مجلة المقتبس/العدد 69/أخبار وأفكار
→ قانون الجماعات | مجلة المقتبس - العدد 69 أخبار وأفكار [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 1 - 11 - 1911 |
الإسفنج
لا يعرف العلماء حتى الآن إذا كان الإسفنج يعد من الحيوان مع انه أيضا مشترك مع النبات كما لا يعرفون كيف يغتذي فهو يتناول غذاؤه من منافذه ولكن ما هي ماهية هذا الغذاء الموزع على نصاب العدل وهذا من المجهولات أيضاً.
وإن الإسفنجة المعتدلة لتبلغ 18 سنتميتراً في أربع سنين واهم مصايد الإسفنج في سورية وبحر الادرياتيك وعلى شواطئ تونس. وقد أخذت أميركا ولا سيما شواطئ فلوريدا تخرج الإسفنج منذ مدة أيضا ويجيء هذا الصنف من كوبا وجزائر براهاما. واستخرج الإسفنج على صور مختلفة وأكثرها استعمالا ما يغوصون عليه في أعماق تختلف من 10 إلى 15 مترا فينزعون هذا الحيوان من الصخر الذي علق فيه ومنهم من يستعملون أجراس الغواصة فيتراكض كلاب البحر فلا يتقيها الغائص الإبان يتماوت فتكف عنه لأن كلب البحر لا يقترب من الجثث الهامدة. وقد عني الدكتور مور بزراعة الإسفنج بدون ساق وهو ابقي من غيره من الأنواع وطريقته أن يقطع الحيوان قطعا قدر كل واحدة خمس سنتيمترات مربعة ويركزها إلى أوتاد مغموسة بماء البحر فتكبر هذه القطع ويصبح وزنها خمسة وعشرين ضعفا عما كانت عليه وذلك خلال ثمانية عشرة شهراً.
العصر الحجري
لم تدثر أجناس البشر التي باتت معروفة في العصر الحجري الغريق في القدم فان قبائل أواسط واستراليا تمثل آخر بقاياه. فقد باد قدماه التاسمانيين الذين كانوا فرعا من تلك القبائل ولم يتحقق أصل قرصان أندمان (أرخبيل في خليج بنغالا) واحتفظ أهل واستراليا بسحناتهم وصفاتهم وهم قوم رحل مختلفة لهجاتهم بعيدون عن كل مدينة أحط خلق الله في المعارف وصحة الأجسام ينزلون رمالا لا ينبت فيها غير العوسج يعيش رجالهم بالصيد بالحراب والنساء يقلعن جذوعا ويبحثن عن الديدان يغتدين بها. وكلهم من آكلة البشر لا يعرفون الثياب يسترون عوراتهم بزنار بسيط وإذا أكلوا إنسانا من البيض الضالين في أصقاعهم يأخذون قبعته يجعلونها على رؤوسهم وأحذيته وجواربه في أرجلهم علامة على الكبرياء والعظمة. ومساكنهم عبارة عن أكواخ من الأغصان لا يعرفون المعادن إلا منذ زارهم بعض أرباب الرحلات وليس لهم آنية في مساكنهم ولا يحسبون إلا على أصابعهم إلى الصف الأول من الإعداد لا يتعدونها إلى أكثر ولكنهم ماهرون في رسم بعض الصور على الحجارة وفي تزيين أتراسهم بيد أن حذقهم في هذه الصناعة أحط من حذق آهل عصر الوعل في أوربا الغربية. ويقول العالم الأخصائي في أحوالهم أن سكان واستراليا الوسطى الأصليين جاؤوا من اختلاط بين زنوج بابوان وجنس من الخلق أرقى من الجنس القوقازي امتزج الجنسان معا منذ الزمن الأطول أيام كانت استراليا جزءا من قارة أسيت.
السمك الأحمر
كان الغربيون يتسلون بتربية السمك الأحمر كما نتسلى في سورية بجعله في بواطي وزجاجات وتغير مائه اليوم بعد اليوم وقد عدلوا عن تربيته ولم يتبق إلا جزيرة صقلية تالف تربيته فيجعلون فيها غدرانا مساحتها مئة متر مربع تفصل الواحدة عن أختها حواجز وسدود تفصلها بعضها عن بعض قليلا وهي قليلة العمق يجعلون ماء الأحواض على حرارة 50 درجة ولا يفتاون يغيرون عنها الماء ويلونونها أن يضعوا في الماء شيئا من الحديد والعطان (قشر البلوط المسحوق للدبغ) والعفص وطعامها من الهوام والدم المجمد وبقايا اللحوم والشعير به تنمو وتتكاثر ويكثرون في تلك الأحواض من الذكور أكثر من الإناث. ويقال أن السمك الأحمر قد يستغني عن الغذاء شهرا كاملا.
صناعة الفنادق
سبقت سويسرا غيرها من بلاد الغرب والشرق بان كانت أفضل البلاد بفنادقها ونزلها التي اجتلبت السياح بمئات الألوف كل سنة وتربح منهم الإرباح الطائلة وليس في هذا الشرق العربي اليوم من يحذو حذوها من البلاد غير جبل لبنان فإذا تم له ما ينبغي من دواعي الإصلاح وتوفرت في فنادقه وقصوره أسباب الراحة مع الاقتصاد وعدم الاشتطاط في الطلب وامتدت فيه كل الطرق المعبدة وعشرات من كيلومترات الخطوط الحديدية أيضا يصبح في آسيا بمثابة سويسرا في أوربا. وان بلد الفنادق أي سويسرا بل الفندق الأكبر في الغرب لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بفضل العلم والمدارس وربما يعجب ابن الشرق إذا قلنا له أن صناعة الفنادق يتعلمونها هناك في المدارس تعليما نظريا وعمليا ولذلك سبقوا غيرهم من سائر أمم أوربا الذين لهم من بلادهم أيضا ارض طيبة ومناظر جميلة ولكن ليسلهم استعداد السويسريين في جلب قلوب السائحين ولا يكتفي اليوم في النزل أن يعرف صاحب الفندق تقديم الطعام الجيد الطبخ بواسطة طهاته ولا إن يحسن اللقاء والتشييع وببش في وجه نزيله بل عليه أمورا أخرى كثيرة تستدعيها المدينة ولا يتعلمها إلا من دخل مدارس سويسرا أو لاسيما مدرسة لوزان الفندقية.
فما أحرى احد أرباب الفنادق في سورية أن يبعث بأحد أولاده يتعلمون فيها ليطرس غيره على آثاره وتغنم البلاد فوائد كلية من دنانير السائحين والسائحات.
