مجلة المقتبس/العدد 69/قانون الجماعات
→ بين الفيحاء والشهباء | مجلة المقتبس - العدد 69 قانون الجماعات [[مؤلف:|]] |
أخبار وأفكار ← |
بتاريخ: 1 - 11 - 1911 |
وشرح المغمض منه
أبنت في جزء سبق أن القوانين التي تبحث عن أفعال الناس الناشئة من اجتماعاتهم تقسم إلى قسمين: قسم له مساس بالأمن العام رأسا وآخر بالواسطة وقلت أن أفعال الناس المجتمعة التي قد تخل بالأمن العام تظهر في مظهرين الأول: دائمي والآخر مؤقت والقانون الذي يبحث عن الاجتماعات الدائمة قانون الجمعيات وقد مرت ترجمته وشرح شرحا إجماليا. وأما القانون الذي يبحث عن الاجتماعات المؤقتة فهو قانون (الجماعات) وهو موضوع بحثنا اليوم.
هذا القانون كناية عن (11) مادة فقط. وهو مأخوذ عن القانون الصادر في فرنسا عام 1881 وكثير الشبه به. وقد نشر في 20 جمادى الأولى عام 1327 موافق 27 أيار سنة 1325. عقيب حوادث 31 آذار المعلومة.
المادة الأولى - العثمانيون أحرار في عقد الاجتماعات العامة بلا سلاح. وبشرط الرعاية للمواد الآتية فلا حاجة لأخذ الرخصة.
إيضاح - أعلن واضع القانون حرية الاجتماع بهذه المادة بكل صراحة لأن هذا حق من حقوق الأمة الطبيعية متولد من حرية الكلام وحرية تعاطي الأفكار وحرية اتحاد الآمال.
الاجتماعات قسمان (1) سياسي (2) غير سياسي وكلاهما جائز والدليل قول واضع القانون (الاجتماعات العامة) كما مر في المتن بدون قيد.
وهنا تجد بيننا وبين فرنسا فرقا مهما يجلب نظر. وهو أن قانون الاجتماع الفرنساوي يمنع الاجتماعات لأجل الانتخابات وأما قانوننا فيجوزها كما هو مستفاد من إطلاق هذه المادة. أي أن قانون الاجتماع الفرنساوي لا يسوغ الاجتماع إلا للمرشحين والمنتخبين فقط، وإما قانوننا فهو مطلق الحرية للمرشحين والمنتخبين ولكل ناظر.
ثم مر في متن المادة كلمة (العثمانيون أحرار) فيفهم من هذا بان الأجانب ممنوعون من الاستفادة من هذا الحق. لأن لكل كلمة مفهومين: مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة.
فان ذكر احدهما يستدل على أن الآخر غير مقصود وغير مطلوب فقول واضع القانون هنا (العثمانيون) يدل بأنه قصد إخراج غير العثمانيين من مداول هذه الكلمة. ومن هنا يستد بأنه لا يسوغ لغير العثمانيين من حق الاجتماع.
يقول بعض العلماء أصول الإدارة الملكية ولا سيما الأستاذ ضيا بك بحوار عقد الاجتماع من قبل الأجانب نزلاء بلادنا بشرط أن لا يتدخلوا بالسياسة المحلية. وإما هذا العاجز فيرى إن هذا القول من قبيل التوسع الفكري وليس من التفسير القانوني. لأن القانون حصر هذا الحق بالعثمانيين حصرا بينا بقوله (العثمانيون الأحرار) بدون تقييد بشيء آخر.
