الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 52/عبث المشيب

مجلة المقتبس/العدد 52/عبث المشيب

بتاريخ: 1 - 6 - 1910


ظلم الرجال نساءهم وتعسفوا ... هل للنساء بمصر من أنصار

يا معشر الكتاب أين بلاؤكم ... أين البيان وصائب الأفكار

أيهمكم عبثٌ وليس يهمكم ... بنيان أخلاقٍ بغير جدار

عندي على ضين الحرائر بينكم ... نبأ يثير ضمائر الأحرار

مما رأيت ومما علمت مسافراً ... والعلم بعض فوائد الأسفار

فيه مجال للكلام ومذهب ... ليراعي (باحثة) (وست الدار)

  • * *

كثرت على دار السعادة زمرة ... من مصر أهل مزارع ويسار

يتزوجون على نساء تحتهم ... لا صاحبات بغى ولا بشرار

شاطرنهم نعم الصبى وسقينهم ... دهراً بكأس إلى السرور عقار

الواردات بنيهم وبناتهم ... الحائطات العرض كالأسوار

الصابرات لضرة ومضرة ... المحييات الليل بالأفكار

  • * *

من كل ذي سبعين يكتم شيبه ... والشيب في فوديه ضوء نهار

يأبى له في الشيب غير سفاهة ... قلب صغير الهم والأوطار

ما حله عطف ولا رفق ولا ... بر لأهله أو هوى لديار

كم ناهد في اللاعبات صغيرة ... ألهته عن حفد بمصر صغار

مهما غدا أو راح في جولانه ... دفعته خاطبة إلى سمسار

شغل المشايخ بالمتاب وشغله ... بتبدل الأزواج والأصهار

في كل عام همه في طفلة ... كالشمس إن خطبت فللأقمار

يرشو عليها الوالدين ثلاثة ... لم أدر أيهم الغليظ الضار

المال حلل كل غير محلل ... حتى زواج الشيب بالأبكار

سحر القلوب فرب أم قلبها ... من سحره حجر من الأحجار

دفعت بنيتها لشأن مضجع ... ورمت بها في غربة وأسار

وتعللت بالشرع قلت كذبته ... ما كان شرع الله بالجزار ما زوجت تلك الفتاة وإنما ... بيع الصبى والحسن بالدينار

بعض الزواج مذمم ما بالزنى ... والرق إن قيس به من عار

فتشت لم أرى في الزواج كفاءة ... ككفاءة الأزواج في الأعمار

  • * *

أسفي على تلك المحاسن كلما ... نقلت من (اليالي) إلى الدوار

إن الحجاب على (فروق) جنة ... وحجاب مصر وريفها من نار

وعلى وجوه كالأهلة روعة ... بعد السفور ببرقع وخمار

وعلى الذوائب وهي مسك خولطت ... عند العناق بمثل ذوب القار

وعلى الشفاه المحييات أماتها ... ريح الشيوخ يهب في الأسحار

وعلى المجالس فوق كل خميلة ... بين الجباه وشاطئ محبار

تدنو الزوارق منه تنزل جؤذراً ... بقلادة أو شادناً بسوار

يرفلن في أزر الحرير تنوعت ... ألوانه كالزهر في آذار

الطاهرات اللحظ أمثال المهى ... الناطقات الخرس كالأوتار

الرائعات اللاعبات أوانساً ... بربي (بيوكدرة) وشاطئٍ (صاري)

الدهر فرق شملهن فمر به ... يا رب تجمعه يد المقدار

مصر

أحمد شوقي.