سجون النساء
نادت ليزابت فري في أوائل القرن الماضي بإصلاح سجون النساء فلم يتيسر في أميركا إجابة طلبها إلا في العهد الأخير فأنشأت بعض الولايات المتحدة سجونا تنفذ إليها الشمس مضاءة نقية طاهرة مستوفاة من حيث الصحة وجعلوا القائمات على السجينات من النساء يعنين بأمرهن كل العناية ويتحببن إليهن إذ رأت أميركا إن السجن وحده كاف في إصلاح النفوس فلا ينبغي إرهاق المسجون بل تعليمه بالقدوة والمطالعة ولذلك ترى العناية بصحتهن الأدبية وصحتهن الجسمية بالغة حدها من النيقة فيجتمع السجينات في أوقات الراحة في مكتبة حوت انفع الكتب لهن يطالعن ومما يصرفن فيه أوقاتهن زراعة البقول وغيرها فلا يخرجن من السجن ألا وقد تطهرت نفوسهن بالمطالعات وتعلمن تربية البقول والإزهار وبذلك تم للحكومة ما أرادت من انتشار صناعة الحدائق بفضل جودة التربة والتربية في تلك الولايات. فمتى يكون في هذا الشرق القريب سجون كهذه للرجال والنساء.
الكليات الروسية
تقول إحدى المجلات في روسيا أن حالة كلياتها اليوم أشبه بساحة وغى غداة القتال والنزال فان سيطرة الأساتذة أن لم تكن زالت فقد تضعضعت كثيرا والخلل مستحكم في صفوف الطلبة لأن للسياسة منذ زمن مقاما عظيما في حياة الكليات مما هو مضر بالغاية المطلوبة من هذه المعاهد. ومن العجب أن تساعد الكليات على نمو هذه الأفكار وإذ قد ضعفت سياسة التطرف في هاتيك المدارس أخذت الحكومة تدخل فيها سياسة حزب اليمين وذلك بإنشاء جمعيات تكون بحجة جمع شتات الطلبة آلة لبث الدعوة الارتجاعية أي العودة إلى سياسة الحكم المطلق قالوا يجب العدول عن الاعتصابات لأنها لم تثمر ثمرة لتلك البيوت العلمية ولطالما أضرت بمن يأتيها والحكومة تعمد إليها للتخلص من الأساتذة والتلاميذ الذين عرفوا باستقلال الإرادة والفكر. والخلاصة فان روسيا تنمو بكلياتها من حيث الفكر السياسي نحو تقديس الحكومة المطلقة وألمانيا تنمو بكلياتها نحو تقديس الحكم المقيد تحت رعاية الإمبراطور وشتان بين الإمبراطور والإمبراطوريتين.
الزحافات ذات العرف
كان علماء المطمورات يدعون بان أعظم الزحافات ذات العرف في ولاية داكوتا وغيرها من الولايات المجاورة في أميركا الشمالية ولكن البحث في مطمورات افريقية النباتية وغير ذلك إبان تقيض هذا الزعيم. فقد اكتشفت في الطبقات الجيولوجية في جنوب افريقية من سهل كارو العظيم في مستعمرة الرأس مطمورات لها شبه بآثار الزحافات الأميركية الأولى وأيد احد أساتذة ألمانيا هذا القول وقال أن في افريقية الشرقية الألمانية جبلا أخرجت من صدره بقايا حيوانات تشبه هذه. وكان كارنجي المثري الأمريكي أهدى متحف برلين حيوانا سموه ديبلودوكوس زعمهم انه اكبر زاحف في الأرض ولكن تبين في المستعمرة الألمانية الإفريقية ما هو أضخم منه جثة يبلغ طوله مترين و45 سنتيمترا على حين بلغ طول حيوان كارنجي أكثر من متر و82 سنتيمترا وطول أعظم فقرة من عظمه من ناحية عنقه 62 سنتيمترا في حين أن مثلها في الحيوان الإفريقي مت و81 سنتيمترا وعظم العضد في الأول 92 سنتيمترا وعظم العضد الثاني يتجاوز المترين ورأس الزحاف الإفريقي صغير بالنسبة لحجمه جسمه.
الهجرة الايطالية
لم يهاجر منذ سنة 1866 إلى 1908 اقل من 5813460 مهاجرا إيطاليا أي ما يعادل مجموع سكان الجمهورية الفضية أو سكان الجزائر وقد كان المهاجرون عرضة لتلاعب اللصوص والمحتالين عندما يغادرون بلادهم فيتلاعب المتلاعبون بعقولهم وأكثرهم من ضعاف العقول بالطبع فانتبهت الحكومة الايطالية والشعب الايطالي للأمر تألفت جمعيات كثيرة في أمهات مدن أميركا الشمالية والجنوبية لاستقبال مهاجري الطليان والسير بهم في الطرق الموصلة القريبة إلى احتياز المال والعيش الخصال وهكذا تم لهم ذلك. وللسوريين على ضعفهم ف تلك الأصقاع جمعيات من هذا القبيل وكانت ضئيلة ولكنها تخدم الهجرة والمهاجرة.
السرطان البحري
لما كان السرطان البحري في أميركا اكبر من السرطان الأوربي مرتين أصبح الطلب عليه كثيرا والرغبة فيه ولاسيما للتقليد أكثر مما يصاد منه. وقد عمدت أميركا إلى تنميته بالطرق الصناعية الكثيرة فلم تفلح وقضت بان يكف عن صيده ولو بضع سنين فلم يسمع لها خصوصا وأن كثيراً من الأسماك الكبيرة تسطو عليه عندما يكبر وإذا كان صغيرا فأبناء نوعه يأكلونه ولو لم يكن قليل الإمراض لفني منذ زمن طويل. وكان هذا النوع في أميركا ضعفي ما هو عليه اليوم ووزن الواحدة منه خمسة إلى ستة كيلو تباع بالواحدة إما اليوم فيباع بالوزن. ونوعه يقل كما يقل عندنا السمك البحري والنهري لأن الصيادين يصيدونه في الغالب بوضع قذائف من الديناميت تقتل كباره وصغاره والحكومة تمنع ذلك ولكن منعها حبر على ورق.
الاقتصاد في الوقت
من أعظم ما يشكو منه أرباب الصحف كثرة ما يرد عليهم من المقلات التافهة والعبارات الساقطة لا يعرف ذلك إلا من يعانيه ولذلك كثيرا ما يضطرهم الوقت إلى عدم إتمام قراءة ما يعرض عليهم فيدركون ضعفه لأول وهلة فيوفرون بذلك أرقاتهم. وقد شعر أرباب المطابع والمجلات والجرائد في أميركا بهذا الأمر فأصبحوا إذا لقيت إلى احد الطابعين رواية ليراها هل تصلح أم لا ينظرون إلى اسم مؤلفها فان كان ممن له شيء من الشهرة تدفع قصته إلى من يقرؤها وتكلف قراءة قصة مؤلفة من مئة إلف كلمة خمس ليرات فإذا جرى في كل قصة في إدارته نصف ريال فإذا كانت القصة من قلم من يجدر أن يقرا كتابة تدفع إلى أمين سر المحل وساعته تساوي اثني عشر فرنكا فتأمل.
