الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 76/نخبة الدهر في عجائب البر والبحر

مجلة المقتبس/العدد 76/نخبة الدهر في عجائب البر والبحر

مجلة المقتبس - العدد 76
نخبة الدهر في عجائب البر والبحر
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 1 - 6 - 1912


كثير من كتبنا كادت تفقد بتة لو لم يتداركها الإفرنج بابتياعها منا أولاً وينشرها بالطبع ثانياً ومن جملة هذه المخطوطات هذا الكتاب لشمس الدين أبي عبد الله محمد ابن أبي طالب الأنصاري الصوفي الدمشقي المعروف بشيخ الربوة. فبينا نجد منة نسخ هذا التأليف أربع نسخ في شمال أوربا فقط الأولى في كوبنهاغ والثانية في ليدن والثالثة في بطرسبرغ والرابعة في لندن وفي هذه عدة نسخ منه لا نجد من هذا الكتاب الذي ألف في دمشق بل ولا في سورية نسخة مخطوطة فيما نعلم حتى تداركه المستشرق فرين الروسي والمستشرق مهرن الدانيمركي وطبعاه سنة 1865م 1386هـ ونسخة طبعه اليوم غزيرة جداً كسائر الكتب العربية التي يطبعها المستشرقون الأوربيون لمنفعتهم الخاصة في الأكثر.

وشيخ الربوة هذا كان من أعجيب الدهر معاصراً لأبي الفدا صاحب حماة العلامة المشهور قال فيه صاحب الدرر الكامنة أنه كان يصنف من كل علم سواءٌ عرفه أم لا لفرط ذكائه. قال الصفدي ولد سنة 645 وعانى الأشغال فمهر في علم الرمل والأوفاق ونحو ذلك وكان ذكياً وعبارته حلوة ما تمل محاضرته وكان يدعي أنه يعرف الكيمياءَ ودخل عَلَى الأفرم فأوهمه شيئاً من ذلك فولاه مشيخة الربوة وله السياسة في الفراسة مطبوع وله غيره مثل كتاب في الأصول ومن شعره:

للنفس وجهان لا تنفك قابلة ... مما تقابل من عال ومستفل

كنحلة طرفاها في مقابلة ... فيها من اللسع ما فيها من العسل

توفي في صفد سنة 727 بعد أن لحقه صمم قبل موته وذهبت عينه الواحدة وكان صبوراً عَلَى الفقر والوحدة كثير الآلام والأوجاع وكتابه هذا في العلم بهيئة الأرض وأقاليمها وتقاسيمها واختلاف القدماء في ذلك وعلاماتها ومعمورها من البحار المتصلة والمنفصلة والجزائر والجبال والأنهار والجرارات والآجام العظيمة والعيون والممالك ومسالكها والأمصار للكبار ورساتيقها والآثار القديمة والعمائر العظيمة والعيون والآبار والينابيع العجيبة والحيوان النادر الشكل والنبات الغريب والمعادن الذائبة المتطرقة وتوابعها في المعدنية والأحجار الشريفة الثمينة والتي تليها في الشرف والقيمة والتي تلي ذلك مما هو ممتاز من التراب لوصف خاص أو خاصة ذاتها ووصف ألوان الأحجار الثمينة وطبائعها وخواصها ونعت بقاعها ومعادنها وذكر أسباب توليدها عَلَى ما ذكره الأقدمون وذكر مس الأرض ومسافات أقسامها بالساعات والأميال والبرد والفراسخ والدرج الفلكية وأطوال الجبال وعرضها ونعت الأمم المبثوثين فيها وذكر معالم أنسابهم وآبائهم الأولين وذكر عامة اختلاف الأمم المشهورين منهم ونعت خلقهم وذكر كخصائص البلاد المختصة ببقعة دون بقعة وبلد دون بلد وذكر ظاهر خصائص البشر المشتركة فيها مع النوع الإنساني دون باقي الحيوانات ونعت معالم رسوم الملليين وأسماء شهورهم وأعيادهم وقرابينهم عَلَى ما وجد من آثار علومهم وما يتعلق بلوازم ذلك ولواحقه وختمته بصور جغرافية دهاناً بالأصباغ وتخطيطاً محرراً عَلَى مثل مواقع الأطوال والعروض والأصقاع في المعمور لتكون مثالاً حسياً مشاهداً بالحس يشهد منه ما وضعت وصفه من الهيئة وليكون الوصف برهاناً لما مثلت أمثلته بالجغرافية المذكورة وكل ما هو من الدهان بها أزرق فهو مثال بحر مالح صغر أو كبر دق أو عرض وفي الزرقة من لون مخالف فهو مثال جبل أو جزيرة وكل ما هو في ذلك وفي باقيها من لون أخضر فهو مثال بحيرة حلوة ونهر جار وكذلك طال أو قصر أو دق أو عرض وكل ما هو فيها لون جلناري أو خمري أو أصفر أو حجري أو أبيض أو غير مستطيل مخطط خطوطاً بالسواد فهو مثال جبال أو ربوة مشهورة وكل ما هو صورة خط أسود مستطيل من مشرق الجغرافية إلى مغربها فهو مثال فصل ما بين إقليم وإقليم من الأقاليم السبعة وما وراءها وما خلف خط الاستواء منها وكل ما صورة عمارة وتفصيل حجارة بالتخطيط فهو مثال سور أو برج أو مدينة أو هيكل مشهور في الأرض.