أما إذا قيل بان هذا حق لكل الإفراد طبيعي لا يجوز نزعه من الأجانب فأقول بان القوانين توضع في الأصل لأجل تحديد كل حق يحتمل ظهور أقل ضرر منه. وناهيك بما يقول له الأجانب حق وهم منفردون وحينئذ احكم كما تشاء على ما يمكن حدوثه منهم وهم مجتمعون. فلهذا السبب أرى الاكتفاء بصراحة القانون أوفق للاحتياط والتبصر بعواقب الأمور وأما أن قيل: أما يسوغ لهم الاشتراك مع العثمانيين في اجتماعاتهم؟ فأقول أيضا لا يجوز لأن القانون وحساب العواقب هكذا يقضيان لأن اقل أمر يحدث في أثناء الاجتماع ربما يحدث أعظم المشاكل مع الدولة التي ينتسب إليها هذا الأجنبي ولذلك كان إتباع ظاهر القانون أوفق واسلم وانفع. ولاسيما إذا كان الاجتماع سياسيا فعدم قبول الأجنبي فيه من اضر الضروريات لا علاقة له به مطلقا.
مر في المتن أيضا كلمة (بلا سلاح) فإذا كان المجتمعون مسلحين علنا أو سرا فهذا الاجتماع ممنوع. إما إن كان شخصان أو ثلاثة من بين هذا الجمع الغفير مسلحين فيجب على هيئة الإدارة تجريدهم من سلاحهم وإذا امتنعوا فيعد الاجتماع مسلحاً ويمنع.
مر في المتن أيضا بان الاجتماع غير متوقف على اخذ إذن من الحكومة. نعم لا يجب الاستئذان لذلك إلا انه لما كان من الممكن وقوع مالا تحمد عقباه أثناء الاجتماع اشترط واضع القانون بعض الشروط على مسببي الاجتماع حفظا للأمن العام. وهذه الشروط مدرجة في المادة 8، 7، 6، 5، 4، 3، 2 كما سيأتي بيانها.
المادة الثانية - قبل الاجتماع يجب تنظيم بيان يتضمن يوم الاجتماع وساعته ومحل وقوعه وان يمضي من شخصين احدهما متوطن في محل عقد الاجتماع وان يكونا نائلين حقوقهما المدنية والسياسية على شرط أن يصرحا باسميهما وشهرتيهما وصفتيهما وبمحلي أقامتيهما.
إيضاح - الاجتماع غير منوط بإذن الحكومة. إلا انه يجب إخبارها بوقوعه لأجل اتخاذ التدابير اللازمة خوفا من وقوع ما يكدر المخاطر ولأجل منع الاجتماعات الغير الجائزة قانونا بمقتضى المادة 9، 8، 7، 6، 3 من هذا القانون.
قيل في المتن أيضا ضرورة بيان (يوم الاجتماع وساعته ومحل وقوعه) وهذا أيضا ضروري. لتتخذ الحكومة التدابير اللازمة بالوقت المعين خوفا من إجراء الاجتماع قبل أن تتخذ الحكومة التدابير الاحتياطية.
وهكذا قيل في المتن (يجب أن يمضى من شخصين احدهما متوطن في محل عقد الاجتماع فإذا أمضى البيان شخصان احدهما متوطن في البلد الذي سيقع فيه الاجتماع والثاني من بلد آخر فهو جائز بنظر القانون. وقصد واضع القانون من كلمة (محل) البلاد والقصبات والقرى.
مر في المتن (نائلين حقوقهما المدنية والسياسية) واليك البيان:
الحقوق المدنية - هي أن يكون غير ساقط من هذه الحقوق وهي مذكورة إجمالا في المادة 31 من قانون الجزاء ودرجة في الصفحة (465) من مقتبس هذه السنة في شكل خلاصة الخلاصة.
الحقوق السياسية - هي الحقوق التي تؤهل المرء لاشتراك في إدارة المملكة مثل حق انتخاب المبعوثين وحقوق التوظف في دوائر الحكومة والعسكرية الخ.
ثم يجب أن يصرح هذان الرجلان اللذان سيمضيان البيان باسميهما وبشهرتهما وبجميع علائمهما المميزة ليسهل على الحكومة البحث عنهما عند الاقتضاء.
المادة الثالثة - يعطى البيان في استانبول لناظر الضابطة وفي الملحقات للولاة والمتصرفين والقائم مقامين والمديرين. وبمجرد إعطاء البيان يؤخذ بقابلة علم وخبر.