الحمامات
عادة الاستحمام قديمة جدا ورد ذكرها في أساطير الأقدمين ويقال أن البطل هركول اليوناني بما استمتع به من القوة والعضلات المفتولة لاعتياده الاستحمام بالمياه فاشتهرت حماماته ودعي كثير منها باسمه وكذلك ديان وايزون المشهورتين في الأساطير اليونانية فأنهما حفظا صحتها بل جعلت لهما بالمياه قوة زادت عن القوة المعتادة عشرة أضعاف. ولقد كان القدماء يعتبرون الماء البارد دواء ينجع في كل الأدواء ذكرت ذلك التوراة وأشارت إليه في مواطن كثيرة. وكان للعبرانيين حمامات منذ العهد الأقدم وهي ولا جرم ضرورية لهم لحرارة الجو في البلاد التي نزلوها وقد فرض موسى الاستحمام ولاسيما على النساء وكان المصريون يرون الاستحمام من الواجب وكذلك الآشوريون على ما تراه إلى اليوم فيما اخرج من آثار بلادهم من بقايا الحمامات وجميع أمم الشرق ترى الوضوء فرضا دينيا ومنها ديانة ماني وزردشت والإسلام. وكانت الحمامات في يونان على اختلاف أنواعها بحرية أو نهرية عامة للكل يستحم فيها من يريد والرشاش من الأمور العادية في يونان وكان لرومية حمامات فاخرة فيها أنواع الراحة من حجر للتعريق وأخرى للتمسيد وغيرها للتبريد وأخرى للدلك والتغميز. وكانت هذه الحمامات وسيما حمامات أغربيا ودبوكلسين وكاراكالا تنفع جد النفع وكثير من الرومانيين والرومانيات كانوا يستحمون في نهري التبر وكانون وكثيرا ما كان حكام رومية يطلقون ألسنتهم في إنكار اختلاط الرجال بالنساء وكان في القرون الوسطى في الغرب حمامات على اختلاف أنواعها وفي القرون الحديثة أدخلت عليها تعديلات جسيمة هذا ما قالته إحدى الصحف الإفرنجية إما حمامات الشرق فقد اشتهرت شهرة فائقة ومن أحسنها اليوم حمامات دمشق فيما نحسب وان كانت تحتاج لشيء من مراعاة قواعد الصحة كان يرجع أربابها عن استعمال المغطس يغوص فيه مئات كل يوم وفي بعضهم من الإمراض الجلدية وغيرها ما تمكن سرايته وتغسل المناشف كل مرة فلا يعطى لزيد مانشف به بدن عمرو ففي ذلك من الضرر مالا يخفى على لبيب محله فقد صار من المثل عندهم أن الشيء الفلاني مبذول لفوطة الحمام من بدن إلى بدن.
المحاضرات والمسامرات
أصبحت المحاضرات والمسامرات في الغرب من الأمور الطبيعية الشائعة في مجتمعاته فالمحاضرون درجات وكذلك الحضور ومنهم الوسط ومنهم العاطل
والكل في الأغلب يصفق لهم تحسينا ويستمع لما يقولون استحسانا أو تصبرا أو تأدبا ويثنون عليهم في الجرائد. وهذا العلم يحتاج إلى قابلية لدنية وطبيعة كسبية ولا يجيد في المجيدون إلا بالتدريج والاستعداد للإجادة متوقف على معلومات منوعة وأدلة لم تعرف وتفاصيل عربية جديدة والارتجال يصعب فيها فالواجب أن تعين لها خطة وحجج تجعل على نظام خاص. ويختلف المدخل والمخرج والمخرج منها باختلاف الموضوعات والأحوال وعلى المحاضر أن يتبين استحسان سامعيه له من النظر إلى عيونهم فان رآهم فرحين عرف أن لكلامه تأثير فيهم. وفي فرنسا وألمانيا وانكلترا وإيطاليا تلقى المحاضرات بدون لاحق فإذا تكلم التكلم سمع السامع أما في اليابان فان المنابر جعلت على صورة يشخص فيها المحاضر محاضرته أو مسامرته تشخصا يلذ سامعيه ويضحكهم كأن تجعل نافذة تحت رجله فتفتح وتبتلعه فيختفي عن الأنظار ويأخذ الحضور يقهقهون وفي افريقية الوسطى يتبع الخطيب خطابه بحركات متتابعة ويقف على ساق واحدة ويده اليمنى مستندة إلى ركبته المنحنية واليسرى فوق رأسه وهذا من أدوات الإقناع والتأثير في ذهن السامعين من الزنوج وحالة الحضور اضحك لما فيها من التصفيق وإشارة اليدين وفتحة الأفواه والأشداق.
إصلاح اجتماعي
التام في مدينة الله آباد من مدن الهند مؤتمر مثل فيه كثير من أعضاء الجمعيات الراقية الهندية فقرر المؤتمر إبطال زواج الأولاد لأن الصبيان كثيرا ما يخطبون بعض أقاربهم وهم بين الثانية عشرة والرابعة عشرة فلا يلبثون أن يتزوجوا منهن فتجيء ذرياتهم ضعيفة لا تقدر على مقاومة الطاعون ولا القحط فحدد المؤتمر سن الزواج وجعلها 16 للبنات و25 للرجال وقرر أيضا إبطال الزواج إلا من طبقات مخصوصة لأن طبقات الهنود تعد بالمئات وكل طبقة يفرض عليها أن لا تتزوج إلا من أهل طبقتها فإذا وقع وهي من الممالك الهندية المستقلة يقضي أن لا تكون سن الزواج اقل من ثماني عشرة وسن الزوجة ست عشرة.
عمء العلم
قالت إحدى المجلات الإيطالية أن الحكومات تشابهت منذ أربعين سنة فإذا ما نظرنا إلى التعليم العالي في الأمم على اختلاف قاراتهم نراه ينبعث من 218 مدرسة كلية 189 مجمعا علميا جامعا و 434 مجمعا علميا غير جامع و 39 مجمعا علميا (أكاديمياً) و 1363جمعية علمية منتشرة في الأصقاع المختلفة ومنها واستراليا واسيا التي تهب من سباتها وافريقية التي تنتفض من قبور الظلمات. ولكي ندبر سرعة هذه الحركة يجب علينا أن نعتبر بان ألمانيا قد ارتقى عدد أساتذتها في المدارس العليا من سنة 1887 إلى 1908 من 2095 أستاذا إلى 3247 والنمسا من سنة 1885 - 1907 من 808 إلى 1308 وسائر البلاد تحذو هذا الحذو في ارتقائها وكذلك الحال في زيادة عدد المتعلمين وربما نما أكثر من عدد المعلمين فقد كان لفرنسا مثلا سنة 1907 - 781 طالبة في الأدب والفلسفة من الفرنسويات و 806 من الأجنبيات إما سائر الفروع فقد كان دارسوها في فرنسا 3160 طالبة منهن 1666من الفرنسيس والباقيات أجنبيات وكان لألمانيا في سنة 1908 (453) طالبة ألمانية و67 أجنبية في الفلسفة ومجموع الطاليات في الفروع الأخرى 1132 منهن 159 غير ألمانيات ولهولندا 506 طلبة ولرومانيا 440 وهكذا كثر الميل إلى التعليم العالي أكثر من زيادة عدد السكان.
