الاستئثار بالغنيمة أو بأطايبها عادت حليفاتها فأنفقت عليها مع رومانيا واصلتها حربا عوانا سلبتها به قسما من البلاد التي كانت كانت لها واستعاد العثمانيون منها مدينة أدرنة وكان باسترجاع العثمانيين لهذه الحاضرة وقرق كليسا أن ربحوا أرضا واسعة لا يقل عرضها عن45 كيلو مترا ولا يقل طولها عن120 كيلو مترا وأهم من ذلك امتلاك الخط الحديدي من أدرنة إلى ديموتقة وإبعاد الحدود عن العاصمة واستبقاء بعض المواقع الحصينة في يد الدولة ولا يكلفها تحصينها كثيراً.
ولكن خرج معظم المسلمين في الروم ايلي من الحكم العثماني وانتقلوا إلى الحكومات الأخرى البلقانية وكان ند الصرب كمية من المسلمين حوالي نيش وعند اليونان حفنة من إقليم تساليا وعند رومانيا في إقليم دوبريجه فأخذت رومانيا من بلغاريا في حربها الأخيرة على ما ورد في معاهدة بكرش بين البلقانيين كمية وافرة من المسلمين البلغاريين فاجتمعت لرومانيا كتلة عظيمة من المسلمين في بقعة واحدة.
وقسمت بعض الصحف الإنكليزية الخطيرة عناصر سكان الولايات الخمس التي خرجت عن الحكم العثماني وأديان أهلها كما يلي:
(1) ولاية قوصوة: عدد سكانها 908915 منهم 89350 مسلماً تركياً و13680 مسلماً بلغارياً و251800 أرثوذكسي بلغاري و112870 أرثوذكسياً صربياً و150 أرثوذكسياً يونانياً و910 أرثوذكس رومان و418250 مسلماً ألبانياً و21905 لاتينياً يهودياً.
(2) ولاية أشقودرة: عدد سكانها 322000 منهم 12000 مسلماً تركياً و80000 مسلم ألباني و40000 مسلم صربي و140000 كاثوليكي ألباني و30000 أرثوذكسي صربي و10000 أرثوذكسي روماني و10000 إسرائيلي.
(3) ولاية يانيا: عدد سكانها641000 منهم180000 مسلم ألباني و110000 أرثوذكسي ألباني و120000 أرثوذكسي بلغاري و110000 أرثوذكسي يوناني و180000 أرثوذكسي روماني و110000 كاثوليكي ألباني و13000 يهودي.
(4) ولاية مناستر: عدد سكانها 846000 منهم111500 مسلماً تركياً و25900 مسلم بلغاري و218650 مسلم ألباني و330800 أرثوذكسي بلغاري و61930 أرثوذكسياً يونانياً و24700 من أديان مختلفة.
(5) ولاية سلانيك: عدد سكانها 116539 منهم333440 مسلما تركيا و98590 مسلما بلغاريا و446050 أرثوذكسيا بلغاريا و168500 أرثوذكسيا يونانيا و24970 أرثوذكسيا رومانيا و55320 يهوديا و38580 من أديان منوعة.
وهذا الإحصاء قبل الحرب أو في خلالها ولكن الحرب حصدت كثيرا من السكان وشتت شمل الآخر ولاسيما من المسلمين الأتراك ويؤخذ من أحداث الإحصائيات التي نشرت عن تصفية حساب حروب البلقان في السنتين الماضيتين أن اليونان نالت النصيب الأكبر من الغنيمة وتلتها في ذلك الصرب فبلغاريا فرومانيا فالجبل الأسود فقد كانت مساحة اليونان قبل الحرب64657 كيلو متر مربعا وعدد سكانها2732952 نفسا فربحت في التصفية النهائية أملاكا مساحتها56611 كيلو مترا مربعا وسكانها1620000 نفس فصارت مساحتها كلها الآن121268 كيلو مترا مربعا وعدد سكانها4352952 نفساٍ.
وكانت مساحة الصرب قبل الحرب48303 كيلو مترا مربعا وعدد سكانها2957207 أنفس فربحت في التصفية النهائية أملاكا مساحتها39047 كيلو مترا مربعا وسكانها1210000 نفس فصارت مساحتها كلها الآن87350 كيلو مترا مربعا وسكانها4167207.
أما بلغاريا فكانت مساحتها قبل الحرب 96345 كيلو متراً مربعاً وسكانها 4329108 أنفس فخسرت في التصفية النهائية أملاكا مساحتها 7525 كيلو متراً مربعاً وسكانها 285757 نفسا وربحت أملاكا مساحتها 26257 كيلو متر مربعاً وسكانها 709646 نفساً فصارت مساحتها كلها الآن112077 كيلو متراً مربعاً وسكانها 4752997 نفساً.
وكانت مساحة رومانيا قبل الحرب 131353 كيلو متراً مربعاً وسكانها 7248061 نفسا فربحت في التصفية النهائية أملاكا من بلغاريا مساحتها 7525 كيلو متراً مربعاً وعدد سكانها 285757 نفسا فصارت مساحتها الآن 138878 كيلو مترا مربعا وعدد سكانها 7533818 نفساً.
وكانت مساحة الجبل الأسود قبل الحرب 9080 كيلو مترا مربعا وسكانه285 ألف نفس فربح في التصفية النهائية أملاكا مساحتها 5876 كيلو متراً مربعاً وسكانها230 ألف نفس فصارت مساحته الآن 14956 كيلو متراً مربعاً وسكانه 515 ألف نفس.