وان يعطي علم وخبر فلمقدمي البيان تنظيم ورقة ضبط وإمضاؤها من شخصين من الحاضرين يكونان من الحائزين على الشروط المدرجة في المادة الثانية.
وحينئذ يسوغ عقد الاجتماع. ويجب التصريح باليوم والساعة التي سيقع الاجتماع فيها في العلم وخبر وورقة الضبط. أما الاجتماعات التي تقع بلا علم وخبر وورقة ضبط فهي ممنوعة. ويجازى مرتبوا الاجتماع بالحبس من أسبوع إلى شهر أو بالتغريم بجزاء نقدي يختلف بين الثلاث ليرات وخمس عشرة ليرة.
إيضاح -. ورد بان البيان يعطى باستانبول لناظر الضابطة). إما وقد أصبحت استانبول ولاية كسائر الولايات فيجد والحالة هذه إعطاؤها للوالي بها. ثم إذا امتنع مأمور الإدارة عن إعطاء علم وخبر في مقابل البيان فعلى مقدمي البيان تنظيم ورقة ضبط تبين امتناع. ويجب أن يمضى هذا الضبط من رجلين آخرين غير مقدمي البيان. وبهذه الصورة تكون ورقة الضبط محتوية على أربعة إمضاءات. اثنان مدعيان واثنان شاهدان لأجل محاكمة المأمور. وجزاء من يمتنع عن إعطاء هذا العلم والخبر قطع راتب شهر لأول مرة وإذا تكرر فيطرد من مأموريته وفق للمادة (102) من قانون الجزاء.
العلم وخبر لا يتضمن الترخيص بل يتضمن الاستخبار من قبل من هو مكلف بحفظ الأمن العام. أي أن معنى البيان الأخبار ومعنى العلم والخبر وثيقة لأجل عدم الإنكار في المستقبل. حتى إذا ما وقع محظور من الاجتماع وسئل عنه مأمور الإدارة الملكية وأراد الإنكار وادعى لأنه لم يعلم بوقوع الاجتماع ليتخذ التدابير اللازمة يقال له أن المجتمعين قد أخبروك وهذا العلم والخبر دليل على ذلك إذا أنت متهاون ولهذا أنت جدير بالجزاء هذا هو سر لزوم إعطاء البيان والعلم والخبر لا غير. لأن الاجتماع غني عن الاستئذان لكونه حقا من الحقوق الطبيعية. أما الاجتماع الذي يقع بدون أخبار الحكومة بتاتا فهو ممنوع. أي أن للبوليس الحق في فضه أولا بالكلام ثم بالتهديد ثم بالإكراه ثم أن الضرب والجرح والقتل الذي يقع من مأموري الضابطة أثناء إيفاء وظائفهم يؤدي إلى المعذرة بموجب المادة 189 من قانون الجزاء العام وقانون البوليس والجند رمة الخصوصيين وعلى هذا ففي كلمة (ممنوع) فسخ الاجتماع بكل التدابير حتى تصل إلى قتل من يخالف أمر البوليس. وهذا الأخير غير مسؤول عن هذا القتل بالنظر لما هو مصرح به في المادة المذكورة من قانون الجزاء.
وبعد تفريق المجتمعين يجازى المرتبون بالجزاء المدرج في متن المادة المذكورة آنفاً.
المادة الرابعة -. يجب أن تمر ثماني وأربعون ساعة بين إعطاء البيان وعقد الاجتماع. مر سبب هذا أعلاه في شرح المادة الثانية.
المادة الخامسة -. يجب إيضاح سبب الاجتماع والمقصد منه في البيان.
إيضاح -. حتى يتسنى للحكومة منع الاجتماع الغير القانوني ولأجل التبصر في مقدار العسكر الذين يجب إرسالهم للمحافظة ولأجل إرسال مأمور خاص لمحل الاجتماع للنظارة عليه وحتى إذا ما خرج عن الموضوع يفسخ الاجتماع الخ.