الاستعمار الألماني
القي احد أساتذة كلية ميونيخ ومدير المدرسة التجارية العالية خطابا في سياسة الاستعمارية الألمانية قال فيه: أن ألمانيا دخلت ميدان الاستعمار منذ خمس وعشرين سنة في زمن تزايدت فيه الهجرة من بلادها أيام هاجر 540 ألفا بين سني 1880 - 1883 و875 ألفا بين سني 1881 - 1885 وكان قد مضى نصف قرن على ألمانيا وأبناؤها ينتشرون في الأرض. وادعى دعاة الاستعمار أنهم كانوا يستخدمون الهجرة بتحويل وجهة المهاجرين نحو البلاد التي يخفق عليها العلم الألماني. فقد ربحت ألمانيا من سنة 1884 - 1885 إلى سنة 1910 مليونين ونصف المليون كيلومتر مربع كان فيها سنة 1910 - 20074 رجلا من البيض يدخل فيهم الجند ورجال الشرطة وهم 13662 رجلاً و3337 امرأة و3075 ولدا فإذا اخرج منهم الأجانب بقي من هذا العدد 16000 ألماني فقط. وليس للألمان اليوم حاجة للأراضي الجديدة ينزلها الفائض من بينهم كما كانوا قبل خمس وعشرين سنة فقد زاد عدد سكان ألمانيا من 45 مليون سنة 1882 إلى 65 مليونا سنة 1910 وكان يبلغ معدل المهاجرين 171 ألفا سنة 1881 - 1885 فلم يتجاوز معدله سنة 1906 - 1909 أكثر من 26893 ويستدل على أن الألماني يجد ما يعمل اليوم في بلاده وان عدد العملة قد زاد في ربع قرن من أربعة ملايين إلى ثمانية ملايين وسدس وعدد عملة التجارة من 700 ألف إلى مليون وتسعمائة ألف وكان عدد الأجانب في ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر 484423 فأصبح 1007179 سنة 1905.
ومناجم فستقاليا والإعمال الزراعية الكبرى وأعمال البناء كلها تحتاج إلى عاملين في ألمانيا فيجيئها العملة من النمسا ومن روسيا بحيث بلغ عدد العملة فيها من غير أبنائها 585000 في سنة واحدة. وألمانيا تستخرج من مستعمراتها المواد الأولى اللازمة لها في صناعتها التي يعمل في صناعة القطن وحدها ثلاثمائة ألف من الألمان ومع هذا فان ما تصدره مستعمراتها إليها البالغ في السنة الماضية 70 مليون مارك أي واحدا في المائة من مجموع الواردات الألمانية فلا تصدر مستعمراتها مثلا أكثر من 800 الف مارك من القطن في حين يساوي قطنها اللازم لها 532 مليونا وليست المستعمرات الألمانية كلها صالحة الآن لسكنى البيض فإذا حذفنا مستعمرات ألمانيا في الجنوب الغربي من افريقية بلغت مساحة مستعمراتها 1، 800، 000 مليون مربع منها 5661 فقط يعمل فيها 70 ألف زنجي ويشارك الأوربيون في استعمارها واستثمارها وسكان مستعمرات ألمانيا كلهم 14 مليونا يصيب كل فرد من أهلها خمسة ماركات من الصادرات في حين يصيب الفرد في جاماييك 48 ماركا وفي ترنيداد 175 ماركا. وقد أنشا الألمان في مستعمراتهم 3526 كيلو مترا من الخطوط الحديدية و 1468 كيلو مترا آخذون بإنشائها. والصعوبة في مستعمرات الألمان أن العيش على البيض متعذر ولذلك تراهم يضطرون إلى الزواج من بنات البلاد السود فيأتي أولادهم خلاسيين وقد يكون فيهم عيوب آبائهم هذا مع أن العامل الأوربي يقبض عمالته زهاء خمسة ماركات والعامل الوطني لا ينال نصف أجرته إلا بشق الأنفس. وقد أساءت ألمانيا بسياستها العسكرية التي جرت عليها مع الزنوج فأبادت الهر وروس العصاة عن بكرة أبيهم ليحل محلهم البيض هذا وافريقية قليلة بسكانها وأرضها محتاجة لاستخراج كنوزها إلى أيد عاملة قد يتعذر جلبها من أوربا لرداءة المناخ لأن واستراليا قد جلبت من انكلترا 760 ألف انكليزي أعطوا جوائز عن عملهم أراضي يستثمرونها فكانت باعثة لهم على التوطن في البلاد. وحيثما يكثر السكان في افريقية يكتفي الأوربيون بالتجار مع الوطنيين. والمدنية الأوربية تقرض الزنوج فقد بلغ عدد من يموت من العملة السود في الترنسفال 28 في المئة نصفهم بإمراض الكبد كما يهلك الكثير منهم ومن غيرهم بمرض النوام الذي يحاربه الغربيون ليتغلبوا على فتكاته بأدويتهم فيفيدوا الإنسانية والأمور الاقتصادية.
وقد تبين بالاختبار أن سياسة الاستعمار التي ترمي إلى ملاحظة مصالح الوطنيين وتعنى بتكثير سوادهم هي نافعة من حيث الوطنية ورابحة من حيث المالية فالعمل الإجباري لا ينتج وما قط كانت له ثمرات كالعمل الحر المطلق - انتهي عن مجلة الاقتصاد بين الفرنسوية.
نتائج الحروب
نشرت مجلة أدلة الترقي مبحثا قالت فيه أن الأفكار العامة في أوربا اليوم اختلفت كثيراً في تصور معنى الحرب والسلام عن سنة 1880 وكثر العاملون للسلام والقائلون به والداعون إليه إذا نظر إلى الصلات الاقتصادية بين الأمم نرى أن الحروب لا تدوم كثيرا لأن الغالب يخسر كالمغلوب أو أكثر. وما الباعث الرئيسي للنجاح في الشعوب الأوربية إلا كثرة السكان والشدة في تحصيل الرزق فالإنسان مصرف لأخيه الأخر ولذلك كان العيش في البلجيك وسويسرا اشق مما هو في جرمانيا لكثرة نفوس هذه. وما تاريخ القرون الغابرة إلا فتوح طويل بطيء لاستحصال الخبز وهو إلى الآن غير مضمون الحصول للناس كلهم. إننا نسكن كتلة من التراب الموحل مساحتها 126 مليون كيلو متر مربع وفيها نحو1500 مليون من البشر والأراضي إلى عهد قريب كانت موزعة توزيعا غير معقول على السكان. إنا نسكن على هذه الأرض ويسكن معنا أنواع من الحيوانات وما قط رأينا أبناء الجنس الواحد منا يأكل بعضها بعضا ويفترس احدها الآخر. وللإسراع بالانتفاع من هذه الأرض في حاجاتنا وجب أن يكون الشرط الأول فيها أن يتفق جمهور العاملين من البشر. أن العقل يرشدنا إلى أن جهادنا عبارة عن التغلب على المصاعب والمصائب الطبيعية لا أحداث أمور من مثلها طبيعية. علينا امن نحفر أقنية ونخرق جبلاً لا أن نقيم سدودا كسدود الصين. ولذا وجب أن تزال تلك الحدود المصنعة ليعيش الناس العاملون عملا عاما. والاستعباد العسكري واستغراق ميزانيات الدول في الإنفاق على الجيوش هما من اكبر دواعي الضعف فان المدينة الأوربية تنفق في السنة عشرين مليارا من الفرنكات في هذه السبيل فمنذ سنة 1870 انفق الغرب مبلغ خمسمائة مليار بلا طائل فلو أبطلت الحروب منذ أربعين سنة لاستطاع البشر كلهم أن يأكلوا كما يريدون اليوم.