هذا ما ثقاله المؤلف في وصف كتابه وهو كما تراه يحوي غير فن الجغرافيا فنوناً كثيرة مثل علم طبقات الأرض وعلم المعادن وعلم خصائص الشعوب وعلم الإنسان وعلم الحيوان وعلم الأنساب والتاريخ والآثار وغير ذلك وقد أجاد كل الإجادة في وصف جغرافية بلاد الشام بحيث يصور لك حالتها في القرن السابع والثامن والغالب أنه طافها كلها ولم يقتصر في جغرافية مصر عن هذه الغاية. أما في بحثه عن الآثار فإنه في الغالب يتلقى كلامه عن الأفواه أو عمن ألفوا في القصص والحكايات ليدهشوا العامة وهنا يؤخذ كلامه بالحذر خصوصاً وكتابه قد وسمه بعجائب البر والبحر فهو يحشوه من هذا القبيل ومنها المفيد من ذلك.

أما في الجغرافية فقد وصف فيه بلاد السودان والزنج والبربر وغيرهم في أواسط أفريقية ما لم يطلع عليه علماء الجغرافية إلا في العهد الأخير وقد وصف من أمم جزائر البحر المحيط الهندي وما والاه من الأمم وأورد من أسمائهم ما لا يعرف الآن ولعله قد حرف بالطبع لأن طبع هذا الكتاب يغلب عليه التحريف في الأكثر أما في أوربا فقد ألم إلماماً خفيفاً ببعض مدن جنوبها أما شمالها فقد اكتفى عَلَى عادة أكثر جغرافيي العرب بان قال بأنه يسكنها أقوام من الإفرنج أما أميركا فلم تكن قد كشفت في عهده ولكن أجاد في الكلام عَلَى بحر الظلمات والأقيانوس الأطلانطيكي وما فيه من الجزر وعلى سواحله من المدن وبالجملة فإن الكتاب نافع يدل عَلَى ارتقاء ذاك القرن وفيه صور ولكن لا كالتي أشار إليها في مقدمته من الأصباغ الملونة والتفريق بين المدن والأصقاع بألوان متباينة ولكن ما فيه من الصور يدل عَلَى تفنن وإن قومنا العرب كانوا في أيام حضارتهم أشبه بحال الغربيين اليوم يميلون إلى تصوير المواد العلمية وإن كان الأوربيون مبالغين في ذلك حتى يكادون لا يصدرون كتاباً بدون صور.

وهاك الآن نموذجات ننقلها من الكتاب دلالة عَلَى فضل مؤلفه خلافاً لمن رماه بأنه يخلط في تأليفه فما منا إلا من رد ورد عليه وكفى المرء نبلاً أن تعد معايبه.