المادة السادسة -. الاجتماعات ممنوعة في المحال المكشوفة والقريبة مقدار ثلاثة كيلو مترات من سراي السلطان المعظم ومن دائرتي المبعوثان والأعيان إثناء انعقاد المجلس العمومي.
إيضاح -. مر في المتن كلمة (مكشوفة) ومعناها إن الاجتماع يقع أما في محال مكشوفة أو في محال مغلقة أي ذات سقف وباب. ومثال الأول الساحات والعاص ومثال الثاني القهاوي ودور التمثيل والأندية. لماذا؟ لأن من الاجتماعات ما يجب إجراؤه في محل مغلق كالمحاضرات العلمية. لأن هذه لا تلقى على قارعة الطريق. ومنها أيضا ما هو واجب إجراؤه في المحال المكشوفة كالاحتجاج على عمل ما يخالف القانون صدر من الحكومة أو من شركة ما ولما كان هذا شاملا لجميع الآهلين غالبا فبالضرورة يجتمعون في الساحات والعراص على الأكثر. فلهذا السبب أساغ واضع القانون كلا النوعين من الاجتماعات.
واستثنى منها ما يقع في المحال المكشوفة القريبة من سراي السلطان المعظم ومن مجلس المبعوثان والأعيان إثناء انعقاد المجلس العمومي مسافة ثلاثة كيلو مترات أي ثلاثة آلاف متر.
كذلك قيل في المتن (سراي السلطان) والقصد من هذه الجملة سرايه في استانبول لا القصور العامة في الملحقات. لأن كلمة (همايون الملصقة بسراي في الأصل التركي أي سراي همايون) تفيد التخصيص بسرايه الخاص.
أعرف والياً ممن ظلمهم الحظ وأجلسهم على عرش الولاية أراد منع احتجاج على عمله وذهب لتفسير (سراي همايون) بدار الحكومة. وبعد اللتيا والتي أقنعناه بحقيقة المسالة قيل في المتن أيضا (إثناء انعقاد المجلس العمومي) ومعنى هذا أيضا إذا لم يكن المجلس العمومي أي مجلس المبعوثين والأعيان منعقدين فالاجتماع جائز القرب منهما ولو بمسافة اقل من ثلاثة كيلو مترات.
وهكذا يستفاد من كلمة (المحال المكشوفة) بان الاجتماعات التي تقع في المحال المغلقة في القرب من السراي السلطاني ومن المجلس ولو كانا منعقدين فهي غير ممنوعة أيضا ثم قيل في أول المتن (ممنوعة) وقد مر معنى المنع القانوني في شرح المادة السابقة فالاجتماع الممنوع إذا (1) هو الذي يقع في المحال المكشوفة القريبة من سراي السلطان مسافة ثلاثة آلاف متر (2) التي تقع في المحلات القريبة من مجلس الأعيان والمبعوثين على مسافة ثلاثة آلاف كيلو مترات أثناء انعقاد المجلس العمومي. أما الاجتماعات التي تكون في محال مستورة فهي جائزة ولو كانت على مقربة من سراي السلطان والمجلسين.
المادة السابعة - شرع الاجتماع ونظر إليه من قبل علماء فن تدبير المملكة بنظر حق طبيعي لأنه مؤد إلى نفع عام وخاص. أما إذا وقع في الطريق العامة فمن المحقق انه يعطل المارين والعابرين ويعوق سير التجارة ويخل بحرية أرباب الصنائع وسائر المسالك الأخرى. ولما كان درء المفسدة أولى من جلب المنفعة وفقا للمادة الثلاثين من قانوننا العام أي مجلة الأحكام منع هذا الاجتماع الذي يقع في الطرق العامة. لكي لا نكون جلبنا ضررا محسوسا لجلب نفع موهوم.
هذا هو سبب الفقرة الأولى الإدارية من هذه المادة.