أيظن الظانون أن البشر يرضون بعد أن يعمل المرء ساعة كل يوم زيادة حتى يقف الملوك ورؤساء الجمهوريات يستعرضون الجيوش أيام الأعياد الوطنية فقد أدرك الناس اليوم أن الحرب ليست لا جناية وهي حماقة ورقاعة. ليس الجهاد في الحياة بين الأخ وأخيه بل بين الإنسان والطبيعة يذللها كما يشاء ليكون مقامنا في هذه الأرض مقبولا محمودا. وللوصول إلى هذه الحياة يجب نزع فكر الحروب من العقول وذلك بوجوه كثيرة أولها تربية الأطفال والبالغين. فإذا فكر كل إنسان كما يفكر كاتب هذه المقالة تنقلب الحال عما قريب. على أن العالم سائرون الآن للسلام وان كان على طريقة مهمة فالسبيل إلى ذلك أن يحدد حمل السلاح بحيث يؤول ذلك إلى نزعه بالتدريج وان يتحد المتجانسون من الشعوب اتحادا سياسيا فيتحد سكان الغرب من أوربا أي الفرنسيس والانكليز وتتحد الممالك البلقانية وتتحد الممالك الوسطى أي النمسا وألمانيا وتعقد معاهدات التحكيم بكثرة. لا جرم أن الأمم اليوم يقترب بعضها من الآخر بما ينشؤن من العهود ويعقدون من الوفاقات ويجتمعون عليه من السباقات والمؤتمرات والزيارات ولكن الطريقة الناجعة في ذلك أن يكون لمحكمة لاهاي الصلحية يد اقوي في إيقاف كل امة عند حد معين من التسلح وذلك بان يقاطعها كل الأمم على السواد فإذا وقع خلاف بين ألمانيا وفرنسا وكانت الأولى معتدية يعلن عليها الدول كلهن المقاطعة فلا تلبث أن تعود إلى رشدها في ثماني وأربعين ساعة على الأكثر فقد قاطع الصينيون اليابانيين والأمريكيين وقاطع العثمانيون النمساويون بتدبير إفراد منهم فكم تكون المقاطعات الدولية عظيمة إذا صدرت عن الحكومات مباشرة.
طرابلس وبرقة
يصدر هذا الجزء والحرب البرية البحرية يتلظى أوارها بين جيوش الدولة العلية ودولة إيطاليا لاعتداء هذه على طرابلس الغرب العثمانية بدون مسوغ دولي معقول وبهذه المناسبة رأينا إن ننقل للقراء شيئا من وصف تلك البلاد وتاريخها فنقول:
طرابلس هي القسم الشرقي من بلاد البربر يحدها من الشمال البحر الرومي ومن الشرق لواء بنغازي ومصر ومن الجنوب الصحراء ومن الغرب الصحراء وتونس ومساحة طرابلس مع بنغازي 1200. 000 كيلو متر مربع في رواية أي قدر ولاية سورية 13 مرة أو ستة أضعاف مساحة تونس ونحو ثلاثة إضعاف ونصف مساحة إيطاليا - وسكانها زهاء مليونين وهواء السواحل منها من جهة سهول برقة وما جاورها معتدل. إما في جهة الجنوب أي في فزان فالحرارة تغلب عليها وأنهارها قليلة ليست سوى جداول لأن مياهها تتبخر بشدة الحرارة وتضيع في الرمال المحرقة وأكثر شرب أهلها من صهاريج تملأ بماء السماء كان ذلك قديما ولا يزال إلى اليوم. وسواحلها منبتة في الجملة ولا سيما جهات برقة فإنها تخرج أنواع الحبوب والبقول والثمار والزعفران والحلفا البرية والتمر والبرتقال والليمون والتين والزيتون ومن سواحلها يستخرج الإسفنج والمرجان وأنواع الأسماك.
ويقسم هذا الصقع بحسب التقسيم الإداري الأخير إلى ولاية ذات أربعة ألوية ولواء مستقل وهو بنغازي فلواء طرابلس يدخل فيه تسعة أفضية وهي قضاء طرابلس والنواحي الأربع وغربان وأورفلة وترهونة والزاوية وزوارة وعزيزية ويجيلات ولواء خمس وهو مؤلف من خمسة أقضية وهي القضاء ومصراطة وظلتين ومسلاطة وسرت ولواء الجبل وهو أربعة أقضية بفرين وغدامس ونالوت وفساطو ولواء قزان وهو أربعة أقضية مرزوق وسوكنة وشاطي وعات وفي هذه الولاية عشرون ناحية تنبع الأقضية وفي لواء بنغازي أربعة أقضية وهي بنغازي ودرنة ومرج وأوجلة وجابو وجداية وعشر نواح وبنغاري في المدخل الشرقي من السرت الكبرى وحاضرة برقة وتجارتها مع خانيا ومالطة ووادي في السودان الشرقي حسنة في الجملة وكان اسمها بيرنس
وأشهر مدن هذا القطر اليوم طرابلس الغرب أضافوا أليها الغرب تمييزاً لها عن طرابلس الشام سميت الولاية باسمها وكانت الولاية ولا سيما قسمها الشرقي نحو بنغاري تسمى برقة قديماً ومدينة حمس على الساحل وقصر بفرين ومرزق وغات وبنغاري على الساحل ودرنة وأوجلة وهما واحتان مشهورتان. وسكان طرابلس محو أربعين ألف نسمة وسكان بنغاري زهاء عشرين ألفاً.
وبرقة كما قال ياقوت اسم صقع كبير بشتمل على مدن وقرى بين الإسكندرية وأفريقية (تونس) واسم مدينتها انطابلس وتفسيره الخمس مدن ولها ساحل يقال له أجية وساحل آخر يقال له طلموية وبين الإسكندرية وبرقة مسيرة شهر من الفسطاط (مصر) إلى برقة مائتان وعشرون فرسخاً وهي مما افتتح صلحاً على يد عمرو بن العاص سنة 23 برقة إلى القيروان (تونس) مائتان وخمسة عشر فرسخاً قال المقدسي ومن مدن برقة ذات الحمام. رمادة. اطرابلس. أجدابية. صبرة. قابس. غافق. وبرقة قصبة جليلة عامرة نفيسة كثيرة الفواكه والخيرات والأعسال مع يسار وهي ثغر قد أحاط بها جبال عامرة ذات مزارع على نصف مرحلة من البحر في هوة قد أحاط بها تربة خمراء شربهم من آبار وما يحوونه من أمطار في جبات وهي على جادة مصر يحسنون إلى الغرباء أهل خير وصلاح واطرابلس مدينة كبيرة على البحر مسورة بحجارة وجبل شربهم من آبار وماء المطر كثير الفواكه والإجاص والتفاح والألبان والعسل واسمها كبير. وأجدابية عامرة بنيانهم حجارة على البحر وشربهم من الأمطار وسرت كذلك ولهما بواد وشعاري. وصبرة في بادية وهي حصينة بها نخيل وتين شربهم من ماء المطر. وقابس أصغر من اطرابلس لهم واد جرار وبنيانهم من الحجارة والآجر كثيرة النخيل والأعناب والتفاح مسورة باديتها بربر. وغافق ناحية واسعة كثيرة القرى والأسواق على أيام الجمعة بحرية ومن الناس من ينسبها إلى إفريقية (تونس) وذات الحمام مدينة عمرت من قريب.