وتبلغ مساحة ألبانيا المستقلة الآن 32 ألف كيلو مترا مربعا وعدد سكانها 880 ألف نفس.
الدولية العلية - كانت مساحة أملاك الدولة العلية في أوربا قبل الحرب 185160 كيلو متراً مربعاً وسكانها 6997646 نفساً فبقي لها منها بعد الحرب الأولى بموجب معاهدة لندن 9168 كيلو متراً مربعاً سكانها 1623000 نفس ولكنها عادت فاستردت في الحب الثانية أملاكا مساحتها 16201 كيلو متراً مربعاً وسكانها 725000 نفس فصارت مساحتها الآن 25369 كيلو متراً مربعاً وسكانها 2348000 ألف نفس.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية في الأملاك التي ربحتها كل مملكة من ممالك البلقان كالتالي: 631366 فدانا في بلغاريا و6919080 فدانا في اليونان و494220 فداناً في الجبل الأسود و1593859 فداناً في رومانيا و3706650 فداناً في صربيا و3835760 فدانا في العثمانية.
ولكن جملة الأراضي الزراعية التي كانت في بلغاريا الأصلية وما أضيف إليها من الأراضي الزراعية في الأملاك التي ربحتها في الحرب نقصت نحو760 ألف فدان عما كانت عليه أولا وذلك لأن الأملاك التي اقتطعتها منها رومانيا كلها أراض زراعية والأملاك التي ربحتها هي في الحرب معظمها أراض بور.
على أن عدد السكان في تلك الأملاك لا يثبت على ما ذكرناه آنفاً لأن كثيرين من البلغاريين في مكدونيا الصربية واليونانية هجروا أوطانهم إلى الأملاك البلغارية في تركيا وبلغاريا نفسها ولا يزالون يهاجرونها إلى الآن وسيستمرون على ذلك في المستقبل أيضاً على ما يظهر. وكذلك اليونانيين الذين في الأملاك الثمانية في تراكيا فإنهم يهاجرونها إلى الأملاك اليونانية الجديدة. والمسلمون في الأملاك الصربية واليونانية في مكدونيا فغنهم يهاجرونها إلى الأناضول. فلا يلبث والحالة هذه أن يحصل تغيير كبير في عدد سكان تلك الأملاك فينقص في بعضها ويزيد في بعضها الآخر، والمظنون أن معظم الزيادة سيقع في الأملاك البلغارية لكثرة البلغاريين الذين يهاجرون إليها من الأملاك المصرية واليونانية في مكدونيا.
أما الأموال التي أنفقتها بلغاريا على حربها مع الدولة العلية أولاً ومع حليفاتها ثانياً فقد قدرها أحد أساتذة جامعة صوفيا كالتالي 12400000 جنيه اعتمادات أصلية وستة ملايين جنيه تجهيزات ومليون جنيهاً عجز في الإيرادات بسبب الحرب وستة ملايين جنيه لأجل مون وأجرة نقل و7200000 جنيه لأجل سكك حديد حربية وشؤون أخرى تختص بالتحصين و16 مليون جنيه رأس مال لرواتب الجنود الذين أصيبوا في الحرب بعاهات أقعدتهم عن العمل وتحصيل رواتبهم و60 مليون جنيه ثمن الأراضي التي اضطرت بلغاريا أن تتنازل عنها لرومانيا وجملة ذلك 109600000 جنيه.
رأى القارئ مما سلف أن مساحة البلاد التي استقلت وسميت ألبانيا قد بلغت 32 ألف كيلو متر مربع ولا يبلغ سكانها أكثر من880 ألفا ولا تزال الفتن قائمة على ساق وقدم بين الأرناؤود واليونان يريد الأولون أن يستخلصوا من مقاطعة أبيروس من بقي من أبناء عنصرهم وإلى كتابة هذه السطور لم يتم شيء بين الفريقين وغاية ما جرى أن أوربا عينت لألبانيا حاكما مسيحيا هو الأمير فيد من أصل ألماني وأهم البلدان التي وقعت في حصة ألبانيا الحديثة هي دراج وايلبصان وأشقوردة وتيران وأولونية وبرات واركري وكوريجة وياقوة وبرزرين.
إن الجزر العثمانية التي استولت عليها إيطاليا واليونان خلال الحرب الطرابلسية والبلقانية فلا يزال أمرها مجهولا والمفاوضة دائرة بشأنها والغالب أننا نستعيد بعضها خصوصا ما كان بيد إيطاليا فإن المعاهدة التي جرت بينها وبين الدولة العثمانية على طرابلس وبرقة تقضي بجلاء الطليان عن هذه الجزر وربما تستريح البلاد التي أخذتها من الفتن وتستدعي العثمانية آخر من لها من الجند والمقاتلة هناك وكذلك الجزر التي وقعت في قبضة اليونان فإنه يرد علينا منها ما كان ضروريا للدفاع عن شواطئنا ولاسيما عن خليج الأستانة.
هذه بلاد البلقان وسكانها وأديانها وحربها والباعث إليها ونتيجتها استندنا في كتابتها على مصادر كثيرة ليرجع إليها عند الحاجة وتفيد في التاريخ الحديث فإن حربها الشؤمة الأخيرة من أفظع ما عهد من الحروب الحديثة التي تخرب العامر والغامر وتضر بالمغلوب والغالب بما تجلب من الولايات على الأسرات فيتراجع العمران ويقل نسل الإنسان.