وإما الفقرة الثانية فهي تبين وقت الاجتماع. فكما أن الاجتماع يقع في المحال المكشوفة من طلوع الشمس حتى مغربها. وأما في المستورة فيجوز دوامه ليلا أيضا كما انه يسوغ عقدة في منتصف الليل أو في آخره لأن المحافظة هناك سهلة جدا لا سيما والمحال المغلقة هي إما قاعة خاصة دار تمثيل أو قهوة كبرى. وهذه الإيضاحات مستنبطة من مفهوم المخالفة لقيود هذه المادة والتي قبلها.
المادة الثامنة - يدار الاجتماع من هيئة مركبة على الأقل من ثلاثة أشخاص وعلى هذه الهيئة الاعتناء بمحافظة الانتظام ومنع ما يخالف القانون والاهتمام بعدم الخروج عن موضوع البيان وعدم إيراد الخطب المخلة بالأمن العام والآداب العامة ودم التفوه بأقوال تكون من قبيل التشويق لإيقاع الجرائم. وان لم تعين هذه الهيئة من قبل ممضي البيان انتخابها من المجتمعين. وإذا وقع فعل يخالف المادة السابعة وهذه المادة فالتبعة توجه على هيئة الإدارة وقبل تأليفها فالتبعة على ممضي البيان.
إيضاح - يجب أن يكون الثلاثة الأشخاص الذين يؤلفون الهيئة الإدارة حائزين على الشروط الثلاثة المدرجة في المادة الثانية من هذا القانون. لأنه لا فرق بين هيئة الإدارة وممضي البيان أبداً. لا سيما وهو مجاز للحكومة توجيه تبعة الاجتماعات على ممضي البيان كما هو مذكور في متن هذه المادة.
هيئة الإدارة مكلفة بواجبات ستة واليك بيانها بمثال:
أولاً - المحافظة على الانتظام: لأن التشتت يضيع الفائدة المنتظرة من الاجتماع وهي مثل تعارض الخطباء والصراخ وكل ما يخل السكون المطلوب. الاجتماع المنتظم هو الذي يخطب به الخطيب والناس تسمع له والذي لا يتكلم به احد سوى الخطيب فإذا عارض الخطباء بعضهم وظهر لكل واحد منهم حزب يؤيده فهناك بعد الانتظام مختلا يحتاج لمداخلة هيئة الإدارة.
ثانياً - منع ما يخالف القانون: إذا ترك احد أرضه الأميرية ثلاث سنين متتالية معطلة تعد محلولة ويؤخذ من صاحبها الأصلي (بدل المثل) عنها وان لم يدفع هذا فتؤخذ منع وتباع بالمزاد من غيره. وهذا مؤيد في المادة (68) من قانون الأراضي.
فلو أراد خطيب يخطب بعكس هذا لما جاز له ويجب هنا أيضا مداخلة هيئة الاجتماع الإدارية ويجب عليها منعه، وهكذا جميع القوانين بلا استثناء. أما من رأى اعوجاجا في القوانين فعليه أن ينبه مرجعها بلائحة خاصة أو بواسطة الجرائد وهذا مشروط بان يكون تصديق القانون التصديق الرسمي.
ثالثاً - عدم الخروج عن موضوع البيان: مثلا لو قيل في البيان بان الاجتماع هو لأجل الاحتجاج على حكومة اليونان فقط فلا يجب الخروج عن ذلك ويجب المنع أن حصل احتجاج على حكومة الجبل الأسود لأن البيان كان عبارة عن الاحتجاج على اليونان لا غيره. وقس عليه البواقي.
رابعاً - الأمن العام: غني عن الإيضاح
خامساً - الآداب العامة: لو أراد الخطيب استعمال البيرا أو إحدى المشروبات الأخرى إثناء خطابه فيمنع من ذلك. لأن آدابنا الإسلامية تحظر علينا التهتك بالمنكرات. وهنا أيضا يجب على الهيئة الإدارية أن تتدخل بالأمر.