وكانت طرابلس من عمل تونس في القرون الأولى للإسلام ثم غلب اسمها على الكورة وأصبحت بنارة قصبتها وذلك بد ثورة برقة وغلبة الخراب عليها وقد وصف ابن حوقل الجغرافي هذه البلاد في القرن الثالث وقد زارها فقال:
إن برقة مدينة وسطة ليست بالكبيرة الفخمة ولا بالصغيرة الزربة. ولها كورة عامرة وغامرة وهي في بقعة فسيحة يكون مسيرتها يوما كبيراً في مثل ذلك ويحيط بالموضع جبل من سائر جهاتها وأرضها حمراء خلوقية التربة وثياب أهلها بالفسطاط من بين أهل الغرب بحمرة ثيابهم وتغيرها ويطوف بها من كل جانب بادية يسكنها الطوائف من البربر وهي برية بحرية جبلية ووجوه أموالها جمة وهي أول منبر ينزله القادم منت مصر إلى القيروان.
وبها من التجار وكثرة الغرباء في كل حين ووقت ملا ينقطع طلاباً فيها من التجارة وعبرواً عليها مغربين ومشرقين وذلك أنها تنفرد من التجارة التي ليست في كثرة من المغرب مثلها والجلود المجلوبة للدباغ والتمور الواصلة إليها من أوجلة ولها أسواق حارة من بيوع الصوف والفلفل والعسل والشمع والزيت وضروب المتاجر الصادرة من المشرق والواردة من المغرب وشرب أهلها من ماء المطر في مداجن تدخر وأسعارها في أكثر الأوقات فائضة بالرخص في جميع الأغذية.
ويليها أجابية مدينة على صحاح من حجر في مستوى بناؤها من طين وآجر وبعضها بحجارة ويطيف بها من أحياء البربر خلق كثير ولها زروع مباخس وليس بها ولا ببرقة ماء جار وبها نخيل حسب كفايتهم وبمقدار حاجتهم وواليها القائم لما عليها من وجوه أحوالها وصدقات بربرها وخراج زروعهم وتعثير خضرهم وبساتينهم هو لا ميرها وصاحب صلاتها ولها من وراء ذلك لوازم على القوافل الصادرة والواردة من بالد السودان وهي قريبة من البحر ترد عليها المركب بالمتاع والجهاز وتصدر عنها بضروب من التجارة وأكثر ما يخرج عنها الأكسية المغاربة وشقف الصوف وشرب أهلها من ماء السماء.
وأوجلة منها على أيام بين غربها وجنوبها وهي بلد ذات نخيل عظيمة وغلات لتحصل منها لأهلها جسيمة ومنها إلى ودان طريق قصد هذه ناحية ومدينة في جنوب مدينة سرت وهي جزيرة لا لقصر في رخص التمور وكثرتها وجودتهاعن أوجلة. وسرت مدينة ذات سور صالح كالمنيع من طين وبها قبائل من البربر ولهم مزارع وهي على البحر ترد عليها المراكب بالمتاع وتصدر به عنها من جهاز الصوف ما لا يقصر عن أجدابية وبرقة.
وأما طرابلس فكانت قديماً من عمل إفريقية وسمعت من يذكر أن عمل إفريقية لما كانت طرابلس مضافة إليها معروف معلوم وذلك أنه من صبرة وهي منزل من طرابلس على يوم وهي مدينة من الصخر الأبيض على ساحل ابحر خصبة حصينة كبيرة صالحة الأسواق واسعة الكورة كثيرة الضياع والبادية وارتفاعها دون برقة وبها من الفواكه الطيبة اللذيذة الجديدة الشبه بالمغرب وغيره كالفرسك والكثري اللذين لا شبه لهما في كثير من المواضع وبها الجهاز الكثير والصوف المرتفع وطيقان الأكسية الفاخرة الرزق النفوسية الرفيعة الثمينة إلى مراكب تحط عليها ليلاً ونهاراً وترد بالتجارة على مر الأوقات والساعات صباحاً ومساءً من بلد الرزم وأرض المغرب بضروب الأمتعة والمطاعم وأهلها قوم موقرون من بين من جاورهم متميزين بالتجمل في اللباس وحسن الصورة والقصد في المعاش إلى مروات ظاهرة وله عشرة حسنة ورحمة مستفيضة ونيات جميلة إلى مراء لا يفتر وعقول مستوية وصحة بنية ومعاملة محمودة ومذهب في طاعة السلطان سديد وراطات كثيرة ومحبة للغريب وثيرة ولهم في الخير مذهب من طريق العصبة لا يداينه أهل بلد. وأما قابس فإنها ذات مياه جارية وأشجار متهدلة وفواكه رخيصة ولها من التمر والزروع والضياع ما ليس جاورها من زيتون وزيت وغلات وعليها سور يحيط به خندق ولها أسواق وجهاز كثيرة ويعمل بها الحرير ويدبغ بها الجلود وينئابها التجار ولها صدقات وزكوات وضرائب وجوال على اليهود وسائمة كبيرة أه -.
وقال اليعقوبي في كتاب البلدان: وحوالي برقة أرباضص لها يسكنها الجند وغير الجند وفي دور المدينة والأرباض أخلاط من الناس وأكثر من بها جند قدم قد صار لهم الأولاد والأعقاب وبين مدينة برقة وبين ساحل البحر المالح ستة أميال وعلى ساحل البحر مدينة يقال لها أجية وساحل آخر يقال له طليمشة. وبرقة أقاليم كثيرة تسكنها بطون من البربر ولها المدن برنيق وهي على ساحل مدينة البحر المالح ولها مينا عجيب في الإتقان.