قاتل شيخ الربوة في ذكر توليد الجبال والهضاب والرمال والكلام عَلَى كيفية تكوين ذلك وعلته وسببه: قال العلماء بذلك أن الجبال الصغار والتلال قد تكون من الزلازل الكائنة من الرياح المحقونة في الأرض المتموجة تحتها حيث ترفع بعضاً وتخفض بعضاً ومن صحة ذلك أنه في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة كان المطر في الشام قليلاً وقصرت ينابيع العيون أرسل الله عز وجل زلزلة في أيام الصيف فخرجت العيون وزادت الأنهار زيادة بقدر ما كانت ثلاث مرار وأربع مرار وهذا صحيح وقد يكون باستيلاء الرياح العاصفة عَلَى بعض أجزاء الأرض بالكشف والحفر إلى أن يصير ما غلبت عليه صوراً ومن صحة ذلك أنه في سنة تشع عشرة وسبعمائة كان الجبل الأقرع شجر زيتون كثير نيف عَلَى ثلاثمائة فحمله الريح إلى أرض بعيدة بترابه وكأنه لم يكن مخلوقاً إلا من تلك الأرض وكأنه لم يكن عَلَى الجبل شجر مزروع قط وفي تلك السنة أيضاً حملت الريح ديراً قال له دير سمعان قريب من تلك الأرض بحجارته ورهبانه وما كان في الدير من قمحهم وخزينهم وبقرهم ودوابهم وعددهم حتى كأنهم لم يكونوا ولم يعلم لهم خبر ولم يطالع لهم عَلَى أثر وسطر بذلك محضر شرعي وطلعوا به إلى السلطان محمد بن قلاوون خلد الله سلطانه ورحم ملوك المسلمين أجمعين. وفي سنة سبعمائة نزل جبل عالٍ شامخ في بيت المقدس بقرب من عين فروج التي عَلَى الطريق فبقدر ما كان مرتفعاً توطأ في الأرض وهو الآن أرق مياه تتفق لها حركة عَلَى جزء من الأرض دون الآخر فيحفر ما يسيل فيه ويبقى ما لا يسيل فيه رابياً ثم لا تزال السيول تغوص في الجزء الأول إلى أن يعود غوراً ويبقى ما انحرف عنه سامياً ومن العجب العجيب مغارة بالشام يخرج منها جدول ماء ما يجاوز كعبي قدم الخائض فيه فإذا دخلها الإنسان وجدها واسعة طويلة المدى نحواً من أربعة آلاف خطوة تحت الأرض والماء يقطر من جوانبها وهي كصورة الأزج الطويل والقبو المبني ولكنها مغارة منحوتة وتجد تحت كل ماء قطر من سقفها حجارة جامدة من الماء المتقاطر مختلفة الألوان والشكل فمنها كهيئة العسل في لونه وكهيئة الثمار وهيئة النجوم وهيئة الأعضاء وهيئة الحبوب وهيئة النقل وهيئات منوعة وكلها حجارة جامدة من تقاطر الماء. أَصباغها صادقة في الحمرة والسواد وغيره وسميت مغارة العجب لذلك قالوا قد تتكون من أنواع الحجارة في النار.

وقال في ذكر نوادر الأحجار الثمينة المهدي بها بعض الملوك إلى بعض وذكر قيمتها ومن ذلك وجد في خزائن الخلفاء والوزراء من الجوهر النفيس والذخائر الفاخرة والدرة اليتيمة وسميت بذلك لأنه لم يوجد لها في الدنيا نظير حملها مسلم بن عبد الله العراقي إلى الرشيد فابتاعها منه بتسعين ألف دينار ومنه الفص الياقوت الأحمر المسمى بالجبل كأن وزنه أربعة عشر مثقالاً ونصفاً اشتراه الرشيد بثمانين ألف دينار وكان للمتوكل فص ياقوت أحمر وزنه ستة قراريط اشتراه بستة آلاف دينار وكان له سبحة فيها مائة حبة جوهر وزون كل حبة مثقال اشتريت كل حبة منها بألف مثقال. وأهدى بعض ملوك الهند إلى الرشيد قضيب زمرد أطول من ذراع عَلَى رأسه تمثال طائر ياقوت أحمر لا قيمة له فقوّم هذا الطائر بمائة ألف دينار. ودفع مصعب بن الزبير حين أس بالقتل إلى مولاه زياد فصاً من الياقوت الأحمر وقال: أُنج بهذا كانت قيمته ألف ألف درهم.