وهذا الأمر يشمل الغير مسلمين أيضا. نعم يسوغ لهم استعمال المشروبات المسكرة ولكن في أماكن خاصة لا علنا لأن الآداب العامة الوطنية (وهي إسلامية بالنظر للأكثرية) لا تجيز ذلك بتة والقصد من الآداب العامة مراعاة العواطف لا غير. وهل يجوز لغير المسلمين عقلا ومنطقا جرح عواطف إخوانهم المسلمين أكثرية المملكة باستعمال المشروبات علنا؟ كلا. إذن يجب منع الخطيب الغير مسلم أيضا أن أراد استعمال البيرا أو الكونيك على منبر الخطابة العلني وهم يعملون هذا التقليد للأوربيين أما آدابنا فلا نستطيع أن تهضم هذا بوجه من الوجوه. ولذلك منع واضع هذا القانون وأمثاله وبهذه الصورة حفظ الآداب العامة من طروء الخلل عليها:
وهذا لا يحجز حرية أحد لأن الإنسان حر في بيته إن يفعل ما يشاء ويشرب ما يشاء.
سادساً - عدم التفوه بأقوال تشق إلى ارتكاب الجرائم وهذا أيضا غني عن الإيضاح هذه الأمور الستة واجبات الإدارة يجب الانتباه لها وإذا حصل تهاون فالجزاء محقق بموجب المادة العاشرة من هذا القانون.
قد يمكن أن لا يبين الشخصان اللذان يمضيان البيان أسماء هيئة الإدارة لأسباب عديدة. فإذا ما وقع مثل هذا الحال. وجب على المجتمعين انتخاب ثلاثة أشخاص من بينهم قبل كل شيء وتعريف الحكومة عنهم وإذا لم ينتخب أحد لهيئة الإدارة فتوجه التبعة على ممضي البيان والجزاء بكون بموجب المادة العاشرة.
المادة التاسعة - يرسل من قبل الحكومة إلى محل الاجتماع مأمور أن يوجد في المحل الذي يعده مناسبا وله أن يفسخ الاجتماع إذا طلبت هيئة الإدارة ذلك أو وقعت منازعة ومجادلة تخل بالضبط والربط.
إيضاح - إذا قيل حكومة يجب أن يخطر على البال رؤساء الإدارة الملكية أي المختار والمدير والقائم مقام والمتصرف والوالي وناظر الداخلية والصدر الأعظم.
وإذا طلبت هيئة الإدارة فله أن يأمر البوليس والجند رمة فسخ الاجتماع.
قيل في المتن (منازعة ومجادلة) وهذان قسمان قولي وفعلي. فان كانت قولية فلا يسوغ له المداخلة بدون طلب من هيئة الإدارة وإذا حصل ما يخالف القانون فتوجه التبعة على هيئة الادراة والفاعلين. إما إذا كانت المنازعات والمجادلات فعليه أن يتدخل من نفسه ويفسخ الاجتماع. وهذا منبسط من قول القانون (منازعة ومجادلة مخلة بالضبط والربط) والإخلال بالضبط والربط لا يكون بالقول مطلقاً.
إما إذا أتي احد المجتمعين بشيء يغاير الآداب أو تكلم بكلام يخل بالأمر فعلى الهيئة الإدارية أن تراجع المأمور الخاص وهو يمنع الرجل من عمله وكلامه وينظم ضبطا ويودعه للعدلية لأجل محاذاته بموجب المادة العاشرة. وان لم تراجع الهيئة الإدارية هو أيضا بقطع راتب شهر جزاء تهاونه. وفقا لقانون الجزاء لا لهذا القانون.
المادة العاشرة - يجازى من يخالف إحكام هذا القانون بالحبس من 24 ساعة إلى أسبوع أو بالتغريم بجزاء نقدي من 25 غرشاً إلى ليرة. بشرط أن لا تخل أحكام القوانين الأخرى بحق من يأتون بالجرائم الأخرى.