والجود تجوز فيه الراكب وأهلها قوم من أبنائ القدم الذين كانوا أهلها قديماً وقوم من البربر ومن مدينة أجدابية إلى مدينة سرت على ساحل البحر المالح خمس مراحل وآخر حد برقة على مرحلتين من مدينة سرت بموضع يقال له تورغة وخراج برقة قانون قائم كان الرشيد وجه بمولى يقال له بشار فوزع خراج الأرض بأربعة وعشرين ألف دينار على كل ضيعة شيء معلوم سوى الأعشار والجوالي خمسة عشر ألف دينار بما زاد وربما نقص والأعشار للمواضع التي لا زيتون بها ولا شجر ولا قرى مقراة. ولبرقة عمل يقال له أوجلة وهو في مغزة مغر لمن أراد الخروج إليها ينحرف إلى القبلة صم يضير إلى مدينتين يقال له لإحداهما جالو وللأخرى ودان وهذه من أعمال برقة المضافة ومن مدينة شرت إلى وادي مما يلي القبلة خمس مراحل ووراء ذلك بلد زويلة مما يلي القبلى وسكانها أباضية أي خوارج وفران جنس يعرق بقزان أخلاط من الناس لهم رئيس يطاع فيهم وبلد واسع ومدينة عظيمة وتسمى برقة انطابلس هذا اسمها القديم.
وبعد فهذا من أحسن ما وصفت به طرابلس وبرقة ومنه درجة عمرانها في القديم أما اليوم فقد قال واصفوهما فيهما بأنهما مختلفة أحوالهما باختلاف كورهما فسواحل الشمال من سرت مقفرة ومن الشرق خضراء نضرة وهي برقة ومن نحو فزان مصخرة. وبلاد طرابلس أشبه بالصحراء وفي الساحل مناجم الكبريت وفي بحيرة قزان المالحة النطرون وشجر الحلفا ببناء تجارة الإنكليسز والصناعات محصورة في المدن الكبرى مثل طرابلس وبنغاري واشتهر بالتجارة سكان وغدامس وكانت القوافل تسير من طرابلس إلى داخلية إفريقية تحمل الأقمشة والخردوات والأسلحة والزجاج والبارود وتعود منها بالعاج والجلد والصمغ والشمع وريش النعام والتبر.
وسكان طرابلس مزيج فالبربر ينزلون الجبال والعرب السهول ويكثر فيها الزنوج لأن سوق الرقيق قبل إبطاله كانت فيها رائجة وفيها نحو خمسة آلاف مالطي لقرب سواحلها من جزيرة مالطة وهم منتشرون في المدن الساحلية كما أن فيها زهاء ألف إيطالي ومحو خمسة آلاف يهودي أكثرهم في السواحل وليس في أخل البلاد مسيحيون أصليون وكانت طرابلس من أهم المدن التجارية ومنها كانت تسير القوافل المهمة إلى داخلية إفريقية فما برج الفرنسيس منذ استولوا على تونس يحاولون سلبها هذا المركز حتى فقدت مركزها التجاري وتحولت وجهة القوافل إلى تونس وخصوصاً بعد أن عمرت إنكلترا أعالي النيل والسودان الشرقي وفتحت الطرق الجديدة إلى بحيرة تشاد من النيجر والكنونغو فلم تعد برقة مركز الاتصال بين الساحل واواسط إفريقية.
وكان اليونان في القرن السابع بل الميلاد أشأوا مدينة برقة متخيرين لها لجودة هوائها وغناها وازهرت على أيامهم كما أزهرت قرطاجنة واغتنى أهل برقة بتجاراتهم الواسعة مع داخلية إفريقية إلا أنهم انصرفوا إلى اليذخ والرفاهية فاضمحل عمرانهم بعد أن أخرجت برقة مثل أرشيب الفيلسوف وكاليماك وأيراتوستين وخلف بنوها من الآثار التاريخية التي تدل على عظمتها اليوم خرائبها المدهشة.
وتاريخ طرابلس الغرب القديم غارق في ظلمات الخلفاء لا يعرف عنه إلا أن البربر بعض سكانها الحاليين كانوا فيها. وقبل المسيح ببضعة قرون كانت أنحاء طرابلس بيد الفينيقين وقسم منها للقرطاجيين أما جهة برقة فاتخذها اليونان مهجراً كما يهاجرون اليوم سواحل مصر وغيرها، ولقد أنشئت في جهات طرابلس ثلاثة بلاد (تربوليس) ومنها اشتق اسمها فقال العرب طرابلس وأنشأ اليونان في جهة برقة خمس قصبات سموها يندابوليس ثم صار حكم طرابلس إلى يد حكام البرب في توميديا بعد سقوط دولة القرطاجيين واستولى البطالسة المصريون على برقة ثم استولى الرومان على كل من إقليمي برقة وطرابلس ووسعوا تخوم حكومتهم إلى قزان وغدامس.
كانت طرابلس الغرب وجهات الشرق من تونس والجزائر معروفة عند الرومان باسم إفريقية وكذلك أطلق العرب على هذه الأصقاع اسم إفريقية. ولما تخلى الرومان عن هذه البلاد استولى عليها الروم اليزنطيين وفتحها عقبة بن رافع في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ثم استولى عليه الأمويين وبقيت مدة في يد بني الأغلب على عهد العباسيين ثم حكمها الفاطميون وكانت معقلاً من معاقل الخوارج ولذلك كانت فيها أيام مشهودة ولم يزل في بعض أنحائها بقايا منهم.
ولقد تألفت فيها عدة حكومات صغيرة وبعضها كان مهماً على عهد الإسلام وأكثر ما تكون طرابلس تابعة لتونس في حكومتها وعلى عهد السلطان سليان خان استولة على طرابلس طغورت باشا مسترداً لها من فرسان مالطة وكانوا استولوا عليها بعد أن سقطت الأندلس في أيدي الإسبان فالحها هذا القائد بالمملكة العثمانية ودامت تدار شؤنها دهراً على صورة أيالة صم أقطعت لأسرة فره مانلي فلم يلبث أن استحكم الخلاف بين أفرادها فأرسلت الدولة سنة 1208 أسطولا ووالياً من لدنها ضبط البلاد.
وفي سنة 1092 بعثت اسبانيا أسطولا إلى طرابلس فكادت تتغلب عليها لأن قلاعها يومئذ لم تكن فيها القوى الكافية فلما رأى الوالي عجزه عن المقاومة اتفق مع الأسطول على دفع غرامة حربية على عهد السلطان أحمد الثاني رفض الوالي الصلح الذي أبرمه سلفه مع حكومة اسبانيا فبعثت خمسة عشر مركباً بقصد احتلال طرابلس فاتفق الأهالي مع العساكر وتغلبوا على الأطول المذكور وفي سنة 1217 قدمت أساطيل أميركيا لطرابلس لأن أسطولها كان يعاكس مراكب أميركا التجارية ويغنم منها كثيراً فطلب قنصلها من يوسف باشا قره مانلي تعيين ضريبة تقدمها حكومة أميركا إلى حكومة طرابلس في كل سنة فعين ضريبة عدها القنصل خارجة عن الحد فطلب تخفيضها بواسطة والي الجزائر فرفض يوسف باشا وساطته وأصر على طلبه فمكث أسطول أميركا عشرين يوماً يرمي طرابلس بالقنابل وقلاعها ترميه ثم رجع بعد أن غنمت حكومة طرابلس جزءاً منه وفي كل هذه المواقع كانت تشترك الأهالي مع العساكر في الدفاع.
ثم انتقض أهلها فاستعاد الأمر يوسف باشا وحكن البلاد إلى سنة 1248 ثم اضطر لاستقالته من حكم فأصبحت البلاد في حال اضطراب وهاجمها بنو سلميان من القبائل المشهورة مرات ونهبوها ثم عاد الأهلون فطلبوا إنقاذهم من شرور الاختلاف فبعثت الحكومة أسطولاً فضبطت القلاع على أيسر سبيل ثم عينت لها والياً. وكانت قزان من القديم تتبع طرابلس وتتبع أحياناً حاكم السودان وأحياناً شرفاء مراكش وبعد أن ضبط طغورت باشا طرابلس ألحق قزام بها.
وهذه الولاية الواسعة أو المملكة العظسمة ليس فيها شيء من الطرق المعبدة ولا من السكك الحديدية ولا تعرف الخزانات ولا أسباب الري وتكثر الأشجار ولانبات وتربية الحيوانات. تحمل بضائعها على الجمال وتقصد قوافلها ولا سيما قبل أن يستأثر الفرنسيين بها لتونس من تمبوكتو في أقاصي بلاد السودان مارة بواحات غات ومرزوق وغدامس أما مواصلاتها البحرية فلا يرمي في موانيها في الولاية غير البواخر الأجنبية ونصفها أو أكثر يحمل الأعلام الإيطالية ثم يجيء الإنكليز والفرنسيين وسائر الدول بكثرة مراكبهم وتبلغ تجارة طرابلس السنوية زهاء مليون ليرة منها 550ألف للواردات و460ألف ليرة صادرات منها 23ألف صادرات للبلاد العثمانية و42ألف ليرة واردات منها ولإنكلترا المقام الأول بين الدول بوارداتها البالغة 57ألف ليرة وصادراتها التي تبلغ 88ألف ليرة ثم تجيء فرنسا فالولايات المتحدة فالنمسا وقد بلغت مداخيل الحكومة منها سنة 323أش 16. 600. 000غرش.
السكك الحديدية الصينية
تقيم الصين الآن سكة حديد من عاصمتها بكين إلى كالقان مارة ببلاد المغول التي اجتازها التاتار في غاراتهم ولا تزال تجتازها القوافل وسيلتقي هذا الخط بخط ما وراء سبيريا الروسي ويختصر المسافة بين أوربا والشرق الأقصى بضع مئات من الكيلومترات.
ومن الغرب أنه تم من هذا الخط حتى الآن زهاء مائتي كيلومتر وجميع العاملين فيه صينيون ونفقاته من دخل بعض الخطوط الصينية الأخرى وقد بدأ هذا المشروع يربح ولذا عزمت حكومة بكين أن لا تعهد لأجنبي مهما كان أن يمد لها خطوطاً من هذا النوع وبذلك يقصتد المتعهدون من أجور اليد العاملة اقتصاداً كبيراً لأن الصيني يرضى بأجر أقل من أجر الأوروبي والأمريكي ويتبارى أبناء البلاد في العمل مدفوعين إلى تجويده بعامل الوطنية والصينيون اليوم يستخرجون من أرضهم الفحم الحجري اللازم لخطوطهم وليسوا الآن في حاجة لغير القاطرات يستصنعونها في أميركا ولكن يستغنون عنها عما قريب بما تنتجه مصانعهم فمتى تكون البلاد العثمانية وهي صاحبة الحضارات القديمة والذكاء الخارق كذلك.
الهيتيون
قال المجلة: دخلت دراسة الحضارات القديمة في آسيا الصغرى في دور جديد فقد تألفت جمعية ووضع لها دخل للإنفاق عليها من أجل إجراء الحفر في بلاد الهيتين والبت بتاً عملياً في علاقتهم مع شعوب يونان القديمة وسكان سواحل بحر إيجه (الأرخبيل) فإن مسألة الهيتين تهم في الدرجة الأولى علم الآثار وأصول الشعوب والجتماع. وإن هذا الشعب البائد كان مدة قرون منتشراً في آسيا الصغرى وسورية كما يستدل من الكتابات ومع هذا لم يعرف إلا بما أشارت إليه التوراة من الإشارات. ومنذ ثلاثين سنة أبان بحث علماء الشرقيات بحثاً عملياً أمثال الأستاذ سايس والدكتور وبرغت أن شعباً معاصراً للفراعنة كان ينزل حوض قزل ايرمق والفرات استولى عليه الكلدانيون مذ الزمن الأطول فاقتبس منه بعض أوضاعه المدينة التي كانت لها صبغة إقطاعية وكان الهيتيون قبل المسيح بعشرين قرناً مختلفين مع بابل ويمدون تخوم بلادهم إلى جنوبي سورية وإلى تخوم مصر التي نشب بينهم وبينها حرب على عهد رعمسيس الثاني. وفي القرن الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد استولوا على جزء عظيم من آسيا الصغرى. وكان الآشوريون يدعونهم خاتيس والعبرانيون حتى ختين - ودمروا في قرون ولم يبق منهم إلا تذكارهم أيام فتح الإسكندرية وامتزجت بقاياهم بالآراميين أو لجأوا إلى مضائق جبل طوروس.
وقد اكتشفت في خرائب مصانعهم القديمة ألواح كثيرة من الخزف كانت لهم بمثابة سجلات ولكن معظمها مما يصعب حله وليس للعلماء عنهم من المعلومات الحقيقية إلاى ما كان من الآثار المكتوبة بالخط الآشوري لتثبت عظمتهم أوائل الألف الأولى السابقة لمملكة الرومان بما كان من الأبحاث الحديثة فيهما حل مسألة تشغل العلم كثيراً ويعتبر الهيتيون اعتبارات بأنهم أقدم الشعوب المتمدنة.
إنكلترا والشاي
تكثر إنكلترا من تناول الشاي سنة بعد سنة ففي إحصاء سنة 1909 إنه يبلغ مشروبها منه 140مليون كيلو غرام يصيب الفرد منها ثلاثة كيلو غرامات ومعظم هذا الشاي تجلبه إنكلترا من بلاد الهند يبذل 160مليون فرنك يلزم لها ثلاثة ملايين ونصف من الفرنكات ثمن ورق ومقوى لوضع الشاي فيه لعدل قيمتها بثمانية ملايين فرنك.
فن تكثير السمك.
إن في تنمية الأسماك الجارية والغدران في البلاد تنمية ثروتها الاقتصادية بيد أن دخول الحضارة في كثير من الممالك زهد في تربية الأسماك وقليل في الأقطار ما عنيت عناية حقيقية بالأسماك واتخاذ الذرائع لتنميتها وأهم مصاب الأنهار لاستخراجها الأسماك في العالم في النيوات أحدى ولايات أميركا الشمالية وفيها مصب نهر المسببي العظيم وطوله من 500إلى 600كيلو متر ووضعه الجغرافي وأسبابه الطبيعية تجعله صالحاً لتكثير الأسماك وتتغذى جميع تلك الولاية من أسماكه ووزم ما يستخرج منه سنة عشرة سلايين كيلو تقدر بنحوا أربعة ملايين ويستخدم 1767 رجلاً في صيدها.