وسقط من يد الرشيد فص من ارض كان يتصيد بها فاغتنم لفقده فذكر له فص ابتاعه صالح صاحب المصلى بعشرين ألف دينار فأحضره ليكون عوضاً عما سقط منه فلم يره عوضاً. ووهب المأمون للحسن بن سهل عقداً قيمته ألف ألف درهم ومائة ألف درهم وشتة عشر ألف درهم. وكان فيما أَهدى ملك الهند إلى كسرى جام ياقوت أحمر فتحه شبر في شبر مملوء دراً قيمة كل درة ألف وخمس مائة مثقال. وكان لمحمود صاحب غزنة حجر ياقوت كمصاب المرآة إذا ركب قبض عليه وبيمينه فتبين طرفاه من جانبي يده حيث ينظر إليه الناس.

ولما انهزم أبو الفوارس بن بهاء الدولة من أخيه سلطان الدولة بن بويه أباع جوهرتين كانتا عَلَى جبهة فرسه لزين الدولة بعشرين ألف دينار فقال له من غلطك تجعل هذا عَلَى جبهة فرسك وهذه قيمتها. ووجد في خزائن مروان بن محمد مائدة وجزع أرضها بيضاء فيها خطوط سود وحمر وسعتها ثلاثة أشبار وأرجلها ذهب يقال لها أنها صنعت عَلَى شكل المشتري من أكل عليها لا يشبع ولا يتخم (؟) ووجد في خزانته أيضاً جام زجاج فرعوني محكم غلظ إصبع وفتحه شبر وفي وسطه أسد ثابت ولم تعرف له خاصية وكان لأنوشران بساط يسميه بساط الشتاء مرصع بأزرق الجوهر وأحمره وأصفره وأبيضه وأخضره فعمل أخضره مكان أغصان الشجر وألوانه بموضع الزهر والنوار فلما أخذ في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وقعة القادسية حمل إليه في الفيء فلما رآه عمر قال إن أمة أدت إلى هذا إلى أميرها لأمناء ثم فرقه فوقع منه لعلي بن أبي طالب قطعة في قسمه مقدارها شبر في شبر باعها بخمسة عشر ألف دينار.

ولما فتح الملك الظاهر ركن الدين بيبرس رحمه الله سيس ودخل بعض الغلمان إلى دار صاحب سيس فوجد نرداً بيادقه ياقوت أحمر وأصفر وسكرجته من حجر الماس ورقعته زركش فخطف الغلام النرد فوقع منه قطعتان تركهما داهشاً فوقعت القطعتان المنسيتان في يد الملك الظاهر فقال ما كان إلا كاملاً فاستدعى بعريف سوق الصرف وأراه القطعتين وقال له إن مسكت من هذا قطعة مع أحد الناس فعلت معك كل خير فما كان إلا قليلاً وأتى الغلام ليبيعها فمسك وأتي به إلى الملك الظاهر فوجدوا الباقي معه فأخذه الظاهر بيبرس ودفع إلى الغلام عشرة آلاف درهم.

ولما كان الملك المنصور قلاوون رحمه الله بدمشق سنة اثنين وثمانين وستمائة أُحضر إليه من المدرسة الجوهرية مائدة ذهب وزنها ثمانية أرطال وربع بالدمشقي وعليها تمثال دجاجة من ذهب وصيصان من ذهب في منقار كل واحد لؤلؤة بقدر الحمصة وفي منقار الدجاجة درة بقدر البندقة وفي وسط المائدة سكرجة من زمرد سعتها مثل كفة الميزان التي للدرهم السوقي الكبير مملوءة حبات من الدر قيل أن الملك الناصر صاحب حلب أودعها لنجم الدين الجوهري فأكنزها بدهليز مدرسته فوشى بها إلى لملك المنصور جارية من جواري الجوهري وكان عَلَى جميع المائدة شبكة من ذهب منسوج صغيرة الأعين حاوية لكل ما في المائدة ولها ثمان قوائم.

وأهدى مقدم زاوية عكا إلى الملك المنصور طشتاً في وسطه بيت مربع له أربع خروق في أسفله يدخل منها دم الفصاد إلى داخل البيت وفي البيت سقفه تمثال إنسان متواري في البيت ورأسه وعنقه بارز من سقفه وكلما سقط في الطشت من دم الفصاد وزن عشر دراهم ارتفع ذلك التمثال بصدره وظهرت عَلَى صدره كتابة عشرة الدراهم ولا يزال كذلك إلى مقدار ثلاث أواق دمشقية فيقف التمثال قائماً ويسمع في جوفه كلمة يونانية معناها حسبك حسبك اهـ.

تقول ولا عجب فيما رواه شيخ الربوة في هذا الشأن ولكن من عرف ثروة العمال وثروة الملوك في القرون الوسطى لا يستعظم ما يبلغه من تلك الأخبار فقد ذكر ياقوت أن علي بن أحمد الراسي كان من عظماء العمال وأفراد الرجال في أيام المقتدر وزراة علي بن عيسى وكان يتقلد من حد واسط إلى حد شهزور وكورتين من كور الأهواز جنديسابور والسواس وبادرايا وباكسايا وكان مبلغه خمسمائة ألف ألف وأربعمائة ألف دينار في كل سنة. ولم يكن للسلطان معه عامل غير صاحب البريد فقط لأن الحرث والخراج والضياع والشجر وسائر الأعمال كان داخلاً في ضمانه فكان ضابطاً لأعماله شديد لها من الأكراد والأعراب واللصوص وخلف مالاً عظيماً وقد حمل من تركته لأنه لم يعقب ما هذه نسخته: العين أربعمائة ألف وخمسة وأربعون ألفاً وخمسمائة وسبعة وأربعون ديناراً الورق ثلاثمائة ألف وعشرون ألفاً وتسعمائة وسبعون مثقالاً. آنية الفضة ألف وتسعمائة وخمس وسبعون رطلاً. ومما وزن بالشاهين من آنية الفضة ثلاثة عشر ألفاً وستمائة وخمس وخمسون درهماً ومن الند المعمول سبعة آلاف وأربعمائة مثقال ومن العود المصري أربعة آلاف وأربعمائة وعشرون مثقالاً ومن العنبر خمسة آلاف وعشرون مثقالاً ومن نوافج المسك ثمانمائة وستون نافجة ومن المسك المنتور ألف وستمائة مثقال ومن المسك ألفا ألف وستة وأربعون مثقالاً ومن البرمكية ألف وثلاثمائة وتسعة وتسعون مثقالاً ومن الغالية ثلاثمائة وستة وستون مثقالاً ومن الثياب المنسوجة بالذهب ثمانية عشر ثوباً قيمة كل واحد ثلاثمائة دينار ومن السروج ثلاثة عشر سرجاً ومن الجوهر حجران ياقوت ومن الخواتم الياقوتية خمسة عشراً خاتماً خاتم فصه زبرجد ومن حب اللؤلؤ سبعون حبة وزنها تسعة عشر مثقالاً ونصفاً ومن الخيل الفحول والإناث مائة وخمسة وسبعون رأساً ومن الخدم السودان مائة وأربعة عشر خادماً ومن الغلمان البيض مائة وثمانية وعشرون غلاماً ومن خدم الصقالبة والروم تسعة عشر خادماً ومن الغلمان الأكابر أربعون غلاماً بآلاتهم وسلاحهم ودوابهم ومن أصناف الكسوة ما قيمته عشرون ألف دينار ومن أصناف الفرش ما قيمته عشرة آلاف دينار ومن الدواب المهارى البغال مائة وثمانية وعشرون رأساً ومن الجماز والجمازات تسع وتسعون رأساً ومن الحمير النقالة الكبار تسعون رأساً ومن قباب الخيام الكبار مائة وخمس وعشرون خيمة ومن الهوادج والسروج أربعة عشر هودجاً ومن العصائر الصيني والزجاج المحكم الفاخر أربعة عشر صندوقاً اهـ.

ووصف شيخ الربوة خلجان النيل وخراج أرضه فقال خلجان النيل وهي سبعة كل واحد منها بحر أحدها خليج الإسكندرية والثني خليج دمياط والثالث خليج فيوم والرابع خليج دوس والخامس خليج المنهى والسادس خليج سخا والسابع خليج القاهرة وبلبيس وهذه الخلجان كان خراج النيل بها في أيام كيقاوس أحد ملوك العالم الأول مائة ألف ألف وثلاثين ألف دينار وجباه عمرو بن العاص في أيام معاوية اثني عشر ألف ألف دينار وجباه عبد الله بن أبي سرح أربعة عشر ألف ألف دينار وجباه القائد جوهر مولى العبيديين ثلاثة آلاف ألف دينار ومائتي ألف ألف قال المعتنون بعلم ذلك أن سبب تقهقره أن الملوك لم تسمح نفوسها بما كان يصرف في الرجال المتوكلين بحفر خلجانه وإصلاح جسوره ورزم قناطره وسد ترعه وكانوا عَلَى ما حكاه ابن لهيعة مائة ألف رجل وعشرين ألف رجل مرتين عَلَى كور مصر سبعون ألفاً للصعيد وخمسون ألفاً لأسفل الأرض.

ويقال أن ملوك القبط كانوا يقسمون الخراج أربعة أقسام قسم لخاصة الملك وقسم لأرزاق الجند وقسم لمصالح الأرض وقسم آخر لحادثة تحدث ومسحت أرض مصر في أيام هشام بن عبد الملك بن مروان فكان ما يركبه الماءُ العامر والغامر مائة ألف ألف فدان واعتبر أحمد بن المدير ما يصلح للزرع بمصر وقت ولايته فوجده أربعة وعشرين ألف ألف فدان والباقي قد استجر وتلف واعتبر مدة الحرث فوجدها ستين يوماً والحرث الواحد يحرث خمسين فداناً فكانت محتاجة إلى أربعمائة ألف حراث وأربعين ألف حراث والله أعلم.

كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتاباً إلى عمرو بن العاص وكان عاملاً بمصر يقول: أما بعد يا عمرو إذا أتاك كتابي فابعث لي جوابه تصف لي مصر ونيلها وأوضاعها وما هي عليه حتى كأنني حاضرها فأعاد عليه مكتوباً جواب كتابه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا أمير المؤمنين فإنها تربة غبراء وحشيشة خضراء بين جبلين جبل رمل وجبل كأنه بطن أَقب وظهر أجب مكتنفها وزرقها ما بين أسوان إلى منسا حد البر يخط وسطها نهر مبارك الغدوات ميمون الروحات يجري بالزيادة والنقصان كمجاري الشمس والقمر له وإن تظهر إليه عيون الأرض ومنابعها مسخرة له بذلك ومأمورة له حتى إذا اطلخم عجاجه وتغطغطت أمواجه واغلولوت لججه لم يبق الخلاص إلى القرى بعضها إلى بعض إلا في حقاف العقاب أو صغار المراكب التي كأنها في الحبائل ورق الأبابيل ثم عاد بعد انتهاء أجله نكص عَلَى عقبه كأول ما بدا في دربه وطما في سربه ثم استبان مكنونها ومخزونها ثم انتشرت بعد ذلك أُمة مخفورة وذمة مغفورة لغيرهم ما يعوا به من كدهم وما يناولون بجهدهم شعثوا بطون الأرض وروابيها ورموا فيها من الحب ما يرجون به التمام من الرب حتى إذا أحدق فاستبق وأسبل قنواته سقى الله من فوقه لندى ورواه من تحته بالثرى وربما كان سحاب مكفهر وربما لم يكن وفي زماننا ذلك يا أمير المؤمنين ما يغني ذبابة ويدر حلابة فبينما هي برية غبراء إذ هي لجة زرقاء إذ هي سندسية خضراء إذ هي ديباجة رقشاء إذ هي درة بيضاء إذ هي حلة سوداء فتبارك الله أحسن الخالقين وفيها ما يصلح أحوال أهلها ثلثة أشياء أولها لا تقبل قول رئيسها عَلَى خسيسها والثاني يؤخذ ارتفاعها يصرف في عمارة ترعها وجسورها والثالث لا يستأدى خراج كل صنف إلا منه عند استهلاله والسلام اهـ.