إيضاح - لو ضرب احد آخر إثناء الاجتماع فيجازى جزاء الضرب العادي المدرج في قانون الجزاء ولا يكتفي بهذا الجزاء الجزئي المحرر في هذه المادة. وهذا الجزاء خاص بمن يخالف هذا القانون المؤلف من إحدى عشرة مادة فقط فلو صرح مثلا احد المجتمعين إثناء الاجتماع يجازى بهذا الجزاء لأنه اخل بنظام الاجتماع. والحاصل أن هذا القانون لا يعارض قانون الجزاء العام بتاتاً.
المادة الحادية عشرة - ناظر الداخلية والعدلية مأموران بإجراء هذا القانون.
في جمادى الأولى 327 و27 أيار 325.
إيضاح - الداخلية والعدلية أبدا كحفظ الصحة والطب. فكما انه قبل المرض تراعى قواعد حفظ الصحة ولا يراجع الطبيب إلا بعد وقوع المرض فمأمور الداخلية والبوليس والجند رمة يتخذ كل أنواع الاحتياط ويتخذ جميع التدابير لأجل منع كل عمل يخالف هذا القانون. وإما إن حصل خلاف فهناك تبتدئُ وظيفة مأموري العدلية أي وظيفة العدلية تبدأ حيث تنتهي وظيفة رجال الداخلية.
هذا هو قانون الاجتماع متنا وشرحا وقد استندت في شرحي له على أربع مسائل أقوال علماء أصول الإدارة الملكية وعلى دلالة القوانين الأخرى وعلى الأوامر الصادرة من المراجع العليا أقوال علماء الفقه والمنطق. وأشرت إلى ذلك فيما رأيت لذلك داعياً؟
وبعد ترجمة المتن وشرحه كما مر أرى الحاجة ماسة لبيان أقوال علماء فن تدبير المملكة يحق الاجتماعات على طريق الإيجاز الرائد ليكون القارئ على بصيرة تامة واليك البيان:
يقول العلماء لهذه الاجتماعات العامة ويقسمونها إلى أقسام عديدة: اجتماع شامل واجتماع خاص دنيوي ديني مشروع وغير مشروع مهيأ غير مهيأ أو مشوش ونبحث ألان في تعريف كل قسم من هذه الأقسام على وجه الإيجاز.
الاجتماع الشامل - الذي يسوغ لكل الناس الاشتراك به سواء كان باجرة أو مجانا مثل الاشتراك لأجل سماع المحاضرات العلمية والسياسية والصناعية.
الاجتماع الخاص - الذي لا يسوغ لكل الناس الاشتراك به لغير المدعوين مثل الضيافات بأنواعها. وهذه حرة عندنا بدون قيد أو شرط.
الاجتماع الدنيوي - هذا الاجتماع بالجوامع والكنائس. لإقامة الشعائر واستماع النصائح. وهذه الاجتماعات أيضا غير تابعة بصور وشروط قانونية.
الاجتماع المشروع - ما كان موافقا للقوانين. وأما الغير المشروع الغير موافق للقوانين الأخرى.
الاجتماع المهيأ - الذي يكون مبنيا على نية معلومة وقصد محدود معين.
الاجتماع المشوش - هو الذي يكون من قبيل التصادف أو التشويق الوقتي.
فقانون الاجتماع الذي ترجمته وشرحته بهذا العدد من مقتبسنا يبحث عن الاجتماعات الشاملة والدينية والمشروعة والغير مشروعة والمرتبة. ولم يتدخل قد في الاجتماعات الخاصة والدينية والمشوشة قطعيا. ولابد أن تنتبه الحكومة لهذه الأقسام الثلاثة الأخيرة وتضع لها قوانين تبحث عنها أسوة بجميع الدول المتمدنة ووقاية لحال الأمة من تشويقات المشوقين الضالين المضلين ومن سوء تفسير رجال الإدارة صيغة الحظ والاتفاق. فان تسعة أعشار تذبذبنا الإداري ناشئ لعمر الحق من هؤلاء الضالين أرباب النفوذ ومن جهالة من يقال لهم آمرون.
بيروت // حسني عبد